اخبار محليةالكل

تقرير : خفايا العملية الأمريكية بـ”قيفة” وعلاقة الأطراف اليمنية والخارجية بها

 

 

 نفذت قوات خاصة أمريكية أول عملية برية في اليمن في عهد الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في انتهاك جديد للسيادة اليمنية وإعلان انخراط مباشر في الميدان، وهو ما يطرح تساؤلاتٍ حول سياسةِ ترامب حول الوضعِ في اليمن وما إذا كانت ستستمر في النهج القديم الذي اتبعته إدارة باراك أوباما.. وما هي المصالح التي ستسعى الإدارة الأمريكية للحفاظ عليها.

وكانت قوات من الكوماندوس الأميركيين، نفذت الأحد الماضي، إنزالاً في منطقة يكلأ في مديرية ولد ربيع (إحدى مديريات قيفة الثلاث) في محافظة البيضاء، أسفرت عن مقتل 41 شخصاً على الأقل، من بينهم القادة في تنظيم «القاعدة»: عبد الرؤوف الذهب، عبد الإله وسلطان الذهب، وست نساء يمنيات، و13 من جنسيات أجنبية ومدنيون آخرون. في المقابل، اعترفت وزارة الدفاع الأميركية بمقتل أحد جنودها وإصابة ثلاثة آخرين، وأيضاً بتدمير مروحية تابعة للجيش الأمريكي «أجبرت على الهبوط اضطرارياً في موقع ثانٍ في المنطقة نفسها، فعمدت القوة المنفذة للعملية إلى تدمير المروحية عمداً بعدما أخفقت في الإقلاع». ووفقاً للبنتاغون، أسفرت العملية عن «قتل 41 مقاتلاً من تنظيم القاعدة في اليمن، وحصل الجيش الأمريكي على معلومات مهمة تتعلق بالتخطيط لهجمات إرهابية مستقبلية». العملية، التي قال الأمريكيون إنها كانت «ناجحة»، شارك فيها وفق مصادر محلية ثلاث طائرات عسكرية وعدد من المروحيات (لم يحدد عددها)، علماً بأن المنطقة توصف بأنها كانت معقلاً سابقاً لعناصر تنظيم «القاعدة». ونقلت المصادر المحلية أنه قتل في العملية طفلة صغيرة تدعى أنوار أنور العولقي، وهي البنت الأخيرة للقيادي في «القاعدة» أنور العولقي (صاحب الجنسية الأمريكية) الذي قتل في غارة شنتها طائرة أمريكية من دون طيار في 30 سبتمبر 2011 بعد قصف سيارته في محافظة شبوة.

 

تفاصيل العملية

وفي تفاصيل العملية، روت مصادر محلية بمنطقة قيفة بمحافظة البيضاء تفاصيل ساعتين من عملية الإنزال التي شارك فيها العشرات من جنود المارينز الأمريكيين فجر الأحد، وقالت المصادر إن الهجوم بدأ عند الساعة الـ 2:45  فجر الأحد، عقب تنفيذ طائرات بدون طيار لغارات جوية استهدفت عددا من المنازل بقرية يكلا الجبلية قبل أن تغادر الطائرات بدون طيار لتحل محلها طائرات مروحية تقل عددا من الجنود.

وكانت الطائرات المروحية قدمت من حاملة للطائرات رست بالقرب من سواحل محافظة أبين جنوب اليمن حيث قال سكان محليون بمنقطة يافع ومناطق أخرى بـ”أبين” إن المروحيات مرت بالمناطق الجبلية في طريقها صوب منطقة رداع.

وقال السكان في القرية المجاورة إن انفجارات عنيفة هزت القرية خلال الهجوم الصاروخي قبل أن يباشر جنود ترجلوا من المروحيات التي حطت بالقرب من القرية بالهجوم على المساكن التي تصاعدت منها أعمدة الدخان .

وأكد السكان أن اشتباكات عنيفة دارت بين عدد من مقاتلي تنظيم القاعدة والقوة المهاجمة استمرت لأكثر من 50 دقيقة.

وقال شاهد عيان من أهالي المنطقة إن آثار دماء عثر عليها بموقع هبوط الطائرات الأمريكية الأمر الذي يرجح سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجنود الأمريكان خلال العملية .

