صحيفة إسبانية تكشف عن ارتباط شركات التجسس الإسرائيلية بالجيوش والديكتاتوريات
سجلت شركات التجسس الإسرائيلية انتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم، وتحافظ هذه الشركات على ارتباط وثيق مع الجيش وأجهزة الاستخبارات السرية، وتعمل إحداها بشكل أساسي في أوروبا الغربية.
يقول الكاتب أوغينيو غارثيا غاسكون في تقرير له نشرته صحيفة “بوبليكو” الإسبانية، إن إسرائيل تمتلك عددا متزايدا ومثيرا للقلق من الشركات الأمنية التي تعمل في جميع أنحاء العالم، مشيرا في هذا الصدد إلى شركة إسرائيلية تعرف باسم “كانديرو” تحدثت عنها مؤخرا صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
ويلفت غاسكون إلى أن القليل يعرف هذه الشركات، رغم تورطها في فضائح عديدة في الخارج، دون أن تتخذ الحكومات الغربية أي إجراءات للحد من عملياتها الغامضة.
ويبين الكاتب أن هذه الشركات هي عبارة عن عالم سري للغاية، إذ تقدم الخدمات مقابل مبالغ مالية ضخمة.
وتنقل هآرتس عن مصادر أمنية إسرائيلية أن حجم أعمال هذه الشركات الإسرائيلية يقدر بنحو مليار دولار سنويا، وأن هذه الشركات تدير وتبيع أدوات تجسس لدول مثل المملكة العربية السعودية والمكسيك وإسبانيا، بالإضافة إلى بعض الدول الدكتاتورية المعروفة.
وكثيرا ما أُشير إلى أن المعدات التي توفرها إسرائيل تستخدم لمحاربة الأشخاص المنشقين، أي المعارضين، كما كانت الحال مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي اغتيل في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وأوردت الصحيفة أن شركة كانديرو تقع في مبنى في تل أبيب، رغم عدم وجود أي مؤشر على وجود مقرها في هذا المكان.
الوحدة 8200
وفي الواقع، لا تملك هذه الشركة الإسرائيلية أي موقع إلكتروني رسمي على الإنترنت، ويعمل بها حوالي 120 خبيرا استخباراتيا، جندوا من مختلف الأجهزة العسكرية والاستخباراتية، بما في ذلك وحدة 8200 الإسرائيلية المثيرة للجدل، التي لها سمعة سيئة بين الفلسطينيين، رغم أن أعمالها تنفذ أيضا في الخارج.
وتجدر الإشارة إلى أن الوحدة 8200 هي وحدة تجسس عسكرية تعمل في الخارج، بما في ذلك في مقرات التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلية، وتكمن إحدى عملياتها الأساسية في التجسس على محادثات السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وقد ندد أعضاء سابقون في الوحدة 8200 بعمليات ابتزاز الفلسطينيين من خلال المواد التي يجمعونها، كما أدانوا أيضا كيفية استخدام هذه الوحدة لأعمالها ضد الأشخاص الذين تتجسس عليهم بطريقة غير أخلاقية.
وأضاف الكاتب أن موظفي شركة كانديرو لا ينشرون ملفاتهم الشخصية على موقع لينكدإن أو أي شبكة اجتماعية أخرى، كما يوقعون اتفاقيات سرية للغاية مع الشركة.
التزام بالسرية
وفي هذا السياق، رفض بعض الموظفين الذين استشارتهم صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية في تل أبيب، الإدلاء بأي تعليق عن تفاصيل أعمالهم. ومقابل التزامهم بالسرية التامة، يتقاضى العاملون بهذه الشركات رواتب خيالية يمكن أن تتجاوز 20 ألف يورو شهريا.
وعلى عكس شركة “أن أس أو”، وهي شركة إسرائيلية مماثلة متخصصة في التجسس على الهواتف الذكية، تتخصص شركة كانديرو -التي تعمل بشكل أساسي في أوروبا الغربية منذ تأسيسها قبل أربع سنوات- في اختراق أجهزة الحاسوب والخوادم، رغم أنها قادرة أيضا على التجسس على الهواتف الذكية.
وأوضح الكاتب أن إسرائيل تعتبر أن الأدوات التي تستخدمها هذه الشركات أسلحة تقليدية، وتعتبر وزارة الدفاع الإسرائيلية أن تصدير هذه الخدمات أمر جيد.
ويشير ذلك إلى أن السلطات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية تدرك جيدا ما تفعله هذه الشركات في العالم، بما في ذلك بيع المعدات والخدمات التي تقدمها إلى الدول الدكتاتورية، وبحسب صحيفة هآرتس، فإن وزارة الدفاع الإسرائيلية “لا تهتم كثيرا بالديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان”.
وأشار الكاتب إلى أن السرية التي تحيط بهذه الشركة مبالغ فيها للغاية، وعلى وجه الخصوص، لا تسجل الشركة الإسرائيلية تحت اسم ” كانديرو”، إذ إنها كانت تحمل اسم “غريندافيك سوليوشنز” عند إنشائها في شهر سبتمبر/أيلول 2014.
وفي مارس/آذار 2017، أصبحت الشركة حاملة لاسم “أل دي أف أسوسيتس”، وغيّر اسمها مرة أخرى خلال شهر أبريل/نيسان 2017 ليصبح ” غريندافيك” من جديد.
وعلى الرغم من أن أسماء الأشخاص الذين يديرون هذه الشركات صاروا معروفين في بعض الأحيان، فإن أسماء مالكيها ومديريها لا تُكشف على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأورد الكاتب أن من بين شركات التجسس الأخرى التي ظهرت خلال السنة الماضية، تبرز شركة “أكس أم سيبير” التي أسسها رئيس الموساد السابق تامير باردو. وتوظف هذه الشركة موظفين من الموساد، وآخرين عملوا في الشين بيت أو في وحدة الاستخبارات العسكرية 8200.
وأشار الكاتب إلى أن الملياردير الإسرائيلي شاؤول شاني ساهم في تأسيس الشركة بمبلغ 15 مليون دولار. ووفقا لوكالة رويترز، تعاقدت الشركة مع عملاء من أوروبا وإسرائيل والولايات المتحدة، في حين رفض باردو الكشف عن اسم أي عميل.
وفي الختام، أوضح الكاتب أن التشريعات الغربية متساهلة للغاية في هذا المجال، مما أتاح لشركات التجسس الإسرائيلية التحرك بحرية في أوروبا، والمحافظة على الطابع السري لعملياتها. وفي غالبية الأحيان، كانت العمليات السرية الإسرائيلية مثيرة للانزعاج، سواء في البلدان الديمقراطية أو الدكتاتورية.
المصدر : الصحافة الإسبانية – الجزيرة