مشيئة الله
معلقة جديدة للأستاذ الشاعر يحيى محمد حشيدان يرثي فيها فقيد الوطن والثقافة والشعر والأدب الدكتور أحمد صالح النهمي طيب الله ثراه
مشيئة الله
مَشيئةُ اللهِ في الأكوانِ ساريةٌ
سبحانَهُ منشئِ السبعِ السماواتِ
الحمدُ للهِ إن حَلَّ السلامُ بنا
والحمد لله أيضًا في المُلِمَّاتِ
يا قوّةَ اللهِ حُلِّي في جوانِحِنا
وصَبِّرينا ومُدِّينا بطاقاتِ
يا قوّةَ اللهِ هُبِّي لا احتمالَ لنا
إنَّ الأسَى اليومَ قد فاق الخيالاتِ
تأبى الحياةُ مَعِي صُلحًا ويَجرفُني
تيارُها في الدُّروبِ المُدلَهِمَّاتِ
يَجتَرُّني كُلُّ إعصارٍ ويعزِفُني
بُوقٌ، ويزدادُ بؤسي وانتكاساتي
“تجري الرياحُ بما لا تشتهي” سُفُني
ويَعبِسُ الدهرُ في كُلِّ اتجاهاتي
ظهيرةَ السبت وافاني بفاجعةٍ
كُبرَى، وجُرحٍ عميقٍ قاهرٍ عاتي
دكتورُنا أحمدُ النهميُّ فارَقَنا
ما أفدَحَ الخَطبَ يا دنيا العذابات!
لا حَول للشِّعرِ في إيصالِ فاجعتي
لا حولَ للحَرفِ في تصوير مأساتي
لا غَروَ فالبَوحُ حِملٌ فوقَ طاقَتِهِ
وليسَ يسطيعُ إنجازَ المهِمَّاتِ
سَيَشرَقُ اللّفظُ بالمعنى لأنَّ بِهِ
ضِيقًا، ومعنايَ يجتاحُ المسافاتِ
أبا عليٍّ وإبراهيمَ كيفَ حَلا
لكَ الرحيلُ، ألَمْ تَحسِبْ عذاباتي؟!!
رحلتَ لم تَنتخِب وَزنًا وقافيةً
لأمنياتي، ولا أشعلتَ مِشكاتي
فارقتَنا اليومَ يا فِكرًا ويا قِيَمًا
ومَبدأًا قد سما نحوَ السماواتِ
تركتَ أحبابَكَ العُشّاقَ تَحرِقُهم
نارُ الفراقِ وأوجاعُ الفراغاتِ
تركتَهُم يحتَسونَ الآحَ في بلدٍ
يَستَشرِفونَ لظى مَجهولِهِ الآتي
تركتَهم في شَفا المجهولِ أسئلةً
على ضِفافِكَ تَستجدي الإجاباتِ
أواه يا صاحِ كَم فَتَّشتَ عن وطنٍ
أودَتْ بِهِ الريحُ في وَكرِ العمالات
وكَم بَحثتَ عنِ الإنسانِ حينَ طَغَتْ
على الأنامِ نواميسُ النذالاتِ
لم تَتَّشِحْ “يا بشير الخير” فانصرفَتْ
عنك العيونُ وما نِلتَ الوُساماتِ
ولم تُمَولِلْ فما صَلّوا عليك ولا
غَنَّوا صَداكَ ولم تُعطَ القراراتِ
لكنَّك “الكُلُّ فردًا” عند مَنْ عرفوا
وأنت في عُرفِهِم أسمى المقاماتِ
لا طعمَ للعيشِ إذْ غادرت شِلَّتَنا
لا لَونَ للفَرْحِ في دنيا الكآباتِ
حلاوةُ العَيش إخوانٌ ترى بِِهِمُ
صِدقَ الودادِ، وتقديسَ الصداقاتِ
بِهِم تَدُكُّ صُروفَ الدهرِ في ثِقَةِ
بِهِم تَجوبُ المسافاتِ البعيداتِ