اخبار محليةالكل

للتنصل من أي تبعات دولية .. الرياض تدعي عبثا أن حرب اليمن داخلية

انكسارات متتالية تلاحق القائمين على حرب اليمن حتى بات يمكن القول بأن المشروع الذي قادته السعودية بإشراف أمريكا في اليمن بدأ يتفتت ويقترب من حالة إعلان العجز عن تحقيق أي هدف سوى تدمير اليمن وقتل آلاف المواطنين وتهجيرهم من منازلهم فضلا عن إصابة ما يقارب المليون يمني بالكوليرا.

ورغم كل الإخفاقات المتتالية لا تزال السعودية ماضية في مشروعها العدواني على جارتها اليمن، في محاولة منها لإقناع العالم بأن ما تقوم به لصالح اليمنيين. وهذا ما أكّد عليه بالأمس وزراء خارجيّة ورؤساء أركان دول تحالف العدوان. ولكن عندما فشلت محاولات الرياض بدأت تدّعي بأن الحرب اليمنية هي “حرب داخلية”، وجاء هذا الكلام على لسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حيث قال لوكالة رويترز للأنباء: أن “موقع اليمن مهم إذ أنه “مطل على باب المندب ومن ثم إذا حدث شيء هناك فسيعني توقف عشرة في المائة من التجارة العالمية، والحرب ستستمر لمنع جماعة انصار الله من التحول إلى حزب الله آخر على حدود المملكة، وسنستمر إلى أن نتأكد أنه لن يتكرر هناك حزب الله لأن اليمن أشد خطورة من لبنان”.

وبالتالي فإن هذا الكلام يوضح لنا بأن التدخل السعودي لم يأت من فراغ، واستمراره أيضا لم يأت من فراغ، خاصة بعد فشل المشروع السعودي في سوريا والعراق، فضلا عن الأهداف الاقتصادية التي تسعى لها الرياض في اليمن نظرا لموقعه الجيوسياسي المهم.

ولأن الشعب اليمني لم يرض بأن يكون تحت العباءة السعودية، ذاق ما ذاقه من القصف والقتل والتهجير والتجويع، ومع ذلك فاجأ السعودية وتحالفها المزعوم بصموده وتلاحمه وخروجه في مرحلة أقوى وأكثر ثباتا، حتى أن السياسة السعودية لم تستطع ولا بأي شكل من تخويف المدنيين خلال الألف يوم الذي مر على بدء العدوان.

واليوم وبعد أن بدأت تتلمس السعودية فشل عدوانها وعدم تحقيقها أي هدف يذكر من هذا العدوان، تحاول الالتفاف على نفسها والادعاء أمام العالم وشعبها بأن حرب اليمن هي حرب داخلية، واللافت أنه في بداية العدوان لم يكن هذا الأمر يُطرح من قبل السعوديّة، إلا أنّه بعد مرور أكثر من سنتين ونصف بات تترد هذه المقولة بشكل دوري لمجموعة من الاعتبارات:

أولاً: التنصّل من أيّ تبعات دولية قد تطاله بسبب الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني، خاصة أن تقارير المنظمات الدولية بدأت تتزايد يوما بعد يوم حول العدوان السعودي على اليمن، حيث أدرجت الأمم المتحدة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في قائمة سوداء بسبب مقتل وإصابة 683 طفلا في اليمن وشن هجمات على عشرات المدارس والمستشفيات خلال عام 2016، وتحدثت منظمة العفو الدولية مرارا عن الجرائم التي ترتكبها السعودية في اليمن وغيرها من التقارير التي نشرتها كبرى صحف العالم حول المجازر التي ترتكبها السعودية في اليمن، مثل نيويورك تايمز وغيرها.

ثانياً: التنصل من الفشل المرتقب للعدوان حيث يُرمى هذا الفشل على الجانب الداخلي اليمن، هادي وميليشياته، كون السعودية طرف مساعد في هذه الحرب الداخلية. من يلوم السعودية هنا، يرى أن حلفائها غير مؤهلين للمواجهة لأسباب تقنية أو الاقتتال فيما بينهم، وفي أسوء الأحوال بالنسبة للسعوديّة تكون قد فشلت في هزيمة أعداء حلفائها، وفق هذه الرؤى البعيدة عن الواقع.

ثالثاً: هذا الإدعاء يسمح للسعوديّة بإطالة أمد العدوان، وهنا نذّكر بكلام بن سلمان الذي صرح بأن الحرب طويلة ولن تتوقّف حتى تحقيق أهدافها.

وحول الادعاءات السعودية بان الحرب اليمنية هي حرب بين الشعب اليمني، علق الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بالقول : لا توجد حرب بين اليمنيين على الإطلاق، ومن يقود الحرب، عبارة عن مجموعة مستأجرة ليس لهم ثقل، واتهم صالح المملكة بسعيها لتقسيم اليمن في حرب الانفصال 1994، قائلا: “أذكر أنني قلت في العام 1994، بأن حرب 94، قادتها السعودية بعناصر مأجورة لأجل انفصال اليمن وتجزئته”.

 

في مقابل ذلك لابد من الإشارة إلى أن الجيش اليمني بدأ يتخذ استراتيجية جديدة قد يدخل بموجبها إلى عمق الأراضي السعودية، وفي هذا الإطار أعلن مدير التوجيه في الجيش اليمني العميد يحيى المهدي “أننا مقبلون على مرحلة جديدة في مواجهة العدوان السعودي الأميركي على اليمن”، وأشار إلى أن “الجيش اليمني بإمكانه أن يدخل إلى العمق السعودي إذا اضطر لذلك”.

وبالتالي فإن دخول هذه المرحلة سيمنع على السعوديّة حتى التذرع بالذريعة السابقة، إلا أنها قد تقدّم حينها نفسها على أنها تتعرض للعدوان، بدل أن تكون هي المعتدية ..مثل “اسرائيل”، وهنا يجب أن ننوه بأن أنصار الله ومنذ بداية العدوان السعودي على بلادهم، وجهوا ضربات موجعة للسعودية من خلال استهداف مناطق عسكرية حساسة بعيدة عن المدنيين.

في الخلاصة: ما يقوم به الشعب اليمني اليوم هو أكبر مواجهة شعبية في تاريخ المنطقة، أناس أشبه بالعزل يواجهون عدوان تشنه أكثر من عشر دول عليهم لأسباب غير واضحة وغير مقنعة، وبالتالي سيكون لهذا العدوان ارتدادات عكسية على داخل السعودية خصوصا، وخطاب بن سلمان الأخير يوصل إشارات عن بدء هذه الارتدادات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى