اخبار محليةحوارات

الشائعات في زمن الحروب

 الشائعات في زمن الحروب

الأخبار المُضللة تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد و إضعاف الدول أمام التحديات  

 المصادر الحقيقية تعزز الثقة في أوساط المجتمع ويرفع مصداقية الوسيلة الإعلامية

الإشاعات تخلق الفوضى بهدف خلق رأي زائف للجمهور مما يحيد الإعلام عن مهنيته

الشائعات في زمن الحروب

  • كتب_ عبدالرحمن الشيباني _ الاثنين 6يناير2025_

الإشاعة هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع و تُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها. دائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة و مثيرة لفضول المجتمع والباحثين و تفتقر هذه الإشاعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار.  

  وقد عُرفت الشائعات في الوسط البشري منذ أول التاريخ ولم تفتأ تتطور وتتبلور حسب العصر الذي رُوجت فيه، إلى أن وصلت إلى ذروتها مع احتدام الصراع في الحربين العالميتين الأولى والثانية، فأصبحت الشائعات علما قائماً بذاته يتم تدريسه في الكليات الجامعية والأمنية على حد سواء، وكان الفضل لعلماء النفس والاجتماع والإعلام في وضع الأطر العلمية المشكلة لهذا العلم.

لذا لا يمكن إغفال دور الإعلام في نشر الوعي وتحصين المجتمعات أمام أي اختراق ، كما انه يؤدى دورا مهما للدفاع عن سمعة البلد وإعلاء شأنه أمام أي استهداف يطالة  ،  حيث يتحمل مهام كبري ويمثل قوة دافعة للبناء و في نفس الوقت يُمثل أداة هدم وتفتيت من خلال بثّ الشائعات، وإحباط الروح المعنوية خُصوصاً إذا كان البلد يواجهة تحديات كالحروب مثلاً ،التي تتطلب المرحلة فيها التنبه لما يقوم بها الأعداء من خطاب دعائي مضلل ، فمجد الكلمة هنا لا يفوقه أيّ مجد كما يقول احد الفلاسفة، نظراً لسحر الكلمة وقوتها وتأثيرها علي المتلقي،الأمر الذي يجعل من وسائل الإعلام الوطنية في مهمة صعبة في تفنيد مضامين خطاب العدو وكشف زيفه ، والذي غالباً ما يتكأ علي مخاطبة العقل الجمعي وتشتيته نحو قضايا ثانوية، في عملية تهدف لثنية عن قضاياه الكبرى ، باستهداف أمنه وسيادته ومستقبلة

أمانة الكلمة

إذا كان الإعلام كما يُقال سلاح ذو حدين ،فهو كذلك حين يفشل في أداء دوره وتحقيق رسالة بين أوساط المجتمع، ولا يقف أثره عند حد الفشل الذاتي، وإنما يتعدى ذلك إلى إحداث آثار سيئة في المجتمع والوطن ككل ،في هذا الصدد يوجه الأستاذ خالد عبدالعزيز عبر “صوت الشورى”  رسالة للقائمين على وسائل الإعلام وكذلك النشطاء بأن يتحلوا بالأمانة فيما يطرحون، وألا ينشروا الإشاعات التي من شأنها تزييف الوعي، وهدم كيان المجتمع، وأن يجعلوا من أنفسهم رقباء على ما يعرضون ويكتبون ،حتى لا يعيش المجتمع في دوامة من التخبط واللامصداقية، التي من شأنها أن تضٌر بكيان الدولة، وبالتالي تنعكس سلباً على الفرد والمجتمع

خطورة الشائعات

 تحذر الأستاذة سُهي البغدادي الباحثة فى الشأن العربي والدولي وخبيرة الشأن اليمني من خطورة الشائعات ومدى تأثيرها على المواطنيين وخصوصا أن الشعوب العربية شعوبا عاطفية  كما تقول، ولذلك فهى أرض خصبة لزرع الشائعات  ،كما تستهدف الشائعات أمن وسلامة الوطن، وتهدف إلى إثارة الفتن والفوضى في المجتمع بهدف تفكيك الروابط التى تربط أفراد الشعب الواحد ،خاصة في ظل التوترات الإقليمية الحالية ،وتؤكد البغدادي للمحرر” أن هذه الشائعات تشكل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار الدول العربية ،وخصوصا أن هذه الشائعات تستهدف الأجهزة الأمنية والجيوش النظامية، بهدف الإطاحة بها لكي تتمكن الميليشيات الإرهابية للوصول إلى الحكم ،بدعم القوى الخارجية التي تخطط للاستيلاء على ثروات الدول العربية، وتهدف إلى الهيمنة على كافة موانيها ومواقع الإستراتيجية الهامة ، بالإضافة أن الشائعات تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني ،بشكل غير مباشر بهدف إضعاف الدول أمام حزمة من التحديات  .

معلومات دقيقة

من المعلوم  أن الشائعات  تعمل على تضليل الرأي العربي العام ،وإثارة الذعر والمخاوف بين الشعوب داخل بلادهم ،وهذا هو الهدف من الترويج لها ،  مما يؤثر على الثّقة في مؤسسات الدول العربية ،وقدرتها على مواجهة التحديات الباحثة البغدادي شددت في حديثها للمحرر” على أهمية مواجهة الشائعات بحزم وتوفير المعلومات الصحيحة والدقيقة للمواطنين عبر وسائل الإعلام الرسمية للدول ، مؤكدة أن الإعلام له دورا بارزاً في التصدي لهذه الظاهرة التي ساعد على انتشارها مواقع التواصل الاجتماعي ،والتي ساعدت على سقوط معظم الدول العربية في براثن الإرهاب فترة ما تسمى بثورات الربيع العربي والتي ساعدت على نشر الفوضى الخلاقة تحت مظلة الحرية والديمقراطية وقالت البغدادي  :” دور الإعلام هذه الفترة في التصدي للشائعات أصبح واجب وطني مُقدس وعلى جميع الإعلاميين نشر الوعي وتعزيز الثقة في الدولة ومؤسساتها” واختتمت حديثها  بتوجيه دعوة للمواطنين بكافة الدول العربية، إلى عدم الانسياق وراء الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تنشرها صفحات مأجورة وممولة عبر التواصل الاجتماعي ، البغدادي ناشدت المواطنين بالاعتماد على المصادر الرسمية للدولة، في متابعة الأخبار والتطورات دون الالتفات لغيرها .

فوضي وتضليل

الإعلامية سارة المقطري “مُعدة ومقدمة برامج”

تري أن الإعلام يُشكل اللبنة الأساسية لوعي المجتمع ،وأثناء الحروب تنتشر الكثير من الشائعات ،لأهداف مباشره بالحرب أو لأهداف غير مباشرة، بحيث تخدم طرف من الأطراف الضالعة في تلك الحرب ، لافته إلى” أن  الإشاعات تخلق حالة من الفوضى هدفها التضليل والهاء الجمهور عن حقيقة ما يجري، وبالتالي يخرج الإعلام من دورة الحقيقي والأساسي بتحصين المجتمع وتقديم الحقيقة إلى أدوار أخرى وخدمة أهداف الأطراف القائمة بالحرب، بالتالي يتم تضليل المجتمع و يؤدي إلى فقد ثقة الجمهور بالإعلام ، وتنتهي المقطري بالقول   “وسائل الإعلام  الإعلاميين وكل من يعمل في هذا المجال علية أن يراعي القيم الأخلاقي والإنسانية والمهنية أيضا في كل ما يقدمه.

تقنيات عالية

الإعلامي خالد المنيفي “مُعد ومقدم برامج” يري التطور الهائل في وسائل الاتصال والتكنولوجيا المُتقدمة في هذا المجال مهم، لكنه عاد وقال انه يجب التعامل معه بمسؤولية ، حيث يقف المجتمع أمام هذا السيل الجارف من المعلومة مذهولاً ومشتتاً ، المُنيفي قال ” في هذا العصر ونحن نشاهد هذا التقدم والتقنيات العالية في توصيل المعلومة والخبر بالصوت والصورة ،فإن هناك قابلية لانتشار الشائعات والأكاذيب، لا سيما في الحروب ففي الأزمنة السابقة كانت محاولات نشر الشائعات تتم بطرق بدائية تقوم  بالأساس على التواصل بالكلمات ما بين شخص وآخر أو شخص ومجموعة أو مجموعة مع عموم الناس في نطاق ضيق، أما اليوم وبسبب التكنولوجيا الحديثة والبث الفضائي ومواقع التواصل الاجتماعي فأصبح نشر الشائعات والأكاذيب أكثر فاعلية ،فتنتشر كالنار بالهشيم عن طريق الكلمات والصور كما أسلفت، وكذلك الفيديوهات والذكاء الصناعي، الذي له القدرة على نقل معلومات مضللة ما جعل الأمر أكثر سوء ، ويجري التلاعب بالمعلومات ونقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تلك للآلاف بل للملايين وبالإضافة، لذلك فإن وسائل الإعلام المرئية بالذات صارت أكثر تطورا في الألفية الثالثة عنها في التسعينات والثمانينات وما قبلها ،وهنا يأتي دور الإعلام الوطني لمواجهة الشائعات والأكاذيب لا سيما في زمن الحروب

مسؤولية مُضاعفة

عادة ما يكون الإعلام الوطني بقدرات أقل من وسائل الإعلام المعادية، وبالتالي تكون المهمة والمسؤولية عليه مضاعفة بمواجهة تلك الشائعات من خلال تقديم الأخبار من مصادرها الرسمية والموثوقة والبرامج الحوارية التي يجري من خلالها دحض الشائعات وتفنيدها وتقديم الصورة الحقيقية، بالإضافة إلى برامج الأحاديث المباشرة والتقارير ذات الموثوقية والفلاشات كذلك وغيرها من فنون الإعلام المرئي ،.ويؤكد المنيفي “على أن  الإعلام المسموع ينبغي أن يقوم بدوره في ذات الاتجاه كما يعتقد” أن التحدي الكبير يتمثل كذلك في  نشر الصورة والمعلومات  الحقيقية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة فيسبوك ومنصة إكس وتليجرام ويوتيوب وغيرها بعرض ما تم بثه في وسائل الإعلام الفضائية والمسموعة والإلكترونية  بطريقة تتناسب مع خصوصية كل منصة واستمالة المتابعين لمشاهدتها لإسقاط الشائعات وكذلك إنتاج مواد تقدم حصرا على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها غدت أكثر انتشارا ومتابعة من وسائل الإعلام التقليدية. .

تحصين المجتمع

الكاتب الصحفي شوقي شاهر يقول” أن وجود مجتمع غير محصن من الشائعات والأراجيف يعني فيما يعنية وجود مجتمع غير مستقر وهو ماقد يدفع به لاحقاً إلى ظهور الانقسامات والفوضى بين مكوناته وشرائحه المختلفة ومن هنا يظهر دور الإعلام في هذا الجانب ،ولافتا إلى “أن الإعلام له أساليب متعددة ومتنوعة لتحصين المجتمع من هذه الشائعات والأراجيف، ويلعب دورا هاما في كشفها ودحضها أمام المجتمع والرأي العام، وفي مقدمة ذلك ان يتحلى بالمصداقية وتوفير المعلومات الموضوعية والصحيحة،وعدم إفساح المجال أمام تلكم الشائعات لتحل محل الحقائق والموضوعية،إلى جانب أن الاعتماد على  المصادر الحقيقية والصحيحة يعني  نشر الثقة بين أوساط المجتمع من جهة ووسائل الإعلام من جعة أخرى و يعزز  عدم ترك الباب موارباً أمام الأراجيف والأخبار المضللة التي تختلس جزء كبير من المهنية ومن استقرار الشعوب والمجتمعات .

شاهر يري كذلك  أن ” تعزيز الثقة بالإعلام يتطلب أن يستشعر الإعلام بالمسؤولية الملقاة على عاتقه أولا وقبل كل شيء ، وان يمارس دوره بمسؤولية والتزام وبمصداقية أمام المجتمع،وان يجعل من الشفافية نهجا أثناء التعامل مع جمهوره،مالم فانه وفي هذا العصر الرقمي والسوشيال ميديا و الذي بات يسمى  عصر المواطن الصحفي والمواطن الإعلامي لن يجد له موقعا وقد ينعكس الأمر على الإعلام بذاته فيصبح هزيلاً وبلا جمهور بل وقد يؤثر سلبا عليهم فيصبح خرقا تتسلل من خلاله تلكم الأراجيف وتلكم الشائعات فتؤثر على استقراره وحالة السلم الاجتماعي فيه.

حرب نفسية

“في كل الحروب التي مرت عبر التاريخ كانت الحروب الإعلامية والنفسية حاضرة وبقوة رغم اختلاف الأدوات والوسائل المستخدمة في كل زمن” هكذا بدأت الصحفية عاتقة معصار” معدة برامج ” حديثها للمحرر وتواصل معصار بالقول ” في الوقت الراهن تطورت أساليب هذه الحروب وأصبحت هي المتحكمة في كل حرب تخوضها الدول ومن هذه الأدوات نشر الشائعات والأكاذيب وبث الخوف والهلع بين أوساط الناس مما يسرع في حسم المعارك على أرض الواقع.. وهنا يجب أن يتصدر الإعلام لمحاربة هذه الشائعات والحروب النفسية ومحاولة مجاراة الحروب التي تشن ضد البلد بنشر الطمأنينة ونشر الحقائق عن جبهات القتال ومحاولة فرض رأي إعلامي قوي ومقاوم وإبراز التضحيات والانجازات التي تحدث في جبهات القتال حتى يعرف العامة بأن الأمور بالإيمان والثبات تستطيع قلب موازين المعارك …

حرب الصور

 لا فرق هنا بين الرصاصة والقلم في معركة الدفاع عن الأوطان بحسب.قول معصار التي تؤكد علي” دور الإعلام والقلم الحر لا يقل أهمية عن دور السلاح والرصاصة في جبهات القتال وتضيف معصار “نرى في الأيام الماضية كيف انتقلت الحروب من أرض المعركة إلى صفحات السوشيال ميديا باختلاف أنواعها ،وأًصبحت حرب أقلام وصور وفوتوشوب ومونتاج تستطيع إقناع أي شخص بالموقف الذي تتبناه تلك الوسائل وتقترح معصار إيجاد جبهة إعلامية لمواجهة استهداف وعي المجتمع فتقول” يجب إعداد جبهة إعلامية قوية ومواكبة لكل تلك التطورات، وتفنيد أي معلومات أو فيديوهات مضللة أولا بأول لتفادي إضعاف جبهة القتال بالأسلحة وتأمين الداخل الشعبي وكسب تأييده ورضاه على مسار المعارك مهما كانت الخسائر التي سوف يضحى أو يجازفون بخسارتها …

ختاما

من الواضح أنّ الشائعات خطيرة ومدمرة على الأفراد والشعوب، مع أنّ أضرارها على المجتمعات المتقدمة ضعيفة مقارنة بما يحدث في بلداننا العربية والإسلامية،وذلك بسبب اننا نصدق كل ما يقال لنا ولا نكلف أنفسنا البحث عن الحقيقية ، لذلك للأسف نصدق كل ناعق ومستهتر يظهر من حين لآخر، لذا يقع على عاتق الاعلام الوطني في بلادنا تحديدا وعلى عاتق كل إنسان وطني ، مواجهة الواقع والتخطيط للمستقبل البعيد الذي سيكون فيه البقاء للأقوى والأكثر علما ووعيا، وعلينا العمل على التصدي بقدر الإمكان للشائعات التي تضربنا من طرف تيارات متعددة، بأن نقوّي إيماننا بديننا ومعتقدنا وتاريخنا وهويتنا، وأن نشتغل بما ينفع، ونعمل على جعل الصدق والشفافية ركيزتين أساسيتين لتكوين مجتمع قوي وصلب لا تهزه رياح الحرب النفسية، ويستطيع السعي قُدما لتحقيق الأمن والرفاه والاكتفاء، كما أنه يقع على عاتق وزارة الإعلام والمؤسسات التابعة لها عقد ندوات علمية متخصصة لكيفية مواجهة هذه الشائعات بطرق علمية وحديثة.

اقرأ أيضا:المعلم وموقعه في سلم الأولويات

الصورة من الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى