الدكتور أمين الجبر يتساءل .. متى يكون العلم ضرب من العبث

الدكتور أمين الجبر يتساءل .. متى يكون العلم ضرب من العبث
الدكتور أمين الجبر يتساءل .. متى يكون العلم ضرب من العبث
مجرد تأمل.. في اغتراب الأكاديمي وانفصامه عن واقع الأُمَّة

- بقلم الدكتور : أمين الجبر
الاحد1يونيو2025_
لم يعد الأكاديميُّ المنعزل إلَّا ظلًّا متحرِّكًا لشهادته، يختبئُ خلف وهم الموضوعيَّة والحياد، كأنَّما العلم ينبغي أن يكون بلا ضمير، أو كأنَّ الحقيقة تقف على حافة المجهر دون أن تمس قلب الحياة.
هو ينكر أنَّه جزءٌ من روح الأُمَّة، ويتوهم أنَّ التخصّص يبرر له الغيبة عن مأساتها. فإذا ب”الأكاديمي” يتحوَّل إلى خازن أوراق، يفرك نظَّارته بِكمِّه كلَّما سمع صرخة من غزة أو دمعةً من فلسطين.
ليس الجرم في أن يكون الأكاديمي مختصًّا، بل في أن يكون مجرَّد مختصٍّ. فـ”العلم” الذي لا يخدم الحياة هو ضرب من العبث، والمعرفة التي لا تنتمي إلى واقع النَّاس هي وهم فضفاض. أَين علمك من دم الأبرياء؟ . أَين أبحاثك من صراخ الثَّكالى؟. أَين نظريّاتك عن الحرّية وأَنت ترى القيود تحكم بحبال الغرب على أَعناق الشعوب؟.
يتعامل بعضهم مع تدمير غزة وكأنَّه حلقة من “ناشيونال جيوغرافيك”، أو يحلِّلون جرائم التطهير العرقي بـ”برقية إحصائية” تختزل الحقيقة إلى أَرقام.
لكن.. هل يمكن لـ”عَالِمِ السِّياسة” أن يكتب عن النِّظام الدَّولي دون أن يتقيأَ على وثائق الأُمم المتَّحدة؟.
هل يمكن لـ”عَالِمِ الاجتماع” أن يحاضر عن التَّماسك الاجتماعي بينما أُمَّته تذبح كالأغنام؟.
ليس المطلوب من الأكاديمي أن يحمل السِّلاح، بل أن لا يحمل السِّلاح ضد أُمَّته.
ليس المطلوب أن يكون شجاعًا، بل أن لا يكون جبنه سترةً لخيانته.
فـإمَّا أن تكون عالِمًا بمعنى الكلمة حاملًا لمشعل الحقيقة والحرِّية، وإما أن تكون كاتبًا لـ”كتيِّبات” الأعداء، تبرِّر فيها القتل بـ”النَّظريَّات”.
إِذا كان الأكاديمي يعتقد أنَّ الحياد فخر، فليعلم أنَّ الصَّمت عن الظلم خيانة، وأنَّ الموضوعيَّة في زمن الإبادة هي وشم العار الأَكبر.
فـالعلم الحق ليس شهادة على ورق، بل رسالة تحملها بين العقل والقلب.
أَما من يخونها، فشهادته مثل جثته موضع للتَّحنيط في متحف الزَّائفين.
هذا الكلام ليس هجومًا على العلم، بل تذكير للأكاديميين أنَّهم حرَّاس الحقيقة، وليسوا حراس السلطة والطغاة.
فـإِمَّا أن يكون الأكاديمي جزءًا من الحل، وإِمَّا أن يكون وسخًا في جراح الأُمَّة.
فليتهم يفقهون..
اقرأ أيضا للكاتب:مجرد تأمل .. في إفلاس الإلحاد وتهافت الوهم العلموي
