ضرورة ربط التعليم بسوق العمل
ضرورة ربط التعليم بسوق العمل
ضرورة ربط التعليم بسوق العمل
*عبدالرحمن علي الزبيب
التعليم هو الأساس للعمل وتنمية مهارات العاملين، وكلما كان التعليم متخصص ووفق رغبات وميول الطلاب منذ مراحل دراسته الأساسية وحتى الثانوية والجامعية كلما تراكمت لدى الطالب مهارات ومعلومات كثيفة في إطار التخصص الذي يرغب في الانخراط في العمل في ذلك التخصص بعد استكمال دراسته الجامعية وليدخل سوق العمل بمهارات ومعلومات وخبرات متراكمة يساهم بشكل إيجابي في العمل. وتطبيق ذلك المنهج المتخصص في سوق العمل بل ويسعى لتطوير العمل وفقا لتراكمات الخبرات والمعلومات الذي حصل عليها الطالب خلال مراحل التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي.
وهناك العديد من التجارب العربية في ربط التعليم بسوق العمل ، منها على سبيل المثال التجربة السورية قبل الحرب والذي كان يتم الطلب من كافة قطاعات مؤسسات الدولة والقطاع الخاص الرفع السنوي بالاحتياج الفعلي للتخصصات المطلوبة لتغطية سوق العمل حيث كانت الدولة تهتم بالتخصصات منذ مراحل الابتدائية والثانوية وفي الدراسة الجامعية كان يتم تحديد السعة الاستيعابية في الكليات بحسب الاحتياج الفعلي حيث كان يتم توزيع خريجي الثانوية العامة على كليات الجامعة وفقا للاحتياج وكان يتم استحداث أقسام وتخصصات جديدة في الكليات لتغطية الاحتياجات المستحدثة في سوق العمل .
كان الطالب في سوريا يدخل سنة أولى جامعة وقد تم إرسال نسخة من ملفه إلى مؤسسات الدولة المحتاجة لذلك التخصص، ولا يكمل الطالب الجامعي دراسته الجامعية إلا وقد تم تجهيز مذكرة احالة ومباشرة لذلك الطالب في المؤسسة المحتاجة إليه ويتم مباشرة تعليق ونشر نتائج الدراسة الجامعية ومؤشر أمامها فرصة العمل المطلوبة لكل طالب ومكان العمل الذي يستلزم عليه الذهاب إلية و مباشرة العمل فيه خلال أشهر معدودة من التخرج لينخرط مباشرة في سوق العمل، وفق سياسة عامة للتعليم في الدولة بما يخدم سوق العمل ويغطي احتياجه من التخصصات المطلوبة وكان يتم التركيز على تغطية الاحتياج للموارد البشرية من خريجي الجامعات السورية فإذا كان مثلا الدولة السورية تسعى إلى نهضة زراعية كان يتم تحويل عدد كبير من الطلاب للانخراط للدراسة الجامعية في كلية الزراعة لتغطية الاحتياج لمهندسين زراعيين ويعلنوا منح مالية أو صرف أراضي زراعية مجانية لخريجي كلية الزراعة لتشجيع الطلاب على الانخراط في كلية الزراعة وكذلك الطب والهندسية واللغات والآداب وغيرها من التخصصات.
مع تركيز الدولة السورية على جودة التعليم بشكل عام وخصوصا الجامعي باعتماد اللغة الرسمية للشعب السوري وهي اللغة العربية في جميع التخصصات العلمية والأدبية لتسهيل الدراسة واستيعاب الطالب للمنهج الدراسي كونه بلغته ويتجاوز عقبة اللغة والترجمة الذي تعتبر عائق كبير في الأقسام العلمية فمنهج الطب والهندسة وغيرها من التخصصات العلمية مترجمة للغة العربية ويتم تدريسها باللغة العربية وبعد التخرج آو أثناء الدراسة يوجد مراكز لغات في الجامعات لمن يرغب في تعلم لغة أخرى يستفيد منها في تخصصه العلمي .
لذلك تجد السوريين سواء في بلادهم أو عند خروجهم من أوطانهم من أفضل الكوادر في الطب والهندسة والزراعة وغيرها من التخصصات المطلوبة عالميا ويتم طلبهم واستيعابهم بشكل سريع وبإجراءات سهله و مبسطة .
وهذا عكس اليمن الذي لم يربط التعليم بسوق العمل ويتم التعامل بعشوائية مع مدخلات التعليم فتكون مخرجات التعليم خارج إطار الاحتياج الفعلي لها فترتفع نسبة البطالة وحتى إذا فكر الخريج الجامعي بالاغتراب فلا يوجد لديه فرص عمل إلا في أعمال دونية عامل بسيط وغيرها من الأعمال التي لا تحتاج إلى تخصص علمي للانخراط فيها وهذا سبب معاناة كبيرة للشعب اليمني وانعدام أي أفق أمل له داخل وطنه أو خارجه فجميعها مسدودة بسبب عدم ربط التعليم بسوق العمل وعدم تحديد الطاقة الاستيعابية للجامعات الحكومية والخاصة وفقا للاحتياج الفعلي للتخصصات العلمية مما أعاق تحقيق أي تنمية حقيقية أو مستدامة في اليمن سواء قبل الحرب أو أثناؤها وحتى عند توقف الحرب في اليمن لن تتحقق أي تنمية حقيقية مالم يتم ربط التعليم بمدخلاته ومخرجاته بسوق العمل والاحتياج الفعلي للتخصصات المطلوبة في سوق العمل.
وهنا يستلزم أن يكون هناك سياسة واضحة لربط التعليم بسوق العمل واحتياجات سوق العمل من التخصصات المطلوبة.
بحيث يتم تحديد الاحتياج الفعلي لسوق العمل الحكومي والخاص للتخصصات المطلوبة سواء طب أو هندسة أو علوم أو كيمياء أو صحافة أو قضاء ومحاماة أو تقنية معلومات أو علوم فقهية وعلمية وآداب وشعر وغيرها من احتياجات سوق العمل وان يكون التعامل مع التعليم وفقا لسياسة الاحتياج حتى لا يتراكم مئات آلاف الطلاب في تخصصات غير مطلوبة ويتحولوا إلى بطالة غير قادرين للحصول على فرص العمل وحتى أن حصل على فرصة عمل فيكون بطالة مقنعه كون ذلك التخصص مشبع بآلاف الكوادر وتخللوا التخصصات الأخرى من المتخصصين فيها .
في اليمن لم يتم ربط التعليم بسوق العمل سواء قبل الحرب أو الثناء الحرب مما خلق فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل و يخرج الخريج الجامعي إلى قارعة الطريق ليبحث عن عمل خارج التخصص الذي درسه خلال سنوات عمره ويكون عمله يدوي عامل بسيط يتحصل منها على مبالغ مالية زهيدة وببذل جهد كبير .
وفي الأخير:
نؤكد على وجوبية التوقف عن التعامل العشوائي في اليمن مع مدخلات ومخرجات التعليم الحكومي والخاص سواء ابتدائي أو ثانوي أو جامعي وان يتم ربط التعليم بسوق العمل وإلزام كافة مرافق التعليم الحكومي والخاص بجميع مراحله بالاحتياج لسوق العمل وعدم تراكم الطلاب في تخصصات غير مطلوبة أو مشبعة وفتح المجال للتخصصات المطلوبة ومنح الامتيازات للطلاب للانخراط في تلك التخصصات لتغطية الاحتياج الفعلي لها وتسهيل إجراءات الدراسة فيها بالإعفاء من رسوم الدراسة ومنح امتيازات متعددة بما فيها توفير مناهج تعليم مجانية في التخصصات المطلوبة لسوق العمل ومنح قطع أراضي مجانية لخريجي كليات الزراعة لتحقيق نهضة زراعية كبيرة وتشجيع الطلاب للانخراط فيها وكذلك الهندسة والطب وغيرها من التخصصات المطلوبة لتغطية احتياجات سوق العمل وان يتم تحديث المناهج الجامعية لتكون مواكبة للتطورات العالمية وتطورات سوق العمل وتسهيل الدراسة فيها بترجمة المنهج الدراسي فيها واعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للمنهج التعليمي ومنع أي لغات أخرى في مناهج التعليم وحصرها فقط في كليات اللغات فقط أما بقية الكليات فيكون باللغة العربية فقط لتجويد الدراسة الجامعية وتسهيل الدراسة فيها ورفع مستوى الاستيعاب لها.
ونؤكد بأن المورد البشري هو أساس أي تنمية في أي مجتمع ولا يمكن تحقيق تنمية الا بمورد بشري متخصص وفاعل ونقطة البداية تبدأ بـ وجوبية ربط التعليم بسوق العمل..التجربة السورية نموذجا.
بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
مستشار قانوني و اعلامي
اقرأ أيضا للكاتب: مشاكل وسائل النقل العامة الأسباب والمعالجات