إبراهيم بن على الوزيرالكل

إبراهيم الوزير .. داعية الشورى والحرية

تحل الذكرى الثالثة لرحيل المفكر الإسلامي إبراهيم بن علي الوزير ، فيما الأمة الإسلامية غارقة في أتون الصراع والضياع، ولما تجد مخرجا من ” التيه ” الذي أصابها بـ” المقت الكبير ” وأحال حاضرها إلى ” حصاد مر ”  رغم أنها تعيش في النصف الأول من ”  القرن الخامس عشر الهجري ” !

 ومنذ أربعينيات القرن الماضي ابتدأ الفقيد ” مسيرة جهاد ” عنوانها مقارعة الظلم والاستبداد والدعوة إلى الشورى والديمقراطية والحرية والعدالة وكرامة الإنسان.

وفي الشتات كان إبراهيم الوزير وطنيا أكثر من أولئك الذين تغنوا بالوطن ثم نهبوا ثرواته وتراقصوا على أشلاء أبنائه.. وفي المهجر كانت الهوية الأصيلة لإبراهيم الوزير عنواناً لأفكاره ورؤاه ومشاريعه السياسية والإنسانية.

هضم الحضارة الغربية لكنه لم يذب فيها كما فعل الكثيرون، وتقبل أحسن ما فيها دون إحساس بالنقص كما فعل آخرون،  فنسج لنفسه شخصية متميزة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتلتقي مع الآخر على دروب الوطنية والإنسانية، في اعتدال عز نظيره،  وفي ثبات أمام المغريات والتهديدات قل مثيله بين أقرانه من أقطاب الحركة الوطنية التي غرد رموزها شرقاً وغرباً، بينما ظل إبراهيم الوزير بمثابة البوصلة لمن ضل الطريق!

لم يكن إبراهيم الوزير مفكراً إسلامياً فحسب، فقد جمع بين النظر والعمل،  فكان مفكراً حركياً، يربط بين النصوص والواقع ويزاوج بينهما في مشروع متكامل كانت الشورى المحور الرئيس فيه.

طالما دعا الأستاذ الوزير إلى إعمال الشورى واعتبرها أعلى مراحل الديمقراطية، وإذ ربط بين الاستبداد وتخلف الأمة، فقد اعتبر الشورى والديمقراطية متلازمتان للخروج باليمن والأمة من حالة الوهن والتردي ، وحتى لا تبقى الفكرة مجرد تنظير في الخيال، أسس الفقيد اتحاد القوى الشعبية كحزب سياسي يعمل من خلال الجماهير على مقارعة الظلم، ومحاربة الفساد وتعزيز قيم الحرية والتعددية والتعايش.

بارك إبراهيم الوزير واتحاد القوى الشعبية قيام الوحدة والجمهورية اليمنية ودعما الدستور الذي نظم لحياة سياسية تقوم على حرية الصحافة والتعددية الحزبية وحق الشعب في اختيار حكامه، وفي الوقت الذي انخرط فيه الحزب عملياً مستفيداً وداعماً للمناخ الجديد، أخذ إبراهيم الوزير على عاتقه مهمة التأصيل الإسلامي للديمقراطية والمفاهيم المتصلة بالنظام الديمقراطي وبالحقوق والحريات الملتصقة بالديمقراطية الحقيقية.

جاء ذلك في وقت كان عدد كبير من علماء ومشايخ اليمن ينظرون إلى الديمقراطية. باعتبارها غزوا فكريا وللتعددية الحزبية باعتبارها رجساً من عمل الشيطان، ومن قال منهم بأهمية وضرورة الشورى في النظام السياسي الإسلامي، فإنه قد اعتبرها معلمة وليست ملزمة للحاكم على عكس ما كان يجهر به السيد الوزير حيث كان يؤكد على أنه لا معنى للشورى إن لم تكن ملزمة، وقد قال بذلك في أكثر من مؤلف و حوار صحفي،  ما يجعلنا نقول عنه بحق أنه داعية الشورى، في الأمة الإسلامية. . كيف لا، وهو من اختار مسمى ” الشورى ” عنواناً للصحيفة التي تصدر باسم الحزب الذي أسسه ورعاه حتى مماته، بل إنه جعل “الشورى في الأمر ” على رأس الشعارات التي رفعها اتحاد القوى الشعبية ولا يزال..

 

إضافة إلى ذلك، فقد انتصر الوزير لمفهوم الحرية، ولمنظومة الحريات بشكل عام، ورغم أن الفقه الإسلامي التقليدي كان ولا يزال يعتبر “العدالة ” هي الأساس في النظام السياسي الإسلامي، نجد إبراهيم الوزير منحازاً للحرية ولإحترام الرأي والرأي الآخر ومنتصراً لحرية الرأي والتعبير، والحق في المعارضة والنقد وتصويب أخطاء السلطات، بمختلف الوسائل بما في ذلك الصحافة الحرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى