كتابات فكرية

تحذير أمريكي للسعودية ..اليمن إيران جديدة في المنطقة!

تحذير أمريكي للسعودية ..اليمن إيران جديدة في المنطقة!

*طالب الحسني   

تابع العالم مؤخرا تحرك سعودي مغاير لسلوكها خلال عقود، الذهاب نحو حلحلة مشاكل عديدة مرتبطة بها في المنطقة، الأبرز منها اتفاق تسوية مع خصمها التاريخي، الجمهورية الإسلامية في إيران، برعاية ووساطة الصين ، وصف البعض هذه الخطوة ” المفاجأة الصادمة “.

وبعيدا عن التصريحات السعودية والإيرانية الكثيرة حول انعكاسات التواصل بين بينهما على ملفات كثيرة من ضمنها عودة سوريا إلى الجامعة العربية وانسحاب التطبيع مع دمشق إلى دول عربية أخرى، بالإضافة إلى تفكيك الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان والعراق، وقبل ذلك وأهما توقف الحرب في اليمن، ينبغي الإشارة إلى إن كانت السعودية قادرة عمليا أن تفعل كل ذلك دون العودة للولايات المتحدة الأمريكية، وما هي المساحة المتاحة أمام محمد بن سلمان لتجاهل الموقف الأمريكي المضاد ؟

قال ” لنا ” أحد المعارضين “السعوديين “، خلال حديث طويل حول هذا التحول، نقلا عن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قوله: إن لقاءا جانبيا عقد مع محمد بن سلمان تضمن إجابة حول المخاوف السعودية من ردة فعل واشنطن من التواصل مع بكين، واقتبس: “كانت اجابة محمد بن سلمان أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أننا ندرك انها لم تعد بتلك القوة”.

هذا يعني أن مساحة تحرر الرياض في اتخاذ القرار بعيدا عن حليفها الأمريكي في ملفات إستراتيجية مرتبطة بسياستها الخارجية “أكبر قليلا” عن السابق .

قد يكون هذا صحيح جزئيا وفي ملفات محدودة وبنسبة لا تتجاوز 30%، خاصة مع الفتور القائم في العلاقة مع البيت الأبيض منذ مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن مطلع العام 2021 ، على المسؤولين السعوديين لا يزالون يرددون أن العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجية ولا تزال متينة.

إذا اخترنا هنا للتدليل على تغول التدخل الأمريكي على حرية القرار السعودي، فإن الهامش الذي تتحرك فيه الرياض للخروج من الحرب في اليمن التي دخلت منذ شهر عامها التاسع دون الرجوع إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، لا يكاد يذكر، ولذلك فوضع نهاية للحرب السعودية الامريكية على اليمن لا يمكن أن تنفرد به السعودية حتى مع رغبتها الشديدة والملحة في إنهاء هذا ” القلق المزعج “.

لقد فتح الكثيرون آمالا عريضة حين وصل وفد سعودي وآخر عماني إلى العاصمة صنعاء باعتباره تسليما سعوديا بضرورة الخروج من الحرب بأي ثمن حتى وان كان ذلك الثمن الاعتراف بالانكسار والفشل ، وهو اعتراف واقعي وطريق صحيح لحصول السلام ، لكن هذه الآمال من الواضح أنها الآن تغلق مع تصلب الموقف الأمريكي ووضع سقف كبير للانسحاب السعودي الأمريكي من الحرب مع القناعة الأمريكية الراسخة بان الحرب لا تسير في الاتجاه الصحيح ومنذ زمن بعيد وأن البقاء طويلا فيها هي مجازفة أيضا ، لكن ذلك لا يعني الاستسلام للواقع الذي يقول أن اليمن انتصر وان على التحالف الذي تقوده السعودية الرضوخ لشروط صنعاء.

في اللقاء الأخير الذي أجرته الشرق الأوسط السعودية مع المبعوث الأمريكي إلى اليمن ليندر كينغ، أظهر الأخير أن واشنطن تعارض أي خروج سعودي متسرع ولا بد أن تشمل التسوية، إن حصلت، مكاسب “لحلفاء ” التحالف اليمنيين ، أعني هنا حكومة المنفى التي لا تملك أي ورقة ضغط وتجري التفاوضات السعودية اليمنية بعيدا عنها ، حيث تشترط واشنطن شراكة وازنة تبقي حلفاء ” السعودية وأمريكا ” في المشهد السياسي اليمني مستقبلا، وهي شراكة ترفضها صنعاء دون التوصل قبل ذلك إلى اتفاق يمني سعودي يفضي إلى إخراج اليمن من حالة الحرب والحصار، بما في ذلك انسحاب القوات الأجنبية من جنوب اليمن والاتفاق على إعادة الإعمار وتعويض الأضرار، وهذه خارطة حل قد تستغرق سنوات، ويتنافى ذلك مع رغبة السعودية في إغلاق الحرب بأسرع وقت ممكن .

التباين السعودي الأمريكي الملحوظ في تدني سقف الرياض وشروط واشنطن المرتفعة، لا يمنح السعودية القدرة على اتخاذ القرار بمفردها دون الجلوس مع الرباعية ( أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات ) وهي الرباعية التي تدير الحرب والحصار منذ 2015.

لقد شملت التحذيرات الأمريكية للسعودية في مسألة اليمن أن تقول واشنطن للرياض: “إن إيران جديدة تتموضع الآن في المنطقة”، في إشارة إلى اليمن إذا تجاهلت السعودية مخاطر الاستسلام، والمقاربة الأمريكية تتعلق بالإمكانية المتاحة لتحول اليمن إلى قوة عسكرية ونظام عنيد متحرر من الهيمنة التي كانت سائدة خلال أكثر من نصف قرن .

أقرأ أيضا:من شاهد صور تبادل الأسرى يدرك كم نحن بحاجة للسلام

طالب الحسني – كاتب سياسي وصحفي يمني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى