كتابات فكرية

الإمام زيد بن علي.. الثائر الذي صلبه الأمويون

الإمام زيد بن علي.. الثائر الذي صلبه الأمويون

  • د : عبدالرحمن المؤلف 

الأربعاء16يوليو2025_

مقدمة: 

في مشهد يختزل وحشية السلطة وثمن المبدأ، ارتفع جسد “زيد بن علي” حفيد الحسين (ع) على سارية في “كناسة الكوفة” (مزبلة المدينة) بعد استشهاده عام ١٢١ هـ. لم يكن مجرد ثائر، بل كان عالماً فذاً ووريث النبوة الذي أراد أن يُعيد للأمة سيرة جده الرسول (ص). 

المولد والنشأة: بذرة الثورة من كربلاء 

– وُلد زيد بن علي زين العابدين سنة ٧٦ هـ في المدينة المنورة، لأمٍّ من السند (باكستان اليوم). 

– تربّى على جراح كربلاء، فكان أبوه الإمام السجاد (ع) يبكي على الحسين كل يوم، فتشبّع روحه بكراهية الظلم. 

– تلقّى العلم في حلقات أبيه وأخيه الإمام الباقر (ع)، حتى صار مرجعاً في الفقه والحديث، وصفه أبو حنيفة قائلاً: *”ما رأيتُ أفقهَ منه”*. 

رحلة الشام: المواجهة التي هزّت العرش 

– ذهب إلى دمشق للاحتجاج على ظلم الوالي الأموي، فاستقبله الخليفة هشام بن عبد الملك بإهانة متعمّدة: ضيّق عليه المجلس وسخر منه قائلاً: *”وما أنت وهذا؟ أنت ابن أمة!”*. 

– فردّ زيد بثقة التاريخ: “إن إسماعيلَ كان ابن أمةٍ وكان نبياً، والنبوةُ أعظم من الخلافة!”، ثم خرج مطلقاً تحذيراً شهيراً: *”لا يُكره قوم حر السيوف إلا ذلوا”. 

الثورة: بين بيعة الكوفة وخيانة السكوت* 

– في ١٢٠ هـ، بايعه ٤٠ ألف مقاتل في الكوفة على”ردّ المظالم والدفاع عن المستضعفين”*. 

– حذّره الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وعبد الله بن الحسن من غدر أهل الكوفة قائلين:  “هم نفخ العلانية، خور السريرة”، لكنه أجاب: “أُجاهد لأحييَ سُنة جدي”. 

– ليلة خروجه، تخلف الأنصار جميعاً إلا ٥٠٠ رجل، فكانت معركة غير متكافئة. 

الاستشهاد: دم يكتب نهاية دولة

– أصيب بـ ١٣ سهماً، اخترق أحدها جبينه. وقبل سقوطه نادى ابنه يحيى: 

“يا يحيى! أبشر.. تقدم على رسول الله وعلي والحسن والحسين!”

– أمر هشام بصلبه ٤ سنوات على مزبلة الكوفة، ونُقل رأسه إلى مصر حيث دُفن، بينما مهّد دمه لسقوط الدولة الأموية بعد عقد واحد. 

إرثه: فقه الثورة ومدرسة العدل

– أسس “المذهب الزيدي” الذي يجمع بين الفقه الجعفري وعلم المعتزلة، ويعدّ أقرب المذاهب الشيعية إلى السنة لاعترافه بشرعية خلافة أبي بكر وعمر. 

– مصطلح “الرافضة” وُلد في ثورته، عندما رفض فريقٌ القتال معه إلا بشرط البراءة من الشيخين، بينما أصرّ زيد على قول: *”هما وليّان عادلان”*. 

اقتباس الختام

“سلوني قبل أن تفقدوني! فوالله لا تسألوني عن آية من كتاب الله إلا أنبأتكم بها، ولا عن حرف من سنة رسول الله إلا أنبأتكم به” 

— زيد بن علي في خطبته الأخيرة بالكوفة —

تحليل المؤرخين: 

“لم تكن ثورة زيد مجرّد تمرد عسكري، بل كانت إعادة تعريف للجهاد في مواجهة تحويل الخلافة إلى ملك عضوض. دمه كان البذرة الأولى لثورة العباسيين” — د. خالد السامرائي، جامعة بغداد.

[صورة توضيحية: موقع كناسة الكوفة الأثري حيث صُلب زيد، مع نصّ لوحته التذكارية] 

هذا المقال يعتمد على مصادر: 

– “تاريخ الطبري” 

– “مقاتل الطالبيين” للأصفهاني 

– “الإمام زيد” لمحمد أبو زهرة 

– مخطوطات مكتبة جامعة الأزهر

اقرأ أيضا:الأستاذ زيد الوزير : آراء زيد وأبي حنيفة ومالك والشافعي تحولت إلى مذاهب متبوعة وبقدر ما أثرت الفكر الإسلامي أصبحت عائقًا أمام تطور الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى