الكلكتابات فكرية

الجمود في الفهم ..

تمر دول تحالف العدوان على بلادنا الذي تشنه المملكة السعودية كرأس حربة بحالة جمود مطبق في فهم المتغيرات على الساحة سواء في مجريات العمليات العسكرية أو في مجريات الحراك السياسي الدولي ومن قبله المحلي والإقليمي

يظهر ذلك الجمود في الفهم من خلال تتبعنا للخطاب الإعلامي المصاحب للعدوان والذي يكرر نفسه يوميا وكأن المعركة قد بدأت اليوم ،هذا الخطاب يتركز في مواصلة الحديث عن دوافع المعركة وأهدافها وما قد حققته على الأرض من إنجازات ..

فالتحالف إلى اليوم لا زال يستخدم أسطوانات إعادة الشرعية ومواجهة التمدد الإيراني وحماية المقدسات والأمن القومي المشروخة والتي لم تغير من واقع الحال شيئا بأنها عناوين هلامية تخفي وراءها أهدافا مغايرة تماما لتلك العناوين ..

صحيح ساهم وجود شخصيات وجماعات وأحزاب يمنية وقفت في صف التحالف كأدوات طيعة متماهية حد الغلو في ترويج تلك الأسطوانات وهذا معروف ومنطقي كونها لم تكن من السابق في صف السيادة والاستقلال اليمني قبل العدوان عام 2015م بل لأنها كانت الأذرع الداخلية لدول العدوان وخاصة السعودية وهذا لا يحتاج إلى تدليل أو إيضاح إلا أن تلك القوى الداخلية لم تخرج من بوتقة الدور الطبيعي كونها أصلا وليدة وتربية تلك الدول المعتدية أصلا ولذا فجمودها في فهم المتغيرات غير ذي بال أو تأثير لأنها عاجزة عن امتلاك قرارها بالمطلق بل وحتى الشخصي منه ..

من هنا يجب علينا وقبل معرفة أسباب هذا الجمود في فهم المتغيرات لدى قوى التحالف أن نعرج قليلا ولو في لمحات إلى المتغيرات التي لم يسمح لدول التحالف في فهمها وأولها وأقواها حالة الصمود الأسطوري للشعب اليمني في وجه العدوان والذي استطاع أن يقلب المعادلة رأسا على عقب ويصبح مبادرا ومؤثرا في مجريات المعركة لصالحه وهذا كذلك لا يحتاج إلى تدليل ما غير من تعاطي العالم مع هذه الحرب من الجانب السلبي المتفرج إلى جانب المتابع والمنادي كل بحسب حساباته ومصالحه الجيوستراتيجية في المنطقة وثاني تلك المتغيرات ظهور المحرك الأساس لهذا التحالف ولماذا يحركه وهي الولايات المتحدة الأمريكية لأهداف تتعلق بمصالحها ومصالح أمن وسلامة إسرائيل بالتأكيد وكلها أهداف لم تكن لتتحقق لولا حالة الهيمنة والتوجيه المطلق منها لدول التحالف بأن تواصل عدوانها وفي ذات الوقت تواصل غباءها وجمودها .. كيف ذلك ؟

ببساطة فإن خروج اليمن من الوصاية بخروج أذيال السعودية التي تقود مشروع الانبطاح للغرب في المنطقة فاقم من هزيمة أمريكا في المنطقة بعد خسارتها في سوريا والعراق وأفغانستان وهي خسارة أضرت باقتصادها وبانفرادها في القرار العالمي فما كان منها إلا أن حركت أموال الخليج بدلا من أموالها وجيوشها بدلا من جيوشها لتنفيذ هذه المعركة حتى لا تخسر أكثر وأكثر وحتى تحد من توسع الصين وروسيا كقطبين قويين في المنطقة وحتى تحد كذلك من نجاحات جمهورية إيران الإسلامية وكلها بتخطيط محكم استفادت فيه من نتائج الربيع العربي في تعميق الطائفية في المنطقة التي بلا شك ستحافظ على بقاء مصالحها ومصالح وأمن إسرائيل في الشرق الأوسط بأقل التكاليف وهي بذلك كله تعمق من إرهاق وخسارة مناوئيها في المنطقة إجمالا وكذا لتستمر في تدعيم اقتصادها بمزيد من حلب البقرة الخليجية فإذا ما جفت ذبحت ..

اليوم وبعد ما يقارب الأربع سنوات من العدوان وبعدما ظهرت لدينا الأهداف من هذه الحرب فإننا بالفعل أمام حالة خطيرة من حالات التبلد والجمود في الفهم فرضت قسرا على دول تحالف العدوان الذي تقوده السعودية لتظل في حاله تصديق مصطنع أن لها أهدافا خاصة بها وتعلنها ولا يسمح لها كذلك أن تعي المتغيرات الحقيقية على الأرض بل وأن عليها التغاضي عن أهداف أمريكا والغرب ولو أدى هذا التغاضي إلى انهيارها كدول وهو ما نشهده وسنشهده خلال الأعوام القريبة القادمة ..

لذلك فمن المؤكد لنا أن التعويل على أن تتغير عقلية وتفكير دول التحالف لتدارك مخاطر فنائها غير مجد كونها لا تملك قرارها بالمطلق وإنما علينا أن نعول على مواصلة التصدي التحالف الذي سيجعل من واقع المتغيرات على الأرض أكثر تأثيرا على القرار الدولي ليرضخ  في الأخير لإرادتنا كشعب يمني يتوق للانعتاق من التبعية ويرفض المساومة على حقه في الكرامة والاستقلال وإن بدت لنا حجم التضحيات وفداحتها كبيرة إلا أن القادم أعظم ومبشرا بالخير ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى