اخبار محليةكتابات فكرية

عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن علاقة الدولة بالقبيلة

عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن علاقة الدولة بالقبيلة

 يوميات البحث عن الحرية .. الدولة والقبيلة وهل يمكن فهم المشكلة اليمنية؟!

يوميات البحث عن الحرية .. الدولة والقبيلة وهل يمكن فهم المشكلة اليمنية؟!

الاثنين 13يناير2025_

  • عبد العزيز البغدادي

عنوان هذه اليوميات يحتوي على مواضيع عديدة ومشكلات عويصة متداخلة أعتقد أن من الصعب إن لم يكن من المستحيل اختزالها في موضوع محصور في زاوية صحفية لا يتجاوز حيزها بضع كلمات، ومعلوم أن كتابة العمود فن صحفي تفوق صعوبته كتابة المقال الذي يتسع فيه المجال أمام الكاتب، والاختصار تكثيف يتطلب جهد ذهني مضاعف.

أول مواضيع العنوان متعلق بالدولة اليمنية وعلاقتها بالقبيلة وهي علاقة معقدة بحاجة إلى بحوث علمية جادة عديدة لفكفكتها من عدة زوايا واتجاهات أهمها مرتبط بقياس النتيجة المؤملة لأثر القبيلة على بناء الدولة اليمنية وهل كانت عامل قوة أم ضعف أم أن هذا السؤال مباشر يصعب الاستفادة من محاولة الإجابة عليه في تقدير هذا الأثر!.

ومن المعلوم أن معظم إن لم يكن جميع الدول الحديثة قد انتقلت بشكل مدروس ودقيق من حالة القبائل المتعددة المتناحرة أحياناً والمتحالفة أحياناً أخرى إلى التسليم بدولة المواطنة المتساوية الموحدة وانصهرت القبيلة بالقوة أو بالاختيار في الدولة المدنية العادلة التي يستفيد كل القبل وجميع المواطنين.

في دولة القبائل المتحالفة التاريخية كان نفوذها الجغرافي يتسع ويضيق بحسب مد وجزر القوى المتنازعة على النفوذ والسلطة المحكومة بعوامل تاريخية وموضوعية حد منها في التأريخ الحديث ظهور الحدود والمفهوم القانوني للدولة. 

نفوذ الدولة اليمنية امتدت في مراحل تاريخية عديدة إلى الشام والعراق كما أشارت دراسات كثير من مشاهير المؤرخين اليونانيين مثل: سترابو الذي كتب عن اليمن وأطلق عليها: العربية السعيدة ووصفها آخرون ببلاد اليمن المقدسة المباركة الطيبة لأنها كانت أرض الطيب والمر واللبان.

وقال عنها هيرودوت الذي اعتبر أبو التأريخ بقوله: بلاد سبأ أخصب بلاد العرب.

أما الدكتور جواد علي المؤرخ العراقي المعروف فقد أكد أن الكشف عن كنوز تأريخ اليمن سيغير الكثير من الأطروحات عن تأريخ الجزيرة العربية والعرب عموما والدور المحوري لليمن القديم في هذا التأريخ الذي جرى ويجري التلاعب به!.

لا أقصد من هذا تعميق عقدة التغني بالماضي والتلهي به لأن ذلك يبعدنا عن رؤية الحاضر ومحاولة فهم مشكلاته للعمل على حلها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: ما سر هذا الانكماش المتسارع في الجغرافيا اليمنية وبالمقابل تمدد دول جديدة نِشأت من العدم على حساب هذه الجغرافيا بل ما تزال عملية انكماش اليمن وتمدد الدول المستحدثة مستمراً؟!.

وما تزال حدود الدولة اليمنية محل نزاع وجدل ممتد عبر هذا التأريخ الذي ما تزال عجائبه وألغازه مطمورة تحت الرمال المتحركة ، ومرهونة في خفايا ودهاليز اللعب السياسية المهيمن عليها من بعض الدول والجماعات السياسية التي لعبت وما تزال تلعب أدواراً أغلبها معيقة للتفاهم الإنساني بين البشر من أجل بناء كيان عالمي موحد أو بالأحرى متفاهم هدفه المفترض تحقيق السلام المبني على العدالة .

ولا أعتقد أن من المفيد استمرار اليمنيين في تحميل الآخر مستعمراً أجنبياً كان أم متسلطاً محلياً، أو له نكهة محلية مسؤولية ما جرى ويجري على اليمن!.

الوطنية النابضة بالحياة تقود الشعب الحي إلى الإمساك الدائم بزمام المبادرة، وإفساح المجال لثقافة وطنية قادرة على امتلاك عناصر القوة المحمية بالذاكرة الوطنية الغير قابلة لأي نوع من التلاعب من أي طرف طامح بالحيلة والغرور والطيش إلى الاستئثار بالسلطة في زمن صارت فيه السلطة قائمة على عقد اجتماعي قوامه عدم التفريط بالقواسم المشتركة الجامعة لكل مكونات المجتمع اليمني وتجاوز عقد الماضي وقضاياه القائمة على مرض التعصب الأعمى والكهنوت الضال المضل.

أهم هذه القواسم: القبول بمبدأ التعددية في إطار الوحدة كمفهوم مدني ينظر للقبيلة بحجمها الطبيعي كمكون أصيل داعم لقوة ووحدة اليمن وليس كابح لتقدمه نحو الدولة المدنية المنشودة القائمة على المواطنة المتساوية واحترام مبدأ سيادة القانون.

هذا الأمر لا يمكن أن يتم في اعتقادي إلا من خلال تجريم استخدام القبيلة كألعوبة بيد بعض المشائخ الذين تحولوا ويتحولون باستمرار إلى مقاولين لدى من يدفع أكثر من السلطات المنفلتة، وبخاصة في ظل حالة الانقسام الرهيب الذي بات بفعل داعمي الانقسام الإقليميين والدوليين خدمة لأجندتهم يهدد وجود اليمن رغم صلابته ومتانته وأصالته.

استخدام ورقة القبيلة اليمنية كان عبر التأريخ ومازال أهم أوراق إضعاف الكيان اليمني الموحد، ويعتقد من يستخدم هذه الورقة من الجوار بالذات أنه بذلك يقوي وجوده المصطنع على حساب الوجود اليمني الطبيعي !.

هذا الاعتقاد ليس فقط اعتقاداً خاطئاً ومؤثراً على اليمن ويخلق له مشكلات، لكن تبعاته وأضراره تتعدى اليمن إلى مستخدم الورقة (الجار الذي لا يحترم حقوق الجوار) وكل المنطقة!.

الوجود اليمني جذوره تاريخية– حضارية – طبيعية –إنسانية ، أي أن اليمن من صناع التأريخ ، وليس من مستهلكيه العابرين الذين لا يعتبرون ، ولا يهتمون بقراءة التأريخ والجغرافيا وفهمها !.

وعدم الفهم المشترك بين رؤوس القبائل التي تستثمر القبيلة استثماراً شخصياً مسيئاً للوطن لأنه يصرف الجهود العامة بعيداً عن ضرورة البحث عن كيفية إنهاء حالة الانقسام والتشتت المسيء للجميع وتجنب الخلط بين المفهوم القبلي والوطني للسلطة والتسليم بضرورة دولة القانون والمواطنة المتساوية ونبذ كل أشكال العصبيات المقيتة!.

آه يا وطني

ما زلت أبحث عن شظايا بلدة

وصفت بالبلدة الطيبة

وبأرض الجنتين

وينعتها المتقاسمون الأبطال بالكعكة المشرفة!

وبالتأكيد: الوطن ليس حفنة تراب!.

_______________________

الشطر الأخير من عنوان اليوميات مستنبط من عنوان دراسة مهمة للمفكر الأستاذ زيد بن علي الوزير عنوانها : (محاولة لفهم المشكلة اليمنية ) وهي بحاجة لقراءة معمقة.

اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ عبدالعزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن شيطنة منظمات المجتمع المدني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى