أخبار عربي ودوليالكل

بسبب تخفيضات انتاج النفط صندوق النقد الدولي يتوقع تباطؤ نمو اقتصاد الخليج

قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع تباطؤ نمو اقتصادات مجلس التعاون الخليجي تباطؤا شديدا في 2017 بسبب تخفيضات إنتاج النفط التي اتفقت عليها أوبك مع المنتجين المستقلين.

وذكر الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي الصادر الثلاثاء، والذي يشمل توقعات نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، إنه يتوقع تباطؤ النمو الكلي في دول الخليج إلى 0.9 بالمئة في 2017 من اثنين بالمئة في 2016 على أن يتسارع مجددا إلى 2.5 في المئة في 2018.

وتوصلت منظمة البلدان المصدرة للبترول وبعض كبار المنتجين خارجها إلى اتفاق على خفض الإنتاج العالمي للخام بواقع 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر اعتبارا من الأول من كانون الثاني/ يناير. ويميل منتجون في أوبك لتمديد التخفيضات حتى النصف الثاني من العام الجاري.

وتظهر بيانات الصندوق أنه من المتوقع أن يسجل ميزان المعاملات الجارية بدول مجلس التعاون الخليجي فائضا 1.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 من عجز يبلغ اثنين بالمئة في العام الماضي، على أن يصل الفائض إلى 2.1 بالمئة في 2018.

 

وقال الصندوق في تقريره أنه “من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط وتصحيح أوضاع المالية العامة إلى إعادة الحساب الجاري الكلي للبلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى وضع قريب من التوازن هذا العام.”

 

وتوقع الصندوق أن يتسارع النمو الكلي في القطاع غير النفطي هذا العام مع تراجع وتيرة الضبط المالي، مشيرا في تقديراته إلى زيادة النمو غير النفطي بدول الخليج إلى ثلاثة بالمئة في 2017 من 1.9 بالمئة في 2016، على أن يتباطأ مجددا إلى 2.7 بالمئة العام المقبل.

 

لكن الصندوق قال إنه رغم أن النمو الكلي في بلدان مجلس التعاون الخليجي سيكون مدعوما بالتعافي المتوقع في الإنتاج النفطي على المدى المتوسط، “فإن النمو غير النفطي سيظل مقيدا نتيجة مواصلة التقشف المالي في البلدان التي تستلزم إجراء تصحيحات كبيرة” ومن بينها البحرين وسلطنة عمان والسعودية.

 

وتبنى الصندوق نظرة حذرة إزاء اتفاق أوبك وتأثيره على آفاق سوق النفط، قائلا إنه رغم أن الاتفاق ساعد على تحسين آفاق أسعار الخام في الأمد القريب إلا أن الأسعار لا تزال متقلبة.

 

وقال الصندوق “على المدى المتوسط، من المتوقع أن تظل أسعار النفط منخفضة ومحاطة بدرجة عالية من عدم اليقين وبالتالي فإن مواصلة تصحيح أوضاع المالية العامة ستظل مطلبا حيويا.”

 

وأشاد صندوق النقد بالإصلاحات التي طبقتها بعض دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها قطر والسعودية وسلطنة عمان على أسعار الطاقة وتخفيضات الإنفاق.

 

وخفضت دول الخليج من دعم الطاقة بعد هبوط أسعار النفط من فوق 100 دولار للبرميل في منتصف 2014 إلى نحو 50 دولارا للبرميل.

 

ولجأت بعض الدول إلى خفض الإنفاق على المشروعات الحكومية التي تقود النمو بعد تراجع عوائد تصدير النفط التي تعد مصدرا رئيسيا للإيرادات الحكومية.

 

وأشار الصندوق إلى ضرورة استمرار المزيد من الإصلاحات في أسعار الطاقة وكذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة لافتا إلى أن هذا التصحيح المخطط له في أوضاع المالية العامة “مطلب ضروري لاستمرارية أوضاع المالية العامة على المدى الطويل رغم الجهود التي بذلت بالفعل”.

 

لكنه قال إن وتيرة التصحيح يجب أن تناسب ظروف كل بلد على حدة، مضيفا أن “البلدان ذات الاحتياطيات المالية الكبيرة مثل الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة يمكنها تصحيح أوضاعها بشكل تدريجي أكبر للحد من الآثار السلبية على النشاط غير النفطي، أما البلدان ذات الاحتياطيات الأصغر فسوف يلزم عليها التحرك بخطى أسرع.”

اعتبر المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور أن دول الخليج تسير “في الطريق الصحيح” بتطبيقها إصلاحات مالية لمواجهة العجز في موازناتها مع انخفاض أسعار النفط، داعيا رغم ذلك إلى إجراءات إضافية.

وقال أزعور في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية “إذا واصلت (دول الخليج) اتباع هذا المسار للسنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، فإن مستوى العجز سيتراجع إلى ما دون الـ2 بالمئة”.

وأضاف أزعور متحدثا قبيل صدور التقرير المالي الدوري للصندوق والخاص بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى الثلاثاء أن “الأمر يسير في الطريق الصحيح”.

وكانت أسعار النفط التي تأثرت بفائض العرض في الأسواق انخفضت من أكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران/يونيو 2014 إلى نحو 30 دولارا بداية العام 2016، ما دفع بالعديد من الدول النفطية وبينها دول الخليج إلى اعتماد إجراءات تقشفية قاسية.

ومع تراجع الإيرادات النفطية، سجلت دول الخليج عجزا في موازناتها واتجهت نحو تعويضه عبر رفع الدعم عن سلع رئيسية طالت قطاع الطاقة.

وأكد أزعور قوله “لا تزال هناك حاجة لاعتماد تعديلات في الأنظمة المالية. يجب أن يتم تطبيق إصلاحات إضافية خصوصا في الجانب البنيوي”.

وأوضح أن اتباع هذه الخطوات يهدف إلى “تنويع الاقتصاد والسماح له بالنمو خارج قطاع النفط من أجل خلق فرص عمل والاعتماد بشكل أقل على سوق النفط الهش”.

لكن السعودية، التي تتوقع عجزا بنحو 52.8 مليار دولار في 2017، أعلنت الأسبوع الماضي “إعادة جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين” التي تم إلغاؤها أو تعديلها أو إيقافها إلى ما كانت عليه.

 

ورغم أن هذا القرار قد ينظر إليه على أنه خطوة إلى الوراء ضمن خطط أكبر مصدر للنفط في العالم للحد من الإنفاق، إلا أن المدير الإقليمي لصندوق النقد رأى في الأمر الملكي خطوة “بسيطة مقارنة بالاتجاه العام”.

 

وأوضح أزعور أنه “عندما تعتمد برنامجا إصلاحيا ضخما، فإنه سيتوجب عليك رغم ذلك أن تعدل أو تدخل تغييرات على بعض الإجراءات هنا وهناك”. ويشير بذلك إلى خطة إصلاحية طموحة قدمها في نيسان/أبريل 2016 ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع ونجل الملك سلمان بن عبد العزيز، لتنويع الاقتصاد بعنوان “رؤية 2030”.

 

وتابع المسؤول الدولي قوله إن الحكومة السعودية طبقت إصلاحات مالية “قوية” في العامين الماضيين “واستطاعت أن تقلص النفقات”، مشيرا إلى أن الرياض جددت التزامها بتحقيق توازن مالي بحلول العام 2020.

 

 

ولفت إلى أن المملكة، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، تملك مقومات تساعدها على احتواء الصدمات الاقتصادية “وإدخال الإصلاحات المالية بشكل تدريجي على فترات زمنية مختلفة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى