كتابات فكرية

الهاشميون ليسوا عصبية ولن يكونوا.!

*حسن الدولة

هذا عنوان مقال للشهيد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل طيب الله ثراه وحسن في الجنة مثواه؛ كنت قد استنكرت كتابته حين نشره عام 2010 وقلت بيني وبين نفسي ما لزوم إثارة قضايا ليس لها وجود على ارض الواقع؛ وقد أصبح لدينا حرية حزبية وتداول سلمي للسلطة ويحكمنا دستور أصبح يكفل المواطنة المتساوية ومن غير المستصاغ الفرز العرقي ؛ وان الهوية اليمنية هي الهوية الوطنية الجامعة لكل الهويات الصغيرة؛ ولم أكن أتصور أن أحدا في القرن الواحد والعشرين سيثير دعاوى ما انزل الله بها من سلطان ؛ وهي دعوات تتعارض مع جوهر الدين الإسلامي وفي الكتاب المبين صريح آيات الكتاب المبين وأننا في هذه البسيطة أبناء أب واحد كما جاء في القرآن الكريم وأم واحدة.

وقد جعلنا الله شعوبا وقبائل لنتعارف، والتآخي والتعايش في امن وسلام فلا قحطانية ولا عدنانية ولا قرشية ولا أموية ولا عباسية ولا علوية بل كلنا سواسية كأسنان المشط وان أكرمنا عند الله اتقانا.

وبالتالي فإن إثارة النعرات في شمال اليمن أصبح حينذاك أمر مستهجن ..

كيف لا وبين أيدينا كتاب الله وقد نعى إلينا فيه قصة نوح مع ابنه، حيث  لقن الله نبيه نوحا درسا بأن علاقة الأبوة رباطها العمل حيث طلب من الله أن ينقذ ابنه فقال الله (  إنه ليس من اهلك إنه عمل غير صالح ..).

 وتجدر الإشارة أن أبائنا وعلمائنا الزيدية ينهون عن إثارة النعرات ومن المتأخرين كان صوت مفتي الجمهورية الأسبق العلامة احمد محمد زبارة وكذلك احمد الشامي الذي كان احد نزلاء سحن حجة حيث خصص فصلا كاملا في كتابة الموسوم (رياح التغيير)لنقد الأرجوزة المفزعة التي تنسب للأمام عبدالله بن حمزه وانتقد تكفيره للمطرفية،  وهو ما لا يؤمن به أئمة الزيدية.

فكان رحمة الله تغشاه بذلك أول من رد للمطرفية الاعتبار حيث لم يسبق لأحد من علماء الزيدية من تجرأ ونقد عبد الله بن حمزه كما عمل أديب اليمن الكبير احمد الشامي كما في السفر الثالث من تاريخه الموسوم ب :”تاريخ اليمن في العصر العباسي الأول ” 

واليكم مقال الدكتور محمد عبدالملك الآنف الذكر الذي يؤكد انه كان من الضروري لأصحاب المشاريع الصغيرة أن يفرغوا الساحة من مثل هكذا أصوات وطنية !!!

24 اكتوبر 2016م

حس الدوله

《الهاشميون ليسوا عصبية ولن يكونوا

الأربعاء, 03 نوفمبر 2010  

يندر في التاريخ البشري أن توجد عصبية قائمة على السلالة لأن البشر جميعهم بدياناتهم ومذاهبهم وأعراقهم ينتمون إلى سلالة واحدة أًصلها آدم -عليه السلام- ولهذا يجد الأب لخمسة أولاد صعوبة أن يجعلهم في عصبية واحدة أو اتجاه واحد.

قد تنشأ عصبية جغرافية كالأكراد في شمال العراق، والأفارقة في جنوب السودان والحراك في الجنوب، وكالقبيلة في اليمن، وهي عصبية لا تقوم على السلالة وإنما هي عصبية جغرافية ترتكز على المصالح ومتطلبات الأمن والحماية والدفاع عن حقوق أعضاء القبيلة والمنطقة والتي قد تتكون من أعراق متعددة ومذاهب مختلفة، بل وديانات أخرى، فالقبيلة اليمنية مثلاً تتكون من القحطاني والعدناني وذوي الأصول الحبشية والفارسية والتركية وتضم الشافعي والزيدي والوهابي والمكرمي والمسلم واليهودي، وكلهم جزء من القبيلة حقوقهم وأمنهم مسؤولية القبيلة كلها، وكم من قتال قد نشب بين قبيلة وأخرى حين تم الاعتداء على يهودي بكيلي أو حاشدي، وحين اندلعت حرب صعدة حاول إعلام السلطة العنصري وبالمساندة من أقلام سلفية وطائفية متخلفة تحويله إلى صراع طابعه سلالي، حينها وجه الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر  -رحمه الله- رسالة إلى قبيلة حاشد محذراً فيها من المساس بأي من سادة حوث ومن الهاشميين هجرة حاشد وأمامي وثيقة كتبها الشهيد الشيخ حسين بن ناصر الأحمر قبل سبعة وخمسين عاماً (ربيع الثاني سنة 1378 هـ يجدد فيها مراقيم أجداده التي تنص على تهجير السادة آل المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم الساكنين بشهاره وما إليها وأينما كانوا وذلك أًصالة عن نفسه ونيابة عن كافة رجال حاشد، وفي نفس الوثيقة يقول «المذكورون هم من حاشد وحاشد منهم عند كل حاجة وإنا جميعا يد واحدة».

وهكذا بالنسبة للهاشميين، ولكل الأعراق في جميع المناطق اليمنية هم جزء من عصبيتها الجغرافية، فالهاشمي من إب هو هاشمي إبي ومن حضرموت حضرمي، ومن تهامة تهامي، ومن تعز تعزي، ومن صعدة صعداوي، ومن مأرب ماربي، وهو من بكيل بكيلي، ومن مذحج مذحجي، ومن يافع يافعي، ومن الضالع ضالعي، وحتى على مستوى الأحزاب والمنظمات عبد الوهاب الديلمي إصلاحي، ويحيى الشامي اشتراكي، وطارق الشامي مؤتمري، والمضواحي ناصري، وفي العصبية الطائفية الهاشمي بين الزيود زيدي وبين الشوافع شافعي، وبين الوهابيين وهابي، وبين المعطلين معطل، وبين المكارمة مكرمي، وبين الحنفية حنفي، وبين الجعفرية جعفري، وكل هاشمي في هذه العصبيات المتعددة ولاؤه لطائفته، فالجامع هو الفكر، ولهذا تجد الهاشمي الزيدي أكثر ولاء للقحطاني الزيدي من ولائه للهاشمي الوهابي.

السلالة لم تكن أبداً عاملاً أساسياً في تكوين العصبية إلا في حالة واحدة حين تستهدف مجموعة معينة لا لفكرها ولا لمذهبها ولا لمواقفها وإنما لسلالتها هنا تستفز غريزة البقاء والدفاع عن النفس والتي يشترك فيها البشر مع كل المخلوقات الأخرى، وحينها لم يعد لدى المستهدفين فيها خيار، إلا ركوبها، فإذا كان بإمكانه تعديل أفكاره وآرائه فإن من المستحيل عليه تغيير سلالته والتي لم يكن له خيار فيها ولا هو قادر على خلعها، ومن الطبيعي أن يتجمع البشر عند مواجهة الخطر، فلو افترضنا أن سيلا وعدوا هجم على حارة من الحارات سيخرج كل أهل الحارة لصده رغم ما بينهم من خلاف واختلاف..فهل من مصلحة اليمن أيها الصربيون جر الهاشميين إلى هذا المربع الخطر؟

مشكلة الحكم العصبوي المتخلف أنه يسعى إلى تحويل المجتمع إلى عصبويات متناحرة يجلس على أشلائها، ولا يقلق النظام العصبوي إلا حين يسود السلام والوئام أفراد المجتمع، ولهذا فإنه يعمل بكل همة على دعم كل خلاف وتنمية كل صراع بين أفراد المجتمع ويمول المتصارعين بالسلاح من مخزن واحد ويضيق ذرعا إذا رفع أحد شعار التصالح والتسامح. وإننا نتذكر حين رفع بعض ابناء الجنوب شعار المواطنة المتساوية بعد حرب صيف عام 1994م  قامت قيامة النخب الحاكمة ولم تقعد.

وذلك لان شعار الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والحكم الشوروي الديمقراطي والتصالح والتسامح، والقبول بالآخر هو خارطة الطريق لكل مواطن صالح بصرف النظر عن سلالته، أو جنسه، أو مذهبه، أو دينه، أو قبيلته، أو حزبه، أو منطقته. وصدق الله القائل: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).》

أقرأ أيضا:عـقبة نهم وعــفش الإصلاح

أقرأ أيضا:الدكتور الشهيد محمد عبدالملك المتوكل.. مشاهد الحلم

“صوت الشورى يحيى الذكرى الثامنة لاستشهاد الدكتور شهيد الدولة المدنية الدكتور محمد عبدالملك المتوكل”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى