اخبار محليةالكل

(تقرير) شهداء جولة المصباحي.. عندما يصطدم أداء الواجب بأصحاب النفوذ والقوة

حادث إطلاق النار الذي وقع يوم أمس السبت 27 أغسطس في جولة المصباحي في أمانة العاصمة صنعاء بما مثله من إقلاق للسكينة ولأمن المواطنين إلا أنه كشف عن شيء من السلوكيات التي قد يؤدي استمرارها وعدم كبحها إلى ما هو أضرى مما حدث بكثير.

حادث إطلاق النار أفضى حسب المصادر الرسمية إلى استشهاد ثلاثة من أفراد النقطة الأمنية وعشرة جرحى حسب آخر ما تم اعلانه إضافة شخص من الطرف الآخر.

خطورة الحادث سيكون لها تداعيات قد تخرج عن السيطرة، خصوصاً إذا ما كان أحد أطرافها رجال أمن، ومن منتسبي وزارة الداخلية، كانوا يرابطون في نقطة أمنية حسب ما ورد في بيان نعي الوزارة.. وتزداد خطورة التداعيات إذا ما عرفنا أن الطرف الآخر صلاح علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام علي صالح..

تأتي التخوفات من تداعيات الحادث وما قد تفضي إليه كونها وقعت بين جنود يؤدون واجبهم الأمني في نقطة أمنية، وبين الطرف الآخر ممثلاً في نجل الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي علي صالح، بما يمثله من نفوذ وسطوة وبحكم ما يحتكم إليه من قوة يستند إليها، مهما كان مستواها.

لتأتي نتيجة ذلك عدة تساؤلات، منها: هل الجنود الذين تم نعيهم من وزارة الداخلية وكانوا يؤدون واجبهم الأمني في حماية الأمن والسكينة، قاموا بما يمليه عليهم واجبهم تجاه الطرف الآخر؟ أم أنهم أساؤوا استخدام ما أوكل إليهم من مهمة؟

وبالمقابل هل صلاح علي عبدالله صالح بما يمثله من نفوذ وسطوة وما يستند إليه من قوة قد تعامل مع أفراد النقطة الأمنية بما يجب أن يتم التعامل به كونها نقطة تؤدي واجبها وعلى الآخرين، أياً كانوا، أن ينصاعوا لما يسهل أداء عمل أفراد النقطة؟! أم أنه واجه قيام أفراد النقطة الأمنية التي تقوم بأداء الواجب بشيء من الكبر والعنجهية والهنجمة بحكم ما يمتلكه من نفوذ وسطوة وقوة ساندة؟؟!!

وهنا يجب أن نشير إلى أن ما ورد من تساؤلات لم تأت من فراغ، فهي ناتج استقراء تصرفات وسلوكيات انتجها أكثر من ثلث قرن من حكم تسلطي سلطوي لا ينتمي إلى النظام والقانون ولا يحتكم لا لدستور ولا لقانون ولا لعقل ولا لمنطق عنوانه الأبرز “أنا الدولة.. والدولة أنا”!!.

وما دفعنا للإشارة السابقة هو ما ورد في بيان نعي وزارة الداخلية الذي نشرته “وكالة مرصد للأنباء” وجاء فيه: “تنعي وزارة الداخلية ثلاثة من شهدائها الذين سقطوا يوم أمس وهم يؤدون واجبهم في تأمين أرواح وممتلكات الناس:

1- الجندي/ مصطفى محمد المرتضى

2- الجندي/ إبراهيم علي عبدالملك أبوطالب

3- الجندي/ يوسف أحمد محمد البدوي

وأكد بيان نعي وزارة الداخلية لجنودها “أقدمت عناصر مسلحة خارجة عن القانون بالاعتداء المسلح على أفراد النقطة الأمنية في جولة المصباحي أثناء أدائهم الواجب في تأمين وحراسة المواطنين بإطلاق النار ما أسفر عن استشهاد الجنود الأبطال المذكورين وجرح خمسة جنود آخرين”.

بيان وزارة الداخلية لم يكتف بذلك، بل وأكد:ملاحقتها (أي الوزارة) للجناة حتى يتم تقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم الرادع، وكذا المضي في التصدي لكل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن وتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي”.

وهو الأمر الذي استشعره على ما يبدو مجلس النواب.. ففي خبر نشره “سبأ نت”:أدان مجلس النواب بشدة في جلسته اليوم برئاسة الأخ يحيى علي الراعي رئيس المجلس ما حدث يوم أمس من إختلالات أمنية في بعض مناطق أمانة العاصمة أدت إلى إقلاق الأمن والسكينة العامة وترويع الآمنين.

وحمل المجلس المسؤولية الكاملة الأطراف التي كانت وراء هذه الأحداث والتي ستبينها نتائج التحقيقات التي ينبغي أن تقوم بها الجهات المعنية في السلطة التنفيذية.

وشدد أعضاء مجلس النواب على ضرورة أن تضطلع الجهات الأمنية في النقاط الأمنية داخل أمانة العاصمة بدورها المسئول وتتصرف وفقاً للنظام والقانون وبما يؤدي إلى حفظ الأمن والإستقرار وسلامة المواطنين.

وأهاب المجلس بالجهات المسئولة في السلطة التنفيذية تحمل المسؤولية القانونية بإتجاه الحرص على تعزيز الجبهة الداخلية ووحدة الصف والموقف والإرادة الوطنية لإسقاط رهانات الأعداء ومحاولات تربص الدوائر المعادية شق الصف الوطني وتفويت الفرصة عليها.

وشدد النواب على إحترام تنفيذ وتطبيق الدستور والقوانين النافذة وكذا الاتفاقات المبرمة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وشركائهم والتحقيق الأمثل لكافة الاتفاقات.

وجاءت على لسان رئيسه يحيى الراعي الدعوة للمؤتمر الشعبي العام وأنصار الله  إلى عدم الإنجرار إلى ما لا يحمد عقباه.

وأضاف رئيس مجلس النواب: هناك من راهن على تفجير الوضع في صنعاء قبيل احتفاء المؤتمر بذكرى تأسيسه في ميدان السبعين بصنعاء مضيفاً أن الرهان خسر وعلى الشريكين عدم “إعطاء تصريح للموالين للرياض بدخول صنعاء بسبب خلافاتنا فهناك من يريد الجميع”.

 وحث الراعي المجلس السياسي ورئيس الحكومة ووزيري الداخلية والدفاع للتحقيق في ما حصل أمس من اشتباكات مسلحة في حدة بصنعاء.

أما نائب رئيس البرلمان عبدالسلام زابية فقال: إن الطرفين وقعا اتفاقات بينهما لم تمر على مجلس النواب.

وأضاف “ما يهمنا الآن معرفة من يماطل أو يعرقل تنفيذ الاتفاقات، والطرف المماطل يجب أن يفضح أمام الشعب”.

وأكد زابية “يجب تطبيق الاتفاقات ومن يخالف فهو عدونا جميعاً”.

أشاد المجلس السياسي الأعلى واللجنة العسكرية والأمنية العليا في إجتماع اليوم الأحد برئاسة الأخ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى وبحضور نائبه الدكتور قاسم لبوزة بالجهات الأمنية وأداءها المتميز وكذا بالمواقف الحكيمة والمسئولة لقيادات المكونات السياسية المواجهة للعدوان والتي أفشلت مؤامرات العدوان ومرتزقته وفوتت عليهم الفرصة للنيل من صمود الشعب ووحدة صفه وجبهته الداخلية.

وأكد الإجتماع ان تلك المواقف ساهمت وبشكل مباشر في إحتواء العديد من الإشكالات على المستوى الوطني والتي كان آخرها الأحداث التي شهدتها العاصمة صنعاء أمس السبت.

ولم يفت على المجلس السياسي الأعلى، على ما يبدو حساسية الإشكال الذي حدث يوم أمس، فسارع إلى وصفه بالحادثة العرضية – حسب ما أورده “سبأ نت”- قائلاً: إنه تم إحتواء تداعيات ما حصل من إشكال والذي هو عبارة عن حادثة عرضية تم معالجتها وأنه تم وضع الحلول المناسبة والمرضية للجميع والتي من شأنها إزالة أي إحتقان أو توتر.

اجتماع المجلس السياسي الأعلى وجه بتنسيق جهود الأجهزة الأمنية بما يكفل توحيد الجبهة الداخلية وتعزيزها وتطبيع الأوضاع الأمنية وإعادتها إلى الوضع الطبيعي.. موجهاً بمنع أي إنتشار مستحدث ومنع أي مظاهر قد تكون سبباً في أي إحتكاكات أو خلافات.

وأكد أن المجلس السياسي الأعلى وبالتعاون مع الجهات المعنية لن يسمح لأي كان بإقلاق السكينة العامة للمواطنين.

وأشار إلى أن صنعاء التي يضرب بها المثل في استقرار الوضع الأمني مقارنة بالمناطق التي تقع تحت الإحتلال ستظل آمنة ومستقرة بفضل الجهود الأمنية الجبارة التي تبذل من بداية العدوان رغم أنها أصبحت هدفا للعدوان ومرتزقته بعد أن فشل على المستوى العسكري والسياسي.

وكان الإجتماع قد استمع للتقرير الأولي المقدم من اللجنة المشكلة من وزارة الداخلية للتحقيق في ملابسات ما شهدته العاصمة صنعاء من أحداث.

ووجه المجلس السياسي الأعلى بهذا الخصوص اللجنة العسكرية والأمنية العليا بإستكمال التحقيقات ورفع تقرير متكامل لإتخاذ الإجراءات الصارمة إزاء ما حدث بما يمنع تكراره مرة أخرى.

وعبر المجلس السياسي الأعلى عن أسفه لوقوع ضحايا جراء هذه الأحداث كونهم خسارة على الشعب اليمني المواجه للعدوان.. وكلف لجنة للتواصل بذويهم وأهاليهم ورفع تعازي المجلس السياسي الاعلى لهم.. متمنياً الشفاء العاجل للجرحى.

وأكد الإجتماع على الجميع الإلتزام بالقانون وضبط النفس وتحمل المسئولية في تجنيب الوطن الإنزلاق في أي صراعات من شأنها تشجيع العدوان للنيل من صمود الشعب اليمني وثبات وبسالة رجال الجيش واللجان الشعبية الذين ألحقوا بالعدو الخزي والعار في مختلف الجبهات، والضرب بيد من حديد ضد كل من يحاول زعزعة الأمن والإستقرار.

ورغم وضوح موقف مجلس النواب.. إلا أن خبراً نشره “سبأ نت” عن اجتماع المجلس السياسي الأعلى حمل ما يعد لازمة سياسية ربما، إضافة إلى تناقضات في موقفه، وذلك من خلال تسميته لما حدث في جولة المصباحي يوم أمس السبت بـ”حادثة عرضية”..

ولم ينس خبر المجلس السياسي الأعلى أن يضيف لازمة سياسية أخرى عندما قال: “إنه تم إحتواء تداعيات ما حصل من إشكال والذي هو عبارة عن حادثة عرضية تم معالجتها وأنه تم وضع الحلول المناسبة والمرضية للجميع والتي من شأنها إزالة أي إحتقان أو توتر”.

اجتماع المجلس السياسي الأعلى وجه بتنسيق جهود الأجهزة الأمنية بما يكفل توحيد الجبهة الداخلية وتعزيزها وتطبيع الأوضاع الأمنية وإعادتها إلى الوضع الطبيعي..

ما ورد في خبر المجلس السياسي الأعلى يدفعنا إلى إثارة عدة تساؤلات:

لماذا اعتبر المجلس السياسي الأعلى قتل جنود من منتسبي وزارة الداخلية كانوا يقومون بأداء واجبهم في حماية الأمن والسكينة حادثاً عرضياً؟!

وماذا يعني المجلس السياسي الأعلى بقوله: إنه تم احتواء تداعيات ما حصل من إشكال؟!

ثم ما هي الحلول المناسبة والمرضية للجميع التي تم وضعها والتي من شأنها ازالة أي احتقان؟!

وهل شملت الحلول (المناسبة والمرضية) أسر الشهداء؟! أم أنها اقتصرت على ترضية المكونات فقط؟!

ألم يكن الأجدى أن يضع المجلس السياسي الأعلى في اعتباره قيمة للجنود الذين سقطوا أثناء أداء واجبهم؟! أم ان حياتهم لا تساوي شيئاً في نظر المجلس؟!

والأهم من هذا وذاك: هل أخذ المجلس السياسي الأعلى في حسابه موقف ضباط وصف وافراد منتسبي الداخلية الذين فقدوا زملاء لهم كانوا يؤدوا واجبهم الأمني؟! ألن ينعكس ذلك على مستوى أداءهم لعملهم الأمني وهم يرون أن لا قيمة لحياتهم ولا أحد يقتص لهم ممن قد يتجاوز القانون والنظام؟!

هل يكفي أسف المجلس لوقوع ضحايا بعيداً عن معرفة أقارب الشهداء ما هي أسباب اغتيال أبنائهم الذين كانوا يؤدون واجبهم الأمني لحماية الأمن والسكينة؟!

ما هو المقصود بالمطالبة بالالتزام بالقانون وضبط النفس؟ ومن هم الذين لم يضبطوا أنفسهم ويلتزمون بالقانون؟!

وهنا يجب أن نشير إلى ان ما استقصيناه من بعض أسر الشهداء يفيد أنهم يرفضون دفن جثامين ابنائهم ما لم يتم التحقيق المحايد في الحادثة واطلاع الرأي العام بنتائجه..

ويأتي موقفهم هذا بعد صدور بيان من المؤتمر الشعبي العام نشره “سام برس”  نعى فيه خالد أحمد الرضي نائب رئيس دائرة العلاقة الخارجية بالمؤتمر الذي قال إنه “استشهد في جريمة نكراء تندي لها الجبين حيث تم الغدر به ونهبه في جولة المصباحي اثناء عودته من مقر عمله والذهاب الى بيته من قبل جماعة لا يعرفون الأخلاق والعهود والمواثيق”. 

بيان المؤتمر اعترف أن من اتهمهم بالغدر والنهب رجال أمن وذلك في قوله: نأسف أن من قاموا بتنفيذ الجريمة البشعة رجال تابعين لجهة أمنية يفترض عليهم أن يكونوا درع حصين لأمن المواطن فما بالكم والشهيد رجل دولة وزميلهم في الأمن أيضاً.

التحقيق في حيثيات الجريمة لم يكن مطلب بعض أهالي الجنود الذين استشهدوا فبيان المؤتمر طالب: “المجلس السياسي الأعلى بفتح تحقيق عاجل لكشف حيثيات الجريمة وتسليم القتلة ومن يقف خلفهم للقضاء وللرأي العام لأن السكوت على هذه الحادثة قد يفتح الباب لجرائم كثيرة من هذا النوع اذا تم التهاون مع القتلة وقد يفتح باب الفتنة لا سمح الله والتي من الصعب إيقافها”.

بيان المؤتمر لم يشر إلى أن الرضي كان مرافقاً لنجل الرئيس السابق علي صالح رئيس المؤتمر، بل قال إنه كان عائداً من عمله.

فقد نقل موقع “المساء برس” أنه قتل من مسلحي نجل صالح “العقيد خالد الرضي” الذي كان مرافقاً لصلاح، بالإضافة إلى سقوط جرحى من الطرفين نقلوا إلى المستشفى المجاور لنقطة التفتيش.

وقال الموقع إن مصدر من وزارة الداخلية في حديث خاص قال إن “حادثة الاشتباك التي وقعت ونظراً لحساسية الموقف كون أحد المتورطين فيها نجل رئيس المؤتمر الشعبي العام فقد جرى الاتفاق على لجنة للتحقيق مكونة من رئيس الاستخبارات عبدالله يحيى الحاكم، ونائب رئيس الوزراء بحكومة الإنقاذ لشؤون الأمن اللواء جلال الرويشان ووزير الداخلية اللواء محمد القوسي”.

وأضاف المصدر إن المسلحين الذين تجاوزوا نقطة التفتيش الأمنية واجهوا تجاوباً طبيعياً من أفراد النقطة الذين ردوا بإطلاق النار على سيارتهم وهو تصرف أمني بديهي كون الأوضاع الأمنية متوترة في العاصمة وليس من المستبعد أن تكون بعض الخلايا قد تمكنت من الدخول إلى العاصمة صنعاء أثناء توافد حشود المؤتمر الشعبي العام للاحتفال بذكرى تأسيس الحزب الذي أقيم في ميدان السبعين الخميس الماضي”، مضيفاً أن نجل صالح ومرافقيه تجاوزوا نقطة أمنية وهذا مخالف للقانون، واصفاً إياهم بـ”من لا يزالون يرون أنفسهم فوق السلطة والقانون”.

م.م

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى