أخبار عربي ودوليكتابات فكرية

العراق يحرج العالم العربي والإسلامي

العراق يحرج العالم العربي والإسلامي

 د. محمد المعموري

إن طرد السفيرة السويدية من العراق  بعد حرق القران الكريم للمرة الثانية خلال اقل من شهرين  أمام سفارتنا  في العاصمة  السويدية لم يكن تجاوزا على النظام العالمي أو انتهاكا للبروتكولات الدبلوماسية،ولا هو بجديد على غيرة ونخوة العراقيين في التصدي لمن يريد أن يزج نفسه في الانتقاص من ثوابت أمته او الإساءة لرمز الدين الإسلامي،  ويشهد التاريخ أن العراقيين  لم يكونوا في يوم من الأيام يتعاملون مع قضاياهم  العقائدية والعربية بمعيارين وإنما كان أبناء  العراق دوما برجاله يعتبرون الاعتداء على المقدسات الإسلامية أو الكرامة العربية خطا أحمر فإذا تجاوز أي من كان لا يرى ولا يسمع إلا ما يكافئ عمله، ولسنا هنا نسعى لتشجيع  للفوضى أو انتهاك حرمات السفارات او البعثات الدبلوماسية عن طريق تأجيج الأمور أو كسر قوانين الأرض ولكننا نسعى لتحقيق عدالة السماء ونصرة قراننا ودستورنا الذي انزل على نبينا الأمين، والجميع يعلم أن العراق يحترم البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية العالمية إلا أننا أيضا نطالب باحترام عقائدنا،وكما “تدين تدان” ولا يوجد بلدا  في العالم من شرقها وغربها منذ إقرار النظام العالمي الجديد (على الأقل) تحمل ما تحملته الأقطار العربية من ظلم وتهميش لقضاياها في كافة الأصعدة وفي جميع المحافل الدولية سواء كانت حكومية او سياسية وحتى من قبل  المنظمات العالمية فإنها  كثير من الأحيان دارت ظهرها للقضايا العربية ذات المضمون الذي ينادي بحريتها أو انتهاء مظلوميتها سواء كان  في  مجلس الأمن او الجمعية العامة للأمم المتحدة وحتى من قبل البلاد الاستعمارية الغربية وأمريكا على حد سواء وجميعنا يعلم كمْ دمر الاستعمار الغربي الوطن العربي وجزأه إلى دويلات ومن خلال هذا تم نهب ثرواته والاعتداء على ابنائه بل وقتلهم دون رادع وإلا بماذا نفسر احتلالهم لبلادنا العربية وتوطين الصهاينة في ارض فلسطين وهم رفعوا شعار “محررين لا فاتحين” بعد سقوط الدولة العثمانية فكانت سياستهم “فرق تسد” لبسط نفوذهم  استعماري… وقد نجحوا.

ولم يكتفوا بما قدموه لنا من احتلال للوطن العربي وتقسيم بلدانه في مطلع القرن العشرين  بل عادوا بثوب جديد وبأعذار واهية فكانت هذه المرة “محاربة الإرهاب” ولم يكن الإرهاب ينزل إلا في وطن العرب فتداعت بسبب هذا العذر دول مثل العراق وليبيا وها هي سوريا لا زالت تترنح بين الشرق والغرب وحرب اليمن والحرب الأهلية في السودان، وماذا يقول الغرب عن حصار العراق الذي قتل مليون طفل في التسعينيات من القرن الماضي  فهل كان حصارا على نظام العراقي السابق ام انه كان حصار مباشرا على أبناء العراق فاخذ منهم ما أخذ وخلف ورائه أعباء نفسية واقتصادية لازال الشعب العراقي يعاني من أثارها لحد الآن، وكل هذا وذاك فإننا سنصبح إرهابيين عندما نريد أن نعيش في بلادنا بسلام فقط “نعيش بسلام” نحاصر او نقتل او نهجر او تقطع بنا الأسباب وتنتهي عند مطالبنا  سبل السلام.

نعم لقد أخجل العراق التخاذل العربي ووضع الجميع أمام الأمر الواقع، أما بالدفاع عن العقائد التي “ندعي” أننا أمناء عليها أو أننا نركن مراكبنا ونرضى بالأمر الواقع ونبقى نلتزم بما يمليه الغرب وأمريكا على سياساتنا وأوطاننا وأجيالنا، لقد أرادوا  لنا الذل؛ فلا نرضى بذل يطوقنا، ومن المؤسف إننا نرى ردة الفعل العربية اتجاه السويد بالاكتفاء فقط  بالتنديد واستدعاء السفير السويدي ولست ادري هل هو نكران لغيرتنا اتجاه معتقداتنا أم انه… وأين موقف  بلاد الحرمين…؟!.

 وهل يتوازى موقف العرب الآن  مع الموقف العربي في عام 1973 عندما نشبت الحرب بين العرب والكيان الصهيوني وسعي  الولايات المتحدة وحلفائها لمساعدة هذا الكيان ؛ لوجستيا وعسكريا  واقتصاديا وإعلاميا،  بل و بكافة الوسائل التي أتيحت لهم، في الوقت الذي توجهت قلوب كل العرب نحو القدس فكان كل عربي  متضامنا مع الجبهة العربية ضد الكيان الصهيوني وردا على تعاون أمريكا وحلفائها للكيان الصهيوني قرر العرب في “الأوبك ” تقليل إنتاج النفط ، وراحوا  إلى منع تصديره إلى أمريكا والدول التي ساندت الكيان الصهيوني في تلك الفترة ، ونجح العرب في تضامنهم واستخدامهم النفط  “كسلاح” في المعركة، ومما نقل  أن “كسينجر” وزير الخارجية الأمريكي ذهب إلى السعودية للتفاوض مع الملك فيصل ملك المملكة السعودية  حول عدول السعودية (ومن حالفها في هذا الأمر) عن قرار استخدام النفط كسلاح للمعركة وبعد أن يأس كسينجر من إقناع الملك فيصل لتدفق النفط إلى الدول التي تساند الكيان الصهيوني تكلم “كسنجر” مع الملك فيصل كلام دبلوماسي ممازح الملك فيصل لعله يرضيه فقال للملك أنا طائرتي في المطار تحتاج لوقود فأجابه الملك فيصل وأنا أحتاج ان اصلي في القدس ركعتين…!. وفي هذه الحكاية عبره فهل أدركتها الألباب؟!.والله المستعان.

د. محمد المعموري

كاتب وباحث عراقي

أقرأ أيضا:العراق يقطع علاقاته الدبلوماسية مع السويد رداً على الإساءة للمصاحف

رأي اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى