الفساد الإداري “آفة الآفات”
الفساد الإداري “آفة الآفات”
*خالد العراسي
أليست وزارة الخدمة المدنية هي الجهة المعنية بمحاربة الفساد الإداري والحد منه؟!
من منكم شاهد إجراء واحداً في هذا السياق منذ عقود ؟!
رغم تفشي العبثية والعشوائية: قرارات تعيين وتعاقدات غير قانونية، ازدواج وظيفي بعدة أشكال، فصل وتوقيف تعسفي، تعيين مدراء عموم ومدراء إدارات لإدارات غير موجودة في الهيكل،توظيف الأقارب والمعاريف بدون توفر الشروط القانونية أو المؤهل والخبرة المطلوبة بينما مئات الآلاف من المواطنين مسجلين في الخدمة المدنية وينتظرون دورهم في التوظيف، تكاليف داخلية للعمل في مناصب عليا بدرجة وكلاء مساعدين ووكلاء، تعيين وتكليف أشخاص بدرجة مدير عام وهم لا يملكون درجات وظيفية، تعيين نواب مدراء عموم بأعداد مهولة رغم عدم وجود المنصب في الهيكلة بل وفي القانون ،إقالة أشخاص وتعيين بدلا عنهم بموجب تكاليف داخلية من رئيس الجهة، رغم أنهم معينون بقرارات سيادية رئاسية… الكثير والكثير جدا من الأخطاء والفساد الإداري، وهو بالتأكيد يقود إلى فساد مالي، لأن أغلبها قائمة على أساس المصالح الشخصية وتصفية متعمدة للكفاءات والكوادر الوطنية، وهذا بالتأكيد يؤدي إلى فشل المرحلة، فلماذا لم ينتبه أحد لهذا الموضوع، علما بأن القرارات الصحيحة والقانونية يتم عرقلتها وتوقيفها؟!
وعلى سبيل المثال لا الحصر: إذا صدر قرار تكليف لأحد الموظفين مديرا عاما في أي جهة، من المعروف أن الخطوة التالية هي التوجه إلى رئاسة الوزراء التي تخاطب وزارة الشؤون القانونية لإصدار القرار. وهنا يجب أن تكون الأمور خاضعة للقانون. لكنها للأسف الشديد خاضعة للمزاجية والعلاقات الشخصية والمعرفة، فنجد موظفاً لم تتعدّ خدمته الوظيفية خمسة أعوام “مشى أموره” في كل الجهات “زي الحلاوة” (رئاسة الوزراء، وزارة الشؤون القانونية، وزارة الخدمة المدنية، وزارة المالية)، وآخر يستحق قانونا الدرجة منذ زمن طويل من حيث المؤهل والفترة، “يفحروه لما يطلعوا روحه”، ويأخذ رئيس الوزراء عاماً كاملاً على الأقل حتى يوقع المذكرة الموجهة لوزارة الشؤون القانونية. وعاد الطامة الكبرى لما يأتي واحد معشق الدبل يطلع فوق الكل ويحصل الدرجة وكل شيء وهو أساساً مش موظف سابق.
حاولت تتبع الموضوع، وفي الأخير أفادني أحد المعنيين بأن شخصاً واحداً هو الذي بإمكانه تحديد الأسماء التي يتم استكمال إجراءات معاملاتهم، وهذا يعتمد على مدى معرفتك بأحد معاريفه ولو معرفة من بعييييييد! أما لو كنت تعرفه شخصيا فلا تفكر بأقل من درجة وكيل! هل سيسعدكم أن أغض الطرف عن هذه التصرفات الكارثية؟!
بإمكاني أن أفعل ذلك، بل والتصفيق لكم وإشعاركم بأنكم في الطريق الصحيح، وأن كل شيء يسير على أفضل ما يمكن. بإمكاني التطبيل إلى ما لا نهاية، وسأستفيد جدا على المستوى الشخصي، لكن هذا سيعود عليكم بما لا تحمد عقباه، ويضرنا كمواطنين أملهم في الله عز وجل ثم فيكم خيرا، وسيسبب لنا نكسة وخيبة أمل وسيعيدنا إلى مربع الذل والهوان والارتهان.
فاعلموا أن من اختاروا البقاء في أرض الوطن ومناصرتكم باعتباركم أصحاب الصدارة والمبادرة في مواجهة وصد العدوان هم أنقى الأنقياء (إذا حسنت نواياهم وصلحت أعمالهم)، وهو موقف وطني بحت. ولو كنا ممن يبنون مواقفهم على مصالحهم الشخصية لكنا أكثر من يبغضكم، لكن المسألة وطنية ودينية وإنسانية ولا ينبهكم للأخطاء والخلل إلا نقي وصالح النية والعمل، وما يحدث من فساد إداري لا يصمت عليه أو يحاول عرقلة أي إجراءات تصحيحية وتحديثية وتطويرية بشأن السلك الإداري ومهام وزارة الخدمة المدنية إلا خائن يعمل على خدمة العدوان من خلال إفشال المرحلة وتفاقم الإرباكات والاختلالات الإدارية ،أو حاقد مريض مصاب بالعنجهية والغرور والكبر ويرى الصواب محصور في شخصه .
أشهد لله أن هذا الموضوع لحاله يشتي له ثورة لراسه، فالفساد الإداري والتعيينات وفق المحسوبية والولاءات الشخصية هي السبب الأول في الفساد المالي وكلاهما أكثر شيء بعد الخيانة تدميرا للوطن .
والحل يكمن في خطوتين فقط
الأولى :- هي تمكين وزارة الخدمة المدنية من كافة مهامها وصلاحياتها بل وبما هو أكثر من المهام والصلاحيات في إطار القطاع الإداري بما يضمن تصويب المسار وتصحيح الأخطاء ضمن مسألة قاعدة البيانات وموضوع التوظيف والمرتبات ،والتعيينات،والنقل والتكاليف الداخلية والتعاقدات وما إلى ذلك
والثاني هو ضبط التعيينات السيادية التي تتم بقرارات رئاسية وذلك سهل جدا أن كان التوجه تصحيحي وتم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب .
تخيلوا لو أن ذلك حدث كيف ستكون النتائج ؟
تخيلوا لو أن القرارات السيادية باتت تصدر وفق معايير الإدارة الناجحة ؟
تخيلوا لو أن الترقيات والفصل التعسفي والتوقيف والتهميش والإقصاء وكل الإجراءات الإدارية المخالفة للقانون توقفت .
تخيلوا لو أن أي احتياج في أي جهة لموظف في أي إدارة يتم عن طريق توجيه مذكرة طلب إلى الخدمة المدنية والوزارة تراجع طلبات التوظيف من المسجلين والمقيدين لديهم وتنظر الى الاحتياج بحسب التخصص والمؤهل ويرسل الموظف المطلوب الى المكان المتوافق مع التخصص والخبرات والمؤهلات، ستنتهي المحسوبية والعشوائية والظلم والتضخم الوظيفي وكثير من الآفات المتجذرة في السلك الإداري .
لكن يبدو أن النوايا لدى بعض النافذين الحاليين ليست طيبة فنحن لا نفتقر إلى الحلول بقدر افتقارنا الى النوايا الطيبة والارادة .
فهل يفعلها الرئيس المشاط ويحقق اكبر انجاز إداري في تاريخ اليمن؟
خالد العراسي
كاتب وناشط يمني
أقرأ أيضا:تدمير حصون الفساد يبدأ بإرادة القيادة