اخبار محليةثقافة وسياحة

تعرف على الحصن الذي بنته الجن بحراز

تعرف على الحصن الذي بنته الجن بحراز

كتب منصور الآنسي

كثيرة هي القصص والأساطير التي سمعناها عن حصن الشقروف الذي يقع في عزلة مسار جنوب غرب مدينة مناخة بمحافظة صنعاء، ولأن الروايات كثيرة فقد عزمنا المسير إلى حصن الشقروف ولم تكن الطريق بالسهلة والهينة، حوالي ساعتين من السفر على متن دراجة نارية غادرنا مدينة مناخة على طريق اسفلتية مروراً بحصن الهجرة التاريخية السياحية مطلين على قاع هوزان الخصيب المطرز بالمدرجات مروراً بقرية عرجز وسدها الشهير وعن يمين وشمال الطريق جبار ومدرجات تكسوها الخضرة ،وتنساب المياه من العيون والغيول حتى أصبح خرير الماء هو المنافس الوحيد لصوت الطيور وزقزقات العصافير.

هذه هي حراز التي سمع عنها الكثير لكن في الواقع لا يعرفها سوى القليل عدى سكانها، أجواء خيالية ونحن نشاهد الوديان من تحتنا والقرى تتوزع وتنتشر في كل ركن من أركان الجبال إلى أن وصلنا إلى مفترق الطريق الإسفلتي الرابط من اتجاه الأعلى بمنطقة المزانعة ومن اتجاه الأسفل عزلة لهاب، أمتار قليلة واصلناها باتجاه الأسفل حتى انتهاء الطريق الإسفلتي وبداية الطريق الصخرية الترابية شديدة الوعورة لنواصل على مهل وبحذر شديد طريقنا التي كانت رغم وعورتها من أجمل المناظر والمشاهد الخلابة التي رأيناها، واغلب طريقنا في الفرع المؤدي إلى حصن الشقروف كانت لمياه تنساب وتتدفق إليه من العيون والغيول وتتوزع في البرك الصغيرة يمين وشمال الطريق وأشجار البن تزين أغلب المدرجات وبين فترة وأخرى اضطر للترجل عن الدراجة النارية والسير على الأقدام نظراً لوعورة الطريق، وما إن اطلينا على حصن الشقروف حتى شاهدنا استراحة بنتها وزارة السياحة مهملة ،ولم تستكمل تم اختيار موقعها بعناية ولكن للأسف هكذا هي مشاريعنا لا تستكمل .

وشرق الحصن سمعنا خريراً قوياً للماء ناتج عن اثنين من أكبر الشلالات ارتفاعاً في اليمن في منظراً مدهش جعلني في حيرة من أمري ،وأتعجب كيف لهذا الجمال المنقطع النظير أن يهمل وكيف لهذا الحصن والقصر المنيع أن يترك، وكيف للناس تتزاحم في المواقع القريبة من العاصمة صنعاء ويترك كل هذا الجمال الساحر.

عندما شاهدت الحصن لم أصدق أن البشر قد بنوه لأنه يقع على حافة صخرة لم اتجرأ حتى على الدنو والاقتراب لأشاهد الهاوية السحيقة والمخيفة التي يطل عليها الحصن من ثلاث اتجاهات، ويتكون الحصن من عدد من الأدوار التي يصل أعلاها إلى ثمانية أدوار، وكأن ذلك الدار الذي يشكل واجهة وبوابة الحصن هو الأبرز والأكبر حيث تقع فيه بحسب أصحاب الدار عشرات الغرف والمجالس والمفارج، والمفرج لمن لا يعرف عن ما هيته هو عبارة عن غرفة كبيرة  تقع في الغالب في أعلى أدور وتكون مخصصة لكبار الضيوف.

ويعود بناء الحصن لقرابة ألف عام، يطل من الغرب على وادي سحيق جداً يشاهد أسفله منطقة عُبال وتهامة وجبال ريمة ومن الشرق يطل على منحدر فاصل بين جبلين تنحدر من الجبل المقابل شلاليين مياهها تنبع من المزانعة وقرى وعزل شرقي حراز ومن الجنوب تحتضن الدار الكبيرة وتطل على بقية دور ومنازل الحصن القليلة جداً وبعدها هاوية سحيقة تطل على جبال محافظة ذمار.

أهمال لتراث تاريخه ألف عام

ومما كدر زيارتنا وألمنا هو انهيار الجزء الأعلى من الدار الكبيرة دار آل صلاح والتي كان السبب بحسب أصحاب الدار هو البرق الذي ضرب الدار قبل سنوات وأدى لمقتل عدد من ساكنيه وتشقق الدار ما دفع بقية السكان لإخلاء الدار وبسبب الإهمال وعدم الصيانة والترميم زادت الأضرار وتهدمت بعض مفارج الدار العليا حتى أصبح الدار مهددا بالانهيار في أي لحظة كونه مهجور إلا من الأبقار بدوره الأسفل وبعض الجان بحسب تندر السكان، ورغم هذا كله لازال آل صلاح يناشدون الدولة للقيام بواجبها في إنقاذ واحداً من أهم وأعظم الحصون اليمنية على الإطلاق التي لو تم إنقاذها وترميمها فإنها قد تدخل موسوعة غنيتس وتسجل كثامن عجائب الدنيا.

بعد لقاءنا بأبناء آل صلاح من سكان حصن شقروف واستماعنا لشكواهم ومناشدتهم وبعد التجوال داخل الحصن عدنا أدراجنا والدهشة تكسو وجوهنا لعظمة ما شاهدنا من تفرد وإعجاز وشجاعة وتفنن في البناء والتشييد، والألم يعتصر قلوبنا للإهمال الذي أصاب التاريخ والحضارة اليمنية في مقتل.

أقرأ أيضا:دار الحجر.. مُعجزة معمارية نبتت في الصخر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى