كتابات فكرية

دولة الإنسانية الغائبة..

دولة الإنسانية الغائبة..

تم إبلاغ أحد مستشفيات علاج الأمراض النفسية بوجود مريض نفسي ” مجنون” على بعد مائة متر من المستشفى ومطلوب إسعافه لمعالجته لكن المستشفى رفض خروج سيارة الإسعاف لإحضار المريض إلا بدفع مبلغ ٣٣ ألف ريال وموافقة عاقل الحارة وقسم الشرطة والبطاقة الشخصية للمجنون ومبلغ ٢٧٠ ألف ريال تدفع فورا قيمة فحوصات ورقود إضافة الى ٦ آلاف ريال يوميا .

سيدي الوالي ..

سبق أن تحدثنا عن هذه الفئة كثيرا عل وعسى نجد اذانا صاغية لمعالجة وضعهم لكن الجميع وفي مقدمتهم الدولة والحكومة ومؤسساتهما شعارهم لا أرى لا اسمع لا اتكلم وكل جهة ربما ترمي بالمسئولية على الجهة الأخرى هروبا وتهربا رغم أن الجميع يتحمل المسئولية ولا يجب أن يهرب أحد طالما وانتم في موقع المسئولية .

سيدي الوالي ..

سأضع هنا تساؤلات واتمنى من الجميع ان يعرف كل منهم مسئوليته سواء الجهات أو الأشخاص؟ .. من هي الجهة المسئولة عن هذه الفئة وتركها هكذا في الشوارع دون رعاية أو عناية ؟ وكم هي الجهات التي يفترض أن تكون مسئولة عن هذه الفئة؟ وهل يمكن أن يكون هناك مشروع مشترك تقوم به هذه الجهات مجتمعة لرعاية هذه الفئة وانقاذها ؟ وهل هؤلاء هم بشر ومواطنين لهم الحق في الحصول على الرعاية من الدولة والحكومة أم انهم خارج إطار الاهتمام ولا يستحقون أن نهتم بهم ؟ وهل يعقل أن كل تلك المشاريع التي نسمع عنها ونتابعها في الاعلام لم يكن أحدها لهذه الفئة المنسية ؟ وهل كل ذلك الاستعراض الذي نشاهده من مسئولي بعض الجهات عن مشاريع بمليارات الريالات لم يكن لهؤلاء نصيب فيها؟ وهل استعراض بعض المسئولين في القنوات والاحتفالات وهم يحملون بنادقهم لم يتطرق لهؤلاء وانهم ربما يحملون البنادق لكنهم لا يحملون ذرة إنسانية تجاه انسان يحتاجهم وان جزء من تلك الأموال هي من حقهم ؟ ومن سيحاسب مسئولي هذه المستشفيات التي ترفض استقبال هؤلاء المرضى رغم أنها مخصصة لعلاجهم؟ وهل يمكن إلزام هذه  المستشفيات والمراكز النفسية ان تعالج وتقبل وتستوعب مالايقل عن 10 حالات انسانية كهذه مجانا؟ .. ام ان هؤلاء سيظلون من الفئات المنسية وستظل دولتنا وحكومتنا عديمة الإنسانية وهي التي تطلب من المجتمع الدولي أن يتعامل بإنسانية وهي نفسها بعيدة كل البعد عن الإنسانية ؟ وهل يعرف كل مسئول في الدولة والحكومة  انها سيحاسب عن كل شخص راح ضحية اهماله؟ أم أنهم لا يعرفون ؟.

سيدي الوالي ..

لماذا لاتقوم هيئة الزواج وهيئة المقابر بتمويل  بناء مستشفى كبير للأمراض النفسية ورفده بكافة الإمكانيات من تجهيزات فنية وكوادر طبية وتمريضية وتجميع كل هؤلاء المساكين الذين ينتشرون في الشوارع من  كل المحافظات ورعايتهم وفقا لمسئولية الدولة والحكومة ويمكن الاستعانة بالقطاع الخاص الذي بالتأكيد لن يمانع في الإسهام والمشاركة في هذا المشروع الخيري .. وهل مشروع الزواج الذي صرف عليه مليارات الريالات اهم من هذه الفئة أم أنه كان من الأفضل صرف نصف تلك الأموال لبناء مستشفى للأمراض النفسية ؟ فهل  سيبقى الوضع كما هو وتظل مشاريعنا فقط للاستعراض وبعيدة عن وجهتها الحقيقية ومن يستحقها ؟ وهل ستختفي هذه الفئة من الشوارع أم أنها ستظل باقية فيها ضحية لأهالي يتخلصون من أبنائهم إلى الشوارع ومجتمع لا يرحم ودولة إنسانيتها غائبة ؟.

سيدي الوالي ..

لماذا هذه الفئة مغيبة من برامج واستراتيجيات وخطط الدولة والحكومة ؟ ولماذا لا يتم توجيه الحكومة بوضع استراتيجية حقيقية لمعالجة وضع هذه الفئة  بدلا من بعثرة مليارات الريالات في الهواء عبر مشاريع لاجدوى منها لم ولن تحدث الأثر المطلوب منها لأنها عشوائية ودون تخطيط ورؤى علمية ومشاريع واضحة وان يكون لهذه الفئة نصيب من تلك المليارات وعبر مشروع وطني حقيقي وليس وهمي والدليل على أنها وهمية أن المشكلة مازالت موجودة بل وتزايدت بشكل مخيف ؟ .. فهل وصلت الرسالة سيدي الوالي أم أن هذه الفئة ستظل منسية ومهملة بسبب غياب المشروع الحقيقي ومهما صرفت من  مليارات لايمكن ان تحدث الأثر المطلوب لانها ذهبت بعيدا ولم تلامس الواقع الذي يحتاج إلى نية صادقة وإرادة حقيقية وليس مجرد مظاهر وإعلام لتضليل وخداع الناس.. نتمنى أن نرى المشروع الصحيح لهذه الفئة وليس المشاريع الوهمية التي ينتهي أثرها فورا وتذهب المليارات في الهواء..

مازلنا بانتظار انطلاق التصفيات التمهيدية في اليمن للتأهل لكأس العالم للجباية.

*حسن الوريث

صوت الشورى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى