اخبار محليةالكل

تقرير: عدن 4 سنوات من الجرائم المرعبة والانفلات الأمني

باتت مدينة عدن جنوبي اليمن ساحة صراع لأجندة سياسية مختلفة الولاءات، ما أغرقها في أتون الفوضى العارمة نتيجة عدم سعي الأجهزة الأمنية لاستتاب الأمن وتركيزها على عداء لأطراف أخرى. ولأربع سنوات على دخول تحالف الحرب على اليمن المدينة، لا تزال المدينة تعاني من الصراع القائم الذي لا أفق يلوح بانتهائه وسط غضب شعبي عارم يسود العدنيين.

وتصدم مدينة “عدن”، فاجعة تلو أخرى للسنة الرابعة على التوالي وسط غموض شديد من قبل الأجهزة الأمنية وغيابها عن المشهد وعدم توضيح الوقائع التي تُرتكب للرأي العام.

ويجمع مراقبون بأن غياب هيبة حكومة هادي وعدم توحيد الأجهزة الأمنية سببا رئيسيا لما يجري من عبث فاق التوقعات في عدن.

على الرغم من أن تحالف العدوان شكل قوات أطلق عليها الحزام الأمني في مارس/آذار 2016 لكن ومنذُ ذلك الحين لم يستتب الأمن حتى اليوم، وبات الخارجون عن النظام والقانون يسرحون ويمرحون دون رادع لهم ولا عقاب.

جرائم بلا عقاب

ليل الجمعة 7 سبتمبر أعلنت أسرة طفل بكريتر يدعى قصي جاحب (سنة وثمانية أشهر) عن فقدانه قبل أن تلقى الأسر طفلها ميتاً فجر السبت في سطح العمارة التي يقطنها مع أسرته في حي السكنية.

ووفقا لنائب مدير شرطة كريتر سهيل اسكندر، فقد تم ضبط اثنين من أقاربه اعترفا بتورطهما في اختفائه والاعتراف بمكان تواجده.

وقال اسكندر أن الأسباب الرئيسية للواقعة تأتي إثر وجود خلافات أسرية بين المتهمين ووالدة الطفل الضحية، وهو ما دفعهما إلى ارتكاب جريمتهما تلك.

وفي أغسطس الماضي عثرت أسرة الطفل معتز ماجد عبدالله (3 أعوام) على جثة طفلها هامدة عقب أيام من اختفائه في إحدى السيارات المتهرئة والمتوقفة بمنصورة عدن.

وأثارت تلك الجريمة حالة استياء وغضب واسع في عدن، فيما مرت هذه الحوادث بسلام دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكنًا، ما دفع إلى انتشار هكذا جرائم فظيعة.

سياسي : غياب الحكومة وفر غطاء للإجرام

وبحسب صحيفة عدن الغد يقول المحلل السياسي عباس الضالعي إن الجريمة في عدن انتعشت في الفترة الأخيرة ووصلت لدرجة لم تعهدها عدن واليمن من قبل وآخرها جريمة اختطاف وقتل الطفل قصي، موضحاً، أنها تضاف لعدد من الجرائم السابقة التي لم تعرفها عدن من قبل وتقيد الجرائم ضد مجهول رغم ان مصادر الجريمة معروفة لكن غياب الدولة وفر غطاء للمجرمين للنشاط دون خوف من العقاب.

وأشار الضالعي أن غياب الدولة وأجهزتها الرسمية الأمنية والشرطية والعدلية أنعش سوق الجريمة بالتزامن مع تضارب وتداخل التشكيلات المسلحة التي تعمل تحت عنوان توفير الأمن.

وأضاف بالقول: تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى لأنه من سمح بغياب أجهزة الدولة الرسمية وهو من يغذي الانقسام والفوضى وتداخل أداء التشكيلات المسلحة وبعضها يعمل خارج نطاق مؤسسات الدولة وهذا هو الخلل الرئيسي الذي تعاني منه عدن والمحافظات المحررة.

واستطرد قائلاً: عدن التي كانت مثلا يقتدى به في التعايش والتسامح وملجأ النخب الثقافية والأدبية والعلمية وكانت مصدر إشعاع والهام لحركات التحرر الوطني اليمني أصبحت اليوم بيئة طاردة حتى لأبنائها وتسعى بعض الأطراف لتحويلها لخراب وقد تحقق هذا بالفعل.

عدن تنزف

وبحسب الصحيفة نفسها يرى الصحفي فضل العيسائي في تصريح أدلى به بأن عدن وصلت إلى مرحلة حرب أوروبا الأهلية والعالمية التي راح ضحيتها ملايين، موضحاً، أن عدن تبقى في خير وبظل اللادولة وحرب أيضاً بلاد بدون منافذ وتدمرها الأزمات جراء الأحداث.

وأضاف العيسائي بالقول: حينما نقرأ أوضاع عدن بمعيار الايجاب والسلبي سنَجد أن الايجابي تجاوز السلب سواءً أمنياً أو اجتماعياً حيث وأن عدن أثبتت اجتماعياً تماسكاً قوياً وساعدت الأعراف والعادات والتقاليد، يحدث هناك خللاً أمنياً وغالباً ما نكتشف وراءه خلافات شخصية وهذه تحدث في كل العالم ، وفي حال مقارنة عدن مع الآخرين الذين تعرضوا إلى حروب سنَجد أننا بخير ولا مقارنة.

وأعتبر العيسائي عدن تعيش على أمل جميل ، مشيرًا إلى أنه يُفترض أن نكون جزءا من الحلول وليس جزءا من أدوات الهدم والقراءة الغير صحيّة.

عدن مهددة في ظل بقاء الوضع على ما هو عليه

وقال الصحفي رياض الأحمدي إن عدن مهددة في ظل بقاء هكذا وضع، ومع التسليم بأن المحافظات الأخرى ليست أفضل حالاً بكثير، إلا أن عدن، يجب أن تكون القدوة بين المدن، وإذا ما غاب التوافق بين الأطراف الفاعلة على خطة أمنية تحفظ الأمن في المدينة وتبقي الخلاف في الإطار السياسي فقط، يظل الوضع معقداً بالتأكيد.

وتابع الأحمدي: بعض الجرائم ذات الطابع الجنائي ، تتطلب أيضاً مسؤولية اجتماعية، بأن يعمل الناس على الإبلاغ عن أي عصابات مسؤولة عن قتل أطفال أو ما شابه، وهنا تصبح المسؤولية كاملة على الأمن.

حلول مطلوبة

واقترح السياسي عباس الضالعي الحل الوحيد لوقف هذا التدهور واستعادة عدن لمكانتها هو توقف تحالف العدوان عن التدخل بإدارة عدن وعودة الدولة واجهزتها ومؤسساتها واجراء تغييرات جذرية للطواقم القيادية في المؤسسة الامنية والاستخبارية بالاعتماد على الكفاءات والخبرات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والتي تعمل بعيدا عن اي انتماء سياسي او مناطقي وليس لها ارتباطات بالخارج .

وقال: إن ما يحدث في عدن يحزن كل يمني ولن تعود عدن كما كانت الا باستبعاد بؤر التوتر والفوضى ونافخي روح المناطقية واستحضار الصراعات تحت مسميات مختلفة، لافتاً إلى أن عودة مؤسسات الدولة هي الخطوة الأولى وإنهاء التداخل في العمل الامني المدعوم من التحالف وتغييرات شاملة لقيادات العمل الامني في الصف الاول والثاني والمستويات التنفيذية ، بدون ذلك فعدن ستذهب للفوضى اكثر وقد تتطور الجريمة الى عمل مؤسسي ممنهج.

ويلفت الصحفي رياض الأحمدي أنه بدون التوصل إلى خطة لتوحيد عمل مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية وحصر السلاح والعمل الأمني بإدارتها فإن عدن ستكون مهددة بما هو أسوأ.

تقرير: محمد فهد الجنيدي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى