تفعيل الصحافة للحد من الفساد
تفعيل الصحافة للحد من الفساد
الصحافة المستقلة هي صوت الشعب كل الشعب دون تمييز ولا استثناء ووسيلته لإنفاذ حقه الدستوري في حرية الرأي والتعبير وهي صوت الحقيقة والواقع وهذا هو الفارق الجوهري بين الصحافة المستقلة والصحافة غير المستقلة التابعة لاحد الأطراف السياسية ( الدولة – المعارضة ) حيث ان الصحافة التابعة لاحد الأطراف السياسية هي صوت لذلك التيار السياسي فقط تدافع عن تصرفاته وهذا من حق تلك التيارات السياسية في استخدام الصحافة لتوضيح رايها والدفاع عنه وانتقاد الاخر ولكن اين منبر الشعب وأين صوت الشعب ؟ الصحافة المستقلة تحقق ذلك فهي منبر الشعب وصوته …
وفي هذا الاطار ولأهمية دور الصحافة المستقلة ينعقد بتاريخ 2- ديسمبر – 2022م ملتقى أريج الخامس عشر تحت عنوان الإعلام المستقل ويستمر لمدة ثلاثة أيام في العاصمة الأردنية عمان ويشارك في الملتقى صحفيين بشكل مباشر في مبنى وقاعة الملتقى وأيضا المشاركة عبر برنامج الزووم الكترونيا من خارج القاعة بالإضافة الى وسائل الاعلام من الوطن العربي والعالم ومشاركة فاعلة لمؤسسات دولية متخصصة في الاعلام لعرض تجارب الصحافة المستقلة في الوطن العربي والصعوبات واستعراض التجارب العالمية الإيجابية لتطوير وتحسين أداء الاعلام المستقل وتحقيق اثار إيجابية في الواقع بإجراءات إيجابية .. والذي سيكون للملتقى دور إيجابي وأثر واسع لتطوير وتفعيل الصحافة المستقلة في الوطن العربي خلال العام القادم 2023م .
الشعب لا ينحصر فقط بين طرفي التيارات السياسية ويستلزم ان يكون للشعب نافذة وصوت اعلامي للتعبير عن رأيه وتطلعاتها وهمومه واحتياجاته وملاحظاته ومقترحاتها في مواجهة الجميع ووفقا للحقيقة والواقع وبتجرد كامل عن الاطراف وهذا هو دور الصحافة المستقلة .. الذي يكون لدورها الفاعل اثار إيجابية للحد من الفساد وحماية الحقوق والحريات والضغط الشعبي لتحقيقها.
رغم الصعوبات والمعيقات الذي يعاني منها الصحفيين المستقلين في جميع الدول العربية بما فيها وطني اليمن الا ان نشاط الصحفيين المستقلين مستمر في جميع المحافظات والمناطق وهناك اثار إيجابية ملموسة للنشاط الإيجابي لهم … وبالامكان تجويدها وتوسيع نشاط لصحافة اذا توفرت الإمكانيات ورفع مستوى الصحفيين المستقلين كون الصحفيين المستقلين أهم أركان الصحافة المستقلة فلا يمكن تحقيق صحافة مستقلة دون صحفيين مستقلين فاعلين ومؤثرين وتوفير الحماية القانونية لهم لضمان استمرارية نشاطهم وتطوير اداؤهم ولن يتحقق ذلك مالم يتم تمكين الصحفيين من المستقلين من الإمكانيات والقدرات المالية والمعارف والمهارات اللازمة لتوسيع تأثيرهم في الواقع في ظل تجاذب الأطراف للعمل الإعلامي و حصر الموارد المالية بين الأطراف والصحفيين التابعين لهم يكون الصحفي المستقل وحيداً دون دعم يضمن استمرار نشاطه دون توقف و يتسبب ذلك في ضعف الصحافة المستقلة وتوقف الصحفيين المستقلين عن نشاطهم ولمعالجة ذلك نقترح لتفعيل الصحافة لمستقله التالي :
1-. انشاء شبكة تضم الصحفيين المستقلين في جميع المحافظات والمناطق في اطار الوطن لتفعيل دورهم وتبادل المهارات والخبرات وان يكون لتلك الشبكة وجميع أعضائها من الصحفيين المستقلين -دعم مستمر- يضمن عدم توقف دور الصحفيين المستقلين ورفع مستوى اداؤهم ..
2- التأهيل المستمر للصحفيين المستقلين بدورات تدريبية داخلية وخارجية وتوفير المراجع والأدلة والتقارير مترجمة باللغة العربية وكذلك التأهيل عن طريق العمل ضمن فريق لاكتساب الخبرات والمهارات العملية .
3- تفريغ الصحفيين المستقلين للعمل الصحفي حيث يلاحظ انه بسبب الظروف الاقتصادية الذي يمر بها معظم الدول العربية ومنها اليمن يلجأ الصحفي للعمل في أنشطة أخرى لتوفير احتياجاته المعيشية وهذا يخفض انجاز الصحفي المستقل بسبب تشتت جهده وانهاكها في اعمال أخرى خارج تفرغ الصحفي المستقل سيجعل تركيزه منصب على العمل الصحفي وسيرتفع مستوى إنجازه .
4- إنشاء قاعدة بيانات الكترونية واسعة للمعلومات الرسمية وغير الرسمية الذي تهم الصحفيين وفي جميع المجالات تنفيذا لقانون حق الحصول على المعلومات النافذ في معظم الدول العربية والذي يعاني الصحفيين المستقلين من الحصول على المعلومات وتعيق تقاريرهم او تكون المعلومات ناقصة بسبب عدم حصولهم على المعلومات واهمية ذلك لتدقيق المعلومات قبل النشر وتسريع إجراءات التدقيق .
5- انشاء الية تعاون وتنسيق بين شبكة الصحفيين المستقلين وبين محامين ومستشارين قانونين لتحقيق التالي:
أ-. توفير حماية قانونية وقائية للصحفيين المستقلين بتعريفهم بالقوانين ذات العلاقة بعملهم وتوعيتهم بمخاطر ومحاذير النشر ونصائح قانونية وفقا للقانون الوطني والدولي ..
ب- توفير الحماية القانونية والعون القضائي للصحفيين لمستقلين اثناء إجراءات التحقيق والمحاكمة
ج- التعاون في تنفيذ القوانين ذات العلاقة بعمل الصحفي المستقل ومنها انفاذ قانون حق الحصول على المعلومات ومتابعة الإجراءات القانونية العقابية ضد من يرفض تمكين الصحفي من تلك المعلومات بما فيها رفع قضايا وشكاوى قانونية ضد الجهات الرافضة تنفيذ القانون
د- تدقيق عمل الصحفيين المستقلين من الناحية القانونية لتجويدها والحد من مخاطر المسائلة القانونية لهم
الجميع مستفيد من الصحافة المستقلة الإيجابية كونها تشخص وتحلل المشاكل ووقائع الفساد والانتهاكات بتجرد كامل عن جميع الأطراف وتنقل حقيقه ما يحصل في الواقع بمهنيه عالية وتضع على الطاولة بشفافية المعالجات والحلول..
ضعف الصحافة المستقلة وتوسيع دائرة الاستقطاب الإعلامي بين الأطراف السياسية وتضييق هامش عمل الصحافة المستقلة يحول الصحافة الى وسيلة مناكفة بين الأطراف السياسية تركز على مكامن فشل واخفاق الاخر وتبرر اختلالات وفساد وانتهاكات حقوق الانسان وحرياته الذي يمارسها التيار السياسي الذي تعبر عنه الصحافة التابعة لذلك التيار دون تشخيص دقيق وحقيقي للأسباب ودون توضيح الحلول والمعالجات وتحميل الطرف الاخر المسؤولية الكاملة عن ذلك الفساد وتلك الانتهاكات ..
استمرار تغييب الصحافة المستقلة وتضييق هامش عملها وتحركها يتسبب في اضعاف دور الاعلام بشكل عام الرسمي والمعارض والمستقل ويفقد الشعب ثقته في الاعلام وتوسع الاحتقان الشعبي ضد جميع الأطراف السياسية كون الواقع يناقض ويتعارض مع ما يعرضه الاعلام ولا يستمر صمت الشعب فهو فقط مثل قطرات الماء الذي تتجمع بصمت وفجأة تتحول الى سيل جارف يجرف الجميع سلطة ومعارضة .
وكلما كانت الصحافة المستقلة أكثر فعالية ونشاط كلما انخفض مستوى الفساد والاختلالات وانخفضت انتهاكات حقوق الانسان وحرياته كون الصحافة المستقلة هي عين الشعب ولسانه وقلبة النابض تسلط الضوء على الممارسات المخالفة للقانون من فساد واستيلاء على المال العام او انتهاكات لحقوق الانسان وحرياته ويحلل تلك الوقائع ليشخص أسبابها الحقيقية ويحدد الجهات المسؤولة عنها دون تمييز ولا استثناء وعن مكافحتها والحد منها ويضع تلك الوقائع المخالفات للقانون بشكل واضح وشفاف بين سندان الشعب ومطرقة مؤسسات الدولة للحد منها ومكافحتها ويكشف الغطاء عن وقائع الفساد وانتهاكات حقوق الانسان ولا يتوقف دور الصحافة المستقلة في مربع تسليط الضوء وكشف الغطاء بل أيضا يستمر دورها لاقتراح الحلول والمعالجات.
بمعنى ان الصحافة المستقلة تقوم بدور المسائلة الشعبية على مؤسسات الدولة لاستنهاض دورها الإيجابي في مكافحة الفساد وحماية حقوق الانسان وحرياته كون مكافحة الفساد وحماية حقوق الانسان هما جوهر المهام والاختصاصات الدستورية والقانونية لـ تلك المؤسسات وأيضا الى جوار المسائلة الشعبية تقوم أيضا الصحافة المستقلة باقتراح الحلول و المعالجات كون الصحافة المستقلة تهدف في برامجها ونشاطها الإعلامي الى مكافحة الفساد وحماية حقوق الانسان وحرياته وليس لديها مصالح أخرى .
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية تفعيل الصحافة المستقلة لما لها من دور إيجابي في احداث حراك إيجابي وتمكين الشعب من حقهم في حرية الراي والتعبير كون الصحافة المستقلة نافذة ومنبر لعموم الشعب دون تمييز ولا استثناء ودون خطوط حمراء …
من أهم أسباب الحروب والاختلالات والفوضى غير الخلاقة في الوطن العربي هو بسبب غياب الصحافة المستقلة الذي تناقش وتعرض وتحلل اهتمامات الشعب واحتياجاتهم بشكل مستقل ومهني وتسلط الضوء على مكامن الفساد والاختلال وتوضح انتهاكات حقوق الانسان وحرياته ليس للمواجهة وتحميل السلطات المسؤولية فقط بل للمعالجة واقتراح الحلول كنقد إيجابي … غياب الصحافة المستقلة وتكميم الافواه يتسبب في اشتعال نيران الاحتقان الشعبي تحت الرماد لتنفجر دون تنفيس ودون معالجة للاختلالات والفساد والانتهاكات لتنفجر فجأة وتتسبب في الحروب والفوضى الذي تعجز مؤسسات الدولة عن ضبطها ..
نأمل أن يكون لمؤتمر أريج 15 لعام 2022م #ARIJ22الذي يعقد بتاريخ 2-4/ ديسمبر / 2022م في العاصمة الأردنية عمان تحت عنوان الاعلام المستقل دور كبير وملموس لتفعيل الصحافة المستقلة في الوطن العربي ورفع مستوى أداء الصحفيين المستقلين وتعزيز حماية الصحافة المستقلة وتخفيض مستوى المخاطر والصعوبات التي تعيق عمل الصحافة المستقلة لـ تفعيل الصحافة المستقلة للحد من الفساد وحماية حقوق الانسان وحرياته
أقرأ أيضا:عن المطابخ التي بلا سقوف!
بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
ناشط حقوقي اعلامي ومستشار قانوني – اليمن
Law711177723@yahoo.com
