حوارات

وضع المرأة في الدساتير والتشريعات اليمنية.. بين نص الدستور والالتزام العملي به

وضع المرأة في الدساتير والتشريعات اليمنية.. بين نص الدستور والالتزام العملي به

 الخميس14 نوفمبر2024_ بقلم الأستاذ :عبدالباري طاهر

وضع المرأة في الدساتير والتشريعات اليمنية.. بين نص الدستور والالتزام العملي به

من الأهمية بمكان دراسة وضع المرأة اليمنية في التشريعات، ولا يمكن فهم الوضع الحالي للمرأة دون أن نتتبع التطورات السياسية العامة، وبروز دعوات الحداثة والتنوير في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي في عدن، ودور الصحافة، ومؤسسات المجتمع المدني، ونشاط المرأة والأحزاب السياسية، وتأثير التعليم الحديث، والثورة المصرية، والمهاجر اليمنية، وتأثيرات العصر الحديث.

في تناول الدساتير والتشريعات في الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، يحسن ذكر النشاط النسوي الذي مثَّل الأرضية الأساس للتشريع والقوننة حول المرأة وحقوقها، ولاسيما عقب ثورة سبتمبر وثورة أكتوبر، وصدور قانون الأسرة في اليمن الديمقراطية ودستورها.

سأركز بالأساس على الدساتير الصادرة في جمهورية اليمن الديمقراطية، وقانون الأسرة، والدساتير في الجمهورية العربية اليمنية، ودستور دولة الوحدة المستفتى عليه، والتعديلات اللاحقة، والقوانين الصادرة في الـ ج. ع. ي، والـ ج. ي.

الأستاذ نجيب الشميري في كتابه «حقوق المرأة في تشريعات اليمن الديمقراطية» يتناول تطرق الدستور رقم (1)، الصادر عام 1970 إلى أمور كثيرة متعلقةٍ بالمرأة تضمنت حقوقًا متساوية مع الرجل. فجاء في المادة (3): “إنَّ المواطنين جمعيهم متساوون في حقوقهم وواجباتهم، بصرف النظر عن جنسهم، أو أصلهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو درجة تعلمهم، أو مركزهم الاجتماعي. وأنَّ جميع الأشخاص سواسيةً أمام القانون، وأن تقوم الدولة بكل ما يمكنها لتحقيق هذه المساواة عن طريق إيجاد فرص سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متكافئة”(1).

وهناك المواد: (6): “كفالة حق العمل لكل مواطن”.

والمادة (7): “وحق الانتخاب والترشح لعضوية مجالس الشعب المنتخبة”.

وتنص المادة (26) على “دعم الدولة للأسر، وحمايتها للأم والطفل”.

والمادة (27) مكرسة “لتشجيع الدولة للزواج، وتكوين الأسرة”.

أما المادة (36) فعن “ضمان الدولة ” الحقوق المتساوية للرجال والنساء في مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية جميعها، وتوفر الشروط اللازمة لتحقيق تلك المساواة، وخلق الظروف التي تُمكِّن المرأة من الجمع بين المشاركة في العمل الإنتاجي والاجتماعي، ودورها في نطاق الحياة العائلية.

والمادة (38) عن الضمان الاجتماعي.

والمادة (40) عن الرعاية الصحية.

والمادة (39) عن التعليم المجاني للجميع.

والمادة (41) عن الحق في السكن.

والمادة (42) عن الإسهام في رسم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.

والمادة (43) عن حق التجمهر والتظاهر في إطار مبادئ الدستور وأهدافه.

والمادة (44) عن إلزام الآباء بتربية الأبناء وإعدادهم للعمل النافع، والأبناء للعناية بوالديهم.

أما المادة (60) فتنص على حق التجمع الاختياري في المنظمات الجماهيرية التي تخدم أهداف الدستور، وفي مقدمتها «الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية»، و«اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني»، و«الاتحاد العام لنساء اليمن»، و«اتحاد الفلاحين» في اليمن الديمقراطي، و«منظمة لجان الدفاع الشعبي»، فضلا عن دعم الدولة لتلك المنظمات بهدف رفع دورها وفعاليتها في جميع الأعمال الاجتماعية(2).

ويتناول الدستور في المادة (63) الحقوق السياسية للمرأة.

 وفي دراسة حقوق المرأة في دستور اليمن الديمقراطية وتشريعاته لا بد من التمييز ما بين الاستعمار بوصفه وجودا أجنبيا يمسُّ السيادة والكرامة الوطنية، وبين الحداثة والتطور، والهامش الديمقراطي، والحريات العامة، وحرية الرأي والتعبير التي كان يتبناها الاستعمار، وهو ما كان سائدًا إبَّان الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا منذ مطلع الأربعينات.

لم يكن التطور في دستور اليمن الديمقراطي وتشريعاته آتٍ من فراغ؛ فدستور العام 1970، والتعديلات عليه عام 1978 تعكس قدرًا من استلهام الحداثة والتطور منذ أربعينات القرن الماضي.

وكان الإنجاز «قانون الأسرة» كما يشير الأستاذ نجيب الشميري في كتابه المشار إليه، وقانون انتخابات مجلس الشعب الأعلى، وقانون العمل الأساسي، وقانون الضمان الاجتماعي، وتشريعات التربية والتعليم ومحو الأمية، والصحة (3).

الحقوق السياسية للمرأة

منحت وثائق الحزب والدستور حقوقًا سياسية عدة للمرأة، سواء بسواء مع الرجل، وتشارك المرأة في تجربة الجنوب في ميادين الحياة ومجالات العمل المختلفة، وفي المواقع القيادية في الحزب والدولة(4)

وقد شاركت ست قاضيات، وعشرون ممثلة للادعاء العام، وامرأتان في المحاماة، وعدد من القانونيات في التشريع، ومعيدات من خريجات الكلية(5).

وتناول الدستور عمل المرأة بالمساواة في الأجور، وإجازة الحامل والمرضعة، ومنع التشغيل في الأعمال الشاقة والثقيلة، ومنع التمييز، وعقاب من يمارسه(6).

واستمرت المناقشة لإقرار قانون الأسرة رقم (15)، لسنة 1974 لمدة عشرة أعوام، وطُبِّقت أحكامهُ في جميع المحافظات، وجرى نقاش عام حوله، وندوات، ومحاضرات، وحظي بدراسات عدة (7).

عدَّ القانون الزواج عقدًا بين الرجل والمرأة، وهما متساويان في الحقوق والواجبات، وأساسه التفاهم والاحترام المتبادل، وغايته خلق الأسرة المتماسكة، ومنع تزويج الفتاة دون رضاها، وشرط الرضى، وسن الزواج 18 عامًا (8).

يحظر القانون التفاوت  في السن إذا وصل إلى عشرين عامًا، ولكنه يجيزه للمرأة إذا تجاوز سنها خمسة وثلاثين عامًا (9).

لا يعد العقد نافذًا إلا أمام المأذون الرسمي، وتسجيله، ويوقع الزوجان أو من ينوب عنهما؛ وبذلك تُستَخرج وثيقة الزواج بتوقيع شاهدين اثنين(10).

لا يجوز الزواج من ثانية إلا بإذن كتابي من المحكمة في حال عُقْم الزوجة بقرار طبي إذا لم يكن الزوج قد علم به من قبل الزوجة، أو مرض الزوجة مرضًا مزمنًا أو معديًا بقرار طبي إذا لم يكن قابلاً للشفاء.

المبدأ عدم جواز الزواج من ثانية، ولا تقبل موافقة الزوجة على زواج زوجها من ثانية؛ لأنها لا تمتلك هذا الحق. ومن حق الزوجة التفريق بينها وبين زوجها  في المحكمة الجزائية المختصة (11).

تنظر المحكمة في طلب الطلاق من قبل الزوجة أو الزوج أو كلاهما، ولا يصح الطلاق إلا بنظر المحكمة، ويعالج القانون باستفاضة أوضاع الطلاق في حالاتٍ ثمان، ويعالج قضايا الصلح والتوفيق، كما يدرس ما يترتب على الطلاق والمسئوليات الأسرية(12).

ويتناول قضايا الجنس، والاغتصاب، والقتل، وهتك العرض، والإجهاض، ومنع الحمل، والزنا(13).

    ويتناول قضايا المرأة، والمال (الراتب)، والضمان الاجتماعي، والمهر، والنفقة الزوجية، والتعويض عند الطلاق. فإذا تبين خطأ الزوج لزمه نفقة عام كامل، أما إذا كانت الزوجة فتدفع ما لا يزيد عن المهر(14).

    يتحمل الزوجان نفقات تأسيس السكن حسب مقدرة كل منهما. وإذا كان أحدهما عاجزًا، تحمل الآخر العبء. وفي حالة الطلاق يعود السكن حسب ما تقرره المحكمة. وفي كل الأحوال توفر المحكمة السكن للآخر. ودائمًا تكون قضية المساواة حاضرة (15).

    وعالج القانون قضية الجنسية، إذ كانت الجنسية اليمنية الأساس في قانون 1981، وعالج قضايا الجنسية بروح ديمقراطية ومسئولة. فكل مولود  في اليمن أو خارجها من أم أو أب يمني فهو يمني.

     كما يتناول القانون قضايا المعوقين، والمسنات، وحقوق المرأة بالنسبة لطفلها، والحضانة، والزيارة والرؤية، والنفقة، والصحة، والتربية والتعليم(16).

حقوق المرأة بين الفقه والتشريع في دستور الجمهورية العربية اليمنية وتشريعاتها

 يدرس الأستاذ أحمد علي الوادعي قضية المرأة في الدستور الصادر عقب ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962، وتحديدًا أوائل 1963، والدستور الدائم الصادر عقب انقلاب الـ 5 من نوفمبر 1970، ويرى أنَّ الدستور الصادر أوائل 1963 في المادة (17) نص على: “اليمنيون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة بدون تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو العقيدة، أو المذهب”.

      أما مشروع الدستور الدائم عقب حركة 5 نوفمبر 1967 فيؤثر الإيجاز في المادة (19): ” “اليمنيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة بدون تمييز”.

      ويرى أن دستور عام 1970 رغم إقراره مبدأ المساواة إلا أنه أضاف زائدةً على المبدأ بالغة الأهمية، وهي المادة (34): “النساء شقائق الرجال، ولهنَّ من الحقوق، وعليهنَّ من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة، وينص عليه القانون(17).

    ويرى محقًّا أنه بالمادة (34) من دستور نوفمبر يصبح البحث عن حقوق المرأة ليس في الدستور، بل في أحكام الشريعة الإسلامية بشرط أن يكون قد صدر بها قانون(18).

    ووفقًا للمادة (34)، فإنَّ الدستور الدائم قد فَضَّلَ قصر الحقوق والواجبات على الرجال فقط بما في ذلك الحقوق الإنسانية، أما بالنسبة للنساء فقد أحالها إلى صعيد ما أسماه الدستور “ما تكفله وتوجبه الشريعة، وينص عليه القانون”(19).

      ويتضح هنا أن قرار المساواة بين الذكر والأنثى قد تجلي في صلب دستور ثورة الـ 26 من سبتمبر الأول، أما الدستور الدائم فقد فضل إحالة الموضوع إلى أحكام الشريعة الصادرة بقانون(20).

     ويدرس الأستاذ الوادعي عميقًا دلالات النص:” اليمنيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة. ومع النص المشار إليه سابقًا “النساء شقائق الرجال”؛ فهذان النصان لا يمكن استنفاد طاقتهما المضمونية دون الأخذ بوجهة النظر هذه. ولعل هذه الوجهة تبلغ درجة عالية من التأكيد والوثوق، إذا ما أخذنا في الحسبان النهج الذي سلكته التشريعات اليمنية في معالجتها لقضية التمييز ضد المرأة، فهذا النهج متجسد في سياسة الوضوح والفصل بشأن المسائل التي تشتبك فيها حقوق الرجال والنساء؛ وذلك أن يذكر حكم المرأة في كل مرة يريد إفرادها بحكم خاص، ويسكت عند أن يتغيَّا بقاء الحكم على إطلاقه وشموله للمرأة والرجل على السواء(21). والدليل على ذلك العلاقة الزوجية. فمثلاً أجاز القانون للرجل بأن يتزوج امرأةً غير مسلمة إذا كانت من بَنَى بها كتابيةً، ولم يجز لليمنية المسلمة التزوج بغير المسلم، ولو كان كتابيًّا.

     وفي المواريث إذا مات الزوج ورثت الزوجة نصف ما يرث الزوج لو هي ماتت. وفي الحقوق المدنية يقبل القانون شهادة الرجل في الحدود والقصاص، ولا يقبلها من المرأة (22).

دستور دولة الوحدة العام 1990

    نصت المادة (27) على المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وغير المشروطة:

“جميع المواطنين سواسيةً أمام القانون، وهم متساوون  في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم  في ذلك بسبب الجنس، أو اللون، أو الأصل، أو اللغة، أو المهنة، أو المركز الاجتماعي، أو العقيدة (23).

    وقد أُلغيت هذه المادة التي تُعبِّر عن روح كل القوانين الديمقراطية، وتلتزم المعايير الدولية في الاتفاقيات الخاصة بالتمييز، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والحقوق المدنية والسياسية، وكل الإعلانات الدولية.

     أُلغيت هذه المادة واستبدلت بمادة كانت في دستور الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة، وهي المادة (31)، ونصها: “النساء شقائق الرجال، ولهنَّ من الحقوق، وعليهنَّ من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة، وينص عليه القانون”.

     ويشير الدكتور قائد محمد طربوش في كتابه «السلطات التشريعية والمرأة في الدول العربية» إلى مشاركة المرأة المصرية في الانتخابات والترشح منذ العام 1957. وأنَّ دستور الـ ج. ع. ي لعام 1970 قد قرر نصًا يقضي بأنَّ النساء شقائق الرجال، ولهنَّ من الحقوق، وعليهن من الواجبات ما تكفله الشريعة، وينص عليه القانون المادة (24)، وهو ما يُفهم منه عدم منع النساء من ممارسة الحق الانتخابي.

     غير أنَّ القرار الجمهوري بالقانون رقم (24)، لعام 1971 قد نص على حق الانتخاب للذكر فقط(24). ولأول مرة تشارك المرأة في الانتخابات النيابية عام 1993، وانتخبت امرأتان في عدن من الحزب الاشتراكي.

من إيجابيات الوحدة

مشاركة المرأة في الانتخابات والترشح والترشيح.

عمل المرأة في القضاء والنيابة في المحافظات الشمالية للمرة الأولى، ولكن حرب 1994 ألغت هذا الإنجاز، إلا أنّ عمل المرأة في المحاماة، وبعض المحاكم مازال قائمًا، وإنْ كان بصورة محدودة جدًّا.

تعديل دستور الوحدة ترتب عليه نتائج سيئة

إبعاد المرأة عن العمل في مجال القضاء.

الفصل بين البنين والبنات في المدارس.

تعميق العزلة في الجامعات.

انتشار الحجاب، ومضايقة النساء في الشارع، وفي المرافق، وفي الحياة العامة، والقمع الجزاف، وتعطيل كل «نشاط اتحاد نساء اليمن»، وكل الهيئات والجمعيات التي كانت قائمةً سواء قبل الوحدة أم عقبها.

والملاحظ أنَّ دور المرأة وحضورها بدأ يتسع ويكبر كمًّا ونوعًا، وبدأت مشاركتها في الحياة العامة، وفي النشاط الاجتماعي والثقافي والأدبي والتعليمي تزداد، في حين تزداد القيود والممارسات القمعية.

   أوصلت الوحدة المرأة إلى عضوية البرلمان، ورئاسة الجامعة، وبعض المؤسسات والإدارات، إلى أن تبوأت منصب وزير، وكان دورها بارزًا في الحوار الوطني الشامل، وكانت نبيلة الزبير رئيسًا لفريق صعدة، ولعبت المرأة اليمنية الدور الأكبر في النشاط المدني والحقوقي والسياسي بعد الوحدة، وشاركت في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وطنيًّا وعربيًّا ودوليًّا.

العوائق أمام المرأة

القيم والعادات والتقاليد البالية والمورثة.

التمييز السياسي، والفتاوى الدينية، وخطاب الوعاظ المتشددين في المساجد، والتربية في المدرسة والمجتمع التقليدي، ودور الوهابية، والنفوذ السعودي في اليمن، وحاليًّا الشيعي في طابعه البدوي والقبلي.

ما قامت به الثورة المضادة عقب حرب 1994، وتعديل دستور دولة الوحدة، ورفض المساواة في دستور دولة الوحدة، وإعادة التمييز بأبشع صوره ومختلف تجلياته، وتبع ذلك إعادة صياغة القوانين ضد الحقوق المدنية السياسية، وأكثرها ضد حقوق المرأة.

بعد حرب 1994 جرت تعديلات عدة على دستور دولة الوحدة المستفتى عليه، ومثَّلت هذه التعديلات تراجعًا عن أهم القضايا، ولاسيما ما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة، كما جرى التراجع عنها في التشريعات.  ففي قانون الأحوال الشخصية يشير «التقرير السنوي لأوضاع المرأة اليمنية»، الذي اعتمدته «مؤسسة أوام التنموية الثقافية»، بالتعاون مع «مؤسسة فريدريش ايبرت» الألمانية – إلى صدور قانون الأحوال الشخصية رقم (20)، لسنة 1992 في 29 مارس 1992، ويُعَدُّ هذا القانون أولَ قانون بعد قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، وينظم أحوال عقد الزواج وانحلاله، والقرابة وأحكامها، والهبة، والوصية، والمواريث.

    وقد عُدِّلتْ بعض نصوص هذا القانون بموجب القانون رقم (27)، لسنة 1998، وعُدِّلتْ أيضًا النصوص بموجب القانون رقم (24)، لسنة 1999، كما عُدِّلتْ بعض المواد بموجب القانون رقم (43)، لسنة 2003، ومثلت تعديلات القانون رقم (27)، لسنة 1998، والقانون رقم (24)، لسنة 1999 تراجعًا عما سبق على النحو الذي سيتبين لنا لاحقًا (25).

    ويتناول التقرير التعديلات الراجعة عمَّا تحقق في تشريع الأحوال الشخصية في دولة الوحدة، وهي كالآتي:

    التراجع عن مفهوم الخطبة بما يُعَدُّ انتقاصًا من المساواة، وربطها بالرجل ليكون مطلبا من جانب واحد، وجرى التراجع في قضية زواج الصغيرات، في إعطاء الولي تزويج الصغيرة، وإنْ لم تبلغ سن الرشد.

     وتعديل آخر في تحويل سن الزواج من السنة الثامنة عشر إلى الخامسة عشر، ومعلوم أنَّ السن القانوني في الفقه الحنفي والزيدي وفي القانون الدولي هو الثامنة عشر.

   كما جرى التراجع، ليس بالنسبة لقانون الأسرة في اليمن الديمقراطي فحسب، بل عن قانون الأحوال الشخصية في دولة الوحدة ودستورها؛ فجرى التراجع عن حق المرأة في الحصول على المهر، وتَمَلُّكِهِ، والتصرف فيه.

     وجرى التراجع عن حقها في النفقة منذ العقد، وعن حق المطلقة رجعيًّا وحرمانها من النفقة بسبب الهجر(26). وتم التراجع عن إنهاء العلاقة بين الزوجين؛ ليجعلها بيد الرجل بإرادته المنفردة.

     وفُرِضتْ شروط على حق الأم في الحضانة، وجرى التمييز في قانون الجنسية، وقصر الجنسية في منحها للمولود من جهة الأب (27).

      والأهم هو الموقف من تعدد الزوجات، والتخلي عن الشروط المنصوص عليها بضرورة توافر المصلحة المشروعة للزواج بأخرى، ولم تحدد الجهة المناط بها التأكد من توافر الشروط (28).

     وهنا بون شاسع بين التشريعات في الـ ج. ع. ي، بل وحتى في الـ ج ي، وبين قانون الأسرة في اليمن الديمقراطي الذي أسس مبدأ منع تعدد الزوجات.

    التقرير المذكور تناول أوضاع المرأة في قانون الجنسية، وقانون الجرائم والعقوبات، ومكافحة جرائم الاختطاف والتقطع وأوضاعها في قانون السلطة القضائية، وفي قانون العمل والتأمينات والمعاشات، وقانون المرافعات والتنفيذ المدني – كفل كل ذلك، كما كفل حق المشاركة السياسية في دستور الجمهورية اليمنية، وقانون الأحزاب السياسية الذي نص على الحق في المشاركة المتساوية.

     وليست المشكلة في التراجعات الكثيرة، والتعديلات المتكررة على دستور دولة الوحدة، والقوانين الصادرة زمن الوحدة، ولكن المشكلة أنَّ ما تبقى من جوانب إيجابية في كفالة المساواة، والحقوق والواجبات، وهامش الحريات العامة والديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير والمواطنة، والحقوق والواجبات- ظلَّ منتقصًا ومُحَاصرًا بالفساد والاستبداد، وضعف القضاء العادل الكفء والنزيه.

ويقينًا، فإنَّ النص في الدساتير والتشريعات على أهميته شيء، والالتزام العملي شيء آخر.

(1) حقوق المرأة  في تشريعات اليمن الديمقراطية، نجيب  الشميري، دار الهمداني، ص 10.

(2) المصدر السابق، ص 10، و11.

(3) المصدر السابق، ص 129.

(4) المصدر السابق، ص12.

(5) المصدر السابق، ص23.

(6) المصدر السابق، ص27.

(7) المصدر السابق، ص35.

(8) المصدر السابق، ص36.

(9) المصدر السابق، ص38.

(10) المصدر السابق، الصفحة نفسها.

(11) المصدر السابق، ص 45.

(12) المصدر السابق، ص51.

(13) المصدر السابق، ص71.

(14) المصدر السابق، ص77.

(15) المصدر السابق، ص 85.

(16) المصدر السابق، 89.

(17) حقوق المرأة اليمنية بين الفقه والتشريع، ص16.

(18) المصدر السابق، ص16.

(19) المصدر السابق، الصفحة نفسها.

(20) المصدر السابق، ص17.

(21) المصدر السابق، ص 28.

(22) المصدر السابق، الصفحة نفسها.

(23) دستور دولة الوحدة، مادة (27).

(24) الدساتير والتشريعات العربية، د. قائد محمد طربوش، ص186، و187.

(25) التقرير السنوي الأول لأوضاع المرأة اليمنية لعامي 2006-2007م، مؤسسة أوام التنموية الثقافية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت، ص 7.

(26) المصدر السابق، ص8.

(27) المصدر السابق، ص 8 و9.

(28) المصدر السابق، ص10.

اقرأ أيضا للكاتب:عبدالباري طاهر يكتب عن القاسم بن علي الوزير.. والحرث في حقول المعرفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى