الأستاذ الدش يكتب عن رحيل عبد الإله القُدسي .. لم يعد يجدي الكلام
الأستاذ الدش يكتب عن رحيل عبد الإله القُدسي .. لم يعد يجدي الكلام
- عارف الدوش
الاثنين 3 فبراير 2025م
الأستاذ عبد الرحمن بجاش كتب في صفحته ” عبد الإله .. لم يعد لدي ما أقول ” …
وأنا أقرأ هذه العبارة شعرت بغصة الألم والقهر التي اجتاحت بجاش .. وقلت بيني وبين نفسي نعم .. يا أستاذ عبد الرحمن بجاش لم يعد يجدي الكلام بعد الرحيل إلى الرفيق الأعلى .. كلمات معدودة يقرأها الإنسان في حياته تجبر بخاطره أو منفعة تفيده وهو محتاج لتكاليف العلاج أو خدمة تنقذه وهو مريض يعاني ويتوجع خير من كلمات وعبارات وصفحات للحديث عنه بعد موته .. لكنها عادة درج عليها الأصدقاء والزملاء والأحبة في الكتابة عن مناقب الراحلين وسجاياهم والعبد الفقير إلى الله كاتب السطور منهم .. اعتقاداً منهم بإنهم يتخففون من ألم الرحيل .. يتخففون من شعورهم بالعجز والقهر من عدم قدرتهم على تقديم شيء لمن يمرض ويعاني فيرحل .. صحيح أن الكتابة عن الراحلين هي من قبيل الوفاء ولكنها للتخفيف من معاناة كتابها وشعورهم بالعجز والقهر وعدم مقدرتهم حتى زيارة من يمرض .. ناهيك عن تقديم العون له .. وهكذا نجدهم ينتظرون التالي وهم في عجزهم وقهرهم مقيدون …
لقد اجتاحتني أنا كذلك بشكل مضاعف غصة الألم والقهر التي اجتاحت بجاش وجعلته يكتب عبارته الحزينة ” عبد الإله .. لم يعد لدي ما أقول ” .. وأنا الذي كنت أتحمس عند رحيل أي صديق وابحث بين الأوراق وأتواصل مع أصدقاء ومعاريف من يرحل من أجل الكتابة عنه أو المساهمة في صياغة بيان نعيه … لكن رحيل الصديق والأستاذ الفقيه اللغوي عبد الإله القُدسي وهو يعاني من الغبن والجحود والنكران والتجاهل و ” الدعممه ” أغرقني في بحر من الحزن والقهر للحالة التي وصلنا إليها نحن الصحفيين والكتاب في هذه البلاد المغدورة بحكامها وبنخبها وساستها وأحزابها وعسكرها وجيرانها وبالبند السابع لميثاق الأمم المتحدة وبالمجتمع الدولي المنافق الفاسد الذي يكيل بمكيالين …
رغم سيل المنشورات والمناشدات في الفيسبوك ووسائل التواصل الأخرى بإنقاذ حياة الفقيد الراحل الأستاذ عبد الإله القُدسي .. إلا أن الجميع خصوصاً من بيدهم السلطة والمال والقدرة .. عملوا أذن من طين وأذن من عجين … يا إلهي لطفك بعبادك ورحمتك بهم خصوصاً الفقراء المستضعفين المغبونيين المقهورين في هذه البلاد التي أنت اعلم بحالها ولك حكمة لا ندركها في كل ما يدور فيها من ظلم وغبن وقهر ونهب وفساد … وأنت يا إلهي عادل ورحيم ورؤوف ولا تقبل الظلم والقهر .. وأنت أيضاً يا إلهي منتقم جبار ستأخذ الظالمين والفاسدين والناهبين لثروات الشعب ومقدراته أخذ عزيز مقتدر .. في الوقت الذي تحدده .. قادر وعادل يا كريم …
ولا أخفيكم سراً أني قد أوصيت أولادي خلال إسعافي أربع مرات إلى غرف الإنعاش في مستشفيات العاصمة صنعاء عند إصابتي بذبحات وجلطات قلبية قوية اغيب فيها عن الوعي .. وفي كل مرة كنت أوصيهم قبل دخولي الغيبوبة وأنا أتوجع من ألم الجلطات والذبحات الصدرية أن يدفنوني سريعاً إذا حصل الأجل وأن لا يفتحون عزاء رحمة بهم .. وكنت أقول لهم إذا معكم أي مبلغ من المال ستحتاجون إليه ولا داعي لفتح عزاء والخسارة … وكانوا يصمتون عند إسعافي وهم يرونني أتوجع ومتعباً .. لكنهم يعاتبونني كثيراً بعد تجاوزي الخطر وعودتي إلى البيت ويرفضون وصيتي في كل مرة .. ولكني ها أنا مجدداً أذكرهم بوصيتي واطلب منهم تنفيذها عندما يحين الأجل …
ومن حقهم على العبد الفقير إلى الله الاعتراف بجميلهم وتعبهم معي .. لقد أتعبتهم كثيرا – الأولاد وأمهم شريكة حياتي د . رجاء عثمان – … الله يجيزهم خير الجزاء جميعاً ويجعل تعبهم في ميزان حسناتهم .. الله كم تعبت معي شريكة حياتي وأم أولادي د. رجاء عثمان خلال الأربع المرات التي أصبت فيها بأربع جلطات وذبحات قلبية كانت تدخلني غرف الإنعاش وفي كل مرة لولا لطف الله وتصرفها هي والأولاد بسرعة وبرباطة جأش وإعطائي جرعات كبيرة من مميعات الدم وتعليمات مشددة خلال الإسعاف .. لولا لطف الله وسرعة تصرفهم خصوصاً ولدي د. نجران لكنت قد رحلت إلى الرفيق الأعلى منذ أول ذبحة صدرية حادة 2011 أو في الثانية 2016 أو في الثالثة 2019 أو في الرابعة 2024م … ولكن لكل أجل كتاب والأعمار بيد الله …
رحمك الله يا عبد الإله القُدسي وأسكنك فسيح جناته وألهم أسرتك وكل محبيك الصبر والسلوان
إنا لله وإنا إليه راجعون … فأنت من السابقين ونحن من اللاحقين … الفاتحة الى روحك الطاهرة … نسأل الله جلت قدرته حسن الخاتمة والله غالب على أمره .. ولله الأمر من قبل ومن بعد …
اقرأ أيضا:عارف الدوش يكتب عن خطاب الكراهية