ولم تصل طواقم الإسعاف المحلية إلى قرية يكلا إلا عند الساعة الـ 6 والنصف صباحا حيث تخوف الأهالي من تجدد أعمال القصف.

 

السعودية تسلح القاعدة

وقال مصدر محلي إن عمليات تفتيش تعرضت لها المنازل.. موضحا أن الأمريكان نقلوا بعض الحاجيات من داخل هذه المنازل. وأكد المصدر أن القوات الأمريكية المهاجمة «عثرت على أسلحة وذخائر وعربات عسكرية تحمل شعار المملكة العربية السعودية»، مشيرا إلى أن الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي كان قد قدم في وقت سابق عتاداً عسكرياً كبيراً لـ«القاعدة» في البيضاء بهدف فتح جبهة جديدة لمحاربة قوات «حركة أنصار الله» والمتحالفين معها. أيضاً، كان هادي قد عيّن نائف القيسي محافظاً للبيضاء، وحسن أبكر محافظاً للجوف، وعبد الوهاب الحميقاني مستشاراً له، وعبد الله الزايدي قائداً لجبهة الغيل في الجوف، وكل هؤلاء أدرجتهم الولايات المتحدة في قائمة الإرهاب.

ووفق المصدر المحلي نفسه، تعمّد الطيران الأمريكي التحليق على علو منخفض، وأطلقت النار على منزل القيادي الذهب ومسجده وغرفة أخرى قرب المسجد، فيما حاول التصدي لإنزال بعض المسلحين الذين قتل عدد منهم، كما أن «الجنود الأمريكيين صعدوا فوراً على متن المروحيات، وشوهد بعضهم يحملون أربع جثث».

تأتي هذه العملية في وقت متزامن مع تكثيف الطيران الأمريكي دون طيار غاراته التي تستهدف اغتيال عدد من قادة «القاعدة»، فيما يكون الإعلان متأخراً ليومين أو أسبوع بعد كل عملية، وتمثّل هذه العملية استمرارية لسياسة الرئيس السابق، باراك أوباما. كما تتزامن مع عودة الدور الأمريكي المباشر في اليمن عبر التنسيق القوي مع الإماراتيين وإنشاء مراكز إدارة مشتركة، بجانب الدور الأساسي في التوجيه للطيران وللبحرية السعودية.

في الوقت نفسه، تتحدث مصادر أخرى عن أن آل الذهب الذين تم استهدافهم في عملية الإنزال، كانوا متحالفين بصورة وثيقة مع هادي، لكنهم هاجموا قوات «الحزام الأمني» وانقلبوا على تحالفهم. ويتشابك مع ذلك الحديث الجنوبي عن «تنسيق واضح بين الأمريكيين وقوات التحالف في جنوب اليمن حيث رست سفن حربية أمريكية بالقرب من سواحل محافظة أبين ونقلت مروحيات المارينز مارة عبر مناطق أبين ويافع والبيضاء باتجاه يكلأ».

وقالت هذه المصادر إن تلك المناطق تخضع لسيطرة الإماراتيين والتنسيق ضروري لمنع وقوع أي خطأ، مشيرة إلى أن الإمارات عملت خلال الشهور الماضية على استقطاب شخصيات قبلية من البيضاء عبر وسطاء من أبين ومأرب «عملوا بدورهم على جمع المعلومات وتأمين العملية».

 

صراع الإمارات والإخوان

وقبل أيام من العملية، كانت وسائل الإعلام الإماراتية هاجمت حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) واتهمته بدعم التنظيمات الإرهابية،  في حين نشر موقع “24” الإماراتي وثائق تكشف عن منح رتب عسكرية لعناصر مليشاوية تابعة لحزب الإصلاح، تقاتل في صف حكومة هادي في محافظة البيضاء، بما يخالف قانون الترقيات في القوات المسلحة و الأمن.

وحسب الوثائق التي نشرها الموقع الإماراتي، يتضح من الأسماء التي وردت في الكشوفات أن من تم منحهم الرتب العسكرية عناصر مسلحة تابعة لتجمع الإصلاح و حزب الرشاد السلفي المقرب منه.

وتم ضم جميع تلك العناصر إلى الجيش والأمن التابع لحكومة هادي في محافظة البيضاء، ووزعوا على اللواء 117 و محور البيضاء العسكري و شرطة الدوريات و الأمن العام.

ويتولى الإصلاح قيادة القوات الموالية للتحالف في محافظة البيضاء، ويدير المحافظة القيادي الإخواني نائف القيسي، الذي عينه هادي محافظا للبيضاء، وصنفته وزارة الخزانة الأمريكية ضمن لائحتها السوداء كواحد من داعمي القاعدة في اليمن.

وورد اسم “القيسي” ضمن من تم منحهم رتب عسكرية، حيث منح رتبة لواء وضم إلى اللواء 117، التابع لقوات هادي.وحسب الموقع الإماراتي، فإن بعض ممن تم منحهم رتب عسكرية هم عناصر في تنظيم القاعدة الإرهابي.

وربط مراقبون ومحللون سياسيون بين الهجوم الذي نفذته القوات الأمريكية بمحافظة البيضاء، وبين التسريبات والهجوم الإعلامي الذي تشنه وسائل الإعلام أن الإماراتية، والذي اعتبروا أنه يأتي في إطار الصراع بين الإمارات والإخوان.

وأشار المراقبون إلى أن التسريبات التي تعمدت الإمارات نشرها ضد حزب الإصلاح في اليمن، قبل عملية الهجوم الذي نفذته القوات الأمريكية في محافظة البيضاء، هدفت من خلاله الضغط على “الإصلاح” في شيء ما ترغب الإمارات تمريره في اليمن في حين يقف الإصلاح.

 

تحالف الإرهاب

وفي السياق، أقر مسئول في حكومة هادي أن “القادة الذين قتلوا في العملية الأمريكية بـ”قيفة” رداع، بمحافظة البيضاء، قادة عسكريون في صفوف ما سماه “المقاومة”.

وأوضح اللواء محسن خصروف، المعين من هادي مديرا لدائرة التوجيه المعنوي، في تصريحات علنية بثتها قناة “الحدث” السعودية أن “الشيخ الذهب لم يكن يعرف عنه بأنه إرهابي أو ينتمي إلى تنظيم متطرف سواء القاعدة أو غيرها”.. مبدياً استغرابه من عملية الاغتيال التي قالت الإدارة الأمريكية بأنها جاءت لتصفية أحد زعماء القاعدة في جزيرة العرب، فيما قالت مصادر أخرى في حكومة الفار هادي إن عبد الرؤوف الذهب كان يحمل رتبة لواء منحها له الفار هادي ضمن الرتب العسكرية التي منحها للمئات من قادة تنظيم القاعدة الإرهابي خلال الشهور الماضية.

وأضاف خصروف:”الذهب كان أحد قيادات المقاومة الشعبية بمحافظة البيضاء، وكان يرتب مع الشرعية في الآونة الأخيرة لاستعادة مدينة رداع من قبضة الحوثيين”.. نافيا علم حكومة هادي بعملية الإنزال التي قال الجيش الأمريكي أنه نفذها بالتنسيق مع قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي.

ويعد عبد الرؤوف الذهب الذي قتل بالعملية من أبرز وجهاء القبائل في محافظة البيضاء ومن الموالين لتنظيم القاعدة، وسبق أن نجا أكثر من مرة من ضربات طائرات أمريكية بدون طيار، استهدفته بين عامي 2012 و2013. وهو شقيق أمير تنظيم القاعدة، في رداع، سابقاً، القيادي طارق الذهب، والذي قتل بصراع عائلي عام 2012.

وتعد رداع، وأبرز مناطقها قيفة، من أهم المعاقل التقليدية لتنظيم القاعدة في اليمن.

تصريحات اللواء محسن خصروف، المقرب من الجنرال علي محسن الأحمر، جاءت معززة للصلة الوثيقة التي ارتبط فيها “الذهب” والجماعات الإرهابية بقيادات وحكومة هادي في مأرب. وفي السياق، قالت مصادر محلية بمنطقة رداع بمحافظة البيضاء إن شحنة أسلحة سلمها القيادي في القوات الموالية للتحالف محمد علي المقدشي، للقيادي في تنظيم القاعدة عبدالروؤف الذهب قبل أيام من مقتله بهجوم أمريكي.
وبحسب تقارير إعلامية نشرتها وسائل إعلام موالية لتحالف العدوان على اليمن، عقب مقتل الذهب، فقد أكدت هذه التقارير أن “الذهب” عاد للتو من محافظة مأرب، حيث التقى بـ”الجنرال محسن” وقيادات عسكرية أخرى موالية للسعودية.. مشيرة إلى أن الذهب تسلم شحنة أسلحة وأموال من قيادة الجيش الموالي للتحالف، والذي يغلب عليه الولاء لحزب الإصلاح في اليمن.

واعتبر مراقبون أن الهجوم الذي نفذته القوات الأمريكية فجر الأحد بمحافظة البيضاء، يمثل أكبر صدمة تلقتها القاعدة، وحزب الإصلاح (الإخوان المسلمون في اليمن). وأشار المراقبون إلى أن التحرك الأمريكي عسكريا سيلحق بتحرك سياسي في إشارة إلى ما كان تقدّم به السيناتور الجمهوري في الكونغرس الأمريكي “تيد كروز”، منتصف يناير الجاري، حول مشروع قرار يطالب بإدراج جماعة “الإخوان المسلمين” على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وكانت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي وافقت على مشروع قرار نهاية العام 2015 لإدراج جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، إلا أن المشروع لم يُطرح على الجمعية العامة.

يأتي ذلك في حين أكدت مصادر إعلامية أن القوات الأمريكية المهاجمة «عثرت على أسلحة وذخائر وعربات عسكرية تحمل شعار المملكة العربية السعودية» وهي الأسلحة التي كان سلمتها القوات الموالية للتحالف لـ”الإصلاح” و”القاعدة”، وقالت مصادر دبلوماسية لـ”الهوية” أنه بعد أن تم إبلاغ الإدارة الأمريكية بهذه المعلومات التي كشفتها عنها العملية دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاتصال بملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، وهو ما أعلن عنه البيت الأبيض الذي أكدا أن الاتصال كان متعلقا بمحاربة انتشار “الإرهاب والتطرف”.

وجاء في بيان صدر عن المكتب الإعلامي للإدارة الأمريكية أن الطرفين أشارا إلى أهمية تفعيل الجهود المشتركة في مواجهة الإرهاب، وأهمية التعاون في سبيل حل المشاكل المعيقة لإحلال الاستقرار في المنطقة، بما فيها النزاعين السوري واليمني.

فيما قال مصدر سعودي رفيع المستوى إن الاتصال بين دونالد ترامب وسلمان استمر أكثر من ساعة وتناول كثيرا من التفاصيل المهمة المتعلقة بمستقبل العلاقات بين الدولتين والوضع في المنطقة.

إلى ذلك، أشارت مصادر إعلامية أن الاتصال الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بملك السعودية، جاء عقب اتصال مماثل كان أجراه ترامب مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، مساء الأحد،- أي بعد العملية التي نفذتها القوات الأمريكية في اليمن- وحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام)، فإن “محمد بن زايد” أكد لـ”ترامب” أن الإرهاب والتطرف لا دين لهما.. مشيرة إلى أن الجانبين أكدا حرص البلدين على تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة ودعم الجهود المشتركة لمكافحة التطرف والعنف ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة الدول وشعوبها.

وأضافت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية “وام” أنالشيخ محمد بن زايد أكد لـ”ترامب” أن التطرف والإرهاب لا دين لهما ولا هوية وأن الجماعات التي ترفع شعارات وأيديولوجيات زائفة هدفها إخفاء حقيقتها الإجرامية في بث الفوضى والدمار والخراب.

 

سكوت المرتزقة وتنديد الإنقاذ

لكن، ورغم فداحة الهجوم الذي نفذته قوات خاصة أمريكية، في انتهاك جديد للسيادة اليمنية وإعلان انخراط مباشر في الميدان، إلا أنه أثار سؤال غاية في الأهمية حول هوية الجهة التي يمكن لها أن تكون قد نسقت لهذا الهجوم مع المخابرات الأمريكية. فعلى استحياء أدانت الحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، العملية الأمريكية، عبر وزير خارجيتها من خلال تغريدة صغيرة على موقع “تويتر” دون أن تصدر بيانا رسميا.

بالمقابل، أدانت حكومة “الإنقاذ الوطني” المشكلة من جماعة “أنصار الله” والمؤتمر الشعبي العام، العملية التي نفذتها قوات المارينز الأمريكية، فجر الأحد.

 وندد مصدر مسؤول في الحكومة في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، بهذا الفعل الذي يعد صورة من صور إرهاب الدولة الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

وأكد أنها بهذا العمل “قد تجاوزت مفهوم انتهاك السيادة اليمنية باستهدافها المباشر وقتلها مواطنين يمنيين على ذلك النحو غير المسبوق”.

وأوضح المصدر “إن هذا الفعل المدان من قبل كافة أبناء الشعب اليمني يأتي لحرف أنظار المجتمع الدولي والعالم عن الجرائم اليومية التي يرتكبها العدوان السعودي الإماراتي بإسناد مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية وإخفاقهم المتواصل في كسر إرادة الشعب اليمني، علاوة على سعيه لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها الحكومة الأمريكية نتيجة استمرار المجازر وجرائم الحرب اليومية المرتكبة بحق الشعب اليمني”.

وأشار في الوقت نفسه إلى “أنه محاولة مفضوحة لإضفاء المصداقية على تصريحات الإدارة الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب”.

وحمل المصدر “هادي وحكومته مسؤولية استمرار انتهاك سيادة الجمهورية اليمنية، وإعطاء الضوء الأخضر للعدوان الأجنبي وللولايات المتحدة الأمريكية في الإمعان في ارتكاب المجازر اليومية بحق أبناء الشعب اليمني”.

وجدد المصدر التأكيد على “التزام الجمهورية اليمنية بتعهداتها في مكافحة الإرهاب باعتبارها من الدول التي عانت من هذه الآفة في الماضي وفي هذه اللحظة التي تشهد استمرارا في استقدام الإرهابيين من عدد من دول المنطقة وتقديم الدعم اللازم لهم لقتل أبناء الشعب اليمني”.

 

هدية ترامب

في سياق ذي علاقة، نددت «حركة أنصار الله» بقرار دونالد ترامب منع مواطني سبع دول، بينها اليمن، من دخول الولايات المتحدة.

وفي وقت سابق، قال زعيم «حركة أنصار الله» في اليمن، عبد الملك الحوثي، إن المرحلة الراهنة لمواجهة العدوان من أخطر المراحل «التي يحاول فيها النظام السعودي تقديم هدية إلى (الرئيس الأميركي دونالد ترامب)، وألّا يقع في خانة توبيخه، في حال هزيمته في اليمن». وأكد في كلمة نقلتها قناة «المسيرة»، التي جاءت في محاضرة «التعبئة العامة»، أن النظام «السعودي الجديد الذي تسلم الحكم بعد وفاة الملك عبد الله حرص على أن يجعل من عدوانه على اليمن ساحة لإثبات جدارته للأميركيين كعميل أول وأبشع في المنطقة».

وشرح الحوثي أن «المعتدين أملوا الحسم خلال أسبوع أو شهر بالكثير (انتهاء الحرب)، ولكنهم فوجئوا وصدموا بعجزهم أمام صمود شعبنا اليمني… المرحلة الآن خطيرة، والجميع معنيون بمواجهة العدوان بفعالية أكثر من أي وقت مضى»، مشيراً إلى أن العدو يركز في معركته (الآن) على الساحل وبعض المحاور مثل نهم، قرب العاصمة صنعاء.

وأضاف: «التحرك الجاد والفعال هو الذي سيثمر انتصاراً في الأخير، (لذلك) يجب استهداف مقاتلي دول العدوان ومرتزقتهم وملاحقتهم بصلابة وبفاعلية مؤثرة جداً».

وواصل الحوثي: «حين السيطرة على اليمن ستعمل دول العدوان في كل الاتجاهات لتترجم حقدها في واقع حياة اليمنيين، وستنفذ مشروع إبادة تحت عناوين كثيرة… وسيكون الناس بلا حرية ولا استقلال ولا كرامة لا أمن»، معبّراً عن «الأسف للمشهد الذي آلت إليه الأمة، ولاسيما في الوطن العربي من تراجع للوعي على كل المستويات… حينما فقدت المشروع لم تبقَ أمة ذات مشروع تنهض به، وصارت تابعة لمشاريع الآخرين كما حال النظام السعودي».

 

السعودية وجرائم الحرب

إلى ذلك، وفي محاولة جديدة، رفع مراقبو العقوبات، التابعون للأمم المتحدة، تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي ذكروا فيه أن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية نفذ هجمات في اليمن «قد تصل إلى حد جرائم الحرب»، محذرين الدول المشاركة في هذا التحالف، ومن بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من تجاهل التزامها «احترام القانون الإنساني الدولي».

 

وقالت وكالة «رويترز» إنها اطلعت على نسخة من التقرير السنوي الذي يعدّه خبراء يراقبون العقوبات والصراع في اليمن، والذي حقق في عشر ضربات جوية نفذها التحالف في الفترة من آذار حتى تشرين الأول الماضيين، وقتل فيها 292 مدنياً على الأقل، من بينهم نحو 100 امرأة وطفل، لكنّ مصير هكذا محاولات بقي طوال السنوات الماضية مرهوناً بحسابات سياسية إقليمية ودولية تمنع صدور إدانة بحق الرياض.

الخبراء قالوا في التقرير المؤلف من 63 صفحة ورفع إلى مجلس الجمعة الماضية، إنه «لم تجد لجنة الخبراء أي دليل على أن الضربات الجوية أصابت أهدافاً عسكرية مشروعة في ثماني غارات من الغارات العشر التي شملها التحقيق».

وأضاف التقرير: «في كل التحقيقات العشرة، ترى اللجنة أن من شبه المؤكد أن التحالف لم يف بمعايير القانون الإنساني الدولي في ما يخص تناسب قوة الهجوم والاحتياطات الواجب أخذها في الحسبان… ترى اللجنة أن بعض الهجمات قد تصل إلى حد جرائم الحرب».

رداً على ذلك، قال سفير السعودية في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، إن الاتهامات الواردة في التقرير لا أساس لها، وإن التحالف «يمارس أقصى درجات ضبط النفس وقواعد اشتباك صارمة، وإن هناك شفافية في التحقيقات في أي واقعة». واستدرك المعلمي: «في بعض الحالات، تم الإقرار بارتكاب أخطاء وتقبل المسؤولية عنها، واتخاذ إجراءات تصحيحية بما شمل تعويضات للضحايا».

لكن خبراء الأمم المتحدة قالوا إن ضباطاً أميركيين يساندون أنشطة التحالف اللوجستية والمخابراتية، فيما قال قائد العمليات المشتركة للتحالف للخبراء إن ضباطاً من فرنسا وماليزيا وبريطانيا موجودون أيضاً في مقر القيادة في الرياض.

وأضاف التقرير: «اللجنة خلصت إلى أن الانتهاكات المرتبطة بتنفيذ الحملة الجوية واسعة النطاق بما يكفي لتعكس إما عملية استهداف تفتقر إلى الكفاءة أو سياسة أوسع للاستنزاف المتعمد للبنية التحتية المدنية».

أيضاً، قال الخبراء إنه رغم عدم تمكنهم من السفر إلى اليمن، فقد تمكنوا من «تحقيق أقصى معايير ممكنة للوصول إلى البراهين»، فيما رفض متحدث باسم البعثة البريطانية في الأمم المتحدة التعليق على وثيقة مسربة، لكنه قال «نأخذ تقارير الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي من أطراف الصراع بجدية شديدة».

أما مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية، فقال: «نحث كل الأطراف على اتخاذ خطوات لمنع إيذاء المدنيين»، في وقت لم ترد فيه وزارة الخارجية الفرنسية وبعثة ماليزيا لدى الأمم المتحدة على طلبات للتعليق. وتقول كوالالمبور إن قواتها المسلحة ليست مشاركة في الحملة التي تقودها السعودية في اليمن، وإنما هي جزء من مهمة للتدريب فقط.

وتتهم السعودية واليمن إيران بتزويد «حركة أنصار الله» بالأسلحة، لكن طهران تنفي ذلك، وهنا كان لافتاً أن الخبراء قالوا إن «اللجنة لم تر أي دليل كافٍ لتأكيد قيام حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأي توريد مباشر على نطاق واسع للأسلحة».

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى