الكلكتابات فكرية

الأقلمة وخطورتها على اليمن !

الأقلمة لا تستهدف اليمن فقط، بل تستهدف أيضاً، سوريا، ليبيا، شمال السودان.. حتى العربية السعودية نفسها، وقد آتت وفق أجندات تخدم الصهيونية العالمية، وهي مكملة للربيع العبري المشؤوم الذي يعتبر الخطوة الأولى في تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي يُراد به تقسيم الدول العربية إلى دويلات متناحرة، وفق أطر مذهبية – طائفية وقبلية – جهوية، الأمر الذي يتلائم مع مصالح الكيان الصهيوني، وقد أكدت على ذلك “كوندليزا رايس” من تل أبيب في العام 2006.

وفي اليمن يريدون دولة من ستة أقاليم، ذات طابع مناطقي-مذهبي-طائفي في الشمال، ومناطقي في الجنوب، والأخطر من ذلك أنه قد يُعطى لكل إقليم الحق في تقرير مصيره، وقد يستعمل هذا الأمر بشكل سياسي من قبل بعض القوى الخارجية للضغط على صانع القرار اليمني في عدم اتخاذ أي قرارات سيادية تخدم المصلحة العليا لليمن. كذلك، قد يتم خلق وتوسيع الصراعات بين هذه الأقاليم المختلفة، الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق العداء والأحقاد والكره بين أبناء الشعب الواحد، وبالتالي الانشغال بالصراعات البينية الداخلية، وترك التنمية وتطوير البلاد.

فالشعب اليمني واحد متناغم، ومنسجم، متعاضد مع بعضه البعض، ولم نسمع يوماً أن هناك مسجداً للزيود وأخر للشوافع، بل وجد ولا زال يوجد تعايش مذهبي منقطع النظير، لمئات السنين، يريد أعداء اليمن اليوم إفساده. أيضاً عندما قامت الثورة اليمنية بنسختيها السبتمبرية في الشمال ضد حكم الإمامة الكهنوتية، والأكتوبرية في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني، كان من أهداف النسختين للثورة إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، كذلك الثوار من جنوب الوطن ساهموا وشاركوا في الثورة ضد حكم الأئمة في الشمال، في المقابل ساهم وشارك الثوار من شمال الوطن في تحرير الجنوب من المستعمر البريطاني، الأمر الذي يؤكد على واحدية الثورة اليمنية فالظلم واحد واقع على شعب واحد، شمالاً وجنوباَ، شرقاً وغرباً.

 

في الحقيقة الأقلمة ستكون على حساب النسيج المجتمعي اليمني، ولا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن تطوير وتنمية المؤسسات السياسية للدولة، وتطوير المشاركة السياسية للشعب في ممارسة السلطة، لا يكون عن طريق تفتيت البلد وفق نهج أناني – مناطقي/ جهوي، بل هناك سُبل أخرى، كالذي نادى بها الزعيم وتم البدء في تطبيقها، كالحكم المحلي واسع الصلاحيات، وانتخاب المحافظين، أيضاً لا بد من تعميق الوعي لدى المواطن اليمني بهويته الضاربة في عمق التاريخ، ومن أهم وسائل الوعي، تنوير الناس وتعريفهم بالميثاق الوطني المستمد من البيئة اليمنية الخالصة، أما من ينادي بالأقلمة، فهم في اعتقادي نوعان، الأول: مغرر به وليس لديه معرفة بتاريخ وطنه، ومغيب عن الواقع الدولي والإقليمي وعليه أن يفوق من هذه الغيبوبه، أما الثاني، فهو عميل وخائن لوطنه ولهويته، ويعمل وفق مصالح ذاتية وآنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى