كتابات فكرية

حرب البنوك في اليمن ضحيتها المواطن البسيط

حرب البنوك في اليمن ضحيتها المواطن البسيط

حرب البنوك في اليمن ضحيتها المواطن البسيط

بقلم/عبدالرحمن علي الزبيب

اشتعلت حرب البنوك والعملة الوطنية في اليمن بشكل مستعر وخطير خلال الثلاثة الشهور الماضية والذي تعمق الانقسام المالي والمصرفي وتعرقل جهود المفاوضات الإيجابية التي تمت برعاية الأمم المتحدة في الأردن لتوحيد البنك المركزي في اليمن وتوحيد العمل المالي والمصرفي وتحييدهما عن الحرب كون ضحايا الانقسام المالي والمصرفي هو المواطن البسيط الذي يتجرع ويلات وألم انقطاع المرتبات واختلالات العمل المالي والمصرفي بسبب التصرفات الفردية المفاجئة دون تفكير في الآثار السلبية نتيجة أي قرارات فردية يقوم بها أي طرف في مواجهة الطرف الآخر ورد فعل الطرف الآخر والضحية في كل تلك القرارات هو المواطن البسيط الذي انقطع مرتبه بسبب إجراءات خاطئة وفردية ومستعجله لنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، والذي كان يعمل بشكل إيجابي تحت قيادة ورئاسة محافظ البنك المركزي الحضرمي بن همام الذي أدار البنك بشكل مميز جدا وبذل جهود إيجابية مع طاقم البنك المركزي لتحييد البنك المركزي والعمل المصرفي والمالي في اليمن عن الحرب وكانت ثمرة تلك الجهود المحافظة على سعر العملة الوطنية واستمرار تدفق الإيرادات من جميع المحافظات إلى البنك المركزي في صنعاء وكذلك صرف المرتبات لجميع الموظفين والمستحقات المالية الهامة لمؤسسات الدولة.

وفجأة صدر قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وكان أهم مبرر للنقل هو لضمان استمرار صرف مرتبات جميع موظفي الدولة في جميع المحافظات دون تمييز ولا استثناء ولكن؟

انقطعت المرتبات عن موظفي الدولة في المحافظات الشمالية التابعة لحكومة صنعاء وتوقفت كافة النفقات لمؤسسات الدولة الهامة، وفي مقدمتها المستشفيات الحكومية والمؤسسات الخدمية وكان ردة الفعل لذلك هو قطع الإيرادات العامة وعدم توريدها للبنك المركزي في عدن وحصل الانقسام المصرفي والمالي بنكين وسياستين نقدية وعملتين نقدية وطنية قديمة تابعة لحكومة صنعاء وجديدة تابعة لحكومة عدن ، وبسبب العبث والفساد في إيرادات النفط والغاز وضياعهما في غير ما خصصت له وفقا لآخر موازنة قبل الحرب موازنة عام 2014م انهارت العملة الوطنية في اليمن بشكل متسارع وبدلا من مائتين ريال للدولار الواحد قفز سعر الدولار ليلامس الألفين ريال يمني ثم تراجع سعر الدولار في المحافظات التابعة لحكومة صنعاء بسبب ضبط النفقات والسيولة النقدية حتى وصل سعر الدولار إلى خمسمائة وثلاثين ريال وفي المحافظات التابعة لحكومة عدن قفز الدولار حتى أصبح يلامس الالفين ريال للدولار الواحد وانهار القطاع الاقتصادي والمالي والمصرفي نتيجة ذلك وهذا الانهيار الكبير كان سببه طبع كميات كبيرة من العملة الوطنية دون الحفاظ على ما يغطيه من الدولار قيمة  تصدير النفط والغاز وتوريد ذلك البنك الأهلي السعودي بدلا من إيداعها البنك المركزي اليمني.

في الحرب الأخيرة بين البنك المركزي في صنعاء وفي عدن كانت العملة الوطنية هي هدفها ليس من اجل التنافس الإيجابي لرفع سعر العملة الوطنية بل لتعميم انهيار العملة الوطنية في عدن لينتقل إلى المحافظات الشمالية والذي سيسقط ضحايا كثير نتيجة التصرفات والقرارات الفردية الخاطئة الذي يلامسها المواطن البسيط .

فلو قام البنك المركزي في عدن بضبط سعر العملة الوطنية ورفع سعرها مقابل الدولار لنفس سعرها قبل نقل البنك من صنعاء إلى عدن بسعر الدولار مائتين ريال يمني وحصل استقرار اقتصادي ومالي ومصرفي في عدن والمحافظات التابعة لحكومة عدن  وصناعة نموذج إيجابي حقيقي فهنا يحق لبنك عدن أن يصدر قرارات لتعميم التجربة الإيجابية على المحافظات الشمالية ولكن في ظل فشل بنك عدن في إدارة العمل المالي والمصرفي والانهيارات المتسارعة في سعر العملة الوطنية لا يحق له إصدار أي قرارات لتعميم ذلك الفشل لجميع المحافظات.

وهنا تقع المسؤولية على الأمم المتحدة الذي سمحت بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وعدم متابعة البنك للإيفاء بالتزاماته واهم صرف مرتبات جميع موظفي الدولة في جميع المحافظات دون تمييز ولا استثناء .

والحرب الأخيرة للعملة الوطنية يستلزم تدخل إيجابي عاجل من الأمم المتحدة لتوقيف أي تصرفات فردية ومتابعة إلزام بنك عدن لصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في اليمن وأيضا توقيف أي قرارات فردية بخصوص العملة الوطنية والسيولة النقدية وان تبدأ مفاوضات عاجلة وشفافة لتحييد البنك المركزي اليمني والقطاع المالي والمصرفي عن الحرب واتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين سعر العملة الوطنية بمنع أي فساد أو اختلال في الإيرادات النفطية والغازية والسماح بالتصدير وفقا لتفاهمات واتفاقات بتخصيص تلك الإيرادات لتحسين سعر العملة الوطنية وصرف مرتبات جميع الموظفين من تاريخ انقطاعها واتخاذ إجراءات وتوقيع التزامات بوقف أي قرارات فردية من طرف واحد وإنما بتنسيق مهني مالي مصرفي محايد بعيدا عن حسابات الحرب.

وفي الأخير :

نأمل دور إيجابي للأمم المتحدة لتوقيف أي قرارات فردية ومن طرف واحد والبدء العاجل بمفاوضات شفافة وعلنية في الملف المالي والمصرفي وإعلان كل ماتم في جولات المفاوضات السابقة في الأردن وغيرها وكشف المعرقلين لجهود تحييد القطاع المالي والمصرفي في اليمن وتوحيد البنك المركزي اليمني وفق سياسة مهنية محايده شفافة عامة وموحدة.

نخشى انهيار مالي ومصرفي قادم في اليمن نتيجة القرارات الفردية وبعد الانهيار سيكون من الصعوبة وقف الانهيار والعودة للمربع الأول  وسيتقاذف جميع الأطراف مسؤولية ذلك الانهيار .

مازالت هناك فرصة لتحسين سعر العملة الوطنية وضمان استقرار مالي ومصرفي في اليمن وتحييد البنك المركزي إيرادا وصرفاً عن الحرب إذا وجدت الإرادة وتحركت الأمم المتحدة في هذا المربع بشكل شفاف وعاجل.

لايمكن حصر الآثار الخطيرة من القرارات الفردية الأخيرة للبنوك في اليمن والقرارات القادمة الذي يستوجب تجميدها واستبدالها بإجراءات مهنية محايدة تحسن سعر العملة الوطنية وتوحد القطاع المالي والمصرفي في اليمن تحت ادارة موحدة مهنية ومستقلة وضمان تصدير النفط والغاز اليمني وتوريد قيمتها بالدولار الأمريكي للبنك المركزي وفقا لحسابات شفافة وخالية من الفساد والاختلال لتغطية النفقات الهامة لتبدأ أول عجلات توحيد البنك المركزي اليمني والقطاع المالي والمصرفي ورفع سعر العملة الوطنية بما لايقل عن مائتين ريال للدولار الواحد والذي سيترتب على ذلك أثار إيجابية أهمها تخفيض كبير في أسعار جميع السلع و الخدمات وصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في اليمن وتحريك الاقتصاد اليمني المشلول ونؤكد على أن حرب البنوك والعملة في اليمن ضحيتها المواطن البسيط.

بقلم/عبدالرحمن علي علي الزبيب

إعلامي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا للكاتب:لسلام في اليمن يبدأ بصرف مرتبات جميع الموظفين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى