كتابات فكرية

الشركات الوهمية:تهامة فلافور نموذجا

الشركات الوهمية تهامة فلافور نموذجا

تهامة فلافور (2/1)

*خالد العراسي

الكاتب

 تظهر شركات الاستثمار الوهمية بين الشعوب الفقيرة أكثر من غيرها وذلك ليس بسبب الجهل وعدم قدرة الناس على تمييز الاستثمارات الحقيقية من الوهمية فقط، وإنما لان الشعوب الفقيرة وبالذات من فقدوا مصادر دخلهم واستمر ذلك لفترة طويلة كحال الشعب اليمني يتطلعون لأي حل ينتشلهم من هذه الحالة المأساوية فتجد حتى المتعلمين والأكاديميين  يتعلقون بالقشة باعتبارها أمل وحل حيد ،وسيسعون للاشتراك والمساهمة حتى لو باعوا كل ما يملكون، وفعلا هناك الكثير من أرضيته بل وبيته الذي يأويه هو وأطفاله من أجل هذا الأمل والتعلق بهذه القشة.

 والحقيقة لو أنهم فكروا باستثمار أموالهم مهما كانت بسيطة لعاد ذلك عليهم بما تيسر من أرباح مباركة بدلا من الوقوع في المصيبة والندم بعد فوات الأوان .

قبل فترة تم إيقاف معظم هذه الشركات واحتجاز الأموال والممتلكات التي كانت بحوزة أصحابها الذين لا يزالون موقوفين وقيد المحاكمة وتأخر المحاكمة والبت في الموضوع كارثة أخرى إلى جانب الكارثة الأساسية وذلك لان الأموال المحتجزة لا تسير في دورتها النقدية وكذا لما يسببه ذلك من أضرار مجتمعية للمساهمين .

إلا أن بعض الشركات تمكنت من الإفلات واستمرت في العمل وبترخيص ومباركة حكومية ،ومنها شركة تهامة فلافور الحاصلة على ترخيص من وزارة الصناعة والتجارة.

وذلك جعل الناس يأمنوا ويتطمنوا على أموالهم في هذه الشركة بشكل اكبر، وقال الجميع لو أنها شركة نصب لكان مصيرها كمصير البقية وهنا تكون وزارة الصناعة والتجارة هي السبب الرئيسي في كل ما حدث وسيحدث باعتبارها الجهة التي منحت هذه الشركة الترخيص والموافقة وكذلك المسؤولين الذين ضجت وسائل الإعلام بحضورهم لافتتاح الاستثمار اليتيم لدى الشركة (مصنع الأسفنج) جميعهم مشتركون بالجريمة ولو أن هناك تحقيقات عادلة وشجاعة وجريئة لتم إدانة شخصيات لا يتوقع احد تورطها في ثاني اكبر عملية نصب وسرقة واحتيال بعد عملية الحوالات المنهوبة من حيث عدد الضحايا وحجم الأموال  .

الأساس في قياس حجم الضرر هو تحديد الفجوة بين رأس المال والمساهمات المدفوعة،حتى بعد احتساب ما قد تم تسليمه من أرباح، وكان على الجميع أن يدرك أنها عملية احتيال لا أكثر مهما كانت مغلفة ببعض الاستثمارات الصغيرة والتصاريح الحكومية والحضور الحبتوري ، فالأمور واضحة جدا بمجرد أن تكون نسبة الأرباح محددة مسبقا وكذلك عندما تكون الأرباح شهرية وليست سنوية والمؤشر الثالث هو عدم وجود استثمارات على ارض الواقع محددة باسهم لها قيمة واضحة ورأس مال مدون لكل استثمار ودراسات جدوى ….

تهامة فلافور(2/2)

بالأمس احد جيراني دخل إلى قسم شرطة ٢٢ مايو وقتل نفسه بسبب الديون والضغوط التي عليه باعتباره احد ضحايا شركة الاستثمارات الوهمية “قصر السلطانة” الخاص ببلقيس الحداد فوجدتها فرصة لاكتب الجزء الثاني عن موضوع هذه الشركات والذي عنوته “بتهامة فلافور” لأنها شركة مماثلة للشركات التي تم القبض على ملاكها سابقا وهم حاليا قيد المحاكمة لكن هذه الشركة حظت بخصوصية تسببت بتضاعف عدد الضحايا وحجم الأموال المفقودة وبالتالي حجم الكارثة لان عدم توقيف عمل الشركة بالتوازي مع توقيف من توقفوا سابقا جعل المواطنين يعتقدون أنها شركة رسمية وأمورها طيبة وذلك تسبب بموجة هائلة من المساهمين وتدفق الأموال إلى الشركة بشكل كبير جدا لا سيما بعد الافتتاحات والفعاليات التي تمت عن طريق بن حبتور والترب وبعض المسؤولين أضف إلى ذلك كله بان الشركة لديها سجل تجاري وترخيص ووثائق رسمية .

هل تعلمون ما معنى هذا ؟

معناه هو أن هناك نافذين كبار في الدولة لديهم نسبة أو حصة من الأموال المنهوبة ولو لاحظتم في حيثيات الحكم أو الخلاصة المعلن عنها قبيل حجز القضية للحكم الخاص بقصر السلطانة ستجدون أنهم ذكروا وجود مبالغ ضخمة تم صرفها لأشخاص غير المساهمين فمن يكونوا برأيكم ، الأمور واضحة ولا تحتاج الى عبقرية ، ومعناه أيضا أن عدم إيقاف الشركة في وقته وحينه كانت خطوة بغرض ترك الساحة لتهامة فلافور رغم انها تعمل بنفس نظام الشركات التي توقفت كقصر السلطانة وغيرها من الشركات وهو نظام بونري الهرمي الذي يعتمد على المساهمين الجدد في دفع أرباح وهمية للمساهمين القدامى إلى أن تأتي لحظة الانفجار بعد فترة من توقف التسجيل لمساهمين جدد،،، “تهامة فلافور” عملت بنفس الآلية مع فروق طفيفة للتجميل والتمويه من خلال إنشاء بعض الاستثمارات التي عملتها خلال السنوات القليلة الماضية فقط ،كمصنع الإسفنج الفاشل وشراء أراضي بمبلغ وتدوينها بثلاثة أضعاف المبلغ الحقيقي مثل الأراضي التي اشترتها الشركة في قاع القيضي، ومؤخرا قامت الشركة بإشعار المساهمين أن الأرباح ستكون سنوية بدلا عن شهرية وليس هذا فقط وإنما أيضا لم يسمحوا للمساهمين بسحب أموالهم، عكس ما كان سابقا من يريد ان يسحب عليه أن يدفع 5% من المبلغ نظير الأرباح التي استملها كما قالوا، وقامت الشركة بشراء أرضية في بني مطر وإشهار أو الإعلان عن مشروع المدينة السكنية وعلى أساس ان المساهمين سيحصلون على أراضي وشقق بدلا عن أموالهم ورغم أن المدينة السكنية في المخططات وبما هو معلن بمساحة ستة ألاف لبنة إلا أن الواقع لم يتجاوز ثلاثين لبنه وهي الأرض التي تم عمل حجر الأساس فيها وثاني يوم قامت هيئة الأوقاف بهدمه باعتبار المنطقة وقف ولكل طاهش ناهش وما يصح إلا الصحيح .

المطلوب من حكومتنا حاليا هو التالي :-

١/ التحقيق مع كل المسؤولين والنافذين الذين لديهم مصالح مع مثل هذه الشركات الوهمية ، وتسببوا في استمرارها لأعوام تحت حمايتهم فهؤلاء هم كارثتنا التي تفوق كارثة الشركات نفسها لان عدم محاسبتهم وسجنهم سيشجعهم على جلب كوارث أخرى بكل أريحية ودون أي اكتراث بالنتائج الوخيمة على المجتمع .

٢ /سرعة إيقاف المعنيين بشركة تهامة فلافور، وكل الشركات المماثلة لها، وتنفيذ الأوامر القضائية وأوامر النيابة بإيقاف إدارة الشركة وإحالتهم إلى المحاكمة الفورية.

٣ /سرعة البت في موضوع كل هذه الشركات لان تأخير البت أضراره وخيمة جدا فأولا هناك سيولة نقدية هائلة مجمدة إلى حين البت وهي النقدية التي تم الحرز عليها وثانيا هناك مئات الآلاف من الأسر المتضررة والذي ينتظرون تنفيذ العدالة وكثير من المضار المترتبة عن التأخير والموضوع سهل وليس بمعضلة تحتاج الى سنوات تقاضي للبت.

٤ / البحث عن بقية الشركات المماثلة الموجودة في اليمن وكذلك الإعلان عن الشركات الوهمية المتداولة عبر النت وتوعية الشارع اليمني لان الجهل والتهور وظروف الحياة وانسداد وانعدام مصار الدخل تسببت بكل ذلك ويجب التوعية والمتابعة .

ملحوظة :- قبل عامين رفعت تقرير إلى رئيس اللجنة الاقتصادية العليا مفاده أن هذه الشركات لا يستبعد ارتباطها بالعدوان كوجه من أوجه الحرب الاقتصادية وشكوكي هذه كانت نابعة من أن التسجيل كان يتم بالريال اليمني بينما الأرباح توزع بالريال السعودي إلى جانب عدم وجود أي استثمارات على ارض الواقع، بمعنى أن الأموال المتدفقة كانت تتعرض للإتلاف أو الدفن أو التهريب وهو استهداف لعملتنا وذكرت أشياء أخرى في نفس الإطار وقد أحال الأستاذ / هاشم إسماعيل القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا تقريري إلى جهاز الأمن والمخابرات في وقته وحينه ، وحاليا أرى أن يتم التفاوض مع من تم القبض عليهم لإرشاد الدولة إلى مكان الأموال المتبقية لان هناك فجوة كبيرة جدا تقدر بعشرات المليارات حتى بعد احتساب الأرباح الوهمية التي كانت تصرف والنقدية المتحرز عليها والعقارات وما إلى ذلك قد تكون النتائج طيبة لا سيما أن عرضتم عليهم التخفيف من العقوبة في الحكم الذي سيصدر .

والله الموفق والمستعان

*خالد العراسي

كاتب وناشط يمني

أقرأ أيضا للكاتب:   العراسي يفند أسباب عدم اقتناع صنعاء بتمديد الهدنة بنفس الشروط السابقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى