اخبار محليةالكل

تشغيل الحواس في المجموعة الشعرية ( أول العطر ) للشاعرة نبيلة الشيخ دراسة نقدية

دون عنصر الخيال والأدوات الفنية  أنّى لأديب تكوين نص ,  يلتقي سير الأدب والأدباء عند ذلك , ويختلف الأدباء في  اختيار عنصر الخيال , أما الشاعرة نبيلة الشيخ  فتشتغل منذاستهلال المجموعة على الحواس  بـ ( أول العطر ) وعلى امتداد السطور ففي سطور (حنين) ص9 تجسم المشاعر عبر حاستي السمع واللمس وتشخيص الشوق طيرا والحنين جسماَ موحية من ذلك عدم استقرار الذات :

هاهو الشوق / يبتل فيه / الجناحان بالليل / يهبط  / حتى ارتطام الحنين .

أما سطور ( أسئلة )  ص12  فحدث يتكئ على حاسة السمع مستحضرا الغائب مع تكرار اسم الاستفهام ( من ) المكررطوال السطور تعظيماَ للقادم العاقل  :

مَن الآن يعزف / ناياً على وقع قلبي / ويغزل في الليل  / لي شجناً /من صدى الأغنيات .

وفي ( غٌناء )  ص23 تحرك الليل والظلمة عبرحاسة السمع (الغناء) :

كيف ليلتك الآن ؟   / أكثر دفء / وأكثر نارا / ونوراً / مضمخة بالغناء .

كما أن الغناء في السطورليس فرحاً  وهوينتهي في آخرالقصيدة بالبكاء صادمة المتلقي بهذه النهاية :

والحزن تنسيه  / خارطته / فيغني  / يغني  /يغني  / حتى البكاء  .ص2

وفي سطور (السلام عليّ ) ص 26حين يكون الألم أوتار نغم الشاعرة على مركب الاستعارة بالموجعات :

فالسلام عليّ  ولي  / حين أعبق من جرح أمي  / وأعزفها موجة النور  / أو حين تعزفني الموجعات  .

وأيضاً في سطور أخرى ص71  تجسد الشاعرة نفسها عزفاً موجعاً  :

ياقصيدي  تعبت تعزفني  / وعليّ من الردى سبب   .

وفي سطور ( وشم) ص30  تماهي الشاعرة مجموع العواطف بالسراب ( الكأس الفارغ ) بالصورة السمعية (القهقهات )  وتجسيم المحسوس عبر حاسة السمع  المتدلية من السراب  ماحياً وجوده  مع  مدلول الكأس الفارغ  .

بباحة هذا السراب  / المسمى سراباً / تدلى  / من الشجن المستبيح / المشانق / آه وشعراً ونخلاً / تدلى  / ابتساماً وكأساً / من القهقهات المحلى   . يؤكد ذلك الرماد والرحيل والوهم  مفردات تربط بين مدلول السطور المعتم .

أ ما سطور ( هديل ) ص73   تباشرنا حاسة السمع ويتناثر في السطور اللحن والترنم والغناء رابطة السطور قافية ياء المتكلم التي تجمع أمنية الحلم إليها , وتنسب صفحات الحزن إليها وهي تنهي السطور بالصورة السمعية  بتشخيص استعاري جامعة الجمال في المخاطب  : ولا طربت لغير حداك أذني ..

ولا يعني ذلك سعادة الشاعرة يوضح هذا المدلول نوع ذلك الصوت  في سطور دالية الحزن ص94 : هذا حداك يئن يحزننا  / منذ التحفنا كوكب الأرض .

وربما استخدمت حاسة السمع أداة لفنها وعنواناً لمشاعرها لأن السمع أول درب الوصول إلى المشاعر  .  وكذلك سطور ( وحدك ) ص 100 توظف لابتهالاتها  أقوى تشغيل حاسة السمع   بأنا المتكلم الحاضر انفعالاً الغائب ضميراً مستتراً تقول  :  فأصدح ثم لايبقى انحباس

وتكثر في سطورها الهمس والوشوشة  مؤكدة دور الحواس وحاسة السمع في ( مطر) 116ص حيث توظيف السمع مستهل السطور وختامها إيقاعات  تختلط بها مشاعر الفرحة والحزن  تصب بينها الرائحة وحاسة الشم  العطر والورد الذي يتغير تبعاً للمشاعر :

مطر مطرمطرمطر

مطر والورد يخاصرني

وتسير عطوراً لا تقهر

…………………….

مطر مطرمطرمطر

ومدارات لي تتعطر

وفي سطور(عتب) تنتشر رائحة العود مختلطة بالعتاب وفي سطور ( عتاب الخزف) عبر حاسة الشم تشنقها رائحة الورد ويؤلمها وخز العطر بالتجسيم الاستعاري . وفي سطور( وطن شهيد)   ص(35 ) ترش على الوطن العطر تدفع به التشطير ويعلو العطر قشرة الدم المراق فرحة بالشهادة على امتداد سطور المجموعة يتجه القلم إلى عنونة المجموعة بالذاتية والأفعال المتصارعة تتجه إليها ( ياء المتكلم ) أو غاطسة  مع الجماعة مع  ( نا الفاعلين ) وتجد ملمح الذاتية من العنوان واضحاً مع بعض العناوين مثل : حيرة , حواء , عتب  , قبلة , السلام عليّ  , عتاب الخزف , حنين  , البكاء بين يدي  , عودة الروح .

تشتغل الشاعرة  على الحواس منذ الاستهلال  بالعنوان للمجموعة  وهي برائحة العطر  تشدك للمزيد من الرائحة حتى  تأتي السطور وإذا بعتمة ما بداخلها التي تصبه قالباً فنياً وتغير رائحة البهجة   بالمفارقة التي تخمد الروائح  في موضوعات السطور الشعرية , أما التركيب اللغوي للعنوان منذ الاستهلال ( أول العطر )  فمبتدأ البحث عن خبر بقية الحواس وتشغيلها  وهي بذا لا تعطل أي خطوة فنية لخدمة الموضوع بدءاً  بالغلاف مروراً بالصفحات ثم الختام وسطور ( مطر ) مؤكدة مسار الحواس وتشغيلها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أول العطر , نبيلة الشيخ , مركز عبادي للدراسات والنشر , ط1 , صنعاء 1434هـ ـ 2013م .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى