اخبار محلية

اتفاق السعودية وإيران وانعكاسه على السلام في اليمن والمنطقة

اتفاق السعودية وإيران وانعكاسه على السلام في اليمن والمنطقة

السبت11مارس2023 بعد نجاح بكين في وساطتها لاستئناف العلاقات الإيرانية- السعودية، يرى محللون أنّ هذه الخطوة تعزز شعوراً بتنامي القوة والنفوذ الصينيين، ما يغذي الحديث عن تضاؤل النفوذ العالمي للولايات المتحدة.

وينطوي الاتفاق المفاجئ بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما على الكثير مما يثير انزعاج المسؤولين في واشنطن، وأبرز ما في ذلك دور الصين المتنامي كوسيطٍ للسلام في منطقة لطالما تمتعت فيها الولايات المتحدة بالنفوذ.

وفي أول رد فعل من صنعاء للإنفاق التاريخي بين إيران والسعودية قال رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام ،في تغريدة له على تويتر بأن “المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية وعلى رأسها الصهيوأمريكية التي عملت على الاستثمار في الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات للعدوان على اليمن”.

مع وصول تفاهمات الهدنة لطريق مسدود الوفد الوطني يصد بيان للشعب اليمني
محمد عبدالسلام

وأُعلنت الصفقة بعد محادثات استمرت لشهور في بغداد وأيضا في مسقط ، وأيضا محادثات لأربعة أيام في بكين، ولم يُكشف عنها في حينها بين البلدين. وبشأن ذلك، قال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض، أمس الجمعة، إنّ السعودية أبقت المسؤولين الأميركيين على اطلاع على المحادثات مع إيران، رغم عدم ضلوع واشنطن فيها بشكل مباشر.

وأراد كيربي فيما يبدو التقليل من دور الصين في الملف، إذ قال إنّ البيت الأبيض يعتقد أنّ “الضغط الداخلي والخارجي، بما في ذلك الردع السعودي الفعّال ضد الهجمات من إيران أو وكلائها، هو الذي جلب طهران في النهاية إلى طاولة المفاوضات”.

لكن جيفري فيلتمان، المسؤول الكبير السابق في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، اعترف بأنّ دور الصين في الاتفاقية هو الجانب الأكثر أهمية في المشهد.

وأضاف فيلتمان، الباحث في معهد “بروكنغز”، أنّه “سيتم تفسير ذلك، وربما هذا هو الصحيح، على أنّه صفعة لإدارة بايدن وكدليل على أنّ الصين هي القوة الصاعدة”.

الوساطة الصينية تؤشر بشكل واضح على الدور المتنامي لبكين في ترسيخ نفسها كقوة دبلوماسية رائدة في الشرق الأوسط، ولا سيما أنّ الاتفاق يُعدّ نجاحاً مهماً للدبلوماسية الصينية ومؤشراً لأداء دور أكبر في المنطقة مستقبلاً.

نموذج الصين الدبلوماسي يفوز

وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أنّ نموذج الصين للدبلوماسية الجديدة حقق فوزاً بالصفقة الإيرانية السعودية، معتبرةً أنّ مبادرة بكين تمثّل نموذجاً جديداً لإدارة العلاقات الدولية.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ زيادة نفوذ الصين في الشرق الأوسط دليلٌ ملموس على أنّ بكين مستعدة للاستفادة من نفوذها في النزاعات الخارجية، مشيرةً إلى أنّ الصين اقتربت من الشرق الأوسط الغني بالنفط حيث ظهرت في المرتبة الأولى في العالم كمستورد للطاقة، لكن دورها الآن أكبر بكثير.

وعلى الرغم من الدور التاريخي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإنّ الصين باتت تمتلك قوة اقتصادية ودبلوماسية متزايدة هناك، بحسب الصحيفة.

كذلك، أشارت الصحيفة إلى أنّ الاتفاق بين إيران والسعودية شكّل دفعاً إضافياً للمبادرات الدبلوماسية الصينية التي تقول إنها بمنزلة نموذج جديد لإدارة العلاقات الدولية.

الصفقة تبشر بشرق أوسط ما بعد أميركا

بدوره، أكد موقع “فوكس” أنّ النفوذ الأميركي يتأكل منذ عقود من التجاوز المدمر لسنوات ما بعد 11 أيلول/سبتمبر إلى دبلوماسية السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب.

الرئيس الصيني مع محمد بن سلمان

ونقل الموقع عن تشاس فريمان، الدبلوماسي المتقاعد الذي يتمتع بخبرة واسعة في الشرق الأوسط والصين، قوله إنّه “إذا خلقتَ فراغاً دبلوماسياً، فسيقوم شخص ما بملئه، وهذا ما حدث بشكل أساسي للسياسة الأميركية في الخليج”، مؤكداً أنّ هذا “تطورٌ كبيرٌ حقاً”.

وأشار إلى أنّ أداء الصين دوراً يُظهر إلى أين تتغير القوة العالمية، وهو تغيير ذو مغزى في كيفية إدارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لسياسة الشرق الأوسط.

ولفت فريمان، الذي شغل منصب سفير لدى المملكة العربية السعودية من 1989 إلى 1992، إلى أنّ المملكة العربية السعودية والدول الخليجية كانت بالفعل “تصوغ سياسة خارجية مستقلة عن الولايات المتحدة، رداً على ما عدّوه تنازلاً عن المسؤولية العسكرية الأميركية عن الخليج وعدم الكفاءة الدبلوماسية”.

 “أميركا على الهامش”

وفي السياق نفسه، ذكرت مجلة “نيوزويك” الأميركية أنّ الإعلان عن اتفاق لإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية تحت رعاية الصين، أعطى الصين المزيد من النفوذ في الشرق الأوسط، وبات الآن يمثل علامة فارقة لجهود بكين لترسيخ نفسها كقوة دبلوماسية رائدة.

أما صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فرأت أنّ الاتفاق الذي تم التفاوض عليه في بكين أظهر إعادة ترتيب مؤقتة على الأقل للتحالفات والخصومات المعتادة، مع ترك واشنطن على الهامش.

واعتبرت الصحيفة أنّ الاتفاق بين البلدين “يعدُّ من بين أكبر التطورات وأكثرها تقلباً التي كان يمكن لأي شخص أن يتخيلها، وهو تحوّلٌ أذهل العواصم في العالم”، مشيرةً إلى أنّ التحالفات والتنافسات التي حكمت الدبلوماسية لأجيال انقلبت في الوقت الحالي على الأقل.

وبحسب الصحيفة، فإنّ الأميركيين، الذين كانوا الفاعلين المركزيين في الشرق الأوسط على مدى القرن الماضي، يجدون أنفسهم الآن “على الهامش” في لحظة تغيير كبير.

في المقابل، حوّل الصينيون أنفسهم فجأةً إلى لاعب قوة جديد، في حين يتساءل الإسرائيليون الآن عن موقعهم، بعدما كانوا يغازلون السعوديين ضد طهران، وفق “نيويورك تايمز”.

إلى ذلك رأى الخبير المصري، الصحافي محمد مخلوف، نائب رئيس تحرير بدار أخبار اليوم، أن عودة العلاقات السعودية – الإيرانية انتصار للسلام.   

وقال الخبير المصري إن اتفاق السعودية وإيران مهم للغاية، لإعادة بناء التوازنات والتحالفات في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كما إن الإنفاق يحفظ سيادة الدول وعدم التدخل بشئونها الداخلية، إضافة إلى أنه سيمكن البلدين والشعبين الشقيقين من تمتين وزيادة علاقات التضامن والتعاون في إطار الالتزام بالمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة، ويعمل على حل الخلافات عبر الحوار مما سيسهم في تعزيز السلم والأمن في المنطقة وفي العالم، فالرياض وطهران أكبر قوتين في منطقة الخليج العربي.

هذا وقد أعلنت إيران والسعودية والصين أمس الجمعة، في بيان مشترك، الاتفاق على استئناف العلاقات الثنائية بين البلدين بمبادرة صينية.

وجاء في نص الإعلان أنه “استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبناء على الاتفاق بين الرئيس شي جين بينغ وكل من قيادتي السعودية وإيران، بأن تقوم الصين باستضافة ورعاية المباحثات بين السعودية، وإيران، ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاما منهما بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية، فقد جرت في الفترة من 6 – 10 مارس 2023 في بكين، مباحثات بين وفدي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية برئاسة مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني في المملكة العربية السعودية، ومعالي الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 -2022، كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها.

وتعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعا لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 22/1/1422هـ، الموافق 17/4/2001م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 2/2/1419هـ الموافق 27/5/1998م.

وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى