( رحلة الى مدينة الظفير التاريخية )
قمنا اليوم بزيارة مدينة الظفير التاريخية انا والمؤرخ يحيى محمد جحاف والإعلامي القدير أمين النصيري مدير فرع مكتب الإعلام بمبين ومدير فرع مكتب الآثار بمديرية مبين الأستاذ يحيى النهاري وفريق التوثيق بمؤسسة حجة الثقافية التنموية بقيادة المبدعين عبدالسلام الاعور ، وراجح عادل
وبدأت الرحلة في التاسعة صباحا وكان كان دليل الرحلة مدير فرع مكتب الهيئة العامة للآثار الأستاذ يحيى النهاري.
الذي التقينا به في منتصف الطريق ومفترق طرق مديرية مبين سوق الربه
حيث زحام سوق القات وتسابق المفاودين على الطريق وترك الساحة المخصصة للسوق.
وفي نهاية الساحة والمنعطف الأول باتجاه رحلتنا توقفنا لمشاهدة البساط الأخضر المطرز بالذرة والدخن والحبوب الذي اكتست به الربه
دوئما كانت الخضرة هي غاية المنى والمطلوب للقلوب والاحداق.
اكتحلت عيوننا واستنشقت صدورنا وتزودت ارواحنا بطاقة السير.
وتوجهنا إلى مدينة العلم والعلماء والمجد والاباء حيث تجد تحت كل حجر حكاية وبجدار كل بيت رواية تحكي سطورها تاريخ عريق ومجد تليد ومنارات ساطعة يقبس من نورها طلاب العلم والهداية ما يبدد عنهم ظلمات الجهل .
وصلنا إلى ساحة واسعة تغطيها شجرة معمرة فهرع الشباب يصرخون شجرة الظفير المعمرة شجرة الظفير المعمرة وإمام شجرة الظفير المعمرة حدثنا المؤرخ يحيى محمد جحاف أن من كتبوا وارخوا لسيرة الامام شرف الدين ذكروا أنه تم مبايعته تحت هذه الشجرة.
فدعونا المتواجدين في الساحة للاقتراب إلى تحت الشجرة لنأخذ صورة جماعية للذكرى .
ونجدد البيعة لاسلافنا العظام على حماية أرثهم وتوثيقه واخراجه للناس.
فقال الأستاذ يحيى جحاف معلقا على اجتماع المتواجدين تحت الشجرة لقد جائوا ليبايعوك على الحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية وابتسم الجميع للطرفة وعلقت انا بل جئنا جميعا لنجدد العهد في مدينة الظفير لاسلافنا وتحت شجرتها المعمرة على توثيق تراثهم وحماية اثارهم.
ونبايعك مؤرخنا القدير فانت أهم من كتب عن معالم واعلام هذه المحافظة.
استلم قيادة الفريق الأستاذ عادل الخاشب الذي توجه بنا نزولا باتجاه جامع المهدي أحمد بن يحيى المرتضى ، بعد أن طال انتضارنا للرسول الذي ذهب لحضر مفتاح قبة أبو طير ولم يعد .
فمررنا في الطريق بجوار جامع خآص بالنساء.
قادنا الدليل إلى داخل الجامع فوجدناه مغلقا فالتقطنا صورة لبركة الجامع.
قبل أن نتجه لهدفنا قادنا الدليل إلى ساحة بجوارها ماتبقى من بعض المباني والتي اخبرنا انها كانت معسكرا فيما مضى وانها ملك ال نصار الذين لديهم املاك زراعية واسعة في غرب الظفير.
شاهدنا من جنوب الساحة ماتبقى من الأسوار التي كانت تحيط الظفير إحاطة الاجفان بالعين وقد استوقفني التحصين الشديد والمحكم للمدينة وما أخبرنا به الأهالي من استحالة الدخول للمدينة إلا من ابوابها المحددة.
وشاهدنا ماتبقى من عقود السور الذي يقع اسفل الجامع وألقباب التابعة لجامع الإمام المهدي.
جاء أحد أبناء الظفير يحمل ثلاجة للشاي وكؤوس زجاجية وصب الشاي وأخرج بعض الشباب قطع بسكويت فراتشفنا الشاي وغمسنا البسكويت واتجهنا للجامع.
قبل الدخول للجامع وضح لنا الدليل بعض الملحقات ومما استثار انتباهي هو البركة الخاصة بالجامع والتي قصت في الصخر بطريقة معينة أخبرنا الدليل أن الإمام شرف الدين تم قطع حجار داره من هذا المكان الذي تحول إلى حفرة واسعة في الأرض تم استغلاله كبريك لخزن الماء وأشار لنا إلى ما تبقى من الدار.
دخلنا من الباب الخارجي للجامع عبر باب بنيت عقوده وكوابه بعنايه فائقة وتقع على جنوبه الحمامات القديمة التي كانت تستخدم للوضوء والمتصلة بالبركة وشاهدنا الحمامات المخصصة للاغتسال وسواترها.
والقبة التي تعلوها والنجمة الثمانية التي تزينها.
– دخلنا لمبنى الجامع الذي تبلغ مساحته 10×15 متر تقريبا
وتفاجأنا بأنه قد تم طمس كل معالمه التاريخية والأثرية وتجديده بالكامل .
ورغم ذلك لازالت روحانية الجامع قوية ويشعر بها كل من يصل اليه.
– انتقلنا إلى القباب المجاورة للضريح من جهة الشمال يعبق منها رائحة المجد والهدى والحب .
احدها مخصصة للإمام يحيى شرف الدين كتب على أعلى بابها بيت شعري يتضمن اسمه ولقبه وهناك من حاول طمس بعض الفاظه.
دخلنا القبة وطفنا حول الضريح والتابوت المنحوت عليه اسم الإمام وآيات قرآنية وزمان دعوته وتم زخرفة القبة بزخارف نباتية ونقش اعلاها وتم توزيع فتحات الضوء بطريقة هندسية بديعة.
بهتت الوان الطلاء الذي يزين القبة لطول العهد وعدم الاهتمام بها منذ وقت طويل .
وانتقلنا إلى إلى القبة الثانية التي يقع فيها ضريح الإمام أحمد بن يحيى المرتضى أمام العلم والهدى وضريحه وتابوته الفاخر يتوسط القبة ونحت على التابوت أسمائه وصفاته وتاريخ وفاته
وفي القبة روحانية عجيبة ومكان مخصص للصلاة ونقشت القبة بذات الزخرفة البديعة الموجودة في القبة الخاصة بالإمام شرف الدين.
وانتقلنا للقبة الثالثة فوجدنا ضريح وتابوته لايحظى بالاهتمام والرعاية التي لمسناها في ضريح أمام العلم وأمام السلطة وسئلنا دليلنا فاخبرنا أنها لأحد أبناء الإمام المطهر المقبور بكوكبان ورغم إهمال الضريح وحجرات القبة إلا أن الزخرفة البديعة التي زين بها سقف القبة ليس لها نظير.
– مررنا بجوار قبور العلماء الأفذاذ التي تقع بجوار باب قبة الإمام شرف الدين وبجوار أضرحة المتولين على الجامع وهي 4 قبور أحدها لعبدالوهاب الشماحي والآخر للخاشب والاخر للعسي والآخر لمحمد الكحلاني آخر العلماء الذين وهبوا انفسهم للعلم والتدريس في جامع أمام العلم والهدى أحمد بن يحيى المرتضى.
ومررنا بجوار قبور طلبة العلم والمدرسة العلمية وصومعة الجامع المهدمة والتي اخبرنا الأهالي انها كانت من أكبر المأذن.
لم أعلق على حديثهم عن المأذنة المهدمة ولكن ما أثار انتباهي هو كثرة القباب في مدينة الظفير ومديرية مبين عموما والتوازن بين الرموز الذكورية والدينية مما ينتج مجتمع متكامل وقوي.
طريقة ترتيب القباب يمثل رمزية
السلطة والمجد ، والعلم والهدى ، والأبناء رمز العاطفة والرحمة والحب.
وترتيب أضرحة وقبور العلماء والقائمين على المسجد وطلبة العلم يرمز للمراتبية التي يسير عليها المسجد وادارته وتنظيم أموره ورسالته العلمية.
– أشار الدليل إلى جامع وقبة السيدة الدهماء بنت أحمد التي تقع اسفل جامع المهدي وقبابه.
وجود أكثر من مسجد للنساء في مدينة الظفير يظهر حضور المرأة وتوازن المجتمع .
مررنا عند مغادرتنا صعودا وخرجنا من الباب الغربي للجامع وصعدنا الدرج التي توصلنا بالطريق إلى المدينة وقبل أن نغادر أجواء جامع الإمام أحمد بن يحيى المرتضى التفنا اليه وشاهدنا قبابه والتقطنا بعض الصور وخشينا أن يحدث للقباب نفس ماحدث للجامع ويتم إصلاح الصدوع التي اصبحت واضحة في بدن القباب من الأعلى بطريقة تؤدي الى طمسها كما حدث للجامع.
ولهذا اتفقنا على توجيه نداء عاجل للهيئة العامة للآثار لإصلاح وترميم قباب جامع المهدي بمنطقة الظفير.
– توجهنا إلى الأعلى فشاهدنا بركة كبيرة مهملة وتحتاج إلى إصلاح وترميم .
وأشار الدليل إلى منزل ناصر شيبان صاحب المصحف الشهير الذي نذر أن يكتبه في مدة مجددة واذا لم ينجزه في تلك المدة فامرأته التي كان يحبها بجنون طالق.
والقصة تحمل رمزية توضح المكانة الرفيعة التي وصلت إليها الفنون والعلوم في قلوب أبناء الظفير .
وإن حب العلم والكتابة والخط اصبحت في قلوبهم بذات المكانة التي يحظى بها المحبوب.
– صعدنا بجوار البركة العليا التي تعتبر اية فنية بديعة ووجدناها شبه ممتلئة ويعلوها دار شامخ يظهر جمال العمران بالظفير.
– مررنا بجوار منزل يحيى محمد الكحلاني ومنزل والده الذي يعتبر تحفة فنية بديعة والمقدمة الخارجية التي بناها الأستاذ أحمد قبل عقود ولاتختلف في نمطها عن دار والده يوضح حالة التراكم والانسجام والتكامل بين الأجيال في مدينة الظفير.
شاهدنا الصالة والبيوت التي استهدفها العدوان وتخص أبناء محمد على الكحلاني وال الخاشب فادركنا حجم الحقد التي يكنه العدوان لأبناء الظفير والقائمين على جامعه ومدرسته العلمية.
– الدور التاريخية البديعة التي لا تعد ولا تحصى بمدينة الظفير توضح إلدرجة العالية التي وصل إليها الفن العمراني في مدينة الظفير والذي يتميز عن غيره بسمات خاصة تختلف عن النمط العمراني الذي وجدناه في مدينة مبين وتمنيت أن يكون الدكتور يحيى لطف العبالي معنا في هذه الرحلة .
ليبصرنا بسمات النمط المعماري لدور الظفير وبركها واسوارها ومساجدها وقبابها.
ونحن نغادر مدينة الظفير مررنا بجوار شجرتها المعمرة وتذكرت القصة التي اخبرنا بها المؤرخ يحيى جحاف قائد رحلتنا والرمزية العجيبة التي تجسدها القصة التي ترمز إلى ثنائية الدعوة السماوية والخصوبة الأرضية واللتان تشكلان مدامك بنيان السلطة الراسخة والقوية والتي تعيد تجسيد رمزية الدعوة النبوية في مراحلها الاولى.
– شاهدنا الأبواب الجنوبية والغربية لمدينة الظفير والأسور والبرك والسدود والمواقع الحربية ونحن نغادرها وظل السؤال يرن في رؤس جميع رفاق الرحلة حتى سائقنا الودود نزار جحاف ابن المناضل يحيى بن صالح جحاف الذي سئلني أكثر من مرة لماذا لم يتم اعتماد مدينة الظفير كمدينة تاريخية .
وأنا بدوري ارفع السؤال إلى الإخوة في قيادة هيئة المدن التاريخية :
– لماذا لم يتم اعتماد مدينة الظفير كمدينة تاريخية إلى حد الآن ..؟
رغم أنها تملك كافة مقومات المدن التاريخية …؟
– ولهذا أوجه الدعوة باسم قيادة المحافظة ممثلة في ابنها البار اللواء هلال عبده الصوفي محافظ المحافظة حفظه الله ورعاه لقيادة الهيئة العامة للمدن الأثرية لزيارة مدينة الظفير والإطلاع على كافة المقومات التي تزخر بها المدينة .
– وادعوا كافة الاعلاميين والناشطين بمواقع التواصل لمطالبة الهيئة العامة للمدن التاريخية ومنظمة اليونسكو لاعتماد مدينة الظفير كأحد المدن التاريخية .