نافذة على كتاب

رسالة من على سرير الموت

 رسالة من على سرير الموت

 رسالة من على سرير الموت

“رسالة من على سرير الموت”كتاب جديد عبارة عن رسالة للسيد عبدالله بن علي الوزير، كتب مقدمة هذه الرسالة وحققها الأستاذ والأديب زيد بن علي الوزير.

     «رسالة من على سرير الموت» هي رسالة كتبها السيد عبد الله بن علي الوزير إلى الشيخ عبد الله بن علي الحكيمي. وعثر عليها المرحوم عبد الرحمن الحكيمي بين أوراق والده الزعيم الصوفي عبد الله الحكيمي، وقام بتسليمها للأستاذ عمر الجاوي، فقام بدوره بنشرها في مجلة «الحكمة»، الصادرة في العدد (86) إبريل- مايو 1981، بحسب ما ذكر الأستاذ زيد الوزير في مقدمته على هذه الرسالة.

هذه الرسالة -كما يستظهر الأستاذ زيد الوزير- آخر رسالة من المرحوم السيد عبد الله بن علي الوزير، كتبها وهو على فراش المرض يعاني الموت والوحدة والغربة في مستشفى الغرباء البعيدة عن بومبي حوالي عشر ساعات بالقطار.

قام الأستاذ زيد الوزير بتحقيق هذه الرسالة، وكتابة مقدمة ضافية وعميقة عليها، مهديًا هذا الجهد لابنة المرحوم أمة العزيز بنت عبد الله بن علي الوزير، عسى أن يحيي بها ذكرى لم يفتر صداها يتردد  في قلبها وقلب كل أقاربه ومحبيه.

يقع هذا الكتاب في (360) صفحة، من إصدار مركز الدراسات والبحوث اليمني. سنة 1441هـ/ 2020.

كان نشر هذه الرسالة بمثابة رد على التجاهل المرير، والنكران الذي لقيه السيد عبد الله بن علي الوزير من رفقة الكفاح، وإخوة النضال، ومن جاء بعدهم من سلطة حاكمة، ومؤرخين تابعين لها  تعمدوا التقليل من شأن ثورة 1948، فلم ينصفوا رجالها كالسيد العلامة حسين الكبسي، والعالم الأزهري الشيخ محمد المسمري، وعبد الله بن علي الوزير الذي كان له النصيب الأكبر من التجاهل والتهميش.

لقد كشفت المقدمة جناية السلطة وفقهائها ومؤرخيها على التاريخ وصبغهم له بأهوائهم الخاصة، وأغراضهم الرخيصة؛ فتراهم يحلون ويربطون، يثبتون ويحذفون، ويرفعون أناسًا ويخفضون من آخرين لا حامل لهم سوى العقد والضغائن.

ويدلل الأستاذ زيد كأحد الأمثلة على ذلك تشويه مؤرخي السلطة العباسية لفرقة الإسماعيلة، والطعن في أنساب الفاطميين حكام مصر من قبل العباسيين، فيذكر أبا عبد الله بن رزام والشريف أخي محسن كمثال على التجني على تاريخ هذه الفرقة. وقد ذكر العلامة الكبير ابن أبي الحديد -شارح النهج ما يؤكد ذلك؛ حيث ذكر أنه لما بلغ الخليفة العباسي القادر أبياتًا تنسب للشريف الرضي، ومن ضمنها هذا البيت:

 أحمل الضيم في بلاد الأعادي    ***   وبمصر الخليفة العلوي

قال الخليفة القادر للنقيب أبي أحمد: قل لولدك محمد أي هوان قد أقام عليه عندنا؟ وأي ضيم لقي من جهتنا؟ أي ذل أصابه في مملكتنا؟ وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضى إليه؟ أ كان يصنع إليه أكثر من صنيعنا؟ ألم نوله النقابة؟ ألم نوله المظالم؟ ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز، وجعلناه أمير الحجيج؟ فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا؟ ما نظنه كان يكون لو حصل عنده إلا واحدًا من أبناء الطالبيين بمصر.

فقال النقيب أبو أحمد: أما هذا الشعر، فمما لم نسمعه منه، ولا رأيناه بخطه، ولا يبعد أن يكون بعض أعدائه نحلة إياه، وعزاه إليه. فقال القادر: إن كان كذلك، فلتكتب الآن محضرًا يتضمن القدح في أنساب ولاة مصر، ويكتب محمد خطه فيه، فكتب محضرًا بذلك شهد فيه جميع من حضر المجلس منهم النقيب أبو أحمد، وابنه المرتضى، وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطه فيه؛ حمله أبوه وأخوه، فامتنع من سطر خطه، وقال لا أكتب، وأخاف دعاة صاحب مصر. وأنكر الشعر، وكتب خطه، وأقسم فيه أنه ليس بشعره، وأنه لا يعرفه، فأجبره أبوه على أن يكتب خطه في المحضر، فلم يفعل، وقال أخاف دعاة المصريين، وغيلتهم لي؛ فإنهم معروفون بذلك. فقال أبوه: يا عجباه أ تخاف من بينك وبينه ستمائة فرسخ، ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع، وحلف ألا يكلمه، وكذلك المرتضى فعلا ذلك تقية وخوفًا من القادر.

ثم ذكر ابن أبي الحديد أنه لما انتهى الأمر إلى القادر، سكت على سوء أضمره، وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة.

وهكذا أيضًا فعل بصاحب الزنج الثاثر بالبصرة أيضًا، فطعن في نسبه، كما طعن في نسب إدريس الأصغر صاحب المغرب، كما بينه ابن خلدون في «مقدمته» عن بعض مؤرخي المغرب، واستنكره، كما قام بإثبات نسب الفاطميين في مقدمته، وذكر أن الفقهاء والقضاة والأشراف لم يكتبوا محضر الطعن إلا مراعاة لخواطر القادر وخوفًا منه. وقد تعرض ابن خلدون بسبب ذلك لحملة شنيعة من  مؤرخي عصره، وعلى رأسهم ابن حجر  العسقلاني، ومن تابعه.

وقد أنكر الأستاذ زيد على أخيه أيضًا أن يقع في هذا المأزق مع خصومه إلا أن مرارة المعاناة، وشدة الضيم تميل بالمرء عن حد الاعتدال والإنصاف.

كما أن الأستاذ المؤرخ زيد الوزير في مقدمته المهمة لم يعدم الشواهد والبراهين على التصرف في الكتابات التاريخية اليمنية وذكر مثالا على ذلك كتاب القاضي محمد الحجري «مجموع بلدان اليمن وقبائلها»، والتصرف في مذكرات السنيدار وهلم جرًا.

الكتاب الصادر توثيق مهم لتاريخ ورؤية تم تجاهلها وجهد لقي النكران من رفقاء النضال ومؤرخي السلطة.

 اقرأ أيضا:الحوار كدواء «غيوم حول الثورة الدستورية»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى