مجتمع مدني

الدكتور الشهيد محمد عبدالملك المتوكل.. مشاهد الحلم

في موكب جنائزي مهيب وبحضور رسمي وشعبي كبير من مختلف الشرائح والأحزاب السياسية ودّع عشرات الآلاف في العاصمة صنعاء الشهيد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل أمس الثلاثاء إلى مثواه الأخير بمقبرة خزيمة حيث تم اغتيال الشهيد الدكتور المتوكل برصاص مسلحين إرهابيين وهو ذاهب لصلاة المغرب جوار منزله بشارع الزراعة.

جثمان الشهيد الدكتور محمد عبدالملك المكتوكل أثناء الصلاة عليه في مسجد قبةالمتوكل بالعاصمة صنعاء

صحيفة الجمهورية وهي تودّع الشهيد ترصد بعضاً من مواقفه الخالدة الخاصة بحلمه وحلم جميع اليمنيين بتحقيق الدولة المدنية العادلة والمواطنة المتساوية.

عفوت عنه

الدكتور المتوكل كان قد تعرّض لمحاولة اغتيال في 2011 وحول هذا الموضوع قال: لقد عفوت عن صاحب الموتور الذي صدمني في 2011 وأنا أسميه الموتور السياسي وهذ الولد سائق الموتورسيكل هو طالب في الصف الثاني الثانوي، وقد جاء إليّ أبوه وأمه وعمّه إليّ أكثر من مرة حتى أعفو عنه ليخرج من السجن وقلت لهم: أنا لم أسجنه وعندما جاء إلى عندي الأخ المحامي حسن الدولة أكدت له أن يكون التركيز على من وراء هذا الحادث وليس على هذا الولد الذي ربما أغروه بالمال وقد يكون يتصوّر أنه سيدخل الجنة بهذا العمل ولم أتنازل عن القضية وقد جاء إليّ كاتب المحكمة وسألني حول هذا الموضوع وذكرت له أني لم أتنازل عن القضية وإنما عفوت عن هذا الولد.

الحوار

 بالنسبة لرأيه في الحوار ،قال :شخصياً أرى أن قضية الجنوب وقضية صعدة والمرأة والشباب وغيرها من القضايا وهي كلّها في رأيي ظواهر لغياب الحكم الرشيد ،وبالتالي لا يمكن البحث فيها ما لم يتم الاتفاق على بناء الدولة، سنأتي نتناقش مع الجنوبيين، وسيكون لهم رأي ولنا أيضاً رأي آخر ، هم غير مطمئنين لبناء الدولة ونحن أيضاً غير مطمئنين لبناء الدولة، وأيضاً قضية صعدة لن يتم الاتفاق حولها بين بعض الأطراف، لأن كلاً منهم سيكون له رأي حول من هي الدولة، قضية المرأة ستختلف النساء مع رجال الدين حول العديد من القضايا، مثلاً حول الدستور وبالتالي سيكون حواراً فاشلاً، وسيؤدي إلى نتائج بالغة الخطورة، ولهذا لا بد أولاً من الاتفاق على بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.

الدستور «منعوث نعث»

أما بالنسبة للدستور فهو يرى أنه «منعوث نعث»، وقال: أولاً هناك اطراف أدخلت بعض المواد في الدستور بما يوافق توجهاتها، وهناك ما هو أخطر وهو أنهم سحبوا حق المواطنة من المرأة وذلك من خلال تغيير المادة التي نصها: المواطنون جميعاً يتمتعون بالحقوق والواجبات دون تمييز في الجنس أو الفكر أو الدين و ما إلى ذلك، فقاموا بسحب دونما تمييز وعملوا مادة خاصة بالمرأة “النساء شقائق الرجال لهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تفرضه الشريعة الإسلامية” والشريعة هي اجتهادات، لكنهم قصدوا بها شريعتهم هم، لهم حق تفسيرها كيفما يريدون، وللأسف الشديد هذا يوضح أن حق المواطنة سحبوها من المرأة، بالرغم من أن نسبة النساء حوالي 55 % من السكان، هذه الشريحة الواسعة تم إلغاء حقها في المواطنة بأي حق، والله سبحانه يقول: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” وأيضاً “ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” سواءً كان امرأة أو رجلاً.

تصحيح

لهذا كل هذه الأمور يجب أن تصحّح؛ لأنها تتعارض مع المواطنة وتتعارض حتى مع الدين الإسلامي، الشيء الآخر هو صلاحيات رئيس الدولة، حيث تم إعطاء رئيس الدولة صلاحيات لا حدود لها، وسحبوا صلاحيات مجلس النواب، وهذه ليست من سمات الدولة الديمقراطية؛ لهذا لا بد لنا من وضع دستور لدولة مدنية ديمقراطية وتصحيح كل هذه العشوائية الموجودة في الدستور، أيضاً تعديل بعض القوانين، مثلاً هناك تصوّر عند بعض الأحزاب أن الوظائف يجب أن تكون لهم إذا نجحوا في الانتخابات، وهذا غير صحيح، لا يحق لك كحزب إذا نجحت في الانتخابات لا يحق لك.. إلا رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم فقط أما الباقون فهي حق لجميع المواطنين لكن عندنا يتصوّرون أنها مثل المشيخة، هذا حق الشيخ وخبرته وأن الدولة حقه وهذا تخلّف كبير من وجهة نظري.

الهيكلة

 وحول رأيه في هيكلة الجيش والأمن ، كان قد قال: وبالنسبة لهيكلة الجيش والأمن لا يجوز أبداً أن تكون قبل الحوار؛ لأن أحد أهم الأسس للدولة المدنية الحديثة هو بناء الجيش على أسس وطنية لهذا لابد أن نتفق أولاً على اللجنة التي ستشرف على إعداده ونتفق على الأسس والمعايير الواجب توافرها في قادة الجيش بحيث يكون الجيش للدولة، لليمن لا لأفراد أو عائلة أو منطقة، وبحيث يكون الجيش من مختلف المناطق والمحافظات اليمنية، وما نوع الجيش الذي نحتاج إليه في هذه المرحلة؟، اليوم ليس لنا عداء، لكن في المقابل لدينا بحر طويل جداً يحتاج إلى حماية من التهريب وما إلى ذلك، كل ذلك يجب الاتفاق عليه وتشكّل لجنة مدنية وعسكرية محايدة ليس لها أية علاقة بطرفي الصراع، أما الذين يدعون إلى الهيكلة اليوم قبل الحوار هم يريدون أن تكون الهيكلة لصالحهم وأن يكونوا هم البديل، وهذا لا يجوز.

حكومة الوفاق

وتحدّث الدكتور محمد عبدالملك المتوكل عن حكومة الوفاق قائلاً: هذه الحكومة لم يكن لديها تصوّر كيف يجب أن تبنّى الدولة، أغلبهم مجرد موظفين عاديين وللأسف أنه مازال ولاؤهم لأحزابهم وسياستهم هي سياسة أحزابهم بالرغم من أنهم أقسموا اليمين وكان يفترض أن تكون الأحزاب كلها صادقة ومخلصة وبالتالي تعيّن أشخاصاً لديهم القدرة على بناء الدولة وأن يكون هؤلاء الأشخاص عند مستوى المسئولية ويكونوا وزراء لليمن وليس لأحزابهم، والمشكلة للأسف الشديد هي أن الناس يفكّرون في أنفسهم أكثر من بلدهم.

ثورة الشباب من وجهة نظره

وبالنسبة لثورة الشباب في 2011 ، قال: هناك الكثير من الأخطاء التي ارتكبت خاصة أن الأحزاب تحولت إلى أحزاب مهيمنة بشكل أيديولوجي، بمعنى من يختلف في الرأي معك يصبح عدوك ، لذلك خلقت صراعاً داخل الشباب، كان هناك أنصار من الحوثيين وأنصار من الاشتراكيين وأنصار من الإصلاحيين ومن الناصريين ومن المستقلين، كانت للجميع أهداف واحدة ،لكن بعد ذلك بدأت الأحزاب الأيدلوجية تفرض بعض الأمور ومن يخالفها في ذلك يصبح أمامها عدواً فوُجد صراع كبير بين الشباب حتى وصل بها الأمر إلى ضرب النساء داخل الساحة وهذا تخلّف، لا يجب أن نكرّر الفشل الذي كان في الماضي، لذلك على المتعلمين والمثقفين أن يتولّوا المسؤولية لا أن يتركوها للقوى المتخلفة، لهذا اقول دائماً للشباب: إن المستقبل هو مستقبلهم، أما نحن فالمستقبل هو خلفنا وعلى الشباب أن يحدّدوا المستقبل الذي يريدونه هم.

الدولة المدنية

أما بالنسبة للدولة المدنية، فيرى أن القضايا الموجودة هي ظواهر طبيعية لغياب الدولة بما فيها القضية الجنوبية وقضية صعدة والفساد وغيرها من القضايا، لهذا إذا لم يتم التركيز على وجود الدولة لن نستطيع معالجة أية قضية من هذه القضايا، لهذا يجب أن نعمل أولاً من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، ابتداءً من الجيش الوطني إلى القضاء العادل والمستقل إلى القوانين، إلى الدستور الوطني، إذا اتفقنا على هذا وركزنا عليه، أنا متأكد أن الدولة ستعالج مختلف الإشكاليات الأخرى، وبدون ذلك لن نستطيع أن نعمل شيئا.ً

نصيحة لأبنائه الشباب

ووجّه نصيحته للشباب بالقول: أدعو أبنائي الشباب اليوم إلى الانتقال من ولاء الطاعة إلى ولاء القناعة، أنا لستُ مرتاحاً بأن يستمروا في الطاعة العمياء مثل “الأمر إليك” من أيام الملكة بلقيس وحتى اليوم، يجب أن تكون لهم قناعاتهم لأنهم المستقبل، لهذا لابد أن يكون لهم رأي ودور في بناء اليمن الحديث خاصة أنهم بدأوا يضيقون حتى من أحزابهم وبدأت حالياً تتشكّل أحزاب شبابية جديدة وبدأت تعبّر عن نفسها، لهذا لا بد من التفكير الجدّي لبناء الدولة المدنية الحديثة.

وللأحزاب السياسية

 ونصح الأحزاب بالقول: على جميع الأحزاب أن تعلم أنه لا يوجد من يوافق على سلوكها، في التقاسم والمحاصصة والذي لا يقل تخلفاً عن السلوك الذي كان سائداً في المرحلة السابقة وعليها ان تعمل من أجل الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.

سيرة ذاتية

 – الأمين العام المساعد لاتحاد القوى الشعبية، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء.

– من مواليد مدينة حجة عام 1942م تلقى تعليمه الأوّلي في مدرسة إبتدائية تقليدية، والتحق عام 1953 بالمدرسة المتوسطة وبها درس بعض العلوم الحديثة، ثم التحق في العام 1955م بالمدرسة العلمية التي درس بها علوم الفقه واللغة.

 – حصل على الشهادة الثانوية من مصر عام 1961م ، ثم على شهادة ليسانس صحافة من جامعة القاهرة عام 1966م.

 – حصل على درجة الماجستير في الإعلام الإداري من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980م ، ثم حصل على شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى من كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1983م.

 – شارك في العديد من الأوراق في الكثير من الندوات وورش العمل واللجان والمؤتمرات، كما تولّى تدريس العديد من المواد في المجالات السياسية والإعلامية ، إضافة إلى إلقاء العديد من المحاضرات العامة داخل اليمن وخارجها.

 الكتب والبحوث العلمية

 – نشأة الصحافة اليمنية.

– مدخل إلى الإعلام والرأي العام.

– كتاب التنمية السياسية.

– كتاب الحريات العامة وحقوق الإنسان.

