الكلكتابات فكرية

صحيح لديهم رواتب..

عاش الموظف اليمني زمناً من الدهر معتمداً إلى حد بعيد على الوظيفة العامة ووصل إلى قناعه أن الراتب ما هو إلّا حق مشروع سواء قام بعمل أو جلس في منزله وساواه بالضمان الاجتماعي …

وفي فترات كثيرة اعتبر قوام موظفي الدولة غير دقيق ولا يحاكي الواقع الفعلي بدليل الازدواج الوظيفي والاسماء الوهمية والتي قررت حينها الحكومات السابقة التخلص من هذه المشكلة عبر برنامج البصمة الوظيفية والتي بدأتها بموظفي الخدمة المدنية ولم تستكمل وكذلك لم تدخل في التنفيذ فئات قوات الأمن والجيش واتضح عندها ظهور عشرات الآلاف من الوهميين والمزدوجين ولم تعالج وضعيتهم إلا بنسبه ضئيلة لا تكاد تذكر..

ومن مآسي الوظيفة العامة أنها تفتقر للعدالة في تحديد الرواتب بين جهة وأخرى بل وصل الحد في التفاوت إلى درجة مخيفة وإن وضعت عام 2005 م ما يعرف بالاستراتيجية الوطنية للمرتبات إلا أنها كغيرها من المعالجات لم تلق نجاحا ولم تضع حلا وتوقفت منذ ذلك التاريخ إلى حينه دون تحريك..

وزاد من مآسي الوظيفة العامة أن رواتب الغالبية العامة لم تكن بمستوى مواجهة غلاء المعيشة ومن تغلب على ذلك الغلاء من موظفي الدولة فإنما تغلب بفعل الفارق فيما يتقاضاه أو الامتيازات التي كان يحصلها النافذون والمفسدون داخل الوظيفة العامة أو من كان لديهم أكثر من وظيفة عامه وما أكثرهم..

اليوم ونحن في العام الرابع من العدوان والثالث من انقطاع المرتبات بفعل العدوان والحصار ونقل البنك المركزي إلى عدن تفاقمت الأزمة الإنسانية أكثر وأكثر وإن كانت قبل العدوان قد شكلت أزمة خانقة لدى الحكومة للأسباب التي ذكرناها إلا أنها اليوم قد ضاعفت الأزمة وكون الحصار والعدوان قد خلق لدى العامة حالة من الرضا والاكتفاء بما كان يصرف قبل التوقف عبر الحصول على الضروريات دون الكماليات مما ساعد في مواجهة العدوان والحصار بشكل ملحوظ ومثمر ما دفع بالعدوان إلى الضغط في الحرب الاقتصادية بمزيد من الحصار والتجويع وما معركة الساحل ببعيدة عن هذا المخطط مما زاد الضغط على حكومة الإنقاذ بسبب انقطاع الرواتب .

وعودا إلى ما بدأنا به من ثقافة الفيد وتحميل خزانة الدولة وإنهاكها عبر تحميلها وزر الفوضى والفساد الإداري والمالي باعتماد صرف مرتبات المزدوجين الوهميين ومن لا يبذل جهدا ولا يعمل في جهته وإنما هو عبارة عن قوى فائضة أحدثت تضخما في أجهزة الدولة وكوننا نمر بهذه الأزمة الخانقة وكون الواجب يحتم على الجميع القيام بالإنتاج والعمل كلا في موقعه ووظيفته من باب الوجوب الشرعي والوطني المساند للجبهات فمن اللازم التعاطي مع حالات الفاعلية الإدارية المنتجة في أي مجال وبأي قدر أن يحظى المنتجون العاملون بالرعاية عبر اعتماد صرف رواتبهم كامله بشكل دائم مضافا إليها  امتيازات إضافيه تقديرا لجهودهم وتعطى من مستحقات من ثبت في كشوفات الخدمة المدنية أنهم مزدوجون وكذا من ثبت تورطه بالوقوف جنبا إلى جنب مع دول العدوان بأي طريقة كانت عبر القيام بإصدار أحكام قضائية من المحاكم الإدارية بفصلهم وإحلال البديل أو الاكتفاء بالموجود القادر على تحريك العمل بدون تضخم أو دمج اللجان الشعبية في العمل الرسمي وكلها ستدفع للتخلص من معضلة الرواتب وتشجع على الإنتاج بحسب تقديري الشخصي ..

وحتى يستوفى الموضوع بقي لدينا نقطة حساسة مثيرة وتحتاج لتوضيح وشفافية وهي مدفوعات أو مصروفات اللجان العاملة مع جماعة أنصار الله في القطاع العام أو الأمني أو الوقائي أو العسكري والتي نظر إليها البعض بأنها جزء من ظاهرة الفساد المستشري ويتم بسببها توجيه أصابع الاتهام للجماعة بالفساد وعدم مراعاة الحالة الراهنة للموظف والبلاد فمن الواجب التوضيح أن إعطاء المنتج حقه يعد من المعينات على المجابهة وطالما وتلك المجاميع تنتج وتحملت منذ البداية عناء المحافظة على الأمن والسكينة العامة حين تخلت الأجهزة الرسمية عن دورها وهذا ثابت وواضح فمن حقهم المراعاة والرعاية كونهم عملوا ابتداء وبدون طلب لذلك هذا من جانب ومن جانب آخر فطالما وهذه الامتيازات لا تصرف من الخزينة العامة فلا داعي لاعتبارها مفسدة وعلى فرضية أنها من الخزينة العامة فالواجب تقنينها عبر إدماج هذه المجاميع في الوظيفة العامة  كما أسلفنا لأنه من المعيب أن تتحمل هذه المجاميع ذلك الجهد وتلك المشاق ولا تراعى ويكفي في هذا الجانب وفي كلتا الحالتين أن ما يصرف لهم لن يتجاوز ما كان ينهبه قائد الفرقة أو زعيم الحرس باسم التغذية والأسماء الوهمية وغيرها من مسميات النهب والفساد الماضي..

بل كان الأجدر والأفضل ألّا يُلام صاحب القرار في ذلك بل يدعم لأن من يبذل جهودا دون أن يضغط لجر منفعة شخصية له فالواجب إكرامه، خاصة من يقف في خندق المواجهة العسكرية ويبذل روحه رخيصة في هذه المعركة المقدسة..

ولا يعني ما سردناه أن تظل حكومة الإنقاذ صامتة عن معالجة حالة الضيق من عدم صرف المرتبات بل يجب عليها تقنيين مصروفات اللجان كواحدة من معالجات المشكلة ما لم فستكونون كمن يأكل وعينٌ تراه فلا يلومن إلّا نفسه..

والله من وراء القصد

لطف لطف قشاشة

السبت 2292018 م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى