جرائم السحر والشعوذة .. غياب القانون يشجع انتشارها

جرائم السحر والشعوذة .. غياب القانون يشجع انتشارها
الشرطة ترفض فتح تحقيق عن واقعة السحر بمبرر أنها غير مجرمة في القانون اليمني ولا مسوغ لفتح تحقيق فيها
بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
تنتشر جرائم السحر والشعوذة في اليمن، في الأرياف والمدن اليمنية بسبب غياب القانون الذي يجرمها ويضبط مرتكبيها حيث يخلوا قانون الجرائم والعقوبات اليمني من أي نص قانوني يجرم ويعاقب مرتكبي وقائع السحر والشعوذة سواء من السحرة والمشعوذين أو ممن يلجأ إليهم للإضرار بالآخرين بالرغم من انتشارها وتواتر القصص المؤلمة على وقائع سحر وشعوذة تسببت في تفكك أسر وضياع حقوق وتعطيل ممتلكات.
ويؤثر ذلك بشكل كبير في تماسك المجتمع ويشعل نزاعات كان بالإمكان تلافيها والحد منها إذا ما تم تجريم جرائم السحر والشعوذة في القانون اليمني وضبط مرتكبيها وإنزال اشد العقوبات ضدهم بعد التحري والتحقق منها.
وبمطالعة المنظومة القانونية العربية نجد أن قوانين الجرائم والعقوبات العربية نصت صراحة على تجريم السحر والشعودة وتعاملت تلك القوانين العقابية مع السحر والشعوذة بنوعيها سواء كانت فعلا أعمال روحانية وسحر ويؤثر في البشر والحقوق والممتلكات، أو إذا كانت وقائع نصب واحتيال للاستيلاء على أموال المواطنين بطريقة الاحتيال بأن يقوموا بعمل سحر لخصومهم ويستولون على أموالهم دون حصول أي شيء، فالقوانين العربية تجرم تلك الوقائع وتشدد العقوبة في وقائع جرائم السحر الذي يكون لها تأثير على الآخرين وتكون العقوبة أقل تشدداً إذا كانت الوقائع نصب وتحايل دون تأثير في الآخرين .
وهنا لا نتكلم عن وقائع خيالية بل وقائع فعليه في الواقع، حيث تنتشر قصص مؤلمة في المجتمع اليمني عن قصص سحر وشعوذة وتأثيرها على المجتمعات والأسر ومن تلك الوقائع، التقيت مصادفة قبل حوالي شهر بشخص يشكوا بأن أحد الأشخاص قام بسحر شخص آخر من أقاربه وانه اعترف بذلك وعندما ذهب إلى الشرطة لفتح تحقيق في الواقعة رفضوا فتح تحقيق بمبرر أن هذه الواقعة غير مجرمة في القانون ولا يعاقب عليها لذلك لا مسوغ لفتح تحقيق فيها.
كما أن أحد الأصدقاء والذي كان ذو شخصية قوية ولديه ممتلكات وفجأة تراجعت نفسياته وضاعت معظم أمواله وتعطلت حياته بسبب السحر وانه تابع قضيته وشكواه دون جدوى لعدم وجود نص قانوني في القانون اليمني يجرم السحر والشعوذة .
ويوضح الشاكي المذكور بحصول تغييرات نفسية مفاجئة في الشخص المتضرر من السحر ولكن لا يعرف كيف يقدم شكواه ويخشى بأن يحصل صراع بينه وبين ذلك الشخص خارج إطار القانون ويحصل مالايحمد عقباه .
وهنا نعود إلى أهم نقطة، وهي وجوبية وجود نص قانوني واضح وصريح يجرم وقائع السحر والشعوذة سواء كانت فعليه ويتضرر من ذلك السحر المجتمع أو وقائع احتيال للاستيلاء على أموال الأشخاص بالتحايل ،وليكون ذلك مبرر ومسوغ قانوني لإنزال حملات أمنية والتحري والتحقق من مرتكبي جرائم السحر والشعوذة وتتبعهم وضبطهم وإحالتهم للمحاكمة بوقائع السحر والشعوذة .
البعض يشكك في وقائع السحر والشعوذه وأنها وقائع روحيه وخيالية والبعض يؤكد خطورة السحر والشعوذة وأن هناك تأثيرات خطيرة على بعض الأشخاص بسبب السحر والشعوذة والبعض قد يفقد عقله ويدخل في أمراض نفسية بسبب السحر والشعوذة .
وهنا نوضح لمن يشكك في وقائع السحر والشعوذة وانه ليس لها تأثير في المجتمع بأن القران الكريم أفرد عدد كبير من الآيات القرآنية التي أكدت على وقائع السحر والشعوذة وان تلك الوقائع تعتبر من الكبائر وتعتبر من وقائع الشرك بالله على من يلجأ للسحرة والمشعوذين لأنه يذهب إليهم مؤمن بهم وبأعمالهم الشيطانية وأما السحرة والمشعوذين فيرتكبون وقائع أخرى ضمن وقائع السحر من تدنيس للقران الكريم وغيرها من الوقائع للتقرب من الجن ليقوموا بتعطيل الأشخاص او الأراضي والبيوت والمزارع والمنقولات وغيرها أو لإثارة النزاع والتفريق بين أبناء الأسرة الواحدة حسداً وغيره والبعض يلاحظ وجود أوراق وطلامس غير مفهومة ورسومات يضعها البعض في منازل الآخرين، والبعض يضعها في جثث الموتى أو في الآبار المهجورة أو في جدران المنازل ويقوم بحفر الجدار ووضع تلك الطلاسم بداخل الجدار وإخفائه فيه بوضع الاسمنت والرنج فوقها لتضييعها وإخفاؤها، والبعض يضعها في الفراش ومؤمنين بأن لها تأثير كبير وخطير على تماسك الأسر والمجتمعات وقد تصل إلى التفريق بين الزوج وزوجته وفقدان عقل الضحية بسبب السحر وتعطيل الممتلكات وآثار إجرامية خطيرة من تفكك المجتمع وتضييع الحقوق بسبب وقائع السحر والشعوذة.
وهنا نتذكر قصص متواترة عن وقائع سحر وضعها بعض الأقارب لأقاربهم حسداً عليهم لتعطيلهم ومن تلك القصص أن شخص قام بالذهاب إلى ساحر ليعمل عمل لأحد أقاربه ليخرجه من القرية الذي يقيم فيها وبالفعل خرج من القرية لأكثر من عشرين عام وهام في المناطق البعيدة عن قريته ،وكلما يصل إلى اتجاه قريته يتحول الجو إلى ظلام مخيف ليتراجع ويعود أدراجه بعيدا عن قريته واستمر عشرين عام بعيداً عن قريته وفي إحدى المرات أثناء مروره بأحد الأشخاص من الطائفة اليهودية ناداه ذلك اليهودي وقال له أن شكله مضطرب وغير طبيعي وسأله من أين هو فلاحظ أنه من قرية بعيدة فاستغرب من مكوثه بعيدا عن قريته فسأله متى آخر مره زار قريته فقال قبل عشرين عامة فقال له انه معمول له عمل أي سحر ليغادر قريته من شخص من أقاربه حسداَ وغيره مثلما حسد أخوه يوسف أخاهم يوسف، وقام بعمل عمل ينقض ذلك السحر وبالفعل عاد ذلك الشخص بعد عشرين سنه ليلتقي بوالده وأسرته بعد فقدانه عشرين عام بعد أن كان لا يستطيع العودة بسبب السحر والكثير من القصص المؤلمة الذي كان لها أثر خطير على تماسك الأسر وضياع الحقوق بسبب الحسد والغيرة من قبل البعض على بعض الأقارب أو الأشخاص أو بسبب نزاع فيلجأ إلى السحر لينتقم منه ويعطل حقوقه ويعطل إنسانيته، وذلك عمل إجرامي خطير يستوجب ملاحقة مرتكبيه وضبطهم للحفاظ على تماسك المجتمع .
فتجد بعض الأسر والأشخاص عندما يدخل في نزاع مع شخص آخر أو حصول الحسد والغيرة من شخص آخر يقوم بالذهاب للسحرة والمشعوذين لعمل سحر يكسر نفسيته ويضيع حقوقه والبعض يسحر منازل ومزارع وغيرها لتعطيلها حسداً وغيره.
وأكثر مؤشر على انتشار جرائم السحر والشعوذة في المجتمع اليمني هو انتشار مراكز الرقية والعلاج بالقران الكريم الذي بزيارة سريعة لتلك المراكز تجد ازدحام كبير لمصابين بالسحر والشعوذة ويستلزم معالجة وقائع السحر والشعوذة بإزالتها من جذورها وعدم الاكتفاء بمعالجة المتضررين من تلك الوقائع الخطيرة.
ويستلزم تفعيل دور مؤسسات وسلطات الدولة للحد من انتشار وقائع السحر والشعوذة في المجتمع اليمني عبر الخطوات التالية :
1-.تعديل قانوني عاجل لقانون الجرائم والعقوبات ينص صراحة على تجريم وقائع السحر والشعوذة وعقوبات رادعة ومشددة لمرتكبيها سواء من السحرة أو من لجأ إليهم لسحر الآخرين وتعطيلهم وتحميل الساحر وطالب السحر المسؤولية الجنائية والمدنية والتعويض عن الأضرار الذي تسبب به السحر على الضحية وان يتضمن العقاب عقوبات تكميلية بإغلاق ومصادرة ممتلكات الساحر والتعويض إذا كان ساحر فعلا يتعامل مع الجن للأضرار بالآخرين مقابل مبالغ يدفعها المستفيد الحاسد أو المنتقم من خصمه ووقع السحر والتعطيل بسبب ذلك السحر.
2-. أن يشمل النص القانوني المقترح تجريم أيضا وقائع السحر والشعوذة غير الصحيحة والذي يكون فقط مسوغ لهم للاستيلاء على أموال الآخرين ويستلزم أن لا تكون ضمن وقائع نصب واحتيال فقط بل يستلزم أن يتم تشديد العقوبة كونه ادعاء بالسحر والشعوذة وهذا خطير على تماسك المجتمع .
3-. أن يشمل النص القانوني المقترح وجوبية إلزام جميع أقسام الشرطة والجهات الأمنية بالتحري والتحقق من أماكن السحر والشعوذة وتنفيذ حملات مستمرة لإغلاقها ومصادرتها وضبط مرتكبيها من السحرة والمشعوذين وأيضا ضبط من ثبت لجوئهم إليهم للإضرار بالآخرين وان يتم الاهتمام بأي بلاغات أو شكاوى والتحري منها والتحقق من صحتها ليتم الضبط العاجل وفقا لتحريات صحيحة وواضحة .
4-. أن يشمل النص القانوني المقترح ضبط ومعاقبة مشددة لكل من ثبت لجوءه للسحرة للإضرار بالآخرين لتعطيل الآخرين وممتلكاتهم حسدا أو غيره وانتقام وتحميله التعويضات القانونية لتعويض المتضرر وتشديد حبسهم لردعهم وردع الآخرين عن اللجوء للسحر والشعوذة للإضرار بالآخرين.
5-. الاهتمام بشريحة المرضى النفسيين وتخصيص مبالغ مالية مناسبة من الدولة ومن فاعلي الخير لتقديم خدمات طبية نفسية وأدوية نفسية مجانية وان يتم إنشاء صندوق مالي لإيرادات مستدامة لتشغيل مراكز طبية نفسية ومن تلك الموارد ما يتم مصادرته من أموال وممتلكات من ثبت عليهم وقائع السحر والشعوذة ومن يلجئوا أليهم للأضرار بالآخرين.
وفي الأخير :
نؤكد على خطورة وقائع السحر والشعوذة على تماسك المجتمع والأسر ووجوبية المسارعة في تعديل قانون الجرائم والعقوبات ليشمل نص قانوني واضح يجرم وقائع السحر والشعوذة ويشدد عقوبتها سواء كانت وقائع سحر مؤثرة على الآخرين أو وقائع نصب واحتيال للاستيلاء على أموال الآخرين بالاحتيال وتشديد العقوبة على كلا الواقعتين ليكون هناك مسوغ ومبرر للجهات الأمنية لتنفيذ حملات أمنية مستمرة على جميع أوكار وأماكن السحر والشعوذة في جميع المحافظات والمديريات وضبط مرتكبيها ومصادرة ممتلكاتهم ومقار أعمالهم الإجرامية وأن يشمل النص العقابي تجريم وعقاب من ثبت لجوءه إلى السحرة للإضرار بالآخرين وإلزامهم بالتعويض عن الأضرار الذي تسببوا فيها للآخرين.
ونرسل رسالة عاجلة لكل من لجأ لساحر للإضرار بالآخرين بأن يتقي الله ويتراجع عن ذلك العمل الإجرامي وان يصحح ماقام به ويزيل السحر الذي وضعه كونه سيتحمل مسؤولية ذلك في الدنيا وسيحاسب ويعاقب عليها في الآخرة باعتباره مشرك بالله والإضرار بالآخرين ومهما كانت نيران الحقد والانتقام والحسد والغيرة تشتعل في قلوب وصدور البعض فهذا لا يبرر اللجوء للسحر للانتقام .
ونؤكد على وجوبية المسارعة في تعديل قانون العقوبات للنص صراحة على تجريم وعقاب مرتكبي وقائع السحر والشعوذة وتشديد العقوبة على مرتكبيها وتنفيذ حملات أمنية مستمرة لضبط السحرة والمشعوذين في جميع المحافظات والمناطق للحفاظ على تماسك المجتمع وتنظيف المجتمع من تلك الأوكار الإجرامية التي مازالت حتى الآن خارج إطار القانون وخارج إطار التجريم والعقاب رغم خطورتها كون جرائم السحر والشعوذة غياب القانون يشجع انتشارها في اليمن.
بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
صحفي مستقل ومستشار قانوني
law711177723@yahoo.com
اقرأ أيضا للكاتب:لماذا لا يتم تسليم الأحكام القضائية فور صدورها؟