اخبار محليةالكل

الدكتورة لينا الارياني 126 ألف طفل في اليمن معرضون للوفاة بسبب سوء التغذية وضعف الجهاز المناعي

قالت مديرة إدارة التغذية بوزارة الصحة العامة والسكان الدكتورة لينا الإرياني “إن حوالي 126 ألف طفل في اليمن معرضون للوفاة بسبب سوء التغذية وضعف الجهاز المناعي الذي يساعد الطفل على مقاومة الأمراض”.


وأكدت الدكتورة لينا الإرياني في حوار مع وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن حوالي مليوني طفل يعانون من شكل من أشكال سوء التغذية .. مشيرة إلى أن حجم المساعدات المقدمة عبر منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى والمانحين لا يزال غير كاف ولا يغطي كافة التدخلات الرامية لتحسين مؤشرات سوء التغذية.

فيما يلي نص الحوار :

ـ متى بدأت مؤشرات سوء التغذية في اليمن ؟

ـ مشكلة سوء التغذية في اليمن من أهم أسباب تأخير عجلة التنمية والتطور، وبقدر ما تسهم به مشكلة سوء التغذية في هذا التأخر فإنها تعتبر أيضا نتيجة حتمية له ، ويزداد أثر سوء التغذية في إحداث عواقب خطيرة مثل ارتفاع معدل وفيات الأطفال والأمهات والتأثير السلبي على النمو الجسدي والعقلي للأطفال، وبالتالي التأثير على حسن الأداء والتحصيل العلمي، مما يؤدي إلى تآكل في القوى والكفاءات البشرية و انخفاض إنتاجها ، وهذا كله يشكل عقبة رئيسية في طريق النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي.

كان هناك تحسن في الحالة التغذوية لبعض مؤشرات التغذية في فترة الثمانينات لكن في التسعينات وحتى الآن فإن الأمر أصبح عكسي تماما.

الازدياد في التقزم ونقص الوزن لم يلفت نظر المخططين طالما أن مثل هكذا سوء تغذية لا يعني تهديداً بالموت ولا يعطي وصفاً للمجاعة لكنه كان يعني إنذاراً طويل المدى (ســاء فهمــه) بأن التحسن في مؤشرات التنمية المختلفة لن تكون جيدة وأن أي طموح بتحسن كبير في وفيات الأطفال هو مجرد حلم كما أنه كان إنذاراُ مبكراً بالوصول إلى سوء التغذية الذي يفهمه الجميع ( وهو الجوع) ناهيك عن أن سوء تغذية بين “50 بالمائة” من الأطفال كان سبباً رئيسياً في عودة تفشي شلل الأطفال في عام 2004، بسبب قلة مناعة الطفل الذي يعاني من سوء التغذية.

وفي العام 2007، كان الازدياد العالمي في أسعار الغذاء كفيلاً بأن يرفع الهزال الوخيم إلى معدلات تقدر بـ” 50%” وهذه النسبة تعد كبيرة ومخيفة جداً في كل لحظة هناك أكثر من (200.000) طفل يعيشون في مجاعة وكلهم مؤهلين للوفاة جوعاً .

هذا يجعلنا للأسف أمام واقع لا مفر منه وهو حماية الأطفال من الموت جوعاً، في الوقت الذي نسينا فيه التغذية كهدف ومؤشر للتنمية وكنتيجة لها.

وشهد اليمن ما بعد 2011م توقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية، وغياب الخدمات الأساسية، وفي يوليو من العام 2015 م أعلنت الأمم المتحدة الدرجة الثالثة من حالة الطوارئ الإنسانية في اليمن ، وذلك في ختام اجتماع بين المسئول عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين ومديري الوكالات الإنسانية ” اتفقت كافة الوكالات لإعلان الدرجة الثالثة من حال الطوارئ الإنسانية لفترة من ستة أشهر” حسب ما أعلن مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق.

ما الذي دفع الأمم المتحدة إلى هذا الإعلان ؟

ـ الدافع القوي لإعلان ذلك ما تترتب عليه مشكلة سوء التغذية بكافة أشكالها من عواقب وخيمة تتمثل في أنه إذا لم يتم معالجة سوء التغذية المعروف بالهزال الشديد، خاصة بين الأطفال أقل من خمس سنوات فإن نسبة من هؤلاء الأطفال معرضون لخطر الوفاة.

ونستطيع القول اليوم أن حوالي 126 ألف طفل معرضون للوفاة بسبب سوء التغذية وضعف الجهاز المناعي للطفل الذي يساعده على مقاومة الأمراض مثل التهابات الجهاز التنفسي والإسهالات ، ناهيك عن أن حوالي مليوني طفل يعانون من شكل من أشكال سوء التغذية المتمثلة في التقزم.

تقريباً يعاني واحد من كل اثنين (47٪) من الأطفال تحت سن الخامسة في اليمن من نقص التغذية المزمن، علاوة على ذلك، فإن 23% من الأطفال اليمنيين يعانون من التقزم الشديد؛ ففي بعض المحافظات، مثل ريمة، مستويات التقزم مرتفعة إلى درجة تنذر بالخطر، إذ تبلغ مستويات التقزم في هذه المحافظة ما نسبته 62.7 % ؛ منها 36.1 % من الأطفال يعانون من التقزم الشديد.

إن التقزم يعكس عملية العجز في الوصول إلى إمكانات نمو طول القامة نتيجة لنقص التغذية على المدى الطويل أو المرض، أو مزيج من الاثنين معاً، الأمر الذي يزيد من تفاقم الحرمان.

ويكون التقزم مصحوباً بضُعف نمو الدماغ وهو ما يعني الضُعف الدائم في أداء المهام الوظيفية، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع القدرة على التعلم بشكل كبير، إن الأشخاص البالغين الذين يعانون من التقزم خلال طفولتهم يحصلون على دخل أقل في الحياة (معدل انخفاض يبلغ 22٪)، مما يزيد من تفاقم الحرمان، بالنسبة لأي بلد بشكل عام، فإن التقزم قد يؤدي إلى خسائر في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ ما بين 2 – 3 بالمائة سنوياً.

ما الآثار المترتبة على ذلك ؟

ـ إن سوء التغذية سيزيد من التعرض للعدوى والإصابة بالأمراض المعدية وعلى سبيل المثال ، يمثل سوء التغذية مصدر خطورة رئيسية في الإصابة بمرض السل وهذه المخاطر الصحية تمثل مشكلة حرجة في المجتمعات والمناطق التي تفتقر إلى سبل الوصول إلى المياه الصالحة للشرب وهذا يمثل نقص الطاقة الحيوية ضعف وظيفة كفاءة المخ وهذا ملمح آخر من ملامح دوامة سوء التغذية، حيث يعاني ضحايا سوء التغذية من ضعف القدرة على أداء المهام التي يحتاجونها للحصول على الطعام أو كسب الدخل اللازم للمعيشة والحصول على التعليم الكافي.

هل هناك مسح ميداني للمحافظات التي تعاني سوء التغذية؟

ـ وصلت مشكلة سوء التغذية في اليمن وفقا لآخر المسوحات التي تمت من قبل إدارة التغذية بوزارة الصحة بدعم من منظمة اليونيسيف خلال 2011-2016م في ست محافظات ( الحديدة- حجة- تعز- ريمة- عدن- لحج) إلى حد مستويات الأزمة حيث تجاوزت عتبة ومعايير الطوارئ الدولية، والحدود الحرجة لمنظمة الصحة العالمية بوجود 15% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم ووصلت معدلاته في بعض المحافظات مثل الحديدة إلى 32% وهو ما يتجاوز بشكل كبير معدلات الطوارئ.

كما أظهرت هذه المسوحات أيضا وجود اختلافات متباينة في معدلات سوء التغذية في هذه المحافظات إلا أن معظم مؤشرات سوء التغذية توضح أنه يأخذ نمط أو اتجاه متزايد كما أن مستوياته قد وصل إلى الحد الشديد والحرج الذي يفوق عتبة الطوارئ .

– برأيك ما العوامل التي أدت إلى تفاقم هذه المشكلة ؟

ـ مشكلة سوء التغذية تتفاقم حدتها في ظل ظروف وعوامل أخرى منها الفقر وانعدام الأمن الغذائي اليوم في اليمن حوالي 17 مليون مواطن يعانون من انعدام الأمن الغذائي, وحوالي 13 مليون لا يستطيعون الوصول للمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي إضافة إلى قضايا تتعلق بسهولة الوصول إلى الخدمات الصحية في ظل الظروف التي تمر بها البلاد منها السيولة النقدية وأزمة انقطاع المرتبات.

وأكدت الأمم المتحدة أن أكثر من 21.1 مليون يمني بحاجة إلى مساعدة إنسانية أي 80% من السكان، يعاني 13 مليونا منهم من نقص غذائي و9.4 مليونا من شح المياه.

كما تم وضع خطة سميت بخطة الأمم المتحدة الطارئة التي نصت على إغاثة 11.7 مليون يمني وتحدثت أيضا عن النظام الصحي الذي وصفته بالمنهار بعد أن تم إغلاق أكثر من 160 مركز علاج بسبب قلة المحروقات والمعدات.

كم حجم المساعدات التي قدمت على ضوء هذه التقديرات في تلك الفترة ؟

حجم المساعدات المقدمة عبر منظمات الأمم المتحدة وجهود المنظمات الإنسانية الأخرى والدعم من مختلف المانحين لا يزال غير كاف ولا يغطي كافة التدخلات الرامية لتحسين مؤشرات سوء التغذية الأخرى، مثل سوء التغذية الناجم عن قصر القامة ومشاكل سوء التغذية الناجمة عن النقص في المغذيات الأخرى كنقص اليود والحديد والفيتامين.

ولو تحدثنا عن جانب الاحتياجات والتدخلات الرامية للحد من مشكلة سوء التغذية الحاد الوخيم فإن هذه تتطلب تدخلات كثيرة جدا ومستلزمات تقدر في السنة بحوالي مليار و 335 مليوناً و 845 ألف دولار، وهذه التكاليف لمؤشر واحد فقط وهو سوء التغذية “الحاد الوخيم”.

ناهيك عن أن مشكلة سوء التغذية تتطلب أيضا دعم قطاعات أخرى تواجه مشاكل وتحديات كبيرة كقطاع المياه وضرورة توفر المياه الصالحة للشرب , وخدمات الصرف الصحي والخدمات المتعلقة بتحسين سبل المعيشة للمواطنين وسهولة الوصول للخدمات الصحية .

هل من الممكن إعطاءنا لمحة سريعة عن العام الماضي ومجرياته ؟

هناك إحصائية تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية استقبلت خلال هذا العام 84 ألفاً و 995 لاجئا بينما اليمن استقبل في العام نفسه 117 ألف لاجئ جديد مضاف إلى عدد 255 ألف لاجئ صومالي موجودين من قبل ، وبالتالي أضافوا عبئاً كبيراً جدا على اليمن الذي أصبح غير قادر على تأمين احتياجات مواطنيه من الخدمات الأساسية في ظل الأوضاع الراهنة .

ما مدى صحة الأرقام التي أعلنتها المنظمات الدولية ومنها اليونيسيف عن أن هناك أكثر من 460 الف طفل يمني يعانون من سوء التغذية الخطير و 3.3 مليون طفل وامرأة حامل ومرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد؟

الأرقام والبيانات هذه صحيحة وهي نتيجة دراسات وبحوث ميدانية بطرق منهجية وعلمية و يقوم بها فريق وطني، كما أن التحليل لنتائج تلك الدراسات وغيرها من التحليلات صادرة عن مؤسساتنا الوطنية التي لديها كوادر من ذوي الخبرة والكفاءة.

ما الفرق بين التصنيفين سوء التغذية الخطير وسوء التغذية الحاد؟

مؤشرات سوء التغذية سواء كانت التقزم أو نقص الوزن أو الهزال لكل منها تصنيفاتها المتعددة، فمنها ما هو سوء تغذية معتدل, وسوء تغذية شديد وسوء تغذية حرج، مثلا الهزال 10-14 % وضع تغذوي شديد, أكثر من 15% يمثل سوء تغذية حاد وخيم حرج ويفوق عتبة الطوارئ الدولية.. أي أن لكل مشكلة سوء تغذية تصنيفات مختلفة .

ـ كيف تتعامل مع وزارة الصحة مع هذا الوضع ؟

ـ إدارة التغذية في الوقت الحالي تعمل مع جميع المنظمات المحلية والدولية بوتيرة واحدة لتنفيذ تدخلات هادفة وملموسة لإنقاذ حياة الأطفال والأمهات، حيث يوجد في الوقت الراهن حوالي 2800 مركز صحي تقدم خدمات المعالجة لحالات سوء التغذية الحاد من خلال كادر صحي مؤهل .

كما تقدم وحدات معالجة سوء التغذية الحاد الوخيم في 20 مستشفى والتي يترافق معها مضاعفات طبية أخرى، خدمات المعالجة للحالات المصابة والتي تعتبر أكثر عرضة لخطر الوفاة.

فإدارة التغذية ومن خلال شبكة المتطوعات اللائي يقدر عددهن بنحو 11 ألف متطوعة يقدمن خدمات التحري والتقصي عن حالات سوء التغذية بالمجتمعات وإحالتها للمرافق الصحية لتلقي العلاج الخاص بمكافحة سوء التغذية الحاد الوخيم (الهزال الشديد)، كما يقدمن خدمات المشورة والتثقيف حول التغذية الصحيحة وقضايا النظافة والإصحاح البيئي، إضافة إلى خدمات بعض الأغذية الوقائية ومنها كبسولات الحديد وحمض الفوليك للأمهات الحوامل والمرضعات, ومسحوق المغذيات والفيتامينات للأطفال والأمهات.

ماذا عن الأوضاع في التحيتا؟

مشكلة سوء التغذية موجودة بمديرية التحيتا وفي عدد من المناطق باليمن، لكن سوء التغذية الحاد الوخيم (الهزال) ظهر على السطح، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية للبلد وفقدان الناس لسبل العيش ظهرت مشكلة سوء التغذية وعلامتها عند الفئات الأكبر.

كيف تعاملت وزارة الصحة مع هذا الوضع ؟

ـ وزارة الصحة كانت تقدم خدمات المعالجة لحالات سوء التغذية في المراكز الصحية، لكن حالياً يتم تقديمها عبر فرق متنقلة وهي خدمات شاملة صحية وتغذية لجميع الحالات في كل قرى مديرية التحيتا ووجهت الوزارة كثير من المنظمات الأخرى لتقديم مساعدات إغاثية للسكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى