مالك بن نبي.. مُنظِّر النهضة الإسلامية
بقلم / محمد الشنقيطي …
ولد المفكر الإسلامي مالك بن نبي في مدينة قسنطينة الجزائرية عام 1905 لأسرة متواضعة الحال، حيث كان أبوه عمر موظفا بسيطا في إدارة مدينة تبسَّة، وأمه زهيرة ربة بيت تعمل في الحياكة. لكن الأسرة كانت عميقة التدين، عزيزة الأنفس. وقد تحدث مالك في مذكراته (شاهد القرن) عن هجرة أجداده لأمه إلى تونس والجزائر بداية الغزو الفرنسي، خوفا من انتهاك أعراض بناتهم على أيدي الجند الفرنسيين المتغطرسين. كانت أحاديث جدته هي النافذة التي فهم منها مالك جرائم الاستعمار الفرنسي، وأهمية الاعتزاز بالعقيدة الإسلامية واللغة العربية، ثم كانت صلة أسرته بالحركات الإصلاحية وبالطرق الصوفية، خصوصا (الزاوية العيسوية)، دافعا له إلى الاهتمام بقضايا الإصلاح والنهضة والتجديد. ثم كان حرص والدته على تعليمه القرآن –حتى إنها رهنت سريرها مرة لدفع أجرة المعلم- دافعا آخر عمق في نفسه حب القرآن وحمْلَ راية الدفاع عنه ضد المستشرقين في كتابه القيم “الظاهرة القرآنية”. جمع مالك بين الدراسة في الكتَّاب وفي المدارس الفرنسية بالجزائر، ثم تخرج من معهد إسلامي بالجزائر (مدرسة سيدي الجليس) وواصل دراسته العليا في فرنسا فتخرج مهندسا عام 1935. والحق أن مالكا كان معلم نفسه، فولعه بالقراءة شديد، وجلده في التعلم الذاتي لا يضاهى، وذلك أكبر مصدر من مصادر المعرفة لديه.