 كما أن له العديد من البحوث والدراسات العلمية التي نُشرت في مختلف الصحف والمجلات اليمنية والعربية، بالإضافة للعديد من البحوث والدراسات التي لم تُنشر.

 النشاط الاجتماعي والسياسي

 للدكتور المتوكل العديد من الأنشطة التي باشرها منذ وقت مبكر من حياته ومن هذه الأنشطة:

 – شارك في عضوية اللجنة الوطنية لليونسكو ما بين عام 1971م وحتى عام 1976م.

– ساهم في تأسيس التعاون الأهلي لمحافظة حجة عام 1970 م وكان عضواً في هيئته الإدارية عام 1973م.

– ساهم في عضوية الهيئة الإدارية لتعاون العاصمة صنعاء ثم تولى رئاسة الهيئة عام 1972 وحتى عام 1975م.

– ساهم في تأسيس تعاون مسور حجة وترأس هيئته عام 1975م.

– ساهم في تأسيس الإتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير 1973م وكان عضواً في الهيئة الإدارية للإتحاد وتولى لجنة الثقافة والإعلام فيه.

– ساهم في تأسيس المسرح اليمني للتمثيل سنة 1971م وتولّى رئاسته حتى عام 1976م.

– ساهم في تأسيس جمعية الفنون عام 1975م وتولّى رئاستها حتى عام 1976م.

– ساهم في تأسيس مركز الدراسات والبحوث اليمني وانتخب عضواً في مجلس إدارته ما بين 1974 ـ 1977م.

– ساهم في إنشاء التجمّع الوحدوي للمشاركة والذي ضمّ سبعة أحزاب سياسية عام 1989م وكان مقرّر التجمّع.

– تولّى مسؤولية نائب رئيس اللجنة العليا للتشجير التي كان يرأسها الرئيس الحمدي عام 1975م.

– تولّى حالياً منصب نائب رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية.

– انتُخب في يناير 2001م أميناً عاماً مساعداً لحزب اتحاد القوى الشعبية.

– ساهم في إنشاء مجلس تنسيق أحزاب المعارضة اليمنية ثم في إنشاء اللقاء المشترك بعد ذلك.

 الأعمال الرسمية التي تقلّدها:

 – سكرتير أول بسفارة الجمهورية العربية اليمنية بالقاهرة.

– مديراً عاماً للصحافة بوزارة الإعلام بصنعاء 1968م ورئيساً للجنة متابعة الأحداث السياسية.

– مديراً عاماً للعلاقات العامة بوزارة الإعلام 1969م.

– رئيساً لمصلحة السياحة بدرجة وكيل وزارة وتولى تأسيسها عام 1970م.

– تولّى إلى جانب عمله في السياحة رئاسة هيئة تحرير صحيفة الثورة 1972م.

– تعيّن عضواً في اللجنة العليا للتصحيح وتولّى رئاسة لجان: العدل ، الإدارة المحلية، الأوقاف، الخدمة المدنية ، المعهد القومي، الخريجين، اللجنة الفنية للإصلاح الإداري 1974م.

– تعيّن وزيراً للتموين والتجارة 30 يويليو 1976م.

– تعيّن عام 1984م مدرّساً بكلية الإقتصاد والتجارة قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء.

أقرأ أيضا:صوت الشورى يحيى الذكرى الثامنة لاستشهاد شهيد الدولة المدنية

أقرأ أيضا:زيد الوزير: مازال صوت محمد عبدالملك المتوكل ينادي من وراء الأفق

أقرأ أيضا:الدكتور المتوكل دائما ما يضع يده على الجرح الذي يؤلم .. وهكذا هو الطبيب

أقرأ أيضا:الدكتور محمد عبدالملك ورفضه الرد على اتصال رئيس الجمهورية

أقرأ أيضا:عـقبة نهم وعــفش الإصلاح

نشر يوم الأربعاء 05 نوفمبر-  2014 

الجمهورية نت: إعداد/عبدالرحمن مطهر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى