كتابات فكرية

تطور سلبي للخدمات الطبية

تطور سلبي للخدمات الطبية

لا نزال في انتظار نتائج التحقيقات الخاصة بالمتسببين في ما يشبه “بالقتل الرحيم” لعشرات الأطفال في مستشفى الكويت في صنعاء، بأدوية هندية كانت قد دخلت اليمن رسميا وعن طريق وكيل جديد محلي مقرب من نافذين في وزارة الصحة.

والسبب المحتمل جدا نتج عن أخطاء طبية وإدارية في القسم المستحدث لمرضى سرطان الأطفال في م.الكويت. ونكرر أن كل المؤشرات تدل على أن المسؤولية أولا وأخيرا تنحصر في قيادة لوزارة الصحة والتي للأسف انتهت بمأساة تراجيدية إغريقية بإنهاء حياة أطفال أبرياء سلموا أرواحهم الغالية لمجموعة من المستهترين هدفهم الأول والأخير جمع ثروة من المال في زمن قصير ولو على حساب المرضى من الأطفال المصابون بذلك المرض الخطير القاتل.

حاليا المستشفيات المسماة بالحكومية مكتضة بالمرضى.

والمستشفيات الكبيرة والمتوسط الخاصة أيضاً مكتضة بالمرضى.

وطوابير طويلة أمام عيادات الاطباء.

ومراكز التشخيص مزدحمة.

– اغلب المسافرون عبر المطارات اليمنية للأردن ومصر والهند هم من المرضى.

ماذا حدث ؟

هل زادت وتنوعت الأمراض في اليمن خلال السنوات الأخيرة،

أم أن اليمانيون شعروا انه لم يتبقى لهم إلا الصحة ويجب الحفاظ عليها حتى وان أصبحت تكلفة العلاج داخليا وخارجيا مكلفة ماديا جدا تتعدى حدود الدخل في الوقت الذي اختفت الطبقة المتوسطة وارتفعت أعداد من أصبحوا دون خط الفقر.

٦٠ سنة ثورة في قطاع الصحة وفي الأخير يذهب الكثير من المرضى للخارج للعلاج.

خمسمائة مليون دولار تذهب لصالح الهند ومصر والأردن سنويا (والرقم قديم جدا) فلماذا لا نبحث الأسباب ونصلح الإختلالات التي نحدثها بأيدينا او القائمون على الصحة ؟

نعلم أن الأجهزة المعنية بالإحصاء حول عدد المرضى المترددون على المستشفيات ولا إحصاء رسمي حول من سافروا للعلاج في الخارج من مطار عدن او حضرموت او صنعاء.

ولا تهتم كليات الطب ووزارة الصحة بمعرفة أسباب ارتفاع أعداد من يصابون بالسرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب والسكري وغيرها من الأمراض التي أصبحت داء ووباء يستشري وبشكل لم يسبق أن سجلته أي من أجهزة الرصد.

بصرف النظر عن حجم وتوعية وجودة الخدمات الطبية والعلاجية والوقائية التي كانت تقدم للمواطن اليمني منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر الا أنها كانت شبه مجانية للغني والفقير وللموظف الحكومي والخاص فقد كان جنوب اليمن ملزما بتقديم الخدمات الطبية حسب النهج الاشتراكي وشمال اليمن ملزم حسب أهداف الثورة ونصوص الدستور.

وبعد إعلان الوحدة كان الاتجاه نحو خصخصة قطاع الصحة نحو حكم رأسمالي والسماح القطاع الخاص بمشاركة الدولة في الاستثمار بقطاع الصحة وتحديدا الطب العلاجي وترك الوقائي على الدولة

لماذا الرسوم على المرضى مرتفعة جداً حتى أنها أصبحت تنافس المستشفيات التجارية اﻻستثمارية؟.

المباني تتبع الدولة وﻻ حاجة لدفع اﻻيجار.

تقوم المنظمات الدولية بتمويل المحروقات وهناك فائض لا نعلم لمن يذهب؟

محاليل المختبرات تمولها المنظمات

مستلزمات ومحاليل الغسيل الكلوي تمولها المنظمات.

المحاليل ومواد التخدير والمستلزمات اﻻخرى الكثيرة تمولها المنظمات.

الموظفون والكوادر الطبية والتمريض محسوبون على الخدمة المدنية.

تبرعات من أمانة العاصمة والتجار والشركات بصفة مستمرة.

وزارة الصحة تشغل نفسها بالأعمال والمهام الروتينية اليومية التي تقوم بها أثناء الدوام الرسمي.

قيادات وزارة الصحة يعتبروا أن مهامهم تنحصر في الطب العلاجي ولا يولوا اي اهتمام بالطب الوقائي او مكافحة ومحاصرة الأمراض في بداية ظهورها وانتشارها على مستوى القرى والمدن الكبيرة.

هاجرت أعداد ليست بالقليلة من أطباء العموم وأطباء من مختلف التخصصات من حملة الشهادات العلياء ومن كانوا مرجعية كل في تخصصه واغلبهم لهم خبرات متراكمة تجعل وجود الواحد منهم خبرة لا يمكن الاستغناء عنه مهما كانت الظروف التي تمر بها البلد.

البعض هاجر نهائيا والبعض خرج حسب عقود مغرية يصعب تجاهلها.

تلك كانت ظروف العدوان والحروب والاحتراب داخل الوطن ولكل منهم عذره.

عدم الاهتمام بالكوادر الطبية ومحاربة بعضهم وعدم دفع الرواتب والاستغناء عن الكثير منهم بتغيير مكان عملهم وإحلال مكانهم بالمقربين من قيادة وزارة الصحة جعلهم يشعرون أنهم خارج المنظومة الصحية سواء في القطاع العام او الخاص.

أصبحنا في واقع افتراضي لم يحقق إلا التراجع في كل مفاصل القطاع الصحي بحيث راوحت الخدمات ولم تتحقق اية منجزات بل جرت الجميع للهرولة للخلف وتعرض المنجزات السابقة المكتسبة لأضرار يصعب إعادتها إلى الوضع السابق شبه مستحيل على المدى المنظور.

لا استراتيجيات مدروسة ولامستشارون ولاشراكة في الدراسات او وضع الخطط المزمنة وتكون المخرجات الفردية غير قابلة للتنفيذ حتى على المستويات الضيقة جدا.

أصبحت الجامعات الحكومية تقبل سنويا الاف الملتحقين بالكليات الطبية وبدلا من ٥٠ طالب رسمي +٢٠٠ طالب موازي يتم قبول ١٠٠٠ طالب لكل كلية طب في الجامعات الحكومية ومثل ذلك العدد اتبعت الجامعات الخاصة نفس السياسية التي إتبعتها الجامعات الحكومية.

لم يرتفع عدد الكادر الطبي التعليمي في اليمن لمواجهه قبول الآلاف من الملتحقون لدراسة الطب البشري والصيادلة وطب الأسنان.

المستشفيات الجامعية التعليمية هى نفسها التي كانت مقار للتدريب والتعليم العملي بالأعداد المتواضعة التي كانت مخصصة ومدروسة سابقا من قبل مجلس الجامعات والجامعات الحكومية والخاصة نفسها.

شيء مؤسف ما حدث لقطاع الدواء في السنوات القليلة الماضية من إحلال الشركات العالمية والأدوية الفعالة بشركات  تعتبر من مصادر غير معروفة ولا احد يعلم محتواها من المواد الفعالة وتأثيرها على المرضى.

 للأسف تم السماح لوكلاء جدد بممارسة استيراد الأدوية دون تسجيل فني مسبق ونتج عن تلك السياسة المبتدعة أن تم إغراق السوق اليمنية بمئات من شركات الأدوية الجديدة ومن مصادر غير مؤهلة للتصدير لدول العالم ومنها اليمن.

 هناك شروط لتسجيل المستوردون للأدوية والمستلزمات الطبية وايضا لكل صنف وشكل دوائي وقبلها يتم تسجيل الشركات المصنعة المعترف بها دوليا، لكن تم فتح الابواب دون فحوصات مخبرية في مختبر الجودة التابع لهيئة الدواء اليمنية والاهم انه لم يشترط استكمال الملفات الفنية التي تضم عدة شهادات عن المصنع والاصناف التي ستورد للسوق اليمنية ومنها شهادات تثبت محتوى الأصناف من مواد فعالة وتركيزها وتاريخ صلاحياتها وجودتها وخضوعها لGMP مواصفات التصنيع الجيد الدولية … الخ.

ومن الاخطاء التي ارتكبت بحق الاطباء والمرضى انه تم السماح بادخال اصناف متشابهه باكثر من ٧٠ شكل بل تتعدى بعضها لأكثر من مائة اسم تجاري.

اقرا أيضا للكاتب: عودة الدجالين للقطاع الصحي

أقرا أيضا:ماذا يحدث في القطاع الصحي؟

د.فضل حراب.   نقيب الصيادلة

رئيس نقابات المهن الطبية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى