الكلكتابات فكرية

حديث عن الأسرى في مآسي تصفيتهم

لطف لطف قشاشة

 

ليست المرة الاولى التي ترتكب عصابات الارتزاق جريمة اعدام وتعذيب اسرى الجيش واللجان الشعبية في الحديدة قبل اكثر من شهر والتي استشهد فيها عشرة اسرى في عملية وحشية تتكرر على مرأى ومسمع العالم شبأسره..

الجريمة ليست مستغربة ولم تشكل لدينا حالة ذهول او استغراب لان تجاربنا مع هذه الجماعات قد جعلتنا نوقن تماماً ان هذه الاعمال المجرمة سلوك متأصل في ثقافات من ارتمى في مستنقع الفكر الوهابي وتستخدمه الصهيونية العالمية الفاشية اداة من ادواتها في المنطقة بهدف تشويه القيم الاسلامية الانسانية التي تتمتع بها شعوب المنطقة المناهضة للمشروع الصهيوني..

 ردات الفعل التي وجدت بعد الجريمة من المجتمع الدولي والامم المتحدة لم تخلق عندنا  ارتياحاً او استبشاراً باننا قادمون على حركة اممية او دولية تؤدي الى محاسبة المجرمين ومن يقف ورائهم ويدعمهم بل اعتبرناها تكراراً لعملية ذر الرماد على العيون مثلما حدث في الجرائم المماثلة التي ارتكبتها تلك العصابات على مدى اعوام العدوان او انها عملية ابتزاز من الدول الغربية او المنظمة الدولية لتحالف العدوان للحصول على المزيد من الاموال والمصالح ومزيد من صفقات بيع السلاح والمواقف..

بعد سبعة اعوام من سنوات العدوان على بلادنا اصبح لدينا حصانة من التزييف والنفاق الدولي وكذلك يأساً مطبقاً ان تتغير منهجية العصابات المرتزقة وتعود الى قيم الدين والانسانية، هذه الحصانة  ترسخت من تجارب مريرة عاشها الشعب اليمني بعضها اكثر مرارة من جريمة اسرى الحديدة الاخيرة والتي كان يفترض ان تشهد تغييراً حقيقياً في المواقف لصالح الضحية ضد الجلاد ولكنها كل مرة تعمق من قلب المفاهيم وتجريم الضحية وتبرئة الجلاد ما خلق لدينا قناعات راسخة انه لا جدوى من التعويل على المواقف الدولية ولا ان تتغير منهجية القتلة الى الافضل..

كل ما حدث من جرائم تصفية الاسرى على مدار سنوات العدوان كان متوقعاً عندنا لان هناك شواهد اقليمية كررتها نفس العصابات ذات الفكر الوهابي التكفيري المتشدد في اكثر من بلد كسوريا والعراق وليبيا وبنفس الوسائل وبنفس التغطية والدعم الاممي والغربي لان المشروع الذي تنطلق فيه تلك العصابات واحد وان اختلفت المسميات والمناطق فالعدو واحد والضحية واحدة بالتأكيد ولا يحتاج الى شواهد وادلة..

وبالعودة الى جريمة الحديدة فانني اجزم ان ارتكابها في هذا التوقيت الذي تزامن مع انسحاب قوى المرتزقة من بعض مناطق الساحل كان بغرض صرف النظر عن تلك الانسحابات المخجلة والذليلة والتي رأوا انهم سيخلقون لدى متابعيهم وسذاجهم حالة انتصار وهمي عندما يقومون بتصفية الاسرى، هذا جانب.. والثاني انهم في حقيقة  امرهم كقوى تعمل لحساب تحالف العدوان لم يعودوا على منهج واحد يتجه لمحاربة من يسمونهم بالانقلابيين لاعادة مزعوم الشرعية بل اصبحت تلك المكونات تخضع لاملاءات من يتبعون من دول التحالف (السعودية والامارات بدرجة اساسية) الذين مزقوا كياناتهم وانتماءاتهم الى مجاميع تدار باجندات ضيقة جداً اقصى ما يسعون لتحقيقة لانفسهم هو بقاء الدعم والتسليح لزعاماتهم التي لا تختلف عن زعامات العصابات بشيء مطلقاً..

ما يحدث داخل تلك المجاميع من تشظي وتعدد انتماء واجندات ما هو الا نتيجة طبيعية للدور الذي رسمته لهم دول تحالف العدوان التي وجدت فيهم عبئاً لا يمكن التعويل عليه في عدوانها على اليمن لذلك نحن نشاهد مخططاً متدحرجاً نحو تصفية اغلب تلك الجماعات وضرب بعضها ببعض حتى لا تكون مراكز ضغط تعيق ما تخطط له دول تحالف العدوان لليمن يحقق هدفها في الاستمرار في فرض تحكمها وسيطرتها عليه بدون منغصات..

الاسرى الذين تم تصفيتهم في الحديدة هم ضحية قرارات قاصرة من قيادات لا تعي حقيقة دورها في المرحلة القادمة من العدوان او انها تعي ذلك ولكنها غير قادرة على اتخاذ خطوات تصحح قدرتها ومكانها في الصراع القائم لانها اساساً تعي ماهيتها كأداة غير مختارة في هذه المعركة..

هكذا هي النتيجة المتوقعة وهكذا يجب ان نتعامل مع افعالهم وجرائمهم كمكرهين لا ابطال لان المختار والبطل هو من يمتلك اجندة استراتيجية تنظر الى ابعاد الصراع الدائر في المنطقة برمتها لا ان تظل اسيرة التوجيه المطلق الحتمي من قبل مموليها من دول تحالف العدوان..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى