كتابات فكرية

الراحل إبـراهيم بن علي الوزيـر..مناضلا ومفكرا وصاحب مشروع حضاري

الراحل إبـراهيم بن علي الوزيـر..مناضلا ومفكرا وصاحب مشروع حضاري

{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديل }

بقلم : حسن حمود الدولة

 إنه المناضل الجسور الذي عشق الحرية وصار على درب شهداء أئمة الخروج من آبائه وأجداده ثورة الدستور ومنهم والده وأعمومه، وأخيه الأكبر عبدالله الذي ارتبط بحركة الإخوان المسلمين ، وكان من الذين تواصلوا مع زعيم الإخوان حسن البناء قبل ثورة الدستور عام 1948م وقد قال الشهيد الزبيري في رسالة وجهها من باكستان لزميله وأستاذه في حركة الأحرار  بأن للبريطانيين دورا في تحريك تلك الثورة لكن يشفع له ولثوار. أول ثورة دستورية على مستوى الوطن العربي نقاؤهم وتقواهم وصدق مقصدهم وسلامة نواياهم ، وإيمانهم برسالة التغيير وطهرهم الثوري ،-.

 وبعد فشل الانقلاب تنقل الراحل عبدالله مع الشهيد الزبيري عبر البحار من بلد إلى آخر حتى استقر بهما المقام في باكستان لكنه – أي الشهيد عبد الله – توفي في أحد مستشفياتها لأنه كان معلولا بمرض في الصدر كما حكت طليقته تقية بنت الإمام يحي في كتابها الموسوم ” يتيمة الأحزان”. وقد مضى على دربه أشقاؤه إبراهيم وزيد والقاسم  والعباس وهو اكبر إخوانه، وكلهم مفكرون وعلماء مجتهدون وأكثرهم إنتاجا بعد الفقيد المفكر إبراهيم هو المجاهد المحسن الوطني الغيور الأستاذ زيد مد الله بعمره، وقد قال عن الفقيد المفكر إبراهيم الوزير الدكتور الراحل عبدالعزيز المقالح في مرثاة نثرية حزينة :

(قليل هم المفكرون اليمنيون المعاصرون الذين عندما نقرأ لهم نشعر أننا إزاء مفكرين كبار جديرين بهذا الوصف. ولا أشك في أن المفكر الإسلامي الكبير إبراهيم بن علي الوزير واحد من المفكرين اليمنيين الذين أثروا ساحة الفكر السياسي والاجتماعي والديني بما أنتجه من فكر متميز على مدى ستين عاماً، ولا ينبغي…..ثم يواصل فيقول

وأدعي أنني تابعت كتابات هذا المفكر المسكون بهموم اليمن وقضايا الأمة العربية والإسلامية منذ وقت مبكر، وأنني قرأت معظم ما أصدره من كتب فكرية ابتداء من كتاب “بين يدي المأساة” وحتى “هموم وآمال إسلامية”، كما أعترف أنني توقفت بإعجاب تجاه هذا الجهد الفكري المنهجي الملتزم، وأدركت في أثناء متابعتي أنني حقاً إزاء مفكر من الوزن الرفيع، وأنه أبعد ما يكون عن التعصب والميل مع الهوى. وقد نجح في تحليلاته ومناقشة القضايا المحلية والعربية والإسلامية والإنسانية باقتدار وتمكُن، وكان أكثر ما يلفت انتباهي لغته الرفيعة التي يكتب بها وسعة اطلاعه على التراث العربي الإسلامي، ومتابعته الدؤوبة للفكر المعاصر عربياً وأجنبياً، وكنت أجد صوت القرآن يطل من بين سطور كتاباته كمصدر أساس انطلق مفكرنا من بين صفحاته المضيئة…)

وقد كان المفكر إبراهيم بن علي الوزير نبيها ماجدا وعبقريا إلى حد ان كبار الثوار في سجن حجة بايعوه إماما لليمن ومنهم القاضي عبدالرحمن الإرياني والأستاذ احمد محمد نعمان والأستاذ الفسيل والمشير عبدالله السلال وإبراهيم الحضراني والعلامة احمد محمد الوزير مؤلف كتاب ” المصفى في أصول الفقه” وغيرهم من المساجين ، وقد ذكر أديب اليمن الكبير الشاعر والمناضل والمؤرخ والناقد الأدبي العلامة احمد محمد الشامي في كتابه الموسوم ب: “رياح التغيير في اليمن” أن الأستاذ إبراهيم اخبره بأمر تلك البيعة بعد سنوات من حدوثها رغم انه كان في السجن؛ ويستغرب كيف ولماذا اخفوا عنه تلك البيعة وقد سمعت أنا كاتب هذه السطور تفاصيل تلك البيعة من الراحل الأستاذ محمد عبدالله الفسيل وان البيعة ظلت في أعناقهم وأنهم لم يبابعوا شخصا اقل منهم سنا إلا لصفات أهلته لان يبايع من علماء، وبعد ان  من السجن انتقل مع شقيقه الأكبر العباس إلى عدن ومن هناك إلى السودان ثم استقر بهما المقام في قاهرة المعز لدين الله بمصر العربية، وقد عاش حياة التقشف ونحى منحى الصوفية في شظف العيش، ومع ذلك و1نظرا لما يتمتع به من مكانة معرفية وكاريزما المفكر الرصين فقد استطاع أن يقيم علاقات فكرية مع كبار الأدباء والمفكرين المصريين وقد جرى حوار بينه وبين المفكر الإسلامي والمؤرخ الدكتور حسين مؤنس تضمن ذلك الحوار الفكر  في كتاب مكون من 355 صفحة تحت عنوان (حوار بين علمين من أعلام الثقافة الإسلامية المعاصرة) وهو حوار فلسفي فكري تربوي وديني وتوجيهي يثير دفائن العقول..

 وقد تجلت عبقرية الفقيد وسعة علمه ونباهته في كل كتاباته، كعالم ومفكر إسلامي وفقيه متبحر في علوم الآلة  الفكر والثقافة المعاصرة ومنظر في بناء الدولة الحديثة ومهتم بهموم أمته الإسلامية والعربية وحاجات المسلم المعاصر حيث يجد القارئ لكتبه أنه بين يدي مفكر من الطراز الرفيع وهو حقا من القلة الذين يستحقون لقب مفكر حسب الدكتور المقالح رحمة الله تغشاهما انه مفكر سكن حب الوطن في قلبه ووجدانه وزكت نفسه بزاد الإيمان وغزارة علم من خلاله أغنى المكتبة الإسلامية المعاصرة بمؤلفات معاصرة تربو عن الثلاثين مؤلفا كلها تؤكد مدى عظمة الفكر الإسلامي ، وقابليته للتطور ومسايرة كل العصور ومن أخر ما قرأت من حواراته مع المفكرين الكبار هو كتاب (قراءة في الفكر الزيدي) وهو حوار اجري مع الفقيد تشره محمد الحكيم عن دار المناهل وقد ظهر من خلال هذا الكتاب ان الفقيد كان حجة في أصول الشريعة وأصول الدين والفقه وعلم الكلام والاقتصاد والسياسة والاجتماع، ويتمتع برؤية وفهم معاصرين للفكر الزيدي ، ولا يجانبني الصواب إذا ما قلت انه آخر أئمة المذهب المجددين في الفكر الزيدي الثوري الذي جعل من مبدأ الخروج على الحاكم الظالم واجبا شرعيا ورغم صغر حجم الكتاب إلا انه احتوى على موضوعات جمة عن الزيدية وفرقها والمعتزلة ونظرية الإمامة ومبدأ الخروج على الظالم وأصول الزيدية الخمسة ونبذة عن تأريخ الزيدية في اليمن ، ومن كتبه التي قرأتها في ثمانينيات القرن الماضي ومن كتبه الاولى :

– بدلا من التيه

– هموم وآمال الأمة الإسلامية

– بين يدي المأساة

– لكي لا نمضي في الظلام

– على مشارف القرن العشرين

وأخيرا الطائفية أخر ورقة العالين في الأرض… ومن العناوين يتبين لنا من هو المفكر إبراهيم بن علي الوزير ، إنه من اولئك الرجال الذين يولدون من بعد رحيلهم …

وقد ظهر في سجن حجة الذي دخله بعد فشل ثورة الدستور حيث دخل السجن عام 1948م مع أشقائه القاسم والعباس والعلامة والباحث والشاعر والأديب الكبير زيد مد الله بأعمارهم ، وقد وجدوا أنفسهم وهم في ريعان الشباب أمام حقائق مفجعة، إذ أعدم الإمام الناصر حميد الدين، والدهم الأمير علي بن عبد الله الوزير، وخمسة من أعمامهم، واثنين من أخوالهم ،وموت شقيقهم الأكبر كما أسلفنا في المنفى بسبب مطاردة الإمام له ولرفيقه الشهيد الزبيري، وتم هدم بيت العائلة في ” بني حشيش” بمحافظة صنعاء” ودارهم في صنعاء ومصادرة أموال الأسرة، وممتلكاتها كل ذلك حدث لهم وهم قابعون في سجون حجة.

 ولم يجد المفكر إبراهيم وإخوانه سوى حنان والدتهم ، ورغم هول تلك المصيبة إلا أن إبراهيم كان كبيرا في مواقفه فقد استطاع أن يستلهم مبادئ وأهداف ثورة الدستور وطورها في نظريات ومضوا جميعهم في نفس الخط الثوري الذي اختطه شهداء الثورة، وواصلوا القراءة والتحصيل العلمي، والمضي في مواصلة دراسة العلوم الشرعية والمعارف الأدبية على علماء في سجن حجه ، منهم أديب اليمن وشاعرها العلامة احمد محمد الشامي والقاضي العلامة  عبد الرحمن الإرياني، وأدباء وشعراء منهم أحمد المروني والمعلمي وإبراهيم الحضراني ودرسوا تجويد القرآن على الصفي محبوب.

وما زادتهم تلك الأحداث المريرة والأليمة  إلا إصرارا  على المضي في درب الشهداء وساعدهم في ذلك الطموح في تغيير وجه اليمن والانتقال به إلى ركب الحضارة ، ناهك عن ذكائهم ونباهتهم وحلم جميعهم ببناء دولة مدنية معاصرة وقد كتب الأستاذ زيد فيما بعد عن الدولة الاتحادية،واظهر نبوغا في مجال الفكر السياسي..

 وقد كان علمهم الشامخ والمرشد الهادي هو صارم الحق الفقيد الراحل بجسده والباقي بنهجه وفكره، الذي ظل يقارع الطغاة، وتعرض بسبب نضاله ومقارعته للطغاة إلى أكثر من عشر محاولات اغتيال كلها بحمد الله باءت بالفشل منها بالسم وبالغاز وبإطلاق الرصاص ذكر ذلك في الكتاب الموسيوم ب: ” (إحدى الحسنيين) وفي هذا الكتاب يقول شقيقه العلامة المفكر والمؤرخ والباحث الإسلامي والسياسي الأستاذ زيد بن علي الوزير مد الله بعمره أن الفقبد قال : ( أنني أؤكد لأخواني وأخواتي انتصار الحق والعدل والخير كما أكدت عليهم في أحاديثي ولقاءاتي معهم، واتصالاتهم لي بعد الحادث – لعلها محاولة الاغتيال الأخيرة – أن لا يجعلوا الانتقام هو رد فعلهم؛ مستشهدا بوصية أمير المؤمنين علي عليه السلام : يا بني هاشم لألقينكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون : قتل أمير المؤمنين ؛ قتل أمير المؤمنين ، لا لا يقتلن بي إلا قاتلي”.

وكان يقصد رحمه الله فيما لو تكررت محاولات اغتياله ونجحت خطط الطغاة في ذلك..

ولن يجانبني الصواب إذا ما قلت أني لم أجد مفكرا يمنيا قد بلغ شأوه حيث استطاع ان يضع معالم نظرية إسلامية ديمقراطية شوروية للحكم حدد فيها كيف يجب ان يعتلي الحاكم سدة الحكم وذلك لأنه من المفكرين العرب القلائل الذي عنوا بمسألة نظرية الحكم والمشاركة الشعبية

وهي نظرية تعتمد على العمل المؤسسي والفصل بين السلطات، من مرتكزاتها الحريات والعدالة والشورى…

هذا هو المفكر الإسلامي الراحل الأستاذ .إبراهيم الوزير الذي غرس في جيلنا حب الوطن والحرية والعدالة ور فض الظلم وحكم المستبدين ومقت الأنظمة الوراثية وتطلع إلى بناء دولة ومجتمع يسودهما الحريات والعدالة الاجتماعية والمساواة والرخاء والتقدم والرقي في ظل حكم شوروي عادل يعطي الحق الشعب في اختيار من يحكمه عبر صناديق الإقتراع..يقول رحمه الله : ( إننا نؤمن إيمان لا يقبل تراجعا ولا تهاونا بالتعددية السياسية البناءة التي تجمع الأمة على الثوابت؛ وتتيح لها خصب التنوع وجماله؛ والتدافع – توازن القوى- الذي يمنع الفساد في الأرض)!

كما انه كان يتطلع إلى ثورة فكرية لا تعرف دوي المدافع ولا أزيز الطائرات ولا طقطقة مجنزرات الدبابات بل ثورة تأتي كقطرات الندى التي تذيب جلاميد الجهل كما تذيب قطرات الندى جلاميد الثلوج…

يقول صبحي غندور انه لكل مفكر بصمات فكرية يتوقف عندها الناس ..وتكبر قيمة أي فكر عندما يصبح عالميا في انتشاره فلا بحسب على أمة او جماعة وحينما يكون المفكر صالحا للاسترشاد به في أي زمان هكذا نظرت إلى فكر إبراهيم الوزير – ولا يزال الكلام للمفكر الغربي صبحي غندور – حيث كان همه الأول كيفية النهوض بالفكر الإسلامي ويرفع واقع شعوب العالم الإسلامي ءلى مستوى ما هو عليه الإسلام نفسه من أبعاد حضارية وأخلاقية وقيمية ..)

 وقال عنه حمدي محمد الرازحي : ( قد يكون الحديث عن جوانب الريادة الفكرية في شخصية المرحوم ابراهيم الوزير وإسهاماته في اثراء المكتبة الإنسانية بالجديد والجدير من فنون المعرفة من قبيل الحديث عن المسلمات التي يعرفها القاصي والداني فإسهاماته العلمية غنية عن التعريف والبيان)..

والحديث عن قامة كبيرة مثل فقيدنا الكبير لا تغطيها مقالة كهذه وبخاصة ان اخرين قد كتبوا عنه الكثير ومنهم الدكتور احمد الماخذي وما اكتبه بعد مرور سبع سنوات من رحيله ألا لمجرد وفاء من تتلمذ على كتبه وكتب شقيقه المفكر العظيم الأستاذ زيد بن علي مد الله بعمره..

وغني عن البيان بان الراحل ابراهيم طيب الله ثراه في الجنة كان بالنسبة لأشقائه بمثابة الأب، والأستاذ والمعلم والرفاق الذين شاركوه حياة السجن والتشريد، وحياة شظف والجوع  ثم الرخاء وتوفر المال من خلال مزاولته أعمال تجارية والمضاربة في الأراضي اثناء اقامته في الملكة السعودية . وقد تتلمذنا على مائدتهم الفكرية ومن اجمل ما قاله احد تلاميذ الفقيد وهو الدكتور طارق محمد الأكوع مخاطبا الفقبد حيث قال :

 لقد (دعوتنا إلى الوعي وحذرتنا من التخلف والجهل والضعف والهوان والخرافة والغلو والتعصب..

علمتنا ان لا مقدسات في الحوار ..

علمتنا كيف نكون ربانيين حقا وأقوياء حقا بتكامل الطاقات..

حذرتنا من الوجوه المزيفة التي تحمل قداسة الدين في المجتمعات وتحجب عن الناس نور الفكر الإسلامي الذي يدعو إلى قيم الحرية والعدالة والمساواة ..

علمتنا ان الإسلام عقيدة وعمل فلا قيمة للإيمان بلا عمل ولا قيمة للعمل بلا إيمان ..

قلت لنا تزودوا بالعبادة والعمل والدعاء قبل العمل لننطلق في أفاق العلم الرحب..

 لقد تعلمنا منك كيف نكون أحرارا أعزاء لا نسجد ولا نخضع ولا تنحني جباهنا إلا لله وحده ولا نسجد لسواه سبحانه كنت يا أستاذنا ومعلمنا رمزا للإسلام المحمدي رمزا للنضال ورمزا للحرية كما انك دعوت الأنظمة العربية والإسلامية ان تنظف سجلاتها في مجال الحريات وحقوق الإنسان ..

وسنظل نردد إلى نهاية العمر اننا عاصرناك وتتلمذنا عليك وسرنا على النهج الذي رسمته لنه والطريق التي اختطيتها لنا) ..

وقد كان الأستاذ ابراهيم يرحمه الله رجلا وقورا عالما مهابا قوي الشخصية يتمتع بكارزما تفرض على من يقابله الاحترام ولا يسع من عرفه او قابله إلا ان يجله ويقدرة ويحترمه وقد كان متحدثا لبقا وخطيبا مفوها طموحا يحلم منذ نعومة أظافره بأن يحقق لوطنه بمشروعا حضاريا ..

إذ سرعان ما هداه تفكيره إلى تشكيل “عصبة الحق والعدالة”، ليدشن بها حياة سياسية زاخرة بالعطاء والمواقف الوطنية والانسانية…

 وكان يعمل وفقاً لتفكيره اليقظ باتجاه تخليص وطنه من براثن الظلم والاستبداد، سواء في العهد الملكي أو الجمهوري ، وكان كاتبا موهوبا ففي كتابة الذي أصدره عام 1963م الموسوم ب ” بين يدي المأساة ” وهو لم يتجاوز ال30 عاما من العمر لم يتحدث عن ما حل به وبأسرته من أحداث بل تحدث عن ما حل بالوطن وأن ظلما حل محل ظلم آخر،  وذلك عندما وجد حكام الجمهورية، يحولونها إلى طبعة ثانية للاستبداد، وبتعبير الزبيري:

 والبدر في الجرف تحميه حماقتكم وانتم مثلما كنتم له حرس / لولاكم لم يقم بدر ولا حسن ولم يعد لهما نبض ولا نفس..تسنون قوانين العبيد لنا /ونحن شعب ابي مارد شرس) ومطلع سينية الزبيري:

هذا هو السيف والميدان والفرسُ

واليوم من أمسه الرجعي ينبجسُ

ما أشبه الليلة الشنعاء ببارحةٍ

مرت وأشنع من يهوى وينتكسُ

كأن وجه الدجى مرآةُ كارثة

يرتد فيها لنا الماضي وينعكسُ

وكل من رام قهر الشعب متجهٌ

لها يريد الهدى منها ويقتبسُ

 إذا لم يكن الفقيد لوحده من نبه إلى ظلم ما بعد الثورة بل قاوم تلك الثورة مناضلون كبار كالزبيري والنعمان وكثير من الضباط الأحرار الذين شاركوا في تفجير ثورة ال٢٦ من سبتمبر ولم يتردد الفقيد في مقاومة الانحراف بعد الثورة .

 حيث كان رحمه الله ديناميكيا يتمتع بحيوية ونشاط وهمة في العمل الثوري ، وقد القى عدة محاضرات في المعهد القومي للإدارة، وصدرت فيما بعد في كتاب بعنوان: “بدلاً من التيه”.  وكتب كما أسلفنا ثلاثين مؤلف خلاف البحوث والدراسات واللقاءات الصحفية  والمناظرات التي اجراها في حياته ، فقد كان حركيا دءوبا لا يعرف الكلل والملل إليه سبيلا .

  عاش حياة زاخرة بالعطاء الفكري ،عاشقا للحرية منذ ريعان شبابه ، مفكرا سياسيا من الطراز الأول، وداعية إسلامي ربطته علاقة صداقة بدعاة إسلاميين كبار منهم السيد قطب ومالك بن نبي والشيخ محمد الغزالي واحمد بهجت وكان له الفضل الكبير في نشر كتب المجدد الإسلامي جمال البناء شقيق مؤسس حركة الإخوان المسلمين ، قال عنه المؤرخ حسين مؤنس- أنه من أعاظم مفكري هذه الأمة، ومن فحول اليمن وأقطابه، فقيه علامة مجتهد في شئون الدين، ومن أعظم علماء ومجتهدي العصر.

 كان إبراهيم الوزير صاحب مشروع حضاري إسلامي؛ وقد أسس في بيروت مع نخب سياسية منهم الراحل احمد جابر عفيف والشيخ سنان ابو لحوم ورفيقه في النضال الأستاذ محمد الرباعي وآخرون ما سمي بالقوة الثالثة حيث رفضوا النظامين الملكي والجمهوري معا ؛ وخططوا لبناء الجمهورية اليمنية الإسلامية ولما استقر الفقيد إبراهيم في مصر لم يدخر جهداً في سبيل خلاص بلاده، فشكل بمعية ثلة من رموز الحركة الوطنية، “اتحاد القوى الشعبية اليمنية”، كآلية للنضال السياسي المستند إلى تأييد شعبي يضمن للثورة النجاح.

 وبعد وفاته رحمه الله تولى قيادة مسيرة الحزب والنشاط الفكري شقيقه المفكر والأديب والشاعر زيد بن علي إمام عصره، بمساعدة شقيقيه قاسم ..

والأستاذ زيد يمتلك موهبة أدبية مشهود له بها ويحمل أفكارا تنويرية ، وله العديد من المؤلفات والبحوث التي نشرت وتنشر له في مجلة المسار التي يرأس تحريرها  وهو صاحب فكرة الدولة الاتحادية وكتابه الفردية ينم عن مفكر مستنير

 يحمل أفكارا استباقية تقدمية..

 سائلا المولى عز وجل أن يمد بعمره ليكمل مشوار نضال شقيقه الراحل الكبير ابراهيم الذي وافته المنية بأحد مستشفيات لندن يوم السبت الأول من شهر رمضان 1435 هـ الموافق 28 يونيو 2014 م. وذلك بعد معاناة طويلة من مرض عضال اثبت من خلال تلك المعاناة بأنه كان مثالاً للصبر والاحتساب.

 نتمنى على الأجيال القادمة أن تسير على هدى هذا المناضل الصبور الجسور القوي الذي ظل شامخا حالما ببناء يمن جديد ودولة مدنية تحقق العدالة والحريات والمساواة

وتحقيق التقدم والتطور والرفاهية والنهضة لليمن وظل هذا الحلم يراوده منذ ريعان شبابه وحتى أخر عمره مسلما الراية لشقيقه أستاذنا زيد مد الله بعمره .

فعاش طوال عمره مناضلا جسورا ومنكبا على القراءة والتحصيل العلمي حتى غدى  واحداً من أبرز رموز الفكر الإسلامي المعاصر، وسياسياً من طراز فريد ، لم يساوم، أو يؤثر الصمت بل ظل يقاوم الظلم والاستبداد ويحلم بتحقيق دولة الشورى والحرية ، متسكا بالتفكير الحر ، طيب الله ثراه في الجنة وأنزل عليه شآبيب رحمته وأسكنه فسيح الجنان جوار الشهداء والصديقين والحقنا به صالحين إنه سميع مجيب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى