«حرث في حقول المعرفة» للأديب والمفكر قاسم بن علي الوزير
«حرث في حقول المعرفة» للأديب والمفكر قاسم بن علي الوزير
دائما ما يتحفنا الأستاذ والمفكر الأديب قاسم بن علي الوزير ، بكتبه ومؤلفاته ، والتي تجعلنا نحلق عاليا في عالم الفكر والثقافة ..
وفي هذه المرة نحلق مع كتاب «حرث في حقول المعرفة»، لأستاذنا الكبير الأديب قاسم بن علي الوزير، والذي صدر عن مركز التراث والبحوث اليمني، ويقع في 175 صفحة بالقطع المتوسط.
يحتوي الكتاب على تقديم للأستاذ زيد الوزير، شقيق المؤلف، ورفيق دربه في الحياة التي عاشاها سويًا بحلوها ومرها.
وقد أحسن الأستاذ زيد صنعًا حين قام بتجميع محاضرات وكتابات الأستاذ قاسم، وقبله كذلك قام الأستاذ إبراهيم الوزير بتجميع القصائد المتناثرة للأستاذ قاسم في ديوان، ولولا ما قام به الأخوان الأستاذان: إبراهيم وزيد تجاه إرث أخيهما الفكري، لتوارى هذه التراث بالحجاب، ولحالت الظروف دون استجلاء شخصية ذات أثر وفكر مستنير أغنت كثيرا المكتبة اليمنية بالكثير من نفائس الكتب المعرفية.
ثم تأتي التوطئة التي كتبها الأستاذ قاسم وهي جديرة بالقراءة، لأنها بمثابة كشاف عما يحتويه هذا المجموع القيم من مواضيع هي في الأصل محاضرات وأوراق عمل قدمها أستاذنا الجليل قاسم في «مركز الحوار العربي»، بفرجينيا.
أما مواضيع الكتاب بحسب الفهرس فهي:
· الموقف من الحضارة الغربية.
· مراجعات وتأملات فكرية في مفترق قرنين.
· أولويات للنهضة العربية
· أفكار حول الإصلاح والتغيير في البلاد العربية.
· عوامل الانقسام والتجزئة في الأمة والمجتمع.
· أسباب العنف في المجتمع.
· جرائر الدكتاتورية: العراق نموذجًا.
· الفقه في غفوة والعقل في إجازة.
· نقاش حول الموقف من الحضارة العربية.
يقول الأستاذ قاسم في توطئته: “هذه أحاديث دعت إليه دواعٍ ذات شعب، أفضت إلى مراجعات شتى لجوانب من قضايا عصرنا الذي نعيش فيه تشغل حيزًا كبيرًا من حياتنا الثقافية والاجتماعية والتاريخية والاقتصادية…
ولقد يتبادر إلى الذهن أن هذه مجموعة من محاضرات وأحاديث متفرقة مستقلة بعضها عن بعض، وليس الأمر كذلك؛ فإنها تدور حول موضوع واحد يربط بعضها ببعض، ويجعلها أقرب إلى فصول من كتاب حول قضية واحدة من جوانبها المختلفة وتلك هي قضية «النهضة».
نعم هذا هو الموضوع الرئيس الذي شغل بال الأستاذ قاسم، كما شغل قبله كثير من المفكرين ورجال النهضة والتنوير بدءًا من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي ومالك بن نبي وشكيب أرسلان ومحمد علي لقمان.
ولا يزال هذا الموضوع يشغل بال الكثير ممن يتوقون لأن يستأنف المسلمون ما بدؤوه من حضارة وقدموه للعالم من مثل وقيم سامية.
إن ما كتبه الأستاذ قاسم، وخاصة الموقف من الحضارة الغربية التي يقف منها كثير من الناس بين طرفي نقيض كما يقول الأستاذ قاسم، حيث يصدر أحدهما عن «عقدة الخوف»، وهو الذي يتوجس من الحضارة الغربية، ويراها كلها شرًا محضًا، وبين الآخر الصادر عن «عقدة نقص»، وهو يرى أخذ هذه الحضارة برمتها، والمشي في ركابها بخيرها وشرها.
إن الحضارة- أي حضارة- هي كما يقول الأستاذ قاسم.. عبارة عن سلالة من رحم حضارات أخرى كان لها دور كبير في هذه الحلقة المتواصلة، والتي لعبت فيها كثير من الأجناس دور البناء والتأسيس ، كما يقول المؤرخ أرنولد توينبي، كما أن الفكرة، سواء كانت دينًا أو أي فكرة يؤمن بها الإنسان هي الشرارة التي تقدح في الإنسان ما خلق لأجله من عمارة الأرض وتأسيس الحضارات، بحسب مالك بن نبي.
هذا الكتاب كتاب قيم، وهو جدير بالقراءة، وصاحبه قامة ثقافية كبيرة بمرجعية إسلامية مستنيرة بتوسط بين الأمرين في رؤيته لمحاسن الحضارة الغربية، وضرورة الاقتباس منها، وفي الوقت نفسه عدم الغفلة عن نقائصها التي تتعارض مع قيمنا، والتي قد تودي بهذه الحضارة إلى هوة الانحلال والفناء.
أقرأ أيضا:رحلة الألف والمئة والستين عامًا..جديد الباحث والمفكر زيد بن علي الوزير
أقرأ أيضا:رحلة الألف والمئة والستين عامًا..الإمام المرتضى (278- 310هجرية)