الكلكتابات فكرية

(دردشة دستورية – الحلقة 18)

الأستاذ أحمد: بسم الله نبدأ درس اليوم.

إن علماء الدين الذين يحملون منهج الله ليس من عملهم تبرير ما يقع من غيرهم أو يكونوا تابعين لسلطان وعليهم أن يقولوا الحق ولو فيه هلاك لهم لانهم ينقذون أمة وأجيال ناشئة وأجيال قادمة ويصلحون الاعوجاج وفق منهج الله الذي لا يمكن أن يخضع أبداً لأهواء البشر وعلى الذين يفعلون ذلك أن يتوبوا ويرجعوا إلي الله ويحاولوا استدراك ما وقع منهم لأن الرجوع إلي الحق فضيلة وخير من التمادي في الباطل، وقوله الحق سبحانه وتعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) يعطينا منهجاً آخر من مناهج الدعاة إلى الحكم العادل ونستمده من المنهج الرباني لأن ذلك يندرج تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويحمل منهج الله لأننا نريد أن يخرج من يؤمن بحركة الباطل التي ألفها إلى المنهج الرباني لأن خروجه عن الذي اعتاد وبعد عما ألفه، واعتراف بأنه كان على الباطل وكذلك فهو ينضر إلى من بين له طريق الإيمان ليرى هل يطبق ذلك على نفسه أم لا، أيطبق النهي عن المنكر فيما يقوله، فإذا طبقه عرف أنه صادق في الدعوة وإذا لم يطبقه كان ذلك عذراً ليعود إلي الباطل الذي كان يسيطر على حركة حياته. إن الاسلام كلمة تقال وسلوك يُـفعل وحُـكم يعمل فإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الأمة الإسلامية عن المنهج الرباني وهذه حقيقة المقت الأكبر والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ(2) كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ(3)) وبعد ذلك يراك الناس تفعل ما تنهاهم عنه ويعرفون أنك إنسان مخادع وغشاش وما لم ترتضه أنت كسلوك لنفسك لا يمكن أن تٌـبشر به غيرك والله قال في القرآن الكريم: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)). إن علينا جميعاً أن نعرف – حكام ومحكومين وكتاب ومفكرين ودعاة – أن منهج الدين وحده لا يكفي  إلا بالتطبيق على أنفسنا أولاً من أجل أن نكون قدوة حسنة للبشرية، وليس القتل والإرهاب من سمات دعاة الحق ولدينا امر رباني (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴿199﴾ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿200﴾ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴿201﴾) وقال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)) ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يأمر أصحابه بأمر إلا كان أسبقهم إليه، فكان المسلمون يأخذون عنه القدوة قولاً وعملاً، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين يريد أن يُـقنن أمر في الإسلام يأتي بأهله وأقاربه ويقول لهم (لقد بدا لي أن الأمر بكذا وكذا، والذي نفسي بيده من خالف منكم لا جعلنه نكالاً للمسلمين) ولابد أن يكون العلماء والمفكرين والحكام والمحكومين قدوة والنصح بقوة ولا يكونوا مثل علماء السلطان لا يقولوا الى ما قال لأن في ذلك كتم للحق والله سبحانه قال (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)) في كل علوم الدنيا القدوة ليست مطلوبة إلا في الدين فأنت إذا ذُكر لك عالم كيمياء بارع وقيل لك أنه يتناول الخمر أو يفعل كذا تقول مالي وسلوكه أنا آخذ عنه علم الكيمياء لأنه بارع في ذلك ولكن لا شأن لي بسلوكه وكذلك كل علماء الأرض ما عدا عالم الدين فإذا كان هناك عالم يبصرك بالطريق المستقيم وتتلقى عنه علوم دينك ثم بعد ذلك تعرف أنه يشرب الخمر أو يسرق أتستمع له؟ أبداً أنه يهبط في نظرك في الحال ولا تحب أن تسمعه ولا تجلس في مجلسه مهما كان علمه فستقول له كفاك دجلا.

 

الأستاذ أحمد: كانت هذه نهاية درسنا اليوم فلنستمع إلى من يحب النقاش.

عبدالرحمن: هذا الدرس فيه تحذير من الله للعلماء والحكام وعلماء السلاطين الذين سوف يفتنون الأمة والسلطان و سيُـدخلون الأمة في متاهات وتعم الفوضى ويتفشى القتل لأنهم يُـفتون وفق هوى السلطان أو الحاكم وبذلك يفتنون الأمة بكذبهم ودجلهم فعلينا الحذر منهم حتى نتخلص من شرورهم فلأمة بحاجة إلى توعية شاملة.

الأستاذ أحمد: الحمد لله أن شبابنا الأن في وعي كامل بالمخاطر التي تُـحاك للأمة.

shababunity@gmail.com

بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى