كتابات فكرية

الإمام زيد ..  رمز للعدالة والمساواة

 الإمام زيد ..  رمز للعدالة والمساواة

  • مطهر تقي

الخميس24يوليو2025_

تم يوم الأحد الماضي الخامس والعشرين من شهرنا هذا محرم إحياء الذكرى السنوية  لاستشهاد الأمام الفقيه العادل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب الذي استشهد عام ١٢٢ للهجرة.

والإمام زيد رضي الله عنه هو رمز لكل اليمنيين بزيديتهم وشافعيتهم … كيف لا وهو من عاش في المدينة المنورة ينهل من ينابيع العلم في بيت والده الأمام زين العابدين علي بن الحسين ثم تعلم بعد وفاة والده علي يد أخيه الأكبر محمد الباقر ونهل علمه كذلك في مسجد رسول الله على يد التابعين رضي الله عنهم … ولما كبر وزاد علمه بدأ يروي الحديث عن والده الذي رواها عن جده الأمام علي وعن الصحابة والتابعين … ولعل كتاب المجموع ( الذي يعتبر أول كتاب يهتم بجمع الأحاديث ) الذي يضم روايات الأمام زيد للأحاديث النبوية المروية عن أسرته وعن التابعين فلم يفرق الأمام زيد رضي الله عنه بين الأحاديث المروية عن أسرته الهاشمية وعن التابعين لرواة الحديث من غيرهم من الصحابة والتابعين ولذلك تميز علم الأمام زيد بالوسطية وعدم التعصب وكان منارة للعلم نهل منها علماء عصره بما فيهم  الأمام الفقيه أبا حنيفة النعمان وكذلك العالم المعتزلي واصل بن عطا (من يساوياه في العمر) .

والإمام زيد لم يكتفي بعلم أهل المدينة بل خرج إلى أنحاء الحجاز والعراق يبحث عن مصادر العلم والفقه والفلسفة وقد شده تفعيل العقل في الحكم على ما يقرأ خصوصا بعد لقائه في البصرة بواصل بن عطاء الذي تدارس معه فكر المعتزلة حتى أصبح إمام ذلك الفكر ومرجعا للمسلمين في كثير من القضايا الشائكة ومنها عدم إقراره بما تقوله الأثني عشرية بعصمة أئمتهم من الأخطاء التي ترتكب كما لا يجيز أن يكون الإمام مستورا فالإمام في نظره هو من يخرج داعيا لنفسه كما لا يؤمن الإمام زيد بمن يقول برجعة بعض الأئمة بعد مماتهم.

ويعتبر الأمام زيد ثاني إمام علوي من يخرج عن طاعة الحاكم الظالم من بني أمية بعد جده لأبيه الحسين بن علي فقد خرج عن طاعة الخليفة هشام بن عبدالملك الذي حاول أن يذل زيد ويصغر من شأن آبائه وأجداده فأعلن دعوته إلى أهل العراق وغيرهم أن يقاتلوا معه ضد الحاكم الظالم هشام على مبدأ كتاب الله وسنة نبيه محمد (ص) فتجمع معه قرابة أربعين ألفا اغلبهم من شيعة العراق وحين قرب موعد القتال مع جنود هشام بن عبدالملك بدأ الخوارج من ذلك الجمع يجادلون الأمام زيد بأسألتهم ومنها رأيه في أبا بكر وعمر فأجابهم: رضي الله عنهما ما سمعت أحد من أهل بيتي تبرأ منهما وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا… فانفضوا من حوله وانسحبوا من المعركة فقال مقولته المشهورة اذهبوا فأنتم الرافضة ولم يبق من المقاتلين معه إلا قرابة أربع مائة مقاتل من أهله وغيرهم والذين استشهدوا جميعا وعلى رأسهم الأمام زيد الذي أصيب بنبل في جبينه فرحمة الله عليهم جميعا .

وقد تفرد الأمام زيد رضي الله عنه بمحبة واحترام اليمنيين من أتباع المذهب الزيدي ( المنسوب إليه ) وكذلك أتباع المذهب الشافعي لوسطية فكر الأمام زيد وتحرره من التعصب السلالي المذهبي خصوصا في ما يتعلق بنظرية الحكم في الإسلام… فالإمام زيد لا يرى الخلافة بالوراثة ولا يرى حصرها في البطنين ولا بالأفضلية بل يراعى مصلحة المسلمين وعدالة الإمام( أو الخليفة أو الملك ) ويسمى عنده ذلك إمامة المفضول سواء أكان من نسل البطنين ( الحسن والحسين) أو من غيرهما من أمة محمد المؤهلين علما وعدلا لقيادة المسلمين … وقد خالف الإمام زيد في نظرته للحكم الإمام يحيى بن الحسين الرسي ( الإمام الهادي ٢٨٤ للهجرة) الذي حصر الإمامة في البطنين كأول مجتهد من البيت العلوي في اليمن يدعوا لذلك وذلك بعد استشهاد الإمام زيد بأكثر من مائة وخمسين عاما وقد سمي مذهبه بالمذهب الزيدي الهادوي الذي أوضح فيه الهادي اجتهاده وفتاويه وعلمه الغزير … ولو اتبع الهادي رؤية الإمام زيد في نظرية الحكم لجنب اليمن محنة الحروب والخلافات المذهبية والسلالية التي استمرت لأكثر من ألف عام ولعم مذهبه مختلف الأقطار الإسلامية بدلا من حصره في جزء من اليمن الكبير .

فرحمة الله على الأمام زيد وعلى أبيه وجده وكل أعلام الهدي من الأمة الإسلامية.

اقرأ أيضا:الأستاذ زيد الوزير : آراء زيد وأبي حنيفة ومالك والشافعي تحولت إلى مذاهب متبوعة وبقدر ما أثرت الفكر الإسلامي أصبحت عائقًا أمام تطور الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى