نفحات من كتاب كي لا نمضي في الظلام( الحلقة 12)
نفحات من كتاب كي لا نمضي في الظلام( الحلقة 12)
لا بد من صحوة ضمير لدى الإنسان اليمني والعربي والإسلامي من أجل أن تنال الشعوب حقوقها في الشورى وفي التعليم وفي العدل وفي الأمن وكافة الحقوق حتى تكون الشعوب هي الحاكمة لنفسها ويكون الحاكم أجير عند الأمة وليست الشعوب أجيرة عند الحاكم وتكون الشعوب هي المتحكمة في السيادة الوطنية عن طريق من انتخبوه ليمثلهم وينفذ القوانين التي أُقرت لصالح الشعوب وليس لصالح الطغاة. إن ضمير الإنسانية يؤنبها لما صارت إليه هذه الشعوب من مأسي وظلم يندى له جبين كل حر في هذه الأمة التي أصابها الشلل من قبل الطغاة فلابد من ضمير ومسئولية تقوم على عاتق كل قلم حر يُريد الخير والأمن والسلام والعدل وغيرها من الحقوق حتى يتحقق للأمة كافة حرياتها وكافة حقوقها، ونحن الأن نمشي على خطى مفكرينا الذين سبقونا في النضال والتضحية ليس من أجل أنفسهم بل من أجل شعوب المنطقة العربية والإسلامية وبين أيدينا كتاب ( لكي لا نمضي في الظلام ) للمفكر المجاهد إبراهيم بن علي الوزير رحمه الله، ونحن الأن نقتبس من كلامه ولو كان ذلك الكتاب مضى عليه وقت من الدهر في الخمسينات والستينات فقد كتب بأحرف من نور وظل ينير لنا الطريق نحو الحرية ونحو السلام ونقتبس من ذلك الكتاب ما يلي تكملت للبند الخامس الذي ذكرناه في الحلقة السابقة. ” إن الضمير اليمني لابد لأن يتكون، بدأ يعي مسئولياته، وإن كان عائم السبيل غائم المعالم، موزع الاتجاه. إذاً لقد أحدثت ثورة 1367هـ (1948م) تغييرات في الضمير اليمني وبذرت بذوراً جديده يجب على قوى الخير أن تنميها وتغذيها لتزدهر وتؤتي ثمارها الطيب.. حقاً لقد كان الثمن فادحاً باهضاً ما في ذلك شك، ولقد احتمل الشعب غرامة الفشل الأعمى… ذلك الفشل الذي كان من الممكن تداركه لو كان وعي القائدين للثورة 1367هـ (1948م) يرتفع إلى مستوى الحوادث ويعي المرحلة التي أجتازها الشعب. وكيف تستخدم الامكانيات التي حصلت عليها الثورة، ولكن الدرس يجب أن يكون مفيداً والضمير اليمني اليوم أكثر وعياً وادراكاً… لقد مرت أيام وشهور وأعوام دامية سوداء متوحشة بالمأساة والدماء التي دمغ الحكم الفردي في العالم والدين تلك المفاهيم والقيم الفاسدة التي أنتجتها التحريفية التي كان نتائجها تدميراً وتمزيقاً ووحشية لم يشهد لها التاريخ مثيل ورؤوس تساقطت حسب مشيئة شهوة انتقامية جاهلة متعطشة إلى الدماء، إلى حكم بدائي !! نعم تساقط فيها الرؤوس حسب رغبة فرد غير عابئ بشريعة الله في عصر يقال أنه أعلنت فيه وثيقة حقوق الانسان!! تلك الوثيقة التي لا تجد سنداً إلا عندما يريد العالون في الأرض وفي هذا الظلام الرهيب كان الضمير اليمني الجديد الذي بدأ يستشرف عهداً جديداً وقد تطعم بالدم المسفوك، وقد بدأ يعي أكثر وأكثر.. وكان صوت جريدة ( السلام )، والظلام يملئ جوانب الحياة في بلادنا بعد انتصار الرجعية- إنما هو إيذان حي بوجود المولود الجديد، وتغلبه على عوامل الفناء، وبدأ الضمير اليمني يشق طريقه ليكون صانعاً لحياه أفضل، وبدأ الأحرار يفيقون من هول الصدمة، ويستعيدون قواهم ونشاطهم من جديد ( ولك وجهة هو موّليها ) ولكن أولئك الذين لا يعرفون الكفاح إلا المغانم ظهروا على المسرح من جديد، ليكونوا أو ليوجهوا الكيان الهزل الذي أنشاء بشكل جمعية وجهة خاطئة نحو المساومات والحصول على امتيازات وأرباح بعيداً عن ضوابط الشرع ومعالمه أو حتى عما تداركه الفترة من قيم مثلى يحسنها العقل في طريق الانسان الطويل..” انتهى الاقتباس.
إن ذلك الكلام الذي اقتبسناه فيه طريق ومعالم للحرية، إنها صحوة ضمير كما أشار إليها مفكرنا الكريم المجاهد يرحمه الله لدى الانسان اليمني. إن الحرية لا تأتي إلا بوجود قيادة توضح للشعب اليمني وغيره من الشعوب العربية والإسلامية كافة حقوقه وتوضح ما وصلت إليه البشرية من انتاج كل الأسلحة الفتاكة وانتاج الوسائل الحديثة التي تخدم البشرية حيث وصلوا إلى القمر وتمكنوا في الفضاء ونحن والطغاة في صراع مرير ليس من أجل شيء وإنما من أجل حقوق الشعب وأن ينال حريته في اختيار من يحكمه ويمثله بدل الهيمنة والجبروت. إننا الأن نمتلك وسائل تواصل عديدة وبالإمكان إيصال رسائلنا إلى عموم الشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية وإلى كافة العالم وتوضيح مظلوميتنا من حكّامنا المتعطشين للدماء وبإطفاء النور الذي أضاء لنا الحرية قبل 1400 عام على يد معلم البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم. لقد أتانا بالقرآن والسنة وفيهما نوراً لنا ولما قبلنا ولما بعدنا ويجب أن نأخذ منهما ما يتلاءم مع العصر وحداثته مع إبقاء ما تم تنزيله من الله سبحانه وتعالى من أحكام لأنها ثابته لنا ولما قبلنا وما بعدنا ولا يجوز التعديل فيها بل العمل بها. إن الأنظمة الأن وفي هذا العصر قد وصلت من إخضاع شعوبها مرحلة اعتادت عليها تلك الشعوب ولم تعد ترى فيها شيئاً شاذاً، بل أن بعض العرب يعتبر ذلك أمراً طبيعياً، بحيث تحولت كثير من الشعوب العربية إلى أن تمارس رقابة ذاتية صارمة على أفكارها وأقوالها وأفعالها، وأصبحت الناس توجه اللوم لبعضها البعض، بدلاً من توجيه اللوم والنقد للجاني، وتستعين بمبدأ أن على المواطن عدم توريط نفسه بالسياسة مادام يعلم مقدار القسوة التي سيبديها النظام. والمفزع أن هذا الوضع السلوكي لبعض الشعوب العربية يتم توريثه للأجيال اللاحقة، بحيث يتحول الشعب كله نسخة واحدة من الأصل. في مرحلة متطورة تتوغل الأنظمة السياسية والحكام، ويصبح الترويض والردع يطال ليس فقط أقوال وافعال المواطنين، بل يطال النوايا. ومن ثم تتسع دائرة الحظر من الحاكم إلى البطانة إلى كافة رموز النظام والحاكم المستبد، فلم يعد العقاب مستحق على أي نقد للحاكم، بل يتم إنزال القصاص بكل من يجرؤ على المساس برموز النظام. من الفاجعة القول إن بعض من رجال الدين يكمل دور النظام في ترويض البشر وإخضاعهم، عبر الخطب في المساجد، أو من خلال الندوات والدروس الدينية التي تبث عبر شاشة التلفاز، حيث يتم تحذير الناس من الضلالة والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، وحرمة عدم إطاعة الحاكم والوالي، والخروج من الجماعة التي ترعب عامة الناس.
والمؤلم حقاً في هذا السياق هو ما تقوم به السلطتين السياسية والدينية في تعميق الشعور بالذنب لدى المواطن العربي، فيصبح الإحساس بالخطيئة والإثم يرافقان الإنسان، بحيث لا يجرؤ على مجرد التفكير بما يفعله الحاكم، أو بالشك بنزاهة النظام، فيقوم المواطن على معاقبة نفسه، حتى على أشياء لم يفعلها، بل لمجرد الشك بها. وما لم تنهض الشعوب العربية وتقوم بتحطيم نظرية الارتباط الشرطي لهدم جدار الفزع، والانطلاق نحو بناء دولة القانون والمؤسسات، فإن الحكّام سيظلون يقرعون الجرس لنا دون تقديم الطعام.
بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد