اخبار محليةالكل

وداعاً يا آخر العظماء..

على الرغم من معرفتي الزمنية القصيرة به، ولامجاراتي له علما وثقافة، الا انه وفي زمن قياسي، وباحترافية فيلسوف ماهرعمق في وعيي فكرا مستنيرا لا متناهيا ، وجذر في وجداني حبا وتأثرا واقتداء لا حدود له، وان دل هذا على شيء فانما يدل على كثافة خلقه وغزارة علميته بل نبالة انسانيته، انه الدكتور الخالد الذكر الابدي الحضور احمد صالح النهمي طيب الله ثراه.

 

كانت بداية معرفتي به عن طريق زميله الدكتور امين الجبر أثناء جلسات المقيل التي كانت تتخللها النقاشات والحوارات العميقة والمتنوعة حيث كنت انبهر بمناقشاته ومداخلاته التي تعكس إنسانا ناضجا وقامة علمية/اكاديمية سامقة، ومع تقادم الايام وتكرار التثاقف والانسنة تراكمت في ذهنيتي معرفة ووعيا سرعان ما تحول الى تأثرا ومحاولة اقتداء ترجم عمليا اثناء تشجيعه لي على المشاركة بورقة بحثية بعنوان( البعد الاجتماعي لحركة 48) في ندوة علمية خاصة بذكرى ثورة 48 الدستورية.

 

لتتوالى من ثم اللقاءات والحوارات العلمية والثقافية التي جمعتني به، والتي في شقها السياسي، كان دائم التأكيد على ضرورة قيام الدولة المدنية الحديثة، كما كنت في معظمها حضورا بمثابة التلميذ الذي يتتلمذ شيئا فشيئا على مقتضياتها ووفق تبعاتها، على الرغم من رفضه فكرة التلمذة أو الابوية العلمية إذ بتواضع العالم وبساطة المفكر، ان لم يكن بعفوية الفيلسوف، كان يتعامل مع اقطاب الحوار والنقاش على اختلافهم فكرا وثقافة ومستوى، من منطلق الندية والزمالة ليس الا.. وهو ما كان يضفي على اجواء الحوار طابعا علميا رصينا، ويزيده ألقا وعمقا، لاسيما إذا تشاطرا طرفيه كل من الدكتور امين والدكتور احمد، اللذين يمثل كل منهما مدرسة علمية/فكرية قائمة بحد ذاتها، فضلا عن تصيير ذلك النقاش والحوار الى ما يشبه الورشة التدريبية بالنسبة لي التي صقلت من خلالها وخبرت الشيء الكثير علما وثقافة وفكرا وسياسة وهلم جراء..

 

كان رحمه الله دائم السؤال وكثير الاهتمام بولدي عبدالحكيم الذي حقق نجاحا باهرا في اختبارات قبول كلية الطب البشري معتمدا على ذاته دون مساعدة أحد وهو ما اثار اعجابه به وحثه لي الدائم والمتواصل على الاهتمام به وضرورة تشجيعه، حيث يشعرك باسلوبه هذا انه قريب منك ويهمه امورك، مما زادني حبا واحتراما  وتقديرا له لن انساه ما حييت.

 

فكيف لرجل مثلي مكلوم على فراقه حد الفجيعة، ان يتحدث عنه ويرثيه بالشكل اللائق به. فمهما امتلكت من بلاغة القول وجزالة المعنى لا افيئه حقه ولا استطيع وصفه، ومكانته في قلوبنا فوق الوصف فوق المعنى والدلالة.

 

عزاؤنا ان فكره المستنير سيظل خالدا فينا.

 

الرحمة لروحة الطاهرة، والصبر والسلوان لكل محبيه وذويه.

 

أ‌.      خالد الفلاحي.

مدرس بقسم التاريخ والعلوم السياسية، كلية الآداب. جامعة ذمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى