الكلكتابات فكرية

الحداثيون والقبيلة

من مفارقات القدر العجيبة أن أرى الكثيرين اليوم من أولئك أدعياء (الحداثة) الذين ظلوا لعقودٍ كثيرةٍ في صراعٍ مستميتٍ مع (القبيلة) أو ما يمت إليها بصلة مرجعين ذلك إلى أن القبيلة هي سر تأخر وتخلف اليمن، أن أراهم اليوم وقد حجزوا مقاعدهم مبكراً في الصفوف الأولى للقاصدين فنادق الرياض ضاربين بشعارات الوطنية التي كانوا يرفعونها ويتغنون بها عرض الحائط، بينما (القبيلة) التي لم يُستهدف شيء في هذا البلد كما استهدفت وظُلمت حتى أنهم لم يترددوا في تحميلها مسئولية كل وزرٍ تسبب في تأخر وتخلف هذا الوطن، هاهم أبناؤها اليوم كما هم على مر التاريخ يتقدمون الصفوف ويحملون على عاتقهم مسئولية الدفاع عن هذا الوطن والذود عن حياضه ويبذلون الغالي والنفيس من الأموال والأنفس في سبيل كرامة وعزة هذا الوطن !

هاهم (المتخلفون) الغارقون في ظلام الجهل – كما ظلوا يُوصَفوُن لعقود – يعلمون الدنيا اليوم معاني التضحية والفداء والبذل والعطاء ومبادئ الوطنية الخالصة وقواعد التحدي والصمود والإيثار .

فما الذي اقتبسناه من نوركم اليوم أيها المتنورون الناهلون من مناهل الحداثة الزائفة غير النظريات الجوفاء والأفكار العقيمة التي لم تثنكم للحظةٍ واحدةٍ عن الارتهان للأجنبي والارتماء في أحضانه حتى تقفون موقفاً سلبياً من هذا المكون الأصيل من مكونات المجتمع اليمني ؟!

 

في الحقيقة لقد أثبتت القبيلة اليمنية من خلال أبناءها البررة أنهم هم النخبة الحقيقية وما سواهم أدنى وأقل مرتبةً ومنزلة، فكل إرثنا الحضاري ومخزوننا الثقافي لم يكن مصدره إلا القبيلة وليس أصباغ الحداثة المستوردة من كل أصقاع الدنيا والخالية من روح الأصالة والانتماء، وهذا بالطبع لا يعني أن القبيلة لا تتفق والحداثة، بل على العكس من ذلك، فقد ظلت القبيلة اليمنية على مر التاريخ تواكب الجديد والحديث في كل الأزمنة والعصور، ولكن بما لا يتعارض مع خصوصيتها اليمنية وهويتها العربية بدليل أن أبناء القبيلة اليمنية يتواجدون اليوم في كل المرافق والمؤسسات المدنية والحيوية للدولة ويسهمون بشكل فاعل في عملية البناء والتنمية في السلم بصورة لا تقل حماساً واندفاعا عن الصورة التي يراها الجميع اليوم لهم وهم يتسابقون إلى الجبهات للدفاع عن هذا الوطن ضاربين أروع الأمثلة في التضحية والفداء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى