اخبار محليةالكل

المطبخ السياسي يمضي في الترويج لمبادرة مجلس النواب.. فهل هناك من يسعى لفرضها؟!

رغم الأحداث والمتغيرات التي جرت على بلادنا وجوارها الاقليمي والعالمي إلا أن ذلك كله لم يعنِ شيئاً لبعض المطابخ السياسية التي ما زالت على عهدها القديم في افتعال الفبركات واختلاق ما لا يخلق والإدعاء بصوابية ما يراد من هذه المطابخ السياسية الترويج له دون الاتعاظ من الدروس والعبر التي تسوقها الاعتمالات السياسية الوطنية والاقليمية والدولية، وخلافاً لما يعانيه الوطن والمجتمع اليمني من واقع عدوان همجي غير مبرر ولا أخلاقي أتى على الشجر والحجر والبشر غير آبه لا بالأعراف ولا بالقوانين الدولية ولا الإنسانية..

وآخر التقليعات التي تفتقت عن المفاهيم غير المفهومة للمطبخ السياسي إياه جاءت محاولة الترويج “لمبادرة مجلس النواب” التي قوبلت برفض وانتقاد وشجب شعبي وحقوقي وسياسي واسع النطاق..

وتمثل ذلك في خبر نشره موقع “سبأ نت” بعنوان: “رئيس مجلس النواب يلتقي عدد من ممثلي الأحزاب المناهضة للعدوان ومنظمات المجتمع”.

الخبر إياه جاءت بدايته هكذا: “التقى رئيس مجلس النواب الأخ يحيى علي الراعي اليوم بحضور عدد من أعضاء المجلس، عدد من ممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية المناهضة للعدوان ومنظمات المجتمع المدني”.. ومع أن الخبر لم يورد أي اسم لأي حزب أو تنظيم سياسي أو لأي منظمة من منظمات المجتمع المدني، إلا أن ذلك يضع أكثر من علامة تعجب أمامنا!!!. ألم يكن الأولى ذكر تلك المنظمات بالاسم لاضفاء شيء من المصداقية؟! ولا يفوتنا هنا أن ننوه أن الخبر على غير العادة نشر مصحوباً بصورة شخصية للمضيف وحده.. فيما المعتاد أن يتم تصوير اللقاء بكل من حضره.. خصوصاً وأن المصورين وآلاتهم لا ينقطعون عن المجلس طيلة الوقت الذي يتواجد فيه رئيس المجلس داخله!!

ومضى الخبر في سرد وقائع جرت في اللقاء لا تخلو من نفس وصياغة المطبخ السياسي إياه بغية الترويج لما يراد تمريره أو ربما فرضه.. حيث واصل الخبر (خُبِيرته) بالقول: “وفي اللقاء رحب رئيس مجلس النواب بممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية المناهضة للعدوان ومنظمات المجتمع المدني في بيت الشعب.. متمنياً لهم النجاح في عملهم المثمر الخاص والعام”.

ومن السخرية أن الخبر يسمي الاحزاب والتنظيمات السياسية بالمناهضة للعدوان.. مع أن مبادرة المجلس المراد الترويج لها لم تذكر كلمة “العدوان” في نصها كاملاً، هذا أولاً.. وثانياً تأتي عبارة “في بيت الشعب” التي تدفعنا للتساؤل: أي شعب هذا الذي يرحب بالحاضرين في بيته وهو البيت الذي لم يصدر منه في المبادرة المراد الترويج لها أي ذكر للعدوان الذي يشن عليه؟! وأي شعب هذا الذي يراد أن يفرض عليه مبادرة أقل ما يقال عنها إنها تتجاهل كل تضحياته وآلامه وشهدائه؟!.. ثالثاً ما المغزى من ايراد أمنيات المضيف لضيوفه بـ”النجاح في عملهم المثمر الخاص والعام”؟! وما هو الهدف من ايراد توصيف “المثمر” والحاقها أيضاً بكلمة “الخاص”؟!.

ويمضي المطبخ السياسي إياه في الترويج لما يراد الترويج له وهو ما سمي “مبادرة مجلس النواب” وذلك من خلال السياق التالي في الخبر: “وبيّن رئيس مجلس النواب أن الأحزاب والتنظيمات السياسية المناهضة للعدوان وكذا منظمات المجتمع المدني، تناصر كل عمل إيجابي يسعى لتخفيف معاناة المواطنين وينتصر لإرادتهم التواقة إلى وطن حر آمن ومستقل”.. وهنا يدغدغ المطبخ السياسي إياه مشاعر المواطنين من خلال أيراد عبارة “تناصر كل عمل ايجابي يسعى لتخفيف معاناة المواطنين”.. والمطبخ لا يكتفي بهذه الدغدغة، بل يمضي ليضيف عليها عبارة: “وينتصر لإرادتهم التواقة إلى وطن حر آمن ومستقل”.. ألا ترون أن في هذه العبارة ما يشبه “الاستحمار” للمواطن من خلال ايراد عبارة “وطن آمن ومستقل”.. فهل من أمن في ظل عدوان همجي يتعرض له هذا الوطن؟!.. وأي استقلال للوطن والعنوان الأساسي للعدوان هو التدخل وفرض الإملاءات؟!.

المطبخ السياسي المعني لم ينسَ أن يوظف الأوضاع السائدة والمعاناة التي تمس حياة المواطنين ليدخل من خلال ذلك إلى الترويج لما يراد أن يروج له كما ورد في الخبر بالقول: “…. والتي دفعت مجلس النواب إلى إعداد وتقديم مبادرته”.. ولم يفت على المطبخ السياسي إياه أن يشير إلى ما جاءت به العصا السحرية لبغية الوصول إلى “معالجة الأوضاع الراهنة التي تمر بها اليمن”.. لتأتي بعد ذلك المغالطات التي تفتري على الدستور من خلال القول إن المبادرة جاءت: “من منطلق صلاحيات المجلس الدستورية”.. مع أن الدستور لم يجز للمجلس تقديم المبادرات وانما حصر مهامه في الأمور التشريعية ومنحه شيء من الرقابة على السلطة التنفيذية فقط!!.

الجميل هو فيما اجتهد فيه المطبخ السياسي المعني إنه تطرق في سياق الخبر على لسان المضيف لضيوفه بالقول: “إن تقديم المجلس لهذه المبادرة راعى فيها المصلحة العليا للوطن وجعلها فوق كل المصالح والمشاريع الصغيرة”.. ألا ترون أن في العبارة الماضية اعتراف بوجود مصالح ومشاريع صغيرة؟!.. ويمضي المضيف مخاطباً ضيوفه بأن المبادرة جاءت: “لإنهاء معاناة المواطنين من ويلات الحرب الظالمة وفك الحصار البري والبحري والجوي الخانق ومواجهة التحديات بما فيها الأوبئة التي تفتك بأبناء اليمن وفي مقدمتها الكوليرا”.. وفي هذا المضيف يكرر ما أكدت عليه المبادرة بأن هناك “حرب” في إشارة إلى عدم وجود أو الاعتراف بالعدوان!!.

ويؤكد المطبخ السياسي على لسان رئيس المجلس بالقول: “إن مجلس النواب بهذه المبادرة وبكل أعماله السابقة واللاحقة لا يمكن على الإطلاق أن يفرط بذرة من تراب الوطن وسيادته واستقلاله ووحدة أراضيه”..

تعجب عزيزي القارئ في ايراد كلمات: السيادة والاستقلال والوحدة.. ولك أن تتساءل: أي سيادة بقيت ولم تنتهك؟! وأي استقلال يتم الحديث عنه هنا؟! وأي وحدة في ظل هذه الاعتمالات التي يمر بها الوطن؟!..

ويأتي بعد ذلك تجني المطبخ السياسي بالادعاء على لسان المضيف بالقول: “إن المجلس مع النقد البناء ويتقبل أي ملاحظات إيجابية تخدم الهدف الوطني لهذه المبادرة”..

أليس لنا هنا أن نتساءل: هل إحالة النائب أحمد سيف حاشد إلى اللجنة الدستورية للتحقيق معه بغية رفع الحصانة عنه ومحاكمته يندرج تحت يافطة النقد البناء الذي يؤمن به القائل؟! وهل التهديد بمحاكمة الوزير حسن زيد يندرج أيضاً تحت يافطة تقبل الملاحظات؟!.

المطبخ السياسي لم يفته أن يشير في خبره إلى تأكيد الحاضرين ومباركتهم وتأييدهم لمبادرة مجلس النواب بشأن معالجة الأوضاع الراهنة التي تعيشها اليمن.. وتشديدهم على ضرورة قيام دول تحالف العدوان بقيادة السعودية بإيقاف الحرب ورفع الحصار البري والبحري والجوي والإقتصادي وفتح مطار صنعاء الدولي وعدم الإعتداء على ميناء الحديدة.. وهنا يكرر المطبخ مجدداً ما أكدت عليه المبادرة متمثلاً في ايقاف الحرب وليس العدوان!!..

وبغض النظر عن صحة التقاء رئيس مجلس النواب عدد من ممثلي الأحزاب المناهضة للعدوان ومنظمات المجتمع المدني أو عدم صحته.. إلا أننا نلفت إلى أن ما سمي “مبادرة مجلس النواب” قد ووجهت بنقد لاذع وشديد من العديد من الحقوقيين والناشطين السياسيين وعلى رأسهم: عضو مجلس النواب الناشط السياسي والحقوقي القاضي أحمد سيف حاشد, وكذا وزير الشباب الرياضة الأستاذ حسن محمد زيد، إضافة إلى وزير الشؤون القانونية عبدالرحمن المختار، وكذا النائب العام عبدالعزيز البغدادي.

كما أنه ليس بخافٍ أن كتلة أنصار الله وحلفاؤهم في الحكومة قد رفضوا المبادرة ولم يوافقوا عليها.. وكذلك حزب الحق أعلن رفضه لها.. وعبر الأمين العام المساعد لحزب الوفاق الوطني الأستاذ خالد مجود عن انتقاده اللاذع لمبادرة مجلس النواب، مؤكداً انها لاتحل جذر المشكله.

 فهل ينجح المطبخ السياسي في الترويج لمبادرة مجلس النواب؟! وهل هناك من يسعى إلى فرض هذه المبادرة رغم الاعتراضات عليها وعدم قبولها؟!.

م.م

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى