اتحاد القوى الشعبيةكتابات فكرية

طوفان الأقصى إلى أين ؟

طوفان الأقصى إلى أين ؟

طوفان الأقصى إلى أين ؟

بقلم:لطف بن لطف قشاشة

 كانت نهاية المكذبين من قوم نوح عليه السلام أن أغرقهم الله بالطوفان بعد أن دعا نوح على قومه ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) بعدها لم ينج من البشرية والكائنات الحية إلا من ركب في السفينة مع نوح عليه السلام  ..

عودة إلى حديث الساعة اليوم وهي العمليات البطولية التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية على الكيان الغاصب وأطلقت عليها طوفان الأقصى فإن هناك عدة عناوين حملتها مشاهد العنفوان الفلسطيني والذل الإسرائيلي وردات الفعل من المحيط الإقليمي والدولي جميعها تحمل مؤشرات التغيير الملفت في قواعد الاشتباك في الصراع العربي الإسرائيلي  برمته  ..

لطف قشاشة

في حرب تموز 2000م أطلق سيد المقاومة اللبنانية السيد حسن نصر الله مقولته الشهيرة ( ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات ) حينها أدركت إسرائيل حقيقة وواقعية هذه المقولة بينما الدول العربي المصنفة بدول الاعتدال ( المطبعة ) أنكرت وتعامت عن هذه الحقيقة ليس لأنها تقرأ الأحداث بواقعية أو أن لديها من المعطيات ما يدفع بها إلى إنكار تلك الحقيقة وإنما لان هناك خطة مغايرة أوجدتها الصهيونية العالمية وعلى رأسها أمريكا لهذه الدول  بموجبها تقوم بدفعها الى تبني المواجهة مع دول الممانعة في المنطقة بحيث تبقي على الكيان الغاصب بعيدا عن المواجهة لكي لا يستنزف وتكون نهايته الحتمية  ..

سعى الجميع لمحاصرة وقمع دول ومكونات الممانعة عبر التكفيريين كما حدث في سوريا والعراق وعبر العدوان المباشر كما في بلادنا اليمن وغيرها من الوسائل الاقتصادية والثقافية  بينما بقيت إسرائيل تراقب وتعطي التوجيهات وتكسب من وراء هذا الدور الخبيث الذي رسم لدول الاعتدال العربي الكثير والكثير  ..

ظن الجميع أنهم بأكذوبة السلام مع إسرائيل وتهافت  بعض الدول العربية نحو التطبيع انهم قد استطاعوا إن يميتوا قضية الصراع المركزية للأمة العربية والإسلامية بشكل نهائي لكن خاب ظنهم رغم حجم المؤامرات والمشاريع إلا أن شرارة فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية المدعومة من إيران ومحور المقاومة أفشلت جميع تلك المخططات وخلطت جميع الأوراق بشكل متسارع وساعد في نجاح المقاومة أيضا حجم الهزائم التي منيت بها أمريكا في المنطقة وآخرها هزيمتها في اليمن ..

طوفان الأقصى اليوم ليس وليد اللحظة وإنما جاء عبر مخاضات ومتغيرات أولها عندما أدرك الفلسطينيون أنهم يلهثون وراء سراب اسمه الأرض مقابل السلام حين وجدوا أنفسهم أمام سلطة ضعيفة جل عملها أن تكون شرطيا يحمي الاحتلال ويقمع الشعب الفلسطيني ..

لاحظ الفلسطينيون أن لغة ما اخذ بالقوة لا يسترد ألا بالقوة هي اللغة التي ستركع المحتل خاصة بعدما شاهدوا المقاومة اللبنانية كيف حررت أرضها وطردت الإسرائيلي من الجنوب بهزيمة نكراء..

الفلسطينيون استعادوا زمام المبادرة وكانت انتصاراتهم في غزة وتخلي الصهيوني عنها بالقوة وجدوا حينها أنهم بالفعل يستطيعون قلب الطاولة على جميع المتآمرين الذين خذلوا القضية الفلسطينية ومنهم دول الاعتدال العربي فاتجهوا نحو إيران ومحور المقاومة التي دعمتهم بلا قيد ولا شرط وامتلكوا مع هذا الدعم السخي القوة النارية التي منعتها عنهم دول الاعتدال العربي فكانت التحركات المسلحة المحمودة وشاهدنا إثرها في  عملية سيف القدس وصولا الى عمليات الاشتباك الناري المباشر داخل الضفة الغربية والقدس بعدما توحد الفلسطينيون على كلمة واحدة بما فيهم فلسطينيو الداخل ( 48 )  ..

عملية طوفان الأقصى هي ثمرة تضحيات وأعداد وتحالفات متواصلة أخرجت الفعل الفلسطيني المقاوم من مربع الفعل الفلسطيني الداخلي البسيط الى مربع القوة الضاربة التي لها امتداد إقليمي واسع حيث لم تعد القضية الفلسطينية قضية تخص الفلسطينيين وحدهم بل استعادت زخمها بين الشعوب وعادت القضية المركزية للشعوب العربية والإسلامية دون أن يكون للمهرولين وراء سراب التطبيع أي تأثير يذكر  ..

بمجرد ما حدثت عملية طوفان الأقصى التي أربكت العدو وإصابته في مقتل برزت تلك الدعوات النشاز لدول التطبيع وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر بالطبع إلى ممارسة قذارتها المتواصلة في مثل هذه الأحداث حيث انبرت بياناتها للولولة والمطالبة بوقف التصعيد وما إلى ذلك من مفردات الاسطوانة المشروخة وجميعها تدفع في اتجاه حماية إسرائيل بالتأكيد لكن لا اعتقد أن هذه الدعوات لا زال لها مفعول فقد أصبحت بالية غير ذات جدوى وبالتأكيد لن تلق آذانا صاغية لدى المقاومة الفلسطينية  ..

أخيرا السؤال إلى أين تتجه الأحداث مستقبلا بعد هذه العملية النوعية  ؟

أقول أننا أمام نقطة فارقة في قضية الصراع العربي الإسرائيلي  تتجه إلى مزيد من خنق المشروع التطبيعي لان إسرائيل تتجه صوب المزيد من الهزائم وهي داخليا في اضعف حالاتها لذلك سنرى تغييرا في ميزان الردع يتجه لصالح الأمة الفلسطينية المقاومة التي يقف ورائها شعوبا داعمة ودولا تجاوزت مرحلة الخنوع والخوف من الهيمنة الغربية وأصبحت من الدول المؤثرة والقوية في المنطقة وتمتلك مشروعا تحرريا متكامل  …

بقي لدينا بعض الملاحظات حول واحديه القيادة المركزية للفصائل الفلسطينية وإن كانت تدار حاليا بغرف عمليات موحدة إلا أننا نرى أن في واحديه القيادة المركزية من شأنها أن تسارع في عملية التحرير الكامل لكل شبر من دولة فلسطين وهذا ما نتمناه في قادم الأيام بإذن الله تعالى  ..

والله من وراء القصد

أقرأ أيضا للكاتب:التغيير الجذري..مفاهيم ودلالات ستتحقق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى