الكلكتابات فكرية

ثورة 21 سبتمبر.. مقدمات ومشروعية واستمرار

محمد علي المطاع

 

من البدهي أن الثورات الناجحة هي التي تقوم على قاعدة شعبية، أي أن الثورة لا تسمى ثورة إلا إذا جاءت ملبية لحاجة ومتطلبات شعبية ووطنية، وقد يتصدر أي ثورة أو يكون على رأسها بعض النخب أو المكونات أو الأشخاص أو حتى شخص واحد، ولكن النجاح لا يتأتى لهذه الثورة ما لم يكن لها قاعدة شعبية، وتم التخطيط والإعداد لها لتلبي مطلب/مطالب شعبية، ما يجعل الجموع الشعبية تلتف حولها وتناصرها وتكسبها الشرعية ويتحقق على ضوء ذلك انتصارها.

وفي هذا السياق تأتي ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م، فما هي أسباب ومسببات قيامها؟ ومن أين أكتسبت أهمية قيامها؟ وما هي مشروعية قيامها؟ وما هي أسباب استمرارها؟!

للإجابة على هذه التساؤلات لابد من العودة عقود من الزمن لقراءة ثورة 26 سبتمبر 1962م، ومن بعدها الثورة التصحيحية 13 يونيو 1974م وما بعدها، وكذا المرور على منجز تحقيق الوحدة في الـ22 من مايو 1990م وتداعياتها، وما ترافق معها جميعاً إضافة إلى مآلاتها.

أما ثورة الـ14 من اكتوبر 1963م فلن نتطرق إليها كونها كانت ثورة ناجحة وحققت أهم أهدافها ممثلة بنيل الحرية والاستقلال الناجز وطرد المستعمر البريطاني دون رجعة.

ولابد هنا من الإقرار بصعوبة الإلمام بكل أحداث الثورات الثلاث المذكورة أعلاه، ولكن سيتم استعراض اليسير من الأحداث والشواهد ذات الدلالات التي تعكس ما تخلل تلك الثورات الثلاث وما آلت إليه وما نتج عن ذلك.

في 26 سبتمبر 1962م قاد بعض ضباط الجيش مع بعض النخب من المدنيين ثورة ضد حكم الإمام البدر الذي لم يمر على تسلمه للحكم بعد وفاة والده الإمام أحمد سوى سبعة أيام فقط.. ورغم إقرار الكثير ممن شاركوا في هذه الثورة انها تمت بعجالة ولم يكن قد استكمل التخطيط واستقطاب المناصرين لها من المشايخ وأبناء القبائل التي انقسمت بين مؤيد للثورة ومناهض لها، إلا أن القائمين عليها ثبتوا وصمموا على الدفاع عنها، وهو ما أوجب على القائمين بالثورة من العسكريين التوجه للجبهات لقيادة معارك الدفاع عن الثورة في الوقت الذي فرض عليهم ان يتركوا الجانب الإداري ممثلاً في إقامة الدولة للمدنيين وهو الأمر الذي دفع الكثير من غير الثوريين وانصاف الأميين إلى انتهاز فرصة غياب العسكريين عن إدارة الدولة ليسيطروا على مفاصل الدولة بما في ذلك العسكرية، هذا جانب.. والجانب الآخر هو بروز باحثين عن تحقيق المصالح الخاصة وآخرين من أصحاب الأهداف المشبوهة ذات الارتباطات الخارجية. وليس بخافٍ على أحد ما سببه هؤلاء من عبث وانحراف لمسار الثورة خاصة تلك الفئة التي كان لها حسابات خاصة مع الإمام وصدر على افراد من أسرها أحكام بالإعدام أثناء فترة حكمه، وهؤلاء لهذا السبب يتعاملون مع الثورة كملك خاص لهم حق امتلاكه ووراثته كونهم قد فقدوا آبائهم واخوانهم الذين أعدموا اثناء الحكم الملكي قبل الثورة.

كما انه لم يغب عن المشهد الثوري – المنفلت عقاله – تدخلات الآخرين التي من أهمها تدخل مباشر من الحكومة  المصرية بقيادة جمال عبدالناصر بإرسال قوات عسكرية باسم حماية الثورة اليمنية الوليدة ليقابله أيضاً تدخل ملكي سعودي عنوانه ايقاف المد الثوري في شبه الجزيرة العربية مسنوداً من بريطانيا وأمريكا، ولكن من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري.

ليس من شك أن التدخل المصري قد فرض على المكونات اليمنية ذات التوجه القومي اتخاذ المواقف والسياسات التي تلبي احتياجات هذا التدخل على حساب بناء الدولة المؤسسية التي يسودها النظام والقانون.

وفي الجانب الآخر فرض التدخل السعودي على الجانب القبلي – والمشايخ بالذات – اتخاذ المواقف والسياسات التي تلبي احتياجات هذا التدخل على غرار ما فعله القوميين بمختلف توجهاتهم مع فارق أن القوميين – ومنهم مشايخ – كانوا في الصف الجمهوري، بينما القبائل وعلى رأسها المشايخ الذين كانوا يلعبون على الحبلين – إن جاز التعبير – الملكي والجمهوري إلى حد أن بعضهم لم يتردد في التصريح والمجاهرة أنه في الليل ملكياً وفي النهار جمهورياً، والبعض الآخر عبر عن ذلك بالقول إن نصفه ملكياً ونصفه الآخر جمهورياً..

والخلاصة أن الجميع اتجهوا لتنفيذ ما تمليه عليهم التدخلات وتركوا بناء الدولة ومؤسساتها بل وعملوا جميعاً على تعطيل العمل بالقوانين والالتزام بالنظام وتهميشهما.. والأهم من كل ذلك أن الجميع لم يلتفتوا إلى الأهداف التي قامت من أجل تحقيقها الثورة إلى الحد الذي أجزم فيه بالقول إنه لم يتحقق أي من الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر 1962م بما فيها إقامة النظام الجمهوري.. ويجوز القول إن ما تحقق هو إخراج أسرة آل حميد الدين من حكم اليمن كأئمة.. وإدخال خليط من الحكام الجدد سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، قوميين أو غير قوميين ومشايخ وقبائل سواء كانوا متعلمين أو أميين أو أنصاف أميين، كان همهم ومهمتهم تنفيذ ما يملى عليهم من المتدخلين أولاً، ومحاولة كل منهم اثبات وجوده والعمل على تحقيق مصالحه وارتباطاته الشخصية بعيداً عن خدمة الثورة وتحقيق أهدافها وبناء دولة المؤسسات.

وبرحيل الجيش المصري عام 1967م وتحقيق المصالحة بين الملكيين والجمهوريين وانضواء الجميع تحت لواء الجمهورية وإن بتعبير مجازي، ليأتي بعدها تشكيل المجلس الجمهوري برئاسة القاضي عبدالرحمن الارياني التي اشتهرت فترة حكمه بالضعف، بحيث كان يأتي مكون من المكونات ليفرض على الرئيس إصدار قرار ما، أو قانون ما، صباحاً، ليأتي المكون الآخر ليضغط على الرئيس بإلغاء ما أقره أو أصدره مساءً.. وهي الفترة التي لم تسلم من التدخلات الخارجية التي لم يتغير منها سوى خروج الجيش المصري من كل الأراضي اليمنية، وبقيت التدخلات كما هي مع إضافة متدخلين جدد في شؤون البلاد، ولم يلتفت أحد لبناء دولة المؤسسات وفرض النظام والقانون، مما ساعد على تفشي الفساد والإفساد وسعي كل طرف لتحقيق مصالحه الشخصية وتنفيذ ما يملى عليه من الخارج،  إضافة إلى استمرار التعامل مع الوطن كملكية خاصة وإرث مستحق من قبل مشايخ باسم ما قدمته أسرهم من تضحيات.. وليظل الشعب والوطن يعاني ويلات الفقر والجوع والمرض..

في الـ13 من يونيو عام 1974م قاد إبراهيم الحمدي انقلاباً ثورياً تصحيحياً أبيضاً أطاح بالمجلس الجمهوري برئاسة القاضي الارياني ليحل محله مجلس قيادة جديدة، وامتازت هذه الثورة التصحيحية ببناء المؤسسات وإنشاء التعاونيات الأهلية المدعومة حكومياً وتشجيعها، إضافة إلى إقرار أول خطة تنموية في البلاد بطريقة علمية ومدروسة ومخططة.. نقلت الثورة التصحيحة والبلاد بقيادة الرئيس الحمدي وبمشاركة اللجنة العليا للتصحيح لتحقيق نجاحات عظيمة في مجال البناء المؤسسي للدولة وفرض سيادة النظام والقانون، وتساوى فيها جميع المواطنين أمامها، وتحققت قفزات مشهودة ونوعية في مجال التنمية الزراعية والصناعية والتعليمية والصحية والاجتماعية وتوفير المياه النظيفة وشق الطرقات وبناء المدارس والمستشفيات والمستوصفات، وكذا في المجال الاقتصادي، حيث بلغ مستوى دخل الفرد في الجمهورية العربية اليمنية حينها أعلى مستوى دخل على مستوى المنطقة.. كما عملت الثورة التصحيحية على منع الفساد ومحاربته وعلى الحد من نفوذ المشايخ واوقفت إلى حد كبير التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية وعلى وجه الخصوص التدخل والنفوذ السعودي في البلاد.

وشهدت اليمن خلال ثلاث سنوات تحقيق طفرة كبيرة على جميع المستويات، وقطع شطري اليمن شوطاً كبيراً في محادثات واتفاقات إنجاز الوحدة اليمنية وتشكلت وزارة في النظامين تعنى بشؤون الوحدة اليمنية، ووصل التنسيق والتفاهم بين الشطرين الشمالي والجنوبي سابقاً، إلى مراحل متقدمة جداً، ما دفع من لا يريدون لهذا الوطن وشعبه الخير، سواءً كانوا من الداخل أو من الخارج، ومن لا يريدون وحدة الوطن، ومن رأوا في تقارب الشطرين خطراً على مستقبلهم ومصالحهم وتدخلاتهم ليبدأوا بحياكة مؤامراتهم وليتوجوها بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي في الـ11 من أكتوبر عام 1977م.

في الـ17 من يوليو 1978م تمكن علي عبدالله صالح من انتزاع موافقة مجلس الشعب التأسيسي (البرلمان حينها) على توليه الرئاسة، وليس عبر صندوق الانتخاب وإنما عبر صندوق الدبابة وفوهة مدفعها، وجاء ذلك عقب اغتيال الرئيس الحمدي بعد فترة حكم فيها الرئيس أحمد الغشمي لثمانية أشهر، ومن بعده تسلم الرئاسة القاضي عبدالكريم العرشي كرئيس لمجلس الشعب التأسيسي وكقائم بأعمال رئيس الجمهورية.

اتسمت فترة حكم علي عبدالله صالح التي أمتدت لـ33 سنة بشراء الولاءات والذمم وعودة نفوذ المشايخ وإشاعة الفساد والإفساد وتشجيعه وعاد التدخل والنفوذ السعودي في البلاد إلى مستوى لم يصل إليه من قبل، وصولاً إلى حد التفريط بالسيادة الوطنية، التي تعرض على إثرها المواطن اليمني للإهانات في كل دولة كان يصل اليها دون ان تحرك السلطة ورئيسها وسفراءه أي ساكن.

سعت سلطة علي عبدالله صالح إلى تخريب وإهمال كل منجزات الثورة التصحيحية بقيادة الرئيس الحمدي واهملت التعاونيات الأهلية حتى اندثرت ولم يعد لها حتى الاسم وغيرت اسماء كثير من منجزات الثورة التصحيحية ليتم تجييرها فيما بعد على انها منجزات سلطة صالح..

اتسمت فترة حكم علي عبدالله صالح بالقمع على جميع المستويات ووصل الأمر إلى حد إخراج الأفراد والأسر إلى ساحات قراهم في المناطق الوسطى واحراقهم أحياء.

ورغم ان فترة حكم علي عبدالله صالح شهدت استكشاف النفط والغاز واستخراجهما إلا أنهما لم يعودا على المواطن اليمني بأي نتيجة واستحوذ الرئيس والنافذين في سلطته على عوائد النفط والغاز إلى الحد الذي لم يعلن حجم المستخرج منهما.. كما اتسمت فترة علي عبدالله صالح بتنفير الاستثمارات الأجنبية من خلال فرض الشراكة على المستثمرين مع النافذين مقابل الحماية.

في الـ22 من مايو عام 1990م أعلنت الوحدة اليمنية والتحم شطري اليمن سابقاً تحت لواء (الجمهورية اليمنية) وأقيمت الوحدة بناء على اتفاق أن يتم العمل والأخذ بأفضل ما جاء في تجربتي الشطرين من نظم وقوانين، ومع الأيام بدأ نظام علي عبدالله صالح أو الكيان الذي يتزعمه ممثلاً في المؤتمر الشعبي العام وبمشاركة من حزب التجمع اليمني للإصلاح (اخوان اليمن) بالتسويف والمماطلة في الالتزام بما تم الاتفاق على تنفيذه في اتفاقات إقامة دولة الوحدة، وبدأت الاغتيالات لأعضاء الحزب الاشتراكي شريك إقامة الوحدة من الجنوبيين وطفت إلى السطح المماحكات السياسية بين نظام علي عبدالله صالح ومعه تجمع الاصلاح اللذين سعيا إلى فرض الأمر الواقع خلافاً لما تم الاتفاق عليه، وصولاً إلى شن حرب صيف 1994م التي تم فيها اجتياح المحافظات الجنوبية من قبل الجيش والقبائل من أبناء بعض المحافظات الشمالية وهي الحرب التي انبرى لها أيضاً حزب التجمع اليمني للاصلاح (اخوان اليمن) بالحشد والمشاركة واصدار الفتاوى من مشائخه، والتي كفروا فيها أبناء الجنوب واستباحوا دماءهم وأعراضهم، لتنتهي الحرب بسيطرة سلطة علي عبدالله صالح بمشاركة من تجمع الاصلاح والقبائل الموالية لهما على الجنوب ويبدأ بذلك إقصاء الجنوبيين شركاء إقامة الوحدة من وظائفهم أولاً، ثم تبدأ سيطرة صالح والاصلاحيين والنافذين على مقدرات وخيرات الوطن وتقاسمها فيما بينهم ولم يقتصر الإقصاء على الجنوبيين فقط، بل طال الكثير من أبناء الشمال الذين فضلوا البقاء بعيداً عن النظام وسياسته.. وصولاً إلى فترة مورس فيها الفساد في فترة حكم علي عبدالله صالح بعد حرب صيف عام 1994م إلى حد مجاهرة أحد المسؤولين بالقول: “إذا لم نثرَ في عهد علي عبدالله صالح، فمتى سنثرى”؟!!!

ثم اتجه علي عبدالله صالح وسلطته ونظامه إلى انتهاج شراء الذمم أكثر من ذي قبل والهدف هذه المرة يتعارض مع الدستور والنظام الجمهوري، والمتمثل في السعي إلى توريث الحكم لنجله أحمد.. ومضت الآلة الإعلامية للسلطة وأيضاً من خلال شراء الذمم للترويج لذلك دون كلل أو ملل.

كما اتسمت فترة حكم علي عبدالله صالح بإطلاق يد حزب التجمع اليمني للإصلاح (الاخوان) للاستيلاء على المساجد بالقوة وفرض قائمين عليها ممن يكفرون الآخرين واستخدمت المفخخات والانتحاريين التكفيريين لمواجهة الآخر وإرهابه وتهديده سعياً لفرض مذهب معين وإلغاء المذاهب الأخرى..

نشبت في عهد علي عبدالله صالح العديد من الحروب القبلية التي كانت تغذي طرفيها سلطته والنافذين فيها إلى حد أنه لم تستثن أي قبيلة من هذه الحروب..

وأقدمت سلطة علي عبدالله صالح والنافذين فيها على شن ستة حروب على صعدة الغرض منها القضاء على المذهب الزيدي، وآخر هذه الحروب – الحرب السادسة – شاركت وتدخلت فيها مملكة بني سعود مباشرة.

في الـ11 من فبراير 2011م خرج شباب اليمن معلنين ثورة لإسقاط نظام صالح ما لبث حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي عارض الثورة في البداية إلى الانخراط فيها ومحاولة الاستحواذ عليها، وقد كان له تحقيق شيء من هذا الاستحواذ من خلال الجناح العسكري للحزب الذي أعلن انضمامه إلى ثورة الشباب الشعبية السلمية، وهذا الجناح العسكري لحزب تجمع الاصلاح كان يعد أساساً اليد الطولى لنظام علي عبدالله صالح التي يضرب بها كل خصومه كما حدث في حروب صعدة الست التي شنت بين عام 2004 وعام 2009م، كما كانت القوة الضاربة المطعمة بالغلاة من التكفيريين بيد علي عبدالله صالح التي استخدمها في اجتياح الجنوب في حرب صيف 1994م والتي كانت تسمى الفرقة الأولى مدرع بقيادة الجنرال علي محسن صالح الأحمر الذي كان يطلق عليه المعارضون للحكم وإعلامهم بـ”الأخ غير الشقيق لعلي عبدالله صالح”.

ثورة فبراير 2011 الشبابية الشعبية السلمية التي خرج فيها الشباب بتلقائية وطواعية ودون توجيهات حزبية أوغيرها، سعت الأحزاب المعارضة “اللقاء المشترك” للسيطرة عليها وتجييرها لصالحها وعلى رأسها حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان في البداية معارضاً لها واضطره عنفوان شباب الثورة واستبسالهم إلى الانخراط فيها، وتحقق لهذه الاحزاب الاستحواذ على هذه الثورة وتجييرها حزبياً والتحدث بعدها باسم الثوار.

عنفوان الثورة الشبابية الشعبية رغم سلميتها فرض على دول الجوار الخليجي التدخل في محاولة لاجهاضها لسببين، الأول خوفاً من امتدادها ووصولها إليهم.. وثانياً استمراراً لممارسة النفوذ والتدخل في البلاد وشؤونها.

نتج عن هذا التدخل الخليجي ما اصطلح على تسميته بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وشكلت على ضوءها حكومة الوفاق برئاسة محمد سالم باسندوة، على ان يأتي بعد تشكيل الحكومة تسليم السلطة من علي عبدالله صالح إلى نائبه عبدربه منصور هادي الذي أقيمت من أجل ذلك انتخابات كان هادي مرشحها الوحيد.. ليتم بعد ذلك عقد جلسات الحوار تحت إشراف الرئيس الجديد.

سعت حكومة الوفاق برئاسة باسندوة إلى إقرار جرعة سعرية جديدة ورفع أسعار المشتقات النفطية، في وقت كان المواطنين يعانون من شظف العيش وصعوبة الحياة المعيشية وخصوصاً في الجانب الاقتصادي.. وكان جزءاً من الثوار وعلى رأسهم مكون أنصار الله يرون ان الحل هو في الحد من بذخ صرفيات الحكومة ومنع الفساد.. وتم اعلان الاعتصام في شارع المطار لإسقاط الجرعة وسيروا المسيرات المطالبة باسقاط الجرعة من ضمنها مسيرة اتجهت إلى مجلس الوزراء جوبهت بالعنف من قبل المنتمين للفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن صالح الأحمر قائد الجناح العسكري لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الاخوان) تلى ذلك جريمة أخرى بحق المعتصمين أمام وزارة الداخلية من قبل الفرقة نفسها.. وهي الجريمة التي جاءت بعد خطاب للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله وقائد الثورة حذر فيه من مغبة أي مساس بالمتظاهرين المعتصمين في شارع المطار وهو التحذير الذي لم يعره علي محسن صالح الأحمر قائد الفرقة أي اهتمام وكانت جريمة استهداف المتظاهرين أمام وزارة الداخلية هي الشرارة التي دفعت إلى قيام ثورة 21 سبتمبر 2014م ودخول أنصار الله إلى صنعاء وعلى إثر ذلك استقالت حكومة الوفاق برئاسة باسندوة.

بعد دخول أنصار الله إلى صنعاء وقيام ثورة 21 سبتمبر التي أفضت إلى توقيع اتفاق السلم والشراكة بين المكونات السياسية والرئيس هادي من جانب، وأنصار الله وحلفائهم من الثوار من جانب آخر شكلت حكومة الكفاءات برئاسة خالد بحاح ولم يشارك فيها أنصار الله..

التزمت ووافقت جميع المكونات اليمنية على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وما نصت عليه من حوار، وتحاور الفرقاء السياسيين اليمنيين من جميع المكونات وأبرمت الاتفاقات الناتجة عن الحوار ليفاجأ الجميع بفرض مخرجات وقرارات تخالف ما تم الاتفاق عليه خلال الحوار ومن ذلك عدد الأقاليم ودستور الدولة.

رضخ الرئيس عبدربه منصور هادي لإملاءات الخارج وعلى وجه خاص الإملاءات الأمريكية والسعودية وسعى إلى الخروج عن ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار من خلال إقرار عدد الأقاليم ودستور الدولة دون الرجوع إلى المكونات السياسية وخلافاً لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار.. رغم المعارضة من احزاب اللقاء المشترك والمكونات الأخرى المشاركة في مؤتمر الحوار إلا أن هادي أصر على ذلك وصولاً إلى استقالة حكومة الكفاءات برئاسة بحاح ثم استقالة هادي وبقائه في منزله حتى يوم هروبه وإعلان شن الحرب العدوانية على بلادنا الذي تم من العاصمة الامريكية واشنطن بقيادة السعودية ومشاركة عدة دول على رأسها أمريكا وبريطانيا واسرائيل..

مما سبق يمكننا استنتاج أسباب ومسببات وارهاصات قيام ثورة 21 سبتمبر 2014م وأهمية قيامها، ويتضح لنا أيضاً مشروعية قيامها التي جاءت لتلبية حاجة شعبية وطنية ملحة وقامت مؤيدة ومحتضنة من قبل الشعب..

كما يبين لنا الصمود والثبات في مقاومة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي البريطاني الفرنسي الاسرائيلي وجوب استمرار ثورة 21 سبتمبر 2014م كوسيلة لتحقيق طموحات الشعب الهادفة إلى الاستقلال من التبعية والوصاية الخارجية سعياً إلى تحقيق السيادة الوطنية الكاملة بعيداً عن التدخلات والاملاءات التي تمارس على بلادنا.

 م.م

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى