كــــورونا والعقل الجمعي
يتصاعد تفشي الوباء في بلادنا، فيما لا يزال الغالبية منا يتعاملون مع إجراءات الوقاية على نحو من السخرية والاستهتار، وكأن ما يحدث في العالم من حولنا ليس كافيا للعبرة والاعتبار. ومع أننا رأينا دولا وشعوبا دفعت الثمن باهظا لأنها تساهلت مع ” كورونا “، فلا يبدو أننا تعلمنا الدرس بما يكفي، مع أن ألطاف الله بشعبنا كانت ولا زالت حاضرة، ويكفي أن هذه الجائحة قد منحتنا الوقت الكافي لاتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لانتشارها، الذي عرفنا أنها تنتقل كما النار في الهشيم، فلا ترعى حرمة لصغير أو كبير، ولا تفرق بين غني أو فقير.
ربما يقول البعض – وقد قالوا- أن اليمنيين من أكثر الشعوب التزاما وتوكلا على الله، وهذا ما يجعل الطمأنينة والرضا بقدر الله تسيطر على تحركاتنا في مواجهة ما حدث أو قد يحدث لنا، غير أن هذا القول على ما فيه من مبالغة، لا يعفينا من مسئولية الوقاية والمقاومة، وقديما قيل أن الطاعون حل على المدينة في زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنصح أهلها بالخروج منها، فلما قيل له أنفر من قدر الله؟ رد حاسما، بل نفر إلى قدر الله.. وهذا ما يتعين علينا فعله اليوم.
ليست الشجاعة في الركون إلى إيماننا بالقدر ما دام أن ثمة فرص كثيرة لتجنب المرض والحد من انتشاره، بل لعل الواجب الديني يفرض علينا العمل على تكثيف التوعية بالإجراءات الوقائية ، بل والأخذ على أيدي المتساهلين إن لزم الأمر، ولست هنا بصدد تقمص دور رجل الدين، فقد سمعنا رأي العلماء، فلم نجد اختلافا فيما بينهم بهذا الخصوص على عكس ما يحدث مع مسائل فقهية أخرى، وهذا عامل يساعد على الأخذ بكل أسباب الوقاية، بما في ذلك الابتعاد مؤقتا عن صلاة الجمعة والجماعات.
من جهة أخرى، ونحن نعرف حقيقة الإمكانات الشحيحة لبلادنا وأنها لن تسعفنا في حالة الذروة، ومع تقديرنا لكل الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية إلا أنه لا مكان للتعويل على الدولة وحدها، بل على المجتمع نفسه أن يكون في مستوى المسئولية، فلا أحد يملك مع هذا المرض ترف المزايدة، أو المعارضة لمجرد المعارضة.
على صعيد الواقع والسلوك العملي هناك ما يقلق بالفعل، فلا زالت الغالبية تتحرك بنوع من التواكل واللامبالاة، وهذا النوع من الثقافة الجمعية نجده قد انعكس على أداء الجهات الرسمية نفسها، إذ لا تزال الكثير من الخطوات التي يتعين اتخاذها تحت النظر للأسف.. ولا أدري ماذا ومن ننتظر حتى نقرع جرس الطوارئ الصحية؟!
وبالنسبة للمواطنين، فلا زالت فكرة التباعد الاجتماعي بعيدة عن استيعابهم، بل أن المصافحة لا زالت ديدن أغلبيتنا حين نلتقي مع بعضنا البعض، ومع أننا نسمع ونستمع إلى كثير من الإرشادات التي تبثها وسائل الإعلام، إلا أن البعض لا يجد نفسه معنيا بمثل هذه النصائح، وهنا لا بد من المواجهة بطريقة جمعية، فكما أن المرض يتحدانا بسرعة العدوى، فلنتحداه بسرعة الوعي، ولنكسر طريق الندامة، بالتزام آليات التباعد الاجتماعي، فما جدوى الندم وقد أصبحت أنا أو أنت تحت الحجر الصحي..!!
#خليك_بالبيت