الكلكتابات فكرية

11 فبراير ..أحلام مسروقة

كان الشباب يتقاطرون إلى الساحات  زرافات ووحدانا، تجمعهم آمال ثورية نقية،  يرسمون ملامح الخروج من الحاضر  إلى المستقبل ،  ومن ضيق الجغرافيا إلى آفاق الوطن، ومن دولة الفرد إلى دولة المؤسسات، ومن الاستبداد إلى الديمقراطية، وبناء دولة اليمن القوي الموحد التي ظل يرسم خارطتها المنشودة شهداء الحركة الثورية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اليوم.

 

كانوا يدركون حجم الخسائر التي مني بها الشعب بعد أن أضاع حكامه فرصا تاريخية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، لا سيما فرصة تحقيق الوحدة اليمنية التي تعد التحول المفصلي الأهم في تاريخ اليمن المعاصر …لقد ضاعت هذه الفرصة بفعل الاستئثار بالسلطة ، والتحالفات المشبوهة لإقصاء الآخر كما فعل حزبا المؤتمر والإصلاح بالحزب الاشتراكي اليمني ، 

  فتفاعلوا مع رياح التغيير التي عصفت بالمنطقة العربية في 2011م، واشتعلت  ثورة 11 فبراير الشبابية مدفوعة بالأحلام الجميلة التي ترسمها الثورات في مراحل التكوين على المستوى النظري .

 

انضمت إلى الثورة قطاعات شعبية مختلفة وأحزاب سياسية ومنظمات وشخصيات، بيد أن انضمام ضلعي مثلث النظام الحاكم على مدى أكثر من ثلاثة عقود زمنية ، كان الحدث الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الثورية ، وتبعا لهذا الانضمام تحولت هتافات الشباب في ساحات الثورة من (الشعب يريد إسقاط النظام) إلى (الشعب يريد إسقاط الرئيس)، وبذلك تحددت أهدافها من ثورة نقية شاملة على نظام فاسد متخلف إلى ثورة انتقائية محددة، تهدف إلى إسقاط شخص أو أشخاص محددين،  عن الحكم بالاعتماد على أشخاص يمتلكون نفس الثقافة، ويمارسون نفس الممارسة، وإذا بهم يقلعون “بُصلي” ويغرسون “ثومي” .

كانت هذه الخطوة مؤشرا خطيرا على انتقال زمام قيادة الثورة من أيدي شباب ساحات الثورة وميادينها إلى أيدي الطارئين عليها، فأصبح نصف النظام السابق هم من يقود الثورة ضد نصفه الآخر معتمدا على قاعدة شبابية داعمة، ونتج عن هذا انقسام المؤسسة العسكرية، ثم أحداث تفجير جامع النهدين التي اصطبغت بسيناريوهات إرهابية لا صلة لها بالثورة السلمية الشبابية، وأخيرا جاءت المبادرة الخليجية التي ضمنت بقاء طرفي النظام السابق وشرعنت استيلاءهما على السلطة من جديد مؤكدة بقاء الارتهان للوصاية الخارجية وإقصاء شباب الثورة عن القرار الوطني والتأثير عليه، ، وساعد على ذلك غياب المشروع السياسي البديل للقوى السياسية المناوئة للنظام، وفساد النخب الحزبية  التي سارعت إلى تقاسم السلطة،  وإقصاء شباب الساحات.

 

وقفة:

 

بعد كل ما حصل من مآس ، أسهم الكل فيها بنسب متفاوتة يقف اليمن اليوم  على مفرق طريقين، إما تنازل الأطراف للوطن في حوار يمني يمني يهدف أولا وقبل كل شيء إلى إيقاف العدوان الظالم ورفع الحصار الجائر وتحقيق السلام الداخلي، ثم إعادة بوصلة الثورة إلى اتجاهها الصحيح لتحقيق الأحلام الثورية التي ضحى من أجلها اليمنيون كثيرا، وإما الطريق الآخر، طريق الارتهان للخارج الذي تتحقق أطماعه الاستعمارية في ظل تشجيع الاقتتال الداخلي وضياع الوحدة واستلاب السيادة ، وتلاشي كل الأحلام الجميلة لليمنيين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى