كتابات فكرية

السلام في اليمن يبدأ بصرف مرتبات جميع الموظفين

السلام في اليمن يبدأ بصرف مرتبات جميع الموظفين

عبدالرحمن علي الزبيب

 ما بين وقت وآخر نسمع العديد من التصريحات من جميع الأطراف في اليمن وكذلك المجتمع الدولي وفي مقدمتها الأمم المتحدة والدول ذات العلاقة المباشرة بملف الحرب في اليمن، بأهمية تحقيق السلام المستدام والتحول من مربع هدنة إنسانية غير معلنه وهشة إلى مربع السلام المستدام والذي لا يمكن تحقيقه إلا بإجراءات وخطوات ملموسة بعيداً عن التصاريح القوية الجوفاء التي لا يتبعها خطوات ملموسة في الواقع وأهم خطوات تحقيق سلام مستدام في اليمن هو صرف مرتبات جميع موظفي الدولة في اليمن دون تمييز ولا استثناء وبأثر رجعي منذ انقطاعها وفق كشوفات عام 2014م المتوافق عليها بين جميع الأطراف وبالدولار الأمريكي وفق سعره عام 2014م ولكن!!

عند نقاش خطوات تنفيذ صرف المرتبات يتنصل الجميع عن مسؤوليته ويلقي المسؤولية على الطرف الآخر وهذا الإجراء يعزز من حالة ضعف ثقة الأطراف في اليمن مع بعضها ويجر الجميع إلى مربع اشتعال الحرب مرة أخرى وبعنف أكبر وتعطيل أي تحرك إيجابي في الملفات الأخرى مع تكرار الوعود السرابية بصرف المرتبات دون نفاذ لها .

والمستغرب هو تراجع الأمم المتحدة  عن الاهتمام بالملف الاقتصادي وصرف مرتبات جميع موظفي الدولة وتحول موقعها من وسيط إيجابي بين الأطراف إلى مدرجات الجمهور الذي يشاهد متغيرات إقليمية ودولية خطيرة تجر اليمن نحو مربع الحرب والأمم المتحدة صامته ومشلولة عن اتخاذ أي إجراء إيجابي لإعادة اليمن إلى مربع السلام رغم إمكانية تحقيق ذلك قبل دخول اليمن بشكل أكبر في تجاذبات ومعادلات دولية وإقليمية تخرجها عن مربع السلام وعودة اليمن ساحة حرب إقليمية ودولية طاحنه..

ويلاحظ الجميع انه مازالت هناك فرص متاحة تلوح في الأفق لتحقيق سلام مستدام وبإمكان الأمم المتحدة اقتناص تلك الفرص والبناء على التفاهمات والاتفاقات السابقة بين الأطراف بخصوص صرف جميع مرتبات الموظفين في جميع المحافظات دون استثناء وبأثر رجعي من تاريخ انقطاعها والدخول في مرحلة تحقيق سلام مستدام .

مؤخراً غابت عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عن أي تصريحات إيجابية تتعلق بصرف المرتبات وحتى تصريح المجتمع المدني اليمني في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي تم في منتصف شهر ابريل 2024م  غاب عنها موضوع الملف الاقتصادي وصرف المرتبات وكأن هناك توافق دولي على تغييب هذا الملف الهام وتنصل الأمم المتحدة عن مسؤوليتها القانونية وفقا لقانون إنشاؤها في تحقيق السلام في العالم والسماح للأطراف للاستعداد لجولة جديدة من حرب مدمرة قادمة كان بالإمكان توقيفها قبل اشتعالها بخطوات إيجابية ملموسة وأهمها صرف جميع المرتبات وما يتبعها من خطوات إيجابية لإعادة اعمار اليمن وتحقيق استقرار اقتصادي وتوافق سياسي .

ولا يزال بإمكان الأمم المتحدة إذا كان لديها جديه في تحقيق سلام في اليمن البدء في خطوات إيجابية لصرف المرتبات وتجاوز إشكاليات من أين وماهي الإيرادات ومن يلتزم بتوفير مبالغها والبدء في عملية تقييم إيجابي شفاف لأهم الإيرادات الذي بالإمكان تخصيصها لصرف المرتبات دون أن يكون لذلك أي آثار سلبية من تضخم او انهيار للعملة الوطنية بل على العكس يستلزم أن تكون الإيرادات المخصصة لصرف المرتبات لها آثار إيجابية لرفع سعر العملة الوطنية وتحسين الوضع الاقتصادي في اليمن ولن يتحقق ذلك إلا بتخصيص إيرادات وطنية كافية وبالعملات الأجنبية ومصدر ذلك هو الإيرادات النفطية والغازية لليمن الذي توقفت منذ أكثر من عام  بسبب غياب الشفافية في صرف إيراداتها وتخصيصها لتغطية نفقات في محافظات محددة ومنع صرفها في المحافظات الأخرى وبالإمكان إعادة استئناف تصديرها وتخصيص جميع إيراداتها لصرف المرتبات وفق تفاهم واتفاق بين جميع الأطراف ترعاه وتنفذه الأمم المتحدة في اليمن وتعزيز الشفافية الشاملة في كافة خطوات ومراحل الإنتاج والتصدير لها وتحويل كافة إيراداتها لحساب بنكي محدد في البنك المركزي اليمني ومنع أي عمليات صرف منها لغير صرف المرتبات وبالإمكان صرفها بالدولار لتوزيع السيولة النقدية بالدولار على جميع المحافظات لتحقيق استقرار اقتصادي وتعزيز قوة العملة الوطنية وما يواكب ذلك من توقيف انهيار الاقتصاد الوطني وتحسين الوضع الاقتصادي في عموم اليمن والخطوات الأخرى المرتبطة بها لتحقيق استقرار مالي واقتصادي بوقف أي طباعة او سك نقود جديدة في عموم اليمن وحصر جميع كميات النقود بالعملة الوطنية في جميع البنوك والمصارف .

وفي الأخير

نؤكد على أن قطار السلام في اليمن يتحرك بعيداً وبسرعة كبيرة ويجب على جميع الأطراف في اليمن والمجتمع الدولي وفي مقدمتها الدول ذات العلاقة المباشرة بملف اليمن والأمم المتحدة سرعة اللحاق بقطار السلام في اليمن قبل فوات الأوان والخروج من مربع الحرب والدخول في مراحل سلام مستدام بخطوات إيجابية ملموسة و متسارعة وأول خطواتها التحرك الإيجابي في الملف الاقتصادي وصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في اليمن وبأثر رجعي من تاريخ انقطاعها ووفق كشوفات عام 2014م المتوافق عليها من جميع الأطراف وتخصيص الإيرادات النفطية والغازية في عموم المحافظات لتغطية المرتبات وتفعيل الشفافية الشاملة في جميع عمليات إنتاج وتصدير النفط والغاز وتحويل كافة إيراداتها لحساب بنكي في البنك المركزي اليمني بالدولار وصرفها للموظفين بالدولار وفق سعر الدولار عام 2014م.

سيكون لخطوة صرف المرتبات بالدولار آثار إيجابية تحسن من سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار وتحسين الوضع الاقتصادي وانخفاض لأسعار السلع والخدمات وسيشكل ذلك انعطافه كبيرة في مسار اليمن نحو تحقيق السلام بخطوات ملموسة بعيداً عن التصريحات الجوفاء وستبتعد اليمن عن مربع الحرب وتبدأ خطوة إيجابية نحو سلام مستدام يتلوها خطوات إعادة الاعمار وتوافق اقتصادي وسياسي إيجابي.

يستلزم التوقف عن ترحيل تنفيذ هذه الخطوة لأن المتغيرات الدولية والإقليمية ستكون عائق كبير لتحقيق أي سلام في اليمن ولن يكون لصرف المرتبات أي أثر لتحقيق سلام مستدام في اليمن.

لذلك لا بد من المسارعة في إنفاذ خطوة صرف المرتبات خلال اقرب وقت ممكن، وسيشكل ذلك  اختراق إيجابي للوضع في اليمن، وستحرك الخطوات الإيجابية جميع الملفات العالقة وصولا لتحقيق سلام مستدام في اليمن.

 *عبدالرحمن علي علي الزبيب

اعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا للكاتب:ضرورة إخراج الأسواق العشوائية من المدن وتنظيمها

